الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفض أي دور أمني أردني في فلسطين!

باتر محمد علي وردم

2004 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حقق رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون الكثير من النجاح في مراوغته الأخيرة للانسحاب من غزة، فلم يتمكن فقط من فرض التوجه على الحكومة وحزب الليكود واليمين المتطرف، بل حقق لإسرائيل انجازا استراتيجيا في إثبات عدم أهلية السلطة الوطنية الفلسطينية لإدارة غزة والمناطق التي تنسحب منها إسرائيل، وإناطة ذلك بدور أمني خارجي هو الدور المصري.
إذا لا يستطيع الفلسطينيون إدارة الأمن في غزة، ويجب أن يكون هناك دور عربي مصري في هذا الأمر، بحيث يضمن لإسرائيل التقليص التام لعمليات المقاومة، والأهم من ذلك سحب الشرعية السيادية والأمنية عن السلطة، وتوريط مصر في إدارة الأمن في منطقة صعبة جدا وبالتالي زرع بذور مواجهة شعبية مصرية-فلسطينية مع التأكيد بعدم تجرؤ السلطة الفلسطينية على الاحتكاك رسميا مع الحليف التاريخي للرئيس عرفات وهي مصر.
الخطورة في مثل هذا النموذج هي إمكانية تعميمه، وقد صرح شارون عدة مرات بأنه ينتظر دورا أمنيا أردنيا في الضفة الغربية، وباتت جملة "الدور الأمني الأردني" تتكرر في وسائل الإعللام العربية والعالمية وسط صمت غريب من الحكومة الأردنية بالرغم من أن الموقف الأردني في هذا المجال واضح وضوح الشمس ولا مجال للتأويل أو الارتباك.
في إحدى مقابلاته الصحفية السنة الماضية قال الملك عبد الله أنه "لن يتم استبدال الدبابة الإسرائيلية في الضفة الغربية بدبابة أردنية" ولا نستطيع أن نتخيل تعبيرا لفظيا ورمزيا أفضل من هذا للتأكيد على الموقف الأردني الشعبي الموحد في رفض القيام بأي دور أمني لحماية إسرائيل من خلال وضع الجندي والشرطي الأردني في مواجهة الجماهير الفلسطينية الغاضبة، فهذا كابوس لا يمكن تصوره ولا يوجد تبرير سياسي له.
أن التكرار المستمر لبعض المفاهيم قد يجعلها مقبولة ذهنيا لدى الناس، وإذا استمر الصمت الأردني الرسمي طويلا على فكرة وجود دور أمني أردني في الضفة الغربية فهذا قد يؤدي إلى ترسيخ الفكرة في الأذهان وإعطاء انطباع وكأن الأردن موافق ضمنيا على هذا التوجه. وهنا لا بد من وجود دور للمؤسسات الشعبية في شن حملة رفض شعبية وإعلامية واضحة إذا واتصلت الحكومة صمتها فهذه المسألة ليست خاضعة لتباينات واجتهادات سياسية بل تمس صميم استقلالية ورسالة ودور الدولة الأردنية.
لا أعتقد أن ثمة عائلة أردنية واحدة ستوافق على إرسال أحد أبنائها ليقف في وجه الجماهير الفلسطينية، لأن مصلحة الدولة الأردنية والعلاقة بين الشعبين تدعو إلى عكس ذلك تماما، ولا يمكن السماح بتوريط أنفسنا بهذا الدور المرفوض رسميا وشعبيا برغم كل الضغوطات الإسرائيلية أو الأميركية.
هناك العديد من الوسائل التي يمكن بها مواجهة هذا الدور، منها ما هو سياسي يتمثل في الرفض الرسمي المعروف، ومنها ما هوتشريعي يتمثل في قيام مجلس الأمة الأردني بالمصادقة على قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية الذي صدر في العام 1988 ولم يمر بعد في قنواته الدستورية ولا بد من أن يصبح قانونا أردنيا نافذا تماما لأن وجود خالة فك الارتباط السياسي وبقاء الارتباط التشريعي قد تشكل مدخلا لتسرب توجهات مشابهة للدور الأمني المزعوم والذي يخطط له شارون لتوريط الأردن وفتح المجال أمام مواجهة غير محمودة بين الأخوة.
كما أكدنا فهذا ليس توجها سياسيا يقبل المناقشة أو التحليل أو القيام بعملية "دراسة جدوى اقتصادية" له كما في بعض المواقف الأخرى، لأن المخطط يمس مصير الدولة الأردنية ورسالتها ولا خيار إلا الرفض التام والقطعي لوجود اي جندي أردني في الأرض الفلسطينية فعلى الجيش الإسرائيلي أن ينسحب تاركا السيادة لمن يختاره الشعب الفلسطيني وبدون اية شروط أو مراحل انتقالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة