الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


( فريادمن )عندما يغلب التصحيف على الأصل في القول والفعل

شلال الشمري

2009 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


ترد عبارة ( فريادمن ) على لسان شيوخنا للدلالة على حالات عدم الانضباط والفوضى والانفلات وعدم الشعور بالمسؤولية واختلاط الحابل بالنابل والفرهود والحواسم ، وعندما تفتقر ظاهرة ما إلى مرجعية تضبط زمانها ، وطغيان الذئاب على الرؤوس ، وعندما يفشي الفساد ، وتُشاع الفاحشة .
ولعشرات السنين لم أحاول البحث عن مصدر هذا الاصطلاح ( فريادمن ) إلى أن رأيت بعيني وسمعت بأذني جلسات وسلوكيات وضمائر وذمم ونواميس وأعمال أغلب أعضاء مجلس النواب تنطبق على دلالات هذا المفهوم ، فاقتفيت وتقصيت أثره ، وبما أن أجدادنا عاصروا العصملية ، واحتكوا بالفرس ، فقد كان ظني خاطئاً ، ولم أجد له أثراً في لغتي هذين الجارين ، وفوجئت حينما اكتشفت أن هذه الكلمة ( فريادمن ) هي تصحيف لكلمة ( فريديوم Freedom ) الإنكليزية ، والتي تعني باللغة العربية الحرية " التي رفع مشعلها فحول الفساد والحواسم بعد التغيير " وتبين أن هذا التصحيف من تأثيرات الاحتلال الإنكليزي ، وأنها دخلت إلينا قبل أكثر من 90عاماً ( سقوط بغداد على يد الاحتلال الإنكليزي عام 1917 ) وقبل الكثير من دول العالم التي قطعت خلالها شوطاً كبيراً من التقدم ، ولم تعمد على تصحيفها ، ولكننا آثرنا ما لقينا آباءنا عليه عاكفين .
وعندما يغلب التصحيف على المعنى الأصلي تكون أمام جملة من الاحتمالات : ــ
ـ إما أن يكون المجتمع العراقي غير مؤهل ، وليس بمستوى التغيير من حيث الوعي والثقافة ، ويُساق قسراً إلى حضيرة الديمقراطية !
ـ أو أن البنية المادية للمؤسسة الديمقراطية غير مؤهلة للنهوض بمسؤولية التغيير ( الطبقة الوسطى ، والطبقة البرجوازية ، ومؤسسات المجتمع المدني ، والمؤسسة الإعلامية ، والمؤسسة التربوية ، والمنظومة القانونية ... ) .
ـ وإما تعرض عملية التغيير إلى انقلاب مضاد ، وهي في "رحمها" امتطى صهوتها منذ اليوم الأول بعد أن هُيَّئ لذلك في المؤتمرات التي عُقِدَت في لندن وأربيل قبل الشروع بالتغيير " أمر دُبِّر بليل " .
ـ وإما استقتال الأجندات الإقليمية في إحباط عملية التغيير ؛ كونها جسماً غريباً يعِّض تكلساتها القيمية والاجتماعية والفكرية ، وامتيازاتها الوراثية إلى التصدع والانحلال .
ـ وإما أن تكون الرؤية التصحيفية مقصودة لخلق فوضى جهنمية ، تصهر المجتمع ؛ لتصب في قوالب أمريكية معدة سلفاً .
ـ وإما أن نكون قد انحدرنا لمستوى أخلاقيات بعيدة عن الشعور بالمسؤولية ، وأصاب مجساتنا الأخلاقية وضمائرنا الصدأ .
ولا يمكن حصر النماذج التي تتعامل مع الحرية على وفق التصحيف ( فريادمن ) ولكن أكثرها إيغالاً هو من فقد وزنه السياسي داخل كتلته وحزبه ، وأخذ يتصيَّد حضور المؤتمرات لأغراض الدعاية الانتخابية متخذاً من نفسه راعياً للفضائل والوحدة الوطنية وللعلم والثقافة ووو ..... بل يتصيَّد ليس في الماء العكر ، بل في دماء الشهداء والضحايا عند كل عمل إرهابي ، داعياً لجمع التبرعات للذين تضرروا ، مخاطباً " العرب البائدة " لأن تأخذ في تغطية ما جنت يداها وتستر عورتها القبيحة بحفنة من الدولارات لذوي الشهداء .
ولكي لا ننزلق أكثر إلى الاقتراب من التشخيص ، نكتفي بهذا القدر . وألف شكر للنواب الشرفاء الصابرين على مجالسة هؤلاء التصحيفيين الذين ينطبق عليهم بيت أبي الطيب المتنبي :

وما موتٌ بأبغضَ من حياةٍ
أرى لهمُ معي فيها نصيبا











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهاجم أردوغان.. أنقرة توقف التبادلات التجارية مع تل


.. ما دلالات استمرار فصائل المقاومة باستهداف محور نتساريم في غز




.. مواجهات بين مقاومين وجيش الاحتلال عقب محاصرة قوات إسرائيلية


.. قوات الأمن الأمريكية تمنع تغطية مؤتمر صحفي لطلاب معتصمين ضد




.. شاهد| قوات الاحتلال تستهدف منزلا بصاروخ في قرية دير الغصون ش