الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مليون نسخة من رواية -أوروخ- مجانا بالمكتبات العامة في هولندا

نجاة تميم

2009 / 11 / 26
الادب والفن


بمناسبة انطلاق التظاهرة الثقافية الوطنية تحت عنوان"هولندا تقرأ" والتي تقام من 23 تشرين الأول (أكتوبر) إلى غاية 20 تشرين الثاني (نوفمبر)2009، اختيرت رواية "أوروخ" للكاتبة الهولندية هيلا هاس لتكون هدية مجانية خلال هذه التظاهرة. والغاية من ذلك هو طرح موضوع الرواية، الذي ما زال شائكا، للنقاش في كل مكان وكذلك في المحافل الأدبية المقامة خصيصا لذلك. ففي عام 1948، اختيرت هذه الرواية، وهي أول رواية لهيلا هاس، من بين تسعة عشر عملا لكتاب آخرين، لـ "أسبوع الكتاب" ووزعت منها 145 ألف نسخة، مجانا، آنذاك، عند شراء كتب بمبلغ معين. أما هذه السنة فقد طبعت بالتحديد 923 ألف نسخة منها لكي توزع على المكتبات العامة بالمجان. ولقد سبق للكاتبة أن كتبت خصيصا لأسبوع الكتاب عام 1959 رواية بعنوان "هذا ما لا أعرفه أنا أيضا" وقصة "ترانزيت" عام 1994.
وقد جرت العادة منذ عام 1932، في هولندا، أن يكلف كاتب أو كاتبة بكتابة رواية أو قصة أو بحث ضمن موضوع محدد سلفا لنشره خلال أسبوع الكتاب. ونفس العملية تطبق على "أسبوع كتاب الطفل" منذ عام 1955. ويكون هذا العمل هدية أسبوع الكتاب الذي يقام مدة عشرة أيام في شهر آذار (مارس) من كل سنة ، ويقام أسبوع كتاب الطفل في شهر أيلول- تشرين الأول (سبتمبر- أكتوبر) من كل سنة أيضاً. أما فيما يخص التظاهرة الثقافية "هولندا تقرأ"، فقد كانت رواية "اللعبة المزدوجة" لفرانك مارتنيوس أريون قد دشنت هذه التظاهرة لأول مرة في هولندا عام 2006، وتلتها رواية "الفصل السعيد" للكاتب تيو تايساﱟ عام 2007. والعام الماضي، اختيرت رواية "امرأتان" لهنري مولش، الذي يعتبر من الكتاب الأربعة الكبار في هولندا. ووزع منها ما يقرب المليون نسخة.
أما سر رواية "أوروخ" فيكمن في منشأ الروائية هيلا هاس. ولدت هذه الأخيرة بمدينة « بتافيا»، عام 1918، من أب مفتش عام بالإدارة المالية وأم عازفة بيانو. كبرت هيلا وترعرعت بجزر الهند الشرقية، المستعمرة الهولندية سابقا ، اندونيسيا حاليا . وهناك أكملت تعليمها الابتدائي والثانوي. وبعد حصولها على شهادة البكالوريا، غادرت إلى هولندا لكي تكمل دراستها الجامعية بمدينة « دلفت». يعرف عن الكاتبة غزارة إنتاجها، حيث يوجد أكثر من ستين عملا تحت اسمها؛ منها 25 رواية، سير ذاتية عديدة، بعض القصص والحكايات، عديد من المسرحيات ومجموعة من البحوث.
يمكن تقسيم أعمالها إلى ثلاث مجموعات: الأولى تشمل أعمالا خيالية- معاصرة ، والثانية تاريخية ، والثالثة أندونيسية. وهي من الكتاب القلائل الذين ترجمت كل كتبهم إلى اللغة الفرنسية. وما زالت تقطن فرنسا منذ 1981 وكان معها زوجها الذي توفي عام 2008 وقد صدرت أعمالها في عشرين بلدا. كما حازت في هولندا على جوائز عديدة وشهادتي دكتوراه فخرية. وتعتبر من الكتاب القلائل الذين غمروا باهتمام كبير في فرنسا حيث مُنحت أعلى الأوسمة الفرنسية عامي 1995 و 2000. وفي عام 2004، تسلمت من "بياتريكس" ملكة هولندا جائزة الأدب الهولندي" عن مجمل أعمالها في احتفالية كبيرة.
نعود إلى رواية "أوروخ" التي صدرت في شهر شباط (فبراير) عام 1948، وصادف صدورها مطالبة اندونيسيا بالاستقلال وقد جاء اختيار لجنة التحكيم لـ "أسبوع الكتاب" لهذه الرواية ليدعم ذلك. وكان رد فعل الشارع بين معارض ومؤيد لاستقلال اندونيسيا.
"كان أوروخ صديقي". هكذا تستهل روايتها التي تبدو لأول وهلة وكأنها قصة صداقة حميمة بين طفلين؛ الشخصية الرئيسة "أنا" من أب هولندي موظف إداري و أوروخ من السكان المحليين. عاش الطفلان في الوسط الشاعري لجزر الهند الشرقية دون حدوث تصدع في صداقتهما إلا أحيانا عندما يستضيف البطل "أنا" زملاء هولنديين. فيضطر أوروخ للانسحاب ومراقبتهم من الحديقة. لكن التصدع الحقيقي يبدأ بعد أن أكمل الشخصية الرئيسة دراسته في هولندا وعاد إلى جزر الهند الشرقية للعمل هناك.
فكان موقف أوروخ كالتالي : فهو مع شعبه وضد المستعمِر و حتى ضد صديقه، هذا ما يبدو للراوي الشخصية الرئيسة "أنا". لم يستطع هذا الأخير أن يتفهم لا موقف أوروخ ولا موقف "ليدا"، الممرضة الهولندية التي تبنت قضية أوروخ وساعدته ماديا ومعنويا لكي يصبح طبيبا ويساعد السكان المحليين، كما أنه لم يستوعب التغيير الذي حصل لصديق طفولته. مما جعل الشخصية الرئيسة تتساءل عما إذا أصبح غريبا تماما عن البلد الذي ولد وترعرع فيه.
إن رواية "أوروخ" تنتمي إلى أدب ما بعد الاستعمار. فهي تعالج المشكلة الأساسية المتعلقة بنزاع الهوية. لقد أثارت هذه الرواية عام 1948 ضجة وأحدثت انقساما في صفوف الرأي العام. يضيف (غبنسن تيالي) المناصر للقضية الأندونيسية أن هيلا هاس كامرأة هولندية بيضاء لم تكن تعي الكثير عن العلاقات الاستعمارية. أما باميلا بتينما، أستاذة كرسي بقسم الأدب والثقافة الهولندية الأندونيسية بجامعة أمستردام والتي هي بصدد الكتابة حول ذاكرة ثقافة ما بعد الاستعمار، فإنها تجد أن هيلا هاس وبعد 54 سنة على كتابة رواية "أوروخ" استدركت أخيرا وأصدرت رواية بعنوان " فتحة القفل" عام 2002 وذلك لكي تعيد الاعتبار لقراء "أوروخ" الذين وجدوا أنفسهم في شخصية أوروخ وما تحمله من ملامح الثقافة الاستعمارية. وبالإضافة إلى هاتين الروايتين، فقد كتبت هيلا هاس رواية ثالثة؛ "رجال الشاي" عام 1992، وهي مستوحاة من الثقافة الإندونيسية والتي اعتمدت فيها على مصادر تاريخية تتعلق بالاستعمار في القرن التاسع عشر.
فمن يقرأ روايتي "أوروخ" (1948)، و"فتحة القفل" (2002) مرورا برواية "رجال الشاي" (1992) يجد أن الكاتبة استطاعت أن تساهم بكتاباتها في المحاولة الوطنية للتخلص من أعباء الماضي الاستعماري الهولندي وفي تعزيز نوع من المصالحة مع الآخر ، ويتجلى ذلك في إصدار ترجمة رواية "أوروخ" لأول مرة في إندونيسيا، هذا من جهة ومن جهة ثانية تكليف الكاتب والروائي الهولندي، من أصل مغربي، عبد القادر بن علي بكتابة بحث ونشره بهذه المناسبة حول "التعايش داخل الثقافات المتعددة".














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع