الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التمرد في الجيش الاسرائيلي .. تناغم بين السياسة والدين

محمد أبوشريفة

2009 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


أثارت ظاهرة تفشي الاعتراض السياسي في الجيش الإسرائيلي جدلا واسعا داخل دوائر صناعة القرار في تل أبيب. حيث تزايدت الأصوات الرافضة لإخلاء المستوطنات من قبل الجنود الإسرائيليين المحسوبين على التيار الصهيوني المتدين، وتمثل ذلك في قيام ستة جنود من كتيبة «نحشون» التابعة لـ«لواء كفير» المكلف المهمات الأمنية في مستوطنات الضفة الفلسطينية برفع لافتة (16/11) فوق مبنى غير شرعي أخلته الشرطة الإسرائيلية قرب مستوطنة جنوب مدينة الخليل المحتلة أعلنوا فيها رفض الكتيبة إخلاء البؤر.
ويحيل بعض المراقبين تفاقم هذه الظاهرة وسط المستوطنين المتطرفين دينيا منذ العام 2005 ، وويعتبرونها امتداد طبيعي لسلوك مماثل اتبعه الجنود الإسرائيليين إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان في العام 1982، حيث كانوا يرفضون أداء الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة. وكان معسكر اليسار هو من يتصدر الاحتجاجات السياسية بهذا الشأن وذلك بفعل عدة عوامل منها دعم الكيبوتسات والأحياء الراقية في المدن للنخب القيادية في الجيش الإسرائيلي. وبحسب المراقبون فإن هذا الثقل انتقل من اليسار إلى اليمين بحكم تسارع وتيرة الاستيطان وزيادة عدد المستوطنين وانتقال مركز الجيش من الكيبوتسات والأحياء الغنية إلى المستوطنات والمدن والضواحي الجانبية. وترافق ذلك أيضا مع تطورات جوهرية عززت من وجود المد الديني، وتمكن طلاب المدارس الدينية العسكرية من تولي مناصب قيادية في الجيش والوحدات المقاتلة.
عقيدة راسخة
حذر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من أن «ظاهرة الرفض والعصيان ستؤدي إلى انهيار الدولة.. ما من شأنه أن يعرض الدولة إلى الانهيار» وأكد بأن القيادة «لن تسمح بذلك بأي شكل من الأشكال»، وأضاف «أننا نعيش على الجيش، والجيش يقوم على الحق في إعطاء الأوامر والحق في تنفيذها».
ومن الملاحظ ان تحذيرات بيبي للمتمردين داخل الجيش الإسرائيلي لم تتجاوز الخطوط الحمراء للإستراتيجية العسكرية والأمنية الإسرائيلية التي وضعها ديفيد بن غوريون مؤسس الكيان الإسرائيلي، وكانت تنص الخطوط الحمراء على أن إسرائيل تخوض صراع وجود ضد أعداء يحيطون بها ويسعون لوضع حد لهذا الوجود. وأنه لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على جهة أو جهات خارجية لضمان وجودها، وأن العامل الذاتي الإسرائيلي وفاعليته له القول الفصل في وجود الدولة ، وبناء عليه يتم إقناع الدول الكبرى بتقديم الدعم لإسرائيل، كما أنه ليس في مقدور إسرائيل فرض حل للصراع على الدول العربية بالقوة العسكرية. غير أنها أكدت في الوقت ذاته أن بإمكان القوة العسكرية تحقيق أهداف سياسية مختلفة.
ومن نافل القول إن تاريخ الحروب العدوانية الإسرائيلية عزز من تنامي مفهوم العقلية العسكرية لدى النخب القيادية وتبنيها عقيدة عسكرية هجومية تعتمد على مفاهيم الردع و«الضربة الاستباقية». و«الحرب الوقائية»، و«نقل المعركة إلى أرض العدو». وتقصير فترة الحرب، وإرغام «العدو» على قبول وقف إطلاق النار في الوقت المناسب لإسرائيل لتجنب حرب استنزاف طويلة.
واتفقت قيادات الجيش الإسرائيلي وبمباركة وزير الدفاع إيهود باراك على أنه «يجب الضرب بيد من حديد لكل من يحاول التمرد على الجيش الإسرائيلي». ونقلت وسائل الإعلام العبرية عن مسؤولين عسكريين مخاوفهم من أن تؤدي هذه الظاهرة إلى تمرد وعصيان حقيقي لا يمكن السيطرة عليه، وحذروا من أن العقوبة التي تفرض على المتمردين لا تردعهم، خاصة أن جهات يهودية متطرفة تشجع على هذا الأمر وتقدم المنح والهدايا المالية لكل جندي يرفض الأوامر.
وقد طالب النائب من حزب العمل ايتان كابل القيادة العسكرية بالتعامل مع هذه الاحتجاجات «بقبضة من حديد»، ودعا الناطق باسم المعاهد الدينية العسكرية الحاخام دافيد ستاف قيادة الجيش إلى «التصدي بحزم للجنود الذين عبروا عن مواقف سياسية».
من جهته، قال رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي إن «الجيش يتعامل بقبضة متشددة في معالجة الظاهرة».
وكتب المعلق العسكري في «يديعوت أحرونوت» (17/11)، أليكس فيشمان محذرا من أن «عدم استئصال هذه الظاهرة سيكلف الجيش ثمنا باهظا»، وأضاف أنه «ينبغي على رئيس أركان الجيش الجنرال غابي اشكنازي التحرك فورا لوضع حد للفوضى السائدة في مستوطنات الضفة الغربية، وحماية الجيش من التدهور في منزلق خطير نحو التسييس .. حتى إن تطلب الأمر «إجراءات فظة».
تشريعات قانونية
من المرجح أن هذه الظاهرة ستقود إلى سن تشريعات قانونية ذات صبغة سياسية، إذ جرى الإعلان (16/11) عن أن 15 عضو كنيست من المؤتلفين والمعارضين تقدموا بمشروع قانون يقضي بعدم تكليف الجيش بمهمة إخلاء مستوطنات.. وأشار البعض منهم إلى أن «شرطة إسرائيل هي الموكلة بتنفيذ كل مهمام فرض القانون وليس الجيش».
ومن خلال ما يجري من تطورات سياسية تتعلق بالشأن الداخلي والخارجي الإسرائيلي، يرى البعض أن ما يحدث من احتجاج سياسي في الجيش الإسرائيلي ليس أكثر من مسرحية تضليلية هدفها ذر الرماد في عيون الرأي العام العالمي.
حيث تريد إسرائيل إيصال رسالة إلى إدارة أوباما مفادها أن نتنياهو يواجه صعوبات جمة في قضية تجميد الاستيطان. وإخلاء البؤر الاستيطانية «غير الشرعية» والتي وعد بإزالتها، كما أن هذه الرسالة لا تستثني الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حيث تحمل في طياتها تهديدا وتحذيرا من أي إعلان فلسطيني أحادي الجانب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الـ67، سيواجهه فوضى وانفلات استيطاني خطير. والمتابع جيدا يدرك أنه في الوقت الذي تهدد فيه حكومة نتنياهو الجنود المتمردين، تقوم ببناء عشرات آلاف الشقق السكنية للمستوطنين في القدس الشرقية المحتلة، في الحي الاستيطاني (جيلو). وذلك لتحقيق أهداف سياسية استيطانية احتلالية بحتة. وما يجري من تمرد في الجيش لا يعدو كونه تكتيكا يأتي في خدمة الثابت الاستراتيجي للدولة وهو الانصياع للعقيدة الأمنية والعسكرية التي باتت تكلف إسرائيل 30% من مجمل ميزانيتها. والتي بلغت في العام الماضي 304 مليار شيكل، لتكون الميزانية الأكبر في تاريخ إسرائيل، وتبلغ ميزانية الأمن 45 مليار شيكل (11مليار دولار)، وسترتفع إلى 52 مليار شيكل بفعل الدعم الأميركي العسكري.#








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج


.. مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة | #راد




.. نتنياهو يزيد عزلة إسرائيل.. فكيف ردت الإمارات على مقترحه؟


.. محاكمة حماس في غزة.. هل هم مجرمون أم جهلة؟ | #حديث_العرب




.. نشرة إيجاز - أبو عبيدة: وفاة أسير إثر قصف إسرائيلي