الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مذكرة اعتذار

نزار بيرو

2009 / 11 / 26
الادب والفن


مذكرة اعتذار

كـان يعتقد في ما مضى ، ان طيور البط ، حيوانات تفتقر إلى الحيلة و قلة الفهم و الإرادة . وهذا الاعتقاد كان قد ترسخ لديه منذ زمن بعيد ، وحملهُ معه منذ أن ترك موطنه وقصد الحرية والديمقراطية في مكان آخر من هذا العالم . وفي تلك البلاد ، وعندما كان يتمشى على ضفاف بحيراتها الجميلة و يصادف جموع هذه الطيور، وهي تسبح في مياهها الزرقاء ، وعندما كان يقترب منها ، تتجمع مع بعضها ، والتي تكون في المقدمة تصيح بأعلى صوتها وتسبح وهي تطير، ويتبعها البقية مرددين نفس صياحها ، و كانُ يملئون بصياحهم المكان ، عندهـا كان يـهز رأسه و يقول " كم هي بلهاء وعديمة الفهم تلك الطيور " وبقى هكذا إلـى ذلك اليوم الذي قرر فيه المعلم في مدرسة اللغة أن يأخذهم في نزهة ، و يكون درسهم لذلك اليوم عن الطبيعة . وعندما أصبحوا على ضفاف بحيرة جميلة، تتوسط غابة كثيفة بالأشجار، عندها بدأ المعلم درسه وقال " موضوع درسنا لهذا اليوم هو الحياة الطبيعية ، و ستكون هذه الطيور الجميلة و التي تسمى بـ " البط البري " هو موضوع الدرس " . وعندما سمع ما قاله المعلم ، قال محدثا نفسه" اعـتقد أن المعلم سوف يتحدث و قبل كل شي عن قلة فهمها وبصيرتها " بدأ المعلم يذكر اسمها العلمي ، و أنواعها، و ماذا تأكل ، و كيف تعيش ، و بعدها ذكر المعلم " في نهاية خريف كل سنة ، تترك هذه الطيور موطنها هنا قـرب القطب الشمالي لتبدأ رحلتها الطويلة إلى أفريقيا ، وفي الربيع تعود ثانية إلى هـنا " و استمر المعلم بالحديث ، و زمـلائه يستمعون إليه . أما هو فأصبح له جناحان ، و طار مع هذه الطيور في رحلتهم الطويلة . في البداية مرُ فوق بحر البلطيق ، الذي يفصل دول شمال أوروبا عن دول وسطها و جنوبها . و بعد أن اجتازُ دول أوروبا ، و البحر المتوسط مرُ فوق الاهرامات ، وبلاد الفراعنة ، و بـلاد النوبة ، ومنابع نهر النيل إلى أن وصلوا بلاد السود و أكواخ الحصير ومملكة الحيوان في أفريقيا ، وبعدها بدأُ رحلة العودة ، وأصبح مـع زملائه ثانية ، حينها كان قد تـرك المعلم و زملائه ضفاف البحيرة . فظل في مكانه محدقا تلك الطيور و يفكر بكل تلك السنين وهو يحتقر هذا الكائن الذكي ، ويصفه بقلة الحلية و الفهم و الإرادة . وكان يقول مع نفسه " ما يملكه هذا الطائر من الحيلة و الفهم في رأسها الصغير ، لهو اكبر من ما هو موجود في رؤوس الكثيرين من البشر ، والذين هم مقيدي الإرادة و يضعون بأمانيهم و آمالهم و مستقبلهم في ذات شخص . لو كان هذا الفهم وهذا التدبير ، في رؤوس هؤلاء البشر ، عندها كان ستزول تمنياتهم ، ويتحقق كل آمالـهم و طموحاتهم " ومنذ ذلك اليوم و في كل مـرة كان يقترب من جموع هذه الطيور ، يقف إجلالا و احتراما لها ، و في كل مـرة كان يقـدم اعـتذاره .

نـزار بـيرو
[email protected]

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض


.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار




.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة


.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن




.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع