الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل الثقافة في مصر

أحمد التاوتي

2009 / 11 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


أثقلت مصر عبر العصور الإسلامية بالأمومة الثقافية على العرب جميعا و قبلها على المتوسط و العالم المتحضر قديما. كان هذا قدرها و لا يزال.. و ليس في مقدورها أن تتفادى "طفشات" العقد الأوديبية إلا بأمر واحد فقط:
التجديد المتواصل لحيويتها .

كانت مصر طليعية في خيارها الاستراتيجي للسلام، و "طفش" صغارها آنئذ بعنفوانهم إلى مروج الصفير و اللعب ، و ملئوا التلال غناء و مرحا ، إلى أن أعادتهم مقتضيات الحياة و التقدم في السن إلى الخيار إياه و لكن من الباب الخلفي واحدا واحدا... حياء من أمهم؟؟

الانحسار الذي ترتب عن خيارها الاستراتيجي للسلام امتد إلى نحو ثلاثة عقود، و في أثنائها ارتبكت بأمومتها الحانية و حزنها على العزلة فلم تستكمل بصرامة الشروط الثقافية الضرورية لإعطاء هذا الخيار بعده الثقافي التنموي .

و من جهة أخرى، حصل لديها عملية إرجاع لفرط قوة الصدع "فصدرت ما لم يتلاءم" إلى أبناءها "الطافشين".. ، فكان أن صقلت الإسلام الحجازي و الخليجي إلى توثب سياسي سافر، و التقاليد الأمازيغية إلى صخب ديني مستعر، و الثقافة الشامية إلى فورة قومية حادة و انقلب العالم العربي عليها طيلة هذه العقود، و لكن بماذا في الغالب؟ برموز منها . هي هنا أم معاقبة – بكسر القاف- و معاقبة( بفتحها).

لا أتصور أن مصر بلدا متخلفا إلا بما هو مرتبط به في سياقه الثقافي العربي و الإسلامي.. كل المؤهلات لديها للتحليق إلى مصاف الدول المتقدمة إذا - و فقط إذا- عرفت كيف تقطع عنها مرة واحدة و بحزم تبعات الأمومة خارجيا ، و ذلك بإحياء و تحفيز دواعي الأمومة من الداخل.

فمصر في الداخل، لديها من تجذر حكاية الأمومة الأولى ما أنهك و لا يزال ينهك خيارها للسلام و النضال الدبلوماسي المحترف.
و لديها من تجذر ثقافة الإسلام السياسي ما ينهك العمل المدني الجاد في بناء المجتمع الديمقراطي المبني على المواطنة.
و لديها أيضا من الثقافة الإسلامية التقليدية ما يكفي من اتكالية و محسوبية و هلامية لإنهاك الإدارة و استشراء الفساد.

أرقى أوقات العطاء المصري و إشعاعه كان في الفترة الليبرالية على امتداد النصف الأول من القرن الماضي.. ذلك أن مصر عندما تنشغل بنفسها صقلا و تجديدا ينشغل العالم بها.. و هنا تكون الأم المعطاءة.

في تلك الفترة العزيزة و الغالية و المدرة على كل العرب بدون استثناء، كانت مصر مشتلة تجديد و عنفوان ساحر نحو المستقبل.

في خضم المساجلات الجارية هذه الأيام على مأساة مصر و الجزائر بالمريخ ( و ليتهم هونوا أرضا ) لم تغرني إلا هذه الفكرة: " مصر ستجدد نفسها"...

إذا صح هذا فهنيئا لنا جميعا.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اوافقك تماما
محمد حسين يونس ( 2009 / 11 / 25 - 13:08 )
للأسف ما ورثناه عن زمن الفاشيست وحكمهم الشامل لا زال يكبل اى انطلاقه المشكله بالداخل وليست بالخارج اذا ارادت استكمال الثوره الليبراليه التي بدأت منذ عهد اسماعيل باشا وحتي الاستيلاء القومي العربى علي العقل المصرى ومجمل التوجهات الفكريه التاليه للويس عوض ويوسف ادريس بصفتهما اخر العقلاء..الافكار البعثيه الناصريه كانت وبالا اعقبه هزيمه فضعف رافقه غزووهابي ... علينا التخلص من الثلاثه الناصريه والوهابيه والقوميه البعثيه


2 - تحية للسيد محمد حسين يونس
أحمد التاوتي ( 2009 / 11 / 25 - 16:19 )
لا أشك في وجود العوامل و الدواعي أيضا الى ذلك.. أتمنى أن توجه الأزمة و الغليان الحالى الى البناء الجاد في هذا الاتجاه و لا تترك للانتهازيين يديرونها الى أهدافهم الضيقة.. شكرا أخي على المرور

اخر الافلام

.. صحن طائر أو بالون عادي.. ما هي حقيقة الجسم الغريب فوق نيويور


.. دولة الإمارات تنقل الدفعة الـ 17 من مصابي الحرب في غزة للعلا




.. مستشار الأمن القومي: هناك جهود قطرية مصرية جارية لمحاولة الت


.. كيف استطاع طبيب مغربي الدخول إلى غزة؟ وهل وجد أسلحة في المست




.. جامعة كولومبيا الأمريكية تؤجل فض الاعتصام الطلابي المؤيد لفل