الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العداء والكراهية على أبواب الملاعب الرياضية

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 11 / 24
عالم الرياضة


من المفروض أن تهدف المسابقات الرياضية إلى نشر أواصر المودة بين الشعوب وأن تسعى للقضاء على الخصال السيئة فى الإنسان كالتعصب والعدوانية والعنصرية وهى ذات الخصال التى أدت إلى الحروب الإقليمية والعالمية بين الشعوب. ومن المحتمل أن تنتهى هذه المسابقات بهزيمة الفريق الذى نؤازره. وفى هذه الحالة لا نملك سوى تقبل الأمر بروح رياضية ونهنئ الفريق الفائز ثم نستعد للجولات التالية. وهذه الروح الطيبة نجدها بوضوح فى رياضة التنس وهى رياضة فردية يتقبل فيها اللاعب الخاسر الهزيمة ولا تنتهى المباراة إلا إذا تصافحا قبل مغادرة الملعب. أما الرياضات الجماعية وعلى رأسها كرة القدم فتشتمل دائما على أحداث عنف سواء بين جماهير البلد الواحد أو جماهير بلدين مختلفين.

لقد كان الروائى الانجليزى جورج اورويل مؤلف رواية "مزرعة الحيوانات" على حق حين كتب مقالا فى جريدة "تربيون" اللندنية فى ديسمبر عام 1945م حيث أوضح أن الناس يجانبهم الصواب إذا اعتقدوا أن الرياضة والمسابقات الرياضية تنشر السلام بين الشعوب لأنها أصبحت فى الواقع مصدرا لإثارة مشاعر الكراهية بين مواطنى الدول. وكما يقول الخبير الفرنسى باسكال بونيفيس فى مقال عنوانه "الجغرافية السياسية لكرة القدم" فإن كرة القدم قد تنعش النزاعات القومية وتستدعى أشباح الحروب السابقة. لقد كان ذلك جليا خلال مباراة كرة القدم بين الصين واليابان فى كأس العالم 2004م حيث ارتدت الجماهير الصينية الزى الذى كان يرتديه الجنود اليابانيون فى عام 1930م حين قاموا باحتلال الصين، كما قام مشجعون صينيون برفع يافطات مدون عليها رقم 300 ألف فى إشارة إلى عدد القتلى الصينيين على يد الجيش اليابانى فى عام 1937م.

لقد تلاحظ أن مباراة كرة قدم تؤهل من يفوز بها للمشاركة فى كأس العالم 2010 قد أدت إلى إثارة مشاعر الكراهية بين شعبين عربيين كمصر والجزائر. من الواضح أن لقاءات منتخب مصر ومنتخب الجزائر فى كرة القدم باتت تصاحبها أحداث مؤسفة. لقد شهد لقاء الفريقين فى عام 1989م أحداثا مأسوية عقب المباراة حيث تعرض طبيب مصرى لعاهة مستديمة وأنتهى الأمر بإصدار الانتربول إذنا قضائيا بالقبض على اللاعب الجزائرى الأخضر بلومى. ورغم ذلك فإن الطيبة المصرية قد وضعت نهاية لهذه الأزمة التى انتهت قبيل لقاء الفريقين فى منافسات التأهل لكأس العالم فى جنوب أفريقيا. وخلال لقاء الفريقين فى إستاد القاهرة يوم 14 نوفمبر فإن الصحف الجزائرية "كصحيفة الهداف الرياضية" لم تتوقف عن تهويل حادث الاعتداء على الحافلة التى تقل الفريق الجزائرى وحتى بعد انتهاء المباراة فقد واصلت الصحف الجزائرية "كصحيفة الخبر اليومى" نشر الإشاعات التى تتعلق "بمجزرة القاهرة" وأن سيدة جزائرية حامل تعرضت للضرب والإهانة وأخذت هذه الصحف تنشر ادعاءات بعض مشجعى الجزائر الذين شهدوا اللقاء فى القاهرة.

ولا يمكن وصف ما حدث عقب مباراة كرة القدم بين منتخبى مصر والجزائر يوم الأربعاء الدامى فى موقعة السودان. ولم يتخيل أكثر المتشائمين أن تنقلب مباراة فى كرة القدم إلى تلك الحالة من الفوضى والإرهاب التى أحدثتها الجماهير الجزائرية ولاسيما بعد أن فاز منتخبها على المنتخب المصرى. من الواضح أن الجزائريين لم يأتوا للسودان لمؤازرة فريقهم بل جاءوا للانتقام من مصر ومن كل من هو مصرى. ولعل المرء على صواب حين يعتقد أن الرغبة فى الانتقام والكراهية الدفينة التى يحملها هؤلاء الغوغاء تجاه مصر جعلتهم لا يشعرون بالسعادة والفرحة بفوز فريقهم. لقد سلكوا كل السبل للتنفيس عن أحقادهم ولبث سمومهم ضد مصر معتقدين أنها فرنسا التى احتلت بلادهم فى عام 1830م حيث مكثت فيها أكثر من مائة وثلاثين عاما ولم تغادرها إلا بعد أن دمرت هويتهم وعروبتهم وباتوا لا يتقنون سوى اللغة الفرنسية. وكان لذلك أثر كبير على النفسية المشروخة والشيزوفرينيا التى يعانى منها هؤلاء البلطجية الذين ألقت بهم الطائرات فى شوارع الخرطوم وأم درمان الآمنة. لقد جانب الصواب المصريين الذين اعتقدوا أنهم سوف يلقون منافسة فى فنون كرة القدم فسابقوا الريح للحاق بالمباراة على أرض السودان وصاحب فريقهم الممثلون والممثلات والمطربون والمطربات ورجال السياسة والكرة ولم يخطر ببال أحدهم أنهم على موعد للقاء بعض أصحاب السوابق الذين حملوا معهم المشارط والمطاوى.

وفى الواقع إننا محظوظون بأن البلدين "مصر والجزائر" ليسا متجاورين لأن التجاور فى ظل هذا التصعيد الإعلامى والعداء المستحكم من قبل جماهير الجزائر فى السودان قد ينتهى بالصدام المسلح تماما كما حدث فى أمريكا اللاتينية حيث اندلعت حرب حقيقية بسبب كرة القدم فى عام 1969م بين الهندوراس والسلفادور عقب مباراة تأهيل لكأس العالم. وحتى فى أوربا فقد تشهد الملاعب مشاعر متأججة لكنها سرعان ما تتلاشى بعد انتهاء المباريات.كلنا يتذكر المباراة قبل النهائية بين فرنسا وألمانيا فى 1982م حيث تبخرت مشاعر العداء فور انتهاء المباراة ولم تؤثر من قريب أو بعيد على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. والسؤال: متى نجعل من الرياضة ساحة لنشر المحبة والمودة بين الشعوب بدلا من تذكية العداوة والكراهية؟ روز اليوسف، عدد1339، 23 نوفمبر 2009م، ص9.















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سابقة في السعودية: عرض لملابس السباحة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. الدوري الإنجليزي.. فودين أفضل لاعب للموسم الحالي




.. الأهلي المصري والترجي التونسي يستعدان لمباراة الذهاب بنهائي


.. أون سيت - أمير عيد وأبطال مسلسل دواعي السفر يكشفوا تفاصيل ها




.. الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يقدم دعوى لكونغرس فيفا بتعليق ع