الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمليات الاستجواب والاصطفافات السياسية

علي محمد البهادلي

2009 / 11 / 24
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق


إن عملية الرقابة على الأداء الحكومي من قبل مجلس النواب هي إحدى مهمتيه الرئيستين ، ويجب أن لا تعرقلها العقبات والمعوقات ؛ لأن إيقاف الدور الرقابي للبرلمان أو تعثره معناه استفحال الفساد في مؤسسات الدولة لا سيما الوزارات .
بيد أن هناك بعض المؤشرات الخطيرة التي تمس هذا الدور الفائق الأهمية ، أوضحها الاصطفافات السياسية التي تكتنف عملية الاستجواب ، فكلنا سمعنا وشاهدنا استجواب وزير التجارة المستقيل فلاح السوداني ، فإن هناك بعض الكتل دفعت وبقوة باتجاه استجوابه واتهامه والمقربين منه بعمليات فساد كبيرة ، وفي الجانب الآخر رأينا بعض السياسيين وبالأخص من حزب الدعوة وتحديداً حزب الدعوة تنظيم العراق ، وهو الحزب الذي ينتمي له الوزير ، تدافع وبقوة عن هذا الوزير وعمل جاهداً على أن لا يُستجوَب .
الاستجواب الآخر هو استجواب وزير النفط د . حسين الشهرستاني إذ رأينا كيف تدخل رئيس الوزراء وبعث برسالة إلى د . إياد السامرائي رئيس مجلس النواب يطلب منه عدم الموافقة على عملية الاستجواب .
بينما رأينا كتلاً سياسية أثارت ضجة إعلامية من أجل استجواب وزير النفط ، ومن ثم سحب الثقة عنه ، ومن المؤيدين لعملية الاستجواب كتلة التحالف الكردستاني .
كانت حجة رئيس الوزراء في طلبه عدم الاستجواب هي أن عملية الاستجواب تسبق الانتخابات البرلمانية بمدة قصيرة ربما تكون شهرين ، وهو ما يفسر أن هذه الاستجوابات ـ حسب رأي رئيس الوزراء ـ تدخل في سياق الدعاية الانتخابية ، وهذا الأمر نفسه أشار إليه النائب عن حزب الدعوة في البرلمان علي الأديب ، عندما اتهم الأطراف الداعية للاستجواب أنها تسعى إلى التسقيط السياسي قبل الانتخابات .
والنائب سامي العسكري والمحسوب على جناح المالكي في مجلس النواب انتقد تدخل النائب حسن الشمري رئيس كتلة الفضيلة في البرلمان ، عندما تدخل في عملية الاستجواب التي قام بها النائب جابر خليفة جابر للوزير ، وعدَّ هذه المداخلة كاشفة عن الوجه الحقيقي لعملية الاستجواب ، إذ إن النائبين حسن الشمري وجابر خليفة كليهما من حزب الفضيلة ، أي أن هذا الاستجواب ذو طابع سياسي وليس مهنياً .
لقد تعمدت الإسهاب في سرد ما جرى في جلسات الاستجواب والأسماء التي أدلت بدلوها ؛لأن ذلك يكشف أن عمليات الاستجواب دخلت في إطار الاصطفافات السياسية ، فالكتلة التي ينتمي لها الوزير أو الكتلة المتحالفة معها تعارض بشدة استجوابه وتصف الاستجواب بأنه دعاية انتخابية للأطراف الداعية للاستجواب ، ودعاية مضادة لها ، وبالضفة الأخرى نجد الكتل التي لها ثأر سياسي أو تصفية حساب مع الوزير أو كتلته التي رشحته لهذا المنصب تدفع بشدة باتجاه عملية الاستجواب وتستنزف كل قواها وطاقاتها من أجل إنجاح عملية استدعاء الوزراء واستجوابهم ومن ثم سحب الثقة عنهم .
إن هذا الوضع لا يسرُّ المواطن العراقي والمتابع للمشهد السياسي ؛ لأن حرية إبداء
الرأي والتصريح واتخاذ المواقف كل ذلك يجب أن يكون مقيداً بقيود وأحكام العقل والمنطق السليم ، لا أن نطلقها بحيث يتكلم الإنسان عن أي شيء ولشتى الأسباب والنيات والأغراض بدون رادع أو وازع من دين أو أخلاق أو عقل ؛ لأن الانتهازيين يرقصون طرباً في مثل هذه الأجواء ، ويتحينون الفرصة المناسبة للإدلاء بدلوهم في هكذا معترك تنعدم فيه المصداقية ، ويتسيد الموقف المصالح الشخصية والفئوية والحزبية ، وهذا من الأمور الخطيرة التي تهدد بناء العملية السياسية الفتية في العراق .
إن حجج الطرفين لا تخلو من صحة ، لذا المؤمل من هذه الكتل أن تبتعد ـ ما أمكنها ـ من التشكيك بالطرف الآخر ؛ لأن انعدام الثقة يرسل رسالة خاطئة للمواطن ، مفادها عدم مصداقية ونزاهة أطراف العملية السياسية ، وهذا يؤدي بدوره إلى نفور الناس من الانتخابات بحجة أن الأطراف كلها غير أمينة ولا يوجد فيهم إنسان نزيه .
الحل يكمن في أن لا تعارض القوى الموالية للمستجوَب ـ بفتح الواو ـ عملية الاستجواب ما دام في العراق قضاء يتفق الجميع على أنه مهني مستقل ؛ لأنه مهما كثرت عمليات الاستجواب ، ومهما كانت نية المستجوِبين ـ بكسر الواو ـ فإن القضاء العراقي في النهاية هو من يثبت أو ينفي الاتهامات ، واما اذا كان هناك من يشكك في نزاهة القضاء فلنا كلام اخر .
أما القوى المعارضة للوزير المستجوَب ، فالواجب الوطني والديني والأخلاقي يحتم عليها أن تنتهج طريق الحق والصدق ، لا أن تبغي من وراء عمليات الاستجواب إحداث ضجة تستغلها في إسقاط خصومها السياسيين ، وتوجيه أنظار الناخبين نحوها ؛ كونها رافعة لواء مكافحة الفساد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الم يكونو
البراق ( 2009 / 11 / 24 - 07:56 )
الم يكن جميع من استجوب ومن سيستجوب من الائتلاف ؟؟؟ لقد كشفت مسيرة السنوات الاربعة الماضية بانهم مجموعة من السراق وقد اختلفت على توزيع المسروقات كما يحدث في الافلام دوما . فالمالكي الذي اعلن بانه سيحارب الفساد والمفسدين يعود ليحمي وزير التجارة السوداني من جهة ويطالب بعدم استجواب الشهرستاني !!! مؤكدا بذلك انه حامي المفسدين والسراق بكفاءة عالية لم يظهرها في حل اية مشكلة من مشاكل الشعب الكثيرة

اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة