الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات - رايات المرتجى في أيادٍ بيضاء !

رضا الظاهر

2009 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


تأملات

رايات المرتجى
في أيادٍ بيضاء !

بينما ينغمر أهل المحاصصات في صراع الامتيازات ومنهجية التسييس وسيناريوهات الاستئثار واللهاث وراء المنافع الضيقة، يمضي أهل الأيادي البيضاء مجتازين دروب الكفاح، ورافعين رايات التحدي، وطارقين أبواب الناس، مانحينهم أملاً يظل مضيئاً، مبدداً ظلمة أيام المعاناة الصعبة.
ويعرف هؤلاء الدعاة من خيرة بنات وأبناء شعبنا أية منعطفات يسلكون وهم يسعون الى تواصل حميم مع مواطنيهم، وأية تعقيدات يواجهون وهم يسعون الى إقناع هؤلاء المواطنين، وبينهم "يائسون"، بضرورة التوجه الى صناديق الاقتراع والتعبير عن إرادتهم.
ويدرك طارقو الأبواب، أيضاً، أسباب اليأس والعزوف عن المشاركة في الانتخابات المقبلة، ذلك أن أصوات "الصغار" ستذهب الى جيوب "الكبار"، وهي جيوب لا تشبع، لا من أصوات ولا من سواها، وتظل مفتوحة دائماً مادامت منهجية الاستئثار وإقصاء "الآخر" هي السبيل الى التشبث، أبداً، بالسلطة.
ويعلم الطارقون أيضاً، وسط مسيرهم الشاق، أن عليهم أن لا يتوقفوا عند حدود تفسير وفهم ظاهرة العزوف، وانما أن يتجاوزا ذلك باتجاه بذل أعظم المسعى لاجتذاب "المحبطين"، وتبصيرهم بحقائق الواقع المرير، حتى لا تصدم النتائج أولئك الذين يتمنون، صدقاً، أن يحصل أهل الأيادي البيضاء على ما يستحقون.
ومن نافل القول إن علينا، نحن أنصار "اتحاد الشعب"، أن نخوض الصراع حتى نهايته، وأن نستثمر كل الفرص والامكانيات في هذه المعركة السياسية والاجتماعية الكبرى. ولا ريب أن هذا الاستثمار يمر عبر أبواب أخرى أيضاً، غير هذه التي نطرقها. فالأبواب التي نطرقها هي بداية سبيل مفضٍ، عبر أبواب جديدة، الى المرتجى.
ولعل أوسع هذه الأبواب باب المثال الذي عبره نجتذب أنصاراً جدداً، وخصوصاً من المحرومين والمعوزين ومغيّبي الارادة وسائر الكادحين.
وإذا كان بين هؤلاء الكادحين، المعترفين بمصداقيتنا، من لا خيار ولا إرادة له، لأن نخب السياسة المتنفذة وثقافة الراهن السائدة وعناصرها المهيمنة قد سلبوا ملايين الكادحين خيارهم وإرادتهم، فان علينا، نحن طارقي الأبواب، أن نضاعف المسعى من أجل أن يستعيد الكادحون إرادتهم المسلوبة ويأخذوا قضيتهم بأيديهم.
وعلينا أن ندرك، من بين مرارات أخرى، لماذا لا يمنحنا كادحون أصواتهم ونحن ممثلوهم الحقيقيون ؟ الأمر لا يرتبط بمحدودية قوانا الذاتية، في الظرف الراهن، حسب، وهو ما يتطلب منا استثمار كل الطاقات لتعزيز هذه القوى الكامنة الحية، وإنما يرتبط، أساساً، والى حد كبير، بالعوامل الموضوعية، ونعني بها قوى الثقافة المهيمنة، والصراع الحاد المتفاقم بين الجديد والقديم، والتوازن الاجتماعي والسياسي الذي يميل، وسيظل لفترة غير قصيرة، لصالحها، وسط استثمار عناصر التخلف في الثقافة السائدة، وتدني وعي الملايين الذين يسعى مؤبّدو ثقافة الهيمنة الى غسل أدمغتهم وتغييب إرادتهم.
وغني عن القول إننا حين ندرك العواقب الوخيمة لخنوع الملايين للثقافة السائدة، ونشخص دور العوامل الموضوعية التي تتحكم بمسار التطور الاجتماعي، فاننا لا نبغي من وراء هذا تبريراً لقصور ذاتي، وإنما اعترافاً بحقائق الواقع التي نثق بأن تعزيز القدرات الذاتية يمكن أن يسهم في تغييرها والتحويل التدريجي لمسارها، ومراكمتها باتجاه التغيرات الاجتماعية النوعية.
وفي هذا السياق ينبغي أن لا تغيب عن بالنا حقيقة أن ولادة الجديد في الثقافة تترافق مع المقاومة العنيدة للقديم الذي لا يدافع عن مواقعه حسب، وإنما يستمر، أيضاً، على الهجوم في المجالات التي يجري الاحساس فيها بعجز "التفكير الجديد". فقاعدة الجديد غير الواسعة على نحو كافٍ في الحياة الاجتماعية ووعي الناس، ونقص التجربة في السعي الى قيم جديدة، وتعدد المشكلات المتراكمة غير المحلولة، بما في ذلك مشكلات ميدان الثقافة، وقدرة القديم العالية على التمويه والتكيف الاجتماعي والثقافي (في أحيان غير قليلة يتظاهر بالجديد، أو بشيء ما أكثر جذرية حتى من الجديد)، والاستقرار البالغ للأشكال التقليدية للثقافة في تطورها التاريخي، إن هذا كله يجعل الصراع بين العناصر القديمة والجديدة في الثقافة أكثر حدة، خصوصاً في المراحل الحاسمة من التطور التاريخي ـ الثقافي.
* * *
بينما لا يضيرنا أن يتوقف عن المسير معنا نفر ممن هدَت حيلهم صعاب الطريق الطويل، أو سقطوا تحت إغراء رنين الذهب، فحوَل بعضهم جزعه الى هلوسات نظرية، يبهجنا، ونحن الذين مانزال قلة، أن تلتحق بنا أفواج جديدة من المكافحات والمكافحين..
أما الذين يخشوننا، وبينهم من يحاول، عبثاً، تشويه تاريخنا، فهم من تنغرس جذورهم، مثل نبت شيطاني، في تربة التخلف، ليستحقوا وصف كائنات مزابل التاريخ..
نحن أصحاب الأيادي البيضاء نخوض صراع الجديد ضد القديم، وهو صراع يتعاظم احتداماً، بينما نمضي عبر مشقة الضرورة الى فضاء الحرية، نحو مرتجانا الذي إليه ترتقي راياتنا، مرتجى إنقاذ الملايين من الخطر الأعظم، خطر الخنوع للثقافة السائدة ..
نحن أحفاد المآثر .. أبناء المعاناة .. بناة الغد..
نحن أهل النزاهة والمصداقية .. من يجسدون آصرة المثال والعمل .. ومن يحولون النظرية الرمادية الى شجرة حياة خضراء..
إئتلافنا هو الائتلاف الحميم مع الناس ومن أجلهم .. إئتلاف الأمل الذي منه تتدفق الينابيع وفيه تخفق الرايات...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو بين إرضاء حلفائه في الحكومة وقبول -صفقة الهدنة-؟| ال


.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار




.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن


.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة




.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة