الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكون الحركي لجسد القصيدة

علاء هاشم مناف

2009 / 11 / 24
الادب والفن


دراسة
في سيميولوجيا البنى الشعرية عند أدونيس وحسب الشيخ جعفر

إن مسارات النتاج الشعري من ناحية تفصيل الوعي الجسدي والرغبة الناجمة عنه شعرياً وتحولاته بالإعادة للمنطق الجذري والهيمنة المطلقة للإتجاهات المتعددة في التحليل والكشف عن الصورة "البنوية" والبيانية لأنها الأكثر ضرورة وكثافة ، وهي المدخل لأشد الحالات إختلافاً من الناحية الجمالية والسيكولوجية ، وقد بلغت دراسة الصورة البلاغية وعلاقتها بمنظومة الجسد فيما يتعلق بتحليل الصورة البلاغية من حيث توفر المنطق النظري الذي بلغ من الكثافة والإضاءة والتركيب يشير إلى الكثير من الأواصر البلاغية والإسترداد التوليدي في نطاق حدود" قصيدة الجسد" التي تتقابل وفق منطقين من النصوص الشعرية ويمثله التماثل بين المواضيع المفترضة في القصائد ، ونحن في هذه الدراسة نقوم بسبر أغوار الوعي الجسدي في الخاصية الشعرية لنماذج من "الشعر الحديث" لشاعرين تضمنا خلاصة دقيقة لمفهوم "الوعي الجسدي" في الشعر هما " أدونيس وحسب الشيخ جعفر" ، وفي هذا المنطق الإفتراضي نؤكد حالة التماثل الإفتراضية وفق صياغات في التشبيه والاستعارة، لأن اللغة أصلاً هي لغة إستعارية لأنها تؤسس آلية الإستعارة والتشبيه وفق نشاط لغوي قائم على المواضعة التي تولّد الثراء اللغوي لأنه يقع في دائرة النظام " السيميولوجي" وفق آلية تتشكل بالمواضعة باعتبارها آلية تقديرية تقوم بتحديد المنشأ، من الحزام اللغوي والجمل القابلة للإنشاء والمحملة بالمعنى لأنها تمثل" الاستعارة والتشبيه" وهي المحرك المجدد في التقابل القياسي ، والتعليل الإعتباطي للجسد إلى المنطق الاستدلالي للإستعارة والتشبيه داخل المحايث للجسد الشعري ، هناك الطرف الذي يمثل الحوار والتصور والأشارة، إلى بيان المعنى عند أدونيس:
أتخيَّل حبيّ:
يتنفّس من رئة الشيء
يأتي إلى
الشّعر في
وَرْدةٍ أو غُبارْ،
يتهامسُ مع كل شيءٍ
ويهمس للكون أحوالهُ
مثلما تفعل الرّيحُ والشمََّسُ،
حين تشقّان صَدْرَ الطبيعةِ،
أو تسكبانِِ على دفترِِ الأرْضِِ،
حِبْرَ النَّهارُ.( )
ما يعني من تحليل لصورة الحدث، والحديث عن الحب هو قول تحليلي في حالات محايثة لقوانين من صلات " للدال والمدلول" ومبدأ الإقتران في إمتلاك تلك الإشارة في معنى" أتخيّل حبّي" وإرجاع الدال إلى اللغة الواحدة وإلى عدة مدلولات وإرجاع المدلول إلى عدة تفاصيل كثيرة من الدالاّت ، وهنا تأتي المترادفات في اللغة وهي أن العلاقة بين اللغة المنطوقة وغيرها يعود إلى الكلمات الإعتباطية في الجسد الشعري ، وقد يتشكل هذا الجسد الشعري بالسياق المحايث للكلمات المحايثة للأصوات وهذا خلاف لغة الجسد الشعرية، وخلاف منطق الأصوات داخل المنظومة اللسانية . ولنأتي إلى المقاطع الأخرى من القصيدة " يتنفس من رئة الشيء يأتي إلى الشعر في ورْدَةٍ أو غبارْ" فالإشارة هنا تأتي من جسد اللغة، اللغة تقع في دائرة النظم وبوظيفة تواصلية ، إلا أنها لغة محاكاة تقع ضمن الدائرة العقلية ، هناك إشارة إلى حدود الدالاّت وهناك ضروب من التشابك"الألسني" بين الأصوات اللّغوية المعنية والمفردات المركبّة التي تجمع "المعنى واللّفظ" والطبيعة اللسانية في "شعر أدونيس" هو الحديث بالإشارات والشيفرات لأنها مرتبطة بالصياغات الدالة وهي متشابكة مع خواص منطق الجسد الشعري.
في شعر أدونيس هناك نسبية في العلاقة بين " الدال والمدلول" وهي إشارة إلى قوانين العلاقات الفلسفية في اللّغة ، وأدونيس يفرّق بين الكيانات والمكونات التي تقوم "بترتيب الأشياء" داخل الجسد الشعري ، أو بين العكوس التي تتكون داخل صياغات الدلالة من الناحية الإعتباطية، وهذا خلاف المنطق التأريخي، ويجعل أدونيس الإشارة محايدة دائماً من الناحية السسيولوجية ، فهو" يتهامسُ مع كّل شيءٍ ويهمس للكون أحوالهُ مثلما تفعل الرّيحُ والشمسُ، " وأدونيس يضع الإختيارات من الإشارات في قلب الحدث الشعري جسدياً وهذا جزء من الإستخدام السسيولوجي في تفاصيل تقاطعات الشيّفرة عند" السيمائيين" بعد " سوسير خاصة" فثقافة أدونيس هي ثقافة إشارة دالّة، فهو يختار الإشارة بحرية مطلقة من منظور لساني يعادل فيه إختيارات اللّغة الجسدية بحرية كما قلت ، ويحافظ على الإرث المحايث في الإستخدام بسبب الجانب الإعتباطي الذي يتمحور داخل هذه الإشارات، هذا لا يعني باستطاعة أي إنسان أن يختار دالاً ومدلولاً يكوّن به المنحى الاعتباطي، لأن الدال والمدلول لا يقعان في دائرة الخيارات الفردية بل الجماعية، لأن الفرد لا يستطيع أن يحدد مسارات المنطق اللّساني لأنه جماعياً.
من منظور الاستخدام للغة ، فهي شيء معطي لأنها عقدة الولادة العسيرة، فهي موضع إشكال في جسد القصيدة، والاعتباطية تقع داخل المنطق الوجودي ، حيث يتشكل المحايث اللّغوي في هذه العقدة، ويبدو أنها أي اللغة بجانبها التصنيفي غير الإعتباطي في سياق الكلام لأنها تتكون نسقياً عند حسب الشيخ جعفر:
تدور العصافير في آخر الليل
في البار، يهبط أخضر أسود
في وجهه النارُ والعشبُ
سيدتي هل رأيتِ الرياح
القديمة تنشر أثوابهُ،
"في رطوبة آب أرتكبت الزنى
سيدتي هل نسيت على مرمر
الحوض هذا البنفسج؟
"أني
على مرمر الحوض أنسى البنفسج"
شالك هذا بلون البنفسج!
" عن أي جنية في الحدائق
تبحث"( )
إن منظومة الأشارات التي تعني المبحث الشعري، تتأكد بالمنظومة القائمة على الإشارة ذات السيرورة السيميولوجية لأنها تتقدم منظومة التعبير وتبرز الخصائص المتعلقة بالمعنى وفي هذه القصيدة يتقدم المنطق الألسني كإنموذج للسيميولوجيا. وتفاصيل الإشارات لا تعدو إلا كونها منظومة"سيميائية" تتقدم لغة منظومة ومنطوقة وهي من الأمثلة المشروطة على منظومة الإشارات"تدور العصافير في آخر الليل في البار، يهبط أخضر أسود في وجهه النارُ والعشبُ".
نعود الآن إلى مرتكز البنية في قصيدة أدونيس في
A ـ أتخيَّل حبيّ: يتنفس من رئة الشيء = جسد القصيدة
B ـ يأتي إلى الشعر في وَرْدة = أو غُبارْ، = الفاعلية البنائية في إكتناه الإنساق الجذرية وتتمثل في المعاني الدالة والمدلول الذي يتمثل في التأويل وهي إشارة إلى فكر ذلك المؤول.
A ـ مثلما تفعل الريح والشمس = وهي إشارة إلى الفعل الثنائي الطبيعي بمعادلة إشارية يولدها التشبيه والاستعارة وهذا تطور أسمى في التأويل تحققه سيرورة المعنى في حدود المحايث اللّغوي.
B ـ أو تسكبان على دفتر الأرضي،
حِبْر النهارْ. = ثنائية المدلول الذي يؤكده الدال بثنائية مؤولة واعتبار الدال صيغة مألوفة في صناعة المعنى ، ورفض المساواة بين المعنى والمضمون، لا تتضمن تلك الإشارة المؤولة أي معنى ، ويظهر هذا الأخير من عملية التفسير للإشارة وهنا بيرس يشير إلى التأويل وهو " المعنى الذي تتخذه الإشارة"( ).
أما في قصيدة حسب الشيخ جعفر ، فتكون البنية الدلالية متولدة من العلامات وتفاعلها مع الأنساق ، وتكون حركاتها متعلقة بالسياقات النابعة من تفاعل تلك الحركات على مستويات متعددة في الدلالة.
A ـ تدور العصافير في آخر الليل= ينطلق هذا التعريف من تشديد بيرس على صناعة ذلك المعنى الخفي في المدلول الذي يليه .
B ـ في البار، يهبط أخضر أسود= المعنى في الدال A أعلاه وهي الأشارة الأولى وفي تفسير بيرس أن A الدال = B وهي الإشارة في المدلول ، و الترجمة الحرفية لها( ).
A ـ في وجه النار والعشب = وهي إشارة إلى تصاعد التفاعل الهورموني في القصيدة ليتحقق المدلول في الشطر الثاني في :
B ـ سيدتي هل رأيت الرياح = في هذا الشطر يتأكد مفهوم التواصل في التفكير الداخلي للجسد الشعري من الناحية السسيولوجية وهذه نتيجة من نتائج سيرورة الكشف في التمثيل لثلاثية بيرس في المثلث" السيميائي" الذي سوف نتطرق إليه بعد قليل في هذه المناقشة.
A ـ في رطوبة آب إرتكبتُ الزنى = وهي الأكثر وضوحاً في المنطق الثنائي ، والفرق واضح بين النموذجين " السوسيري والبيرسي ، والشاعر تتشكل إشارته بالمنطق الثنائي أي بالمنطق السوسيري في هذا البيت والأبيات السابقة أعلاه، فالمحور الثالث الذي يلتقي فيه الشاعر مع بيرس في:
B ـ سيدتي هل نسيت على مرمر الحوض هذا البنفسج؟ = فالمرجعية في الإصطلاح البيرسي ليس في المدلول الثنائي عند سوسير بل يكون مرجعاً إليه موضوعياًً وتتشكل بالمحور العقلي المجَّرد.
A ـ "أني على مرمر الحوض أنسى البنفسج= والمنطق البيرسي بشكل عام لا يشير إلى تلك الأشياء في الصورة الحسية وينطبق هذا على سوسير ، لكن حقيقة الأمر إنها أفاهيم مجردة ونسبية، فالإنموذج تؤكده الصورة وهي" الزمكان المحسوس " والإشارة هنا تأتي منعطفاً موضوعياً لأنها أي الخبرة الشعرية في جسد القصيدة تتمحور بالإشارات .
B ـ أي جنية في الحرائق تبحث = هنا تأتي صياغات التأويل لتشكل بالمعنى الإشاري ويتضمن مفهوم بيرس لهذا المعنى هو إرجاعه إلى التمثيل الثنائي وليس الثلاثي لأن المعنى يتم استخدامه كنموذج للإشارة الشاملة للمفهوم الثنائي.
لكن الانشاء للعلامة يكون في قصيدة أدونيس " أتخيَّل حبّي" وهي الجملة المركزة بين" يتنفس من رئة الشيء" و" وردة _ أو غبارْ" إلا أن البساطة في تركيب الجملة الشعرية ، فهي تضمر داخلها منطق دلالي ينبع من غموض في الوعي تجاه العلامة التي تربط " رئة الشيء ووردة أو غُبارْ" وقصيدة حسب الشيخ جعفر تأتي في مرحلة من ذلك الإكتناه الذي يؤدي الدور نفسه من الناحية الدلالية وعلى مستويين مختلفين ، فجسد القصيدة ذو طبيعة عقلية محددة بالصورة المنتجة من الإشارة في الهبوط في آخر الليل للعصافير وهو مستوى من الجمل المضمرة والتي تنتسب إلى عالم المكان في الحالة الأولى ، أما في الثانية فتنتسب إلى منطق الحرفة التي تتعدد بالدلالات في ثنائية القصيدتين " لأدونيس وحسب الشيخ جعفر " في أطار النسيج الثنائي " سيميولوجياً" وحصراً في نمذجة الاسس البنوية التي تفصح عن العلامة الثنائية التي تكتفي بالسيرورة التي تنتمي إلى حالة " المذكر" في " أتخيل حبيّ" ثم الخبر المكاني الذي يشغله أدونيس بالقياس إلى " يتنفس رئة الشيء" إلى الجانب التقابلي في قصيدة حسب " هبوط أورفي "
" تدور العصافير في آخر الليل" وتتجسد الفاعلية المنطقية في هذه الثنائية في جسد" القصيدتين" " موسيقى (1) عند أدونيس وهبوط أورفي لحسب الشيخ جعفر " حيث يتوسط هذه الثنئاية على المستوى الدلالي في:
1- فعل المصالحة والمطابقة ، والحيز المكاني في "هبوط العصافير في آخر البار" أو " ويهمس للكون أحواله" والعلامة الذكورية في المنطق الكوني ، "سيدتي هل رأيت الرياح" وهي علامة تأنيث والليل مذكر دون علامة، وهنا يأتي وجه التناقض في" هبوط العصافير في آخر الليل" والليل مطلق العلامة وهو أداة تعريف، "فحيز النهار عند أدونيس" " وآخر الليل عندما تدور العصافير" يأتي " النهار/ والليل من هنا يأتي المشترك الثلاثي وهو التوسط بين حالة الاختلاف في المصالحة بينهما " النهار/ والليل" النهار عند أدونيس / والليل عند حسب الشيخ جعفر / فالثنائية هي وجود خارجي يتركب وفق منطق سيميائي ، وآخر حركة " النهار/ والليل ويأتيان في التركيبية النظمية التي يبرز فيهما التجاور الفعلي للطبيعة الجسدية لشعرية القصيدتين ، والإشارة إلى القصيدتين هي عبارة عن تمثيل لثنائية التولد في الفكرة المعادلة أو ربما يكونان بإشارة أكثر تطوراًً تنوب عن تلك الأشياء الموجودة في جميع نواحي جسد القصيدتين . وهنا نرجع إلى تسمية التمثيل الثنائي في الحيز المكاني للجسد الذي يتأكد بالمنطق المكاني وهذا قدر كبير من العناية ينعكس في الجملة الشعرية وفق ظرف المكان الذي يحرك جسد القصيدة ، وهكذا تتشكل الثنائية المكانية بين جسد القصيدتين، وحركة الجسد تتكون من " حين تشقان صَدْر الطبيعة ،" وحتى آخر قصيدة حسب " عن أي جنية في الحرائق تبحث،" إن فاعلية العبور للمكان يلبي عنصرا الدلالة الثنائية والجديد في جذرية البنية الجسدية وإمتدادها والإضاءة لكل ابعادها البنوية المتعالية لغوياً في تجسيد جسد ذلك الامتداد في القصيدتين ، إن حركة الإرادة تتركز بالفاعلية المتغيرة بالعوالم الجديدة التي تعكس فاعلية القصيدتين.
يقول أدونيس:
صامتٌ ليلنا.
مِِنْ هُنا زهرٌ ينحني
مِنْ هنالك ما يُشبه التَّلََعثُمََ.
لا رَجََّهٌ. لا افتِِتانْ.
ليلُنا يتنهّد في رئتْينا
والنوافذ تُطبقَََ أهدابََها.( )
إن حركة النزوع في هذه الأبيات عند"أدونيس" تتجاوز فعل الإلغاء لتنتقل إلى النسيج الثنائي في خصائص الربط الذي بدأ" مِنْ هنا زهرٌ ينحني" لتمتلك خصائص فعل التشبيه وهي طريق إلى البدء بالحلم الرومانسي، ولذلك جاءت هذه الأبيات مركبة لتفتح عالماً مليئاً بالنهايات المقفلة لتقع هذه الأبيات بين عالمين ، عالم الفهم للمعنى باللفظ الذي كان له ابتداء في اللغة وما نقل عنه من وصف لا معقول في لغة الموسيقى الداخلية ، والأوصاف اللاحقة للجمل من حيث جمل موسيقية لا يصح ردها إلى اللغة ولا وجه نسبتها إلى موضعها الموسيقي بل هو إسناد فعل إلى أسم أو أسم إلى أسم وهذا يحصل بقصد المتكلم في ميزان اللغة ثانياً والقصد هو الضرب الموسيقي ، فالذي يعود إلى جسد اللغة موسيقياً هو من يصبح خطابه باللغة هو المتكلم لأثبات ضرب اللغة لأثبات الدخول موسيقياً لا لأثبات الخروج لغوياً وفي كلا الحالتين يتم إثباته بالتعلق بما أراد في "اللغة الموسيقية"( ) إن عالم اللغة هو عالم حركة النزوع للمجاوزة لجسد القصيدة وعليه سوف تكسب هذه الموسيقى ثقلاً خاصا يجمعها بالمركزية اللغوية وخصائصها الموسيقية، لكن حركة جسد القصيدة كان فاعلاً بالإنجاز الكلي لتلك الفاعلية وهي تؤسس إنطلاقة في تحديد مسار ذلك الجسد الذي افتتح منعرج القصيدة ثانية في "ليلنا يتنهد في رئتينا" هذه الفاعلية تستند إلى إستضاءة ثانية في " والنوافذ تُطبق أهدابها" وهي إشارة إلى المنطق الموسيقى في جسد القصيدة / والموسيقى المتعلقة بالمنطوق للمفردة، والإشارة هنا هي التعبير عن المعنى في تأويل الإشارة/ والممثل / والموجود/ داخل خصائص بيرسية تضع مركب ثلاثي يستند إلى هذا المرتسم.





هذا التفاعل يعطينا حركية التأويل للإشارة ، والسيرورة لحركية الإشارة، والسيرورة لحركية المعنى ، وهي طريقة لفك تشفير الإشارة( ) إن ما تؤكده الإشارة هو الذي يعمل على مواصلة عملية الإدراك والتواصل وإلى معرفة تلك الأستعارة من الناحية البلاغية ، وهذا هو التعبير عن السيرورة في فك تلك الشيفرة وإدراك الموجود من ذلك الوجود المكاني كما يقول حسب الشيخ جعفر في هذه الأبيات:
سيدتي أنت مبتلة ، في المقاهي
الصغيرة خادمة ترتدي لون هذا البنفسج
في آخر الليل في البار ترقص، ترقص ، في
وجهها النار والعشب ، سيدتي أنت مبتلة،
أنزعي عنك هذا الرداء الممزق،
أني أغطيك بالعشب والقبرات البواكي،
العصافير في آخر الليل
في البار تقتل.
إن توظيف الصورة الحسية للشاعر على صعيد البنى الدلالية ليتجاوز بها إستيعاب كل التفاصيل التي تحيط بالجسد، وقد أورد" حسب" الحدث الدرامي في ثنائية قتل العصافير في البار آخر الليل، وهي إشارة إلى البنيات والشخوص ليخلق الشاعر حدثاً درامياً يتجاوز فيه الحدث الخطابي إلى منطق السرد في" ترقص، ترقص في وجهها النار والعشب" حتى أن مقتل العصافير في البار آخر الليل يتحقق بالمعادل الموضوعي في دلالة تتحقق موضوعياً في زمكان معين يؤكد شمولية الجسد في القصيدة عن طريق الحدة في مرتكز الصورة الشعرية بوصفها مستوى آخر يفتح قياس جديد في الجملة الشعرية ووحدة في اللمس وإشاعة للبنية المتركبة في هذا البيت
" أنزعي عنك هذا الرداء الممزق،
أني أغطيك بالعشب والقبرات البواكي"
ولا ينتهي المركب اللفظي في هذا المجس بل يتكشف بالإدراك للمنطق الدلالي ، وحسب ركز على لون البنفسج فهو لا يتعدى الإشارة إلى اللون ثم يبدأ التشكيل الكلي والتخصيص وهو مرهون بذلك الأيحاء القوي الذي يضع القصيدة في مرتكزها الدلالي حتى يشيع ذلك اللون من خلال التعبير الإسلوبي والبلاغي المبرّز، لكن بقيت السيدة" المبتلة بالمقاهي" ويتمكن حسب من تلابس قيمة اللون البنفسجي مع شخصية السيدة المخاطبة وهو تلابس تمثله الدلالة بالتعبير عن السيدة بلون البنفسج لأنها ترتدي اللون البنفسجي ، وحسب كان قد عالج موضوعا و يعمد به إلى الخواص الفنية في البناء الدرامي ، من جهة أخرى كانت الحبيبة الغائبة / الحاضرة ، يشاهدها ترقص باللون البنفسجي ، فهي إستعارة تصريحية أراد منها الشاعر دمج جسد الحبيبة باللون البنفسجي والأفصاح عن قيمة مثالية متمثلة بحضور الشخصية وردائها البنفسجي وهي ترقص ، وقد شبه الشاعر وجه الحبيبة بالنار، والعشب وهو المطهر الجزئي والمميز في هذه التجربة الدرامية وكان الوجه الاسطوري في ثنائية النار/ والعشب وهي تسمية ثنائية تحاول ان تحتفظ بمكونات الشخصية الأسطورية التي تتحرك بالعمق الحسي في تجربة تتشكل بخيوط إسطورية وواقعية تعبر عن تجربة حسية بصورة شعرية تعبر عن فضاءات زمكانية لتخلق حرارة شديدة الحس التجانسي بين المعطي الثنائي في أسطورة :
1) النار/ والعشب ← المظهر داخل فلسفة الحياة.
2) السيدة وهي رمز الحبيبة ← الغائبة الحاضرة.
3) اللون البنفسجي ← وهو الرمز الذي يعبر عن حرارة التجانس بين اللون البنفسجي / والحبيبة.
4) التناص الحاصل بين القبرات البواكي/ والعصافير في آخر الليل في البار تقتل.
أن تحقيق الرابط الدلالي في هذه المنظومة الشعرية يعطينا العناصر الفاعلة في المنطق الحسي كونها تتشكل بالحالة الحسية المتميزة على مستوى الخطاب الشعري ورؤيته الثنائية إلى الملفوظ في النار/ والعشب وهي رؤية حسية تعبر عن إعتماد بلغ في مستوياته البلاغية الدلالة الفنية التي تعبر عن مقدرة لشاعر استطاع الربط بين الذات والموضوع على ضوء الفهم للعرض السيميولوجي الذي أشار إليه كل من سوسير وبيرس وكان لمنطق العلاقة السيميولوجية عند أدونيس وهو يقوم بفلسفة الإشارة وهي تستلزم العلاقة الثنائية كما أشرنا في ثنايا التحليل في الصوت ـ والمعنى، والمعنى والنسق وإرتباطهما بالدلالة حسب النموذجين السوسيري والبيرسي وكان الحسم لتلك الثنائية عند أدونيس وحسب الشيخ جعفر هو التصاعد البنائي في جسد القصيدتين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس