الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من سطور تشافيز: استبدلوا الحلف على شبح الشيوعية بشبح التشافيزية

فنزويلا الاشتراكية

2009 / 11 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كتب الرئيس تشافيز في سطوره في مقال تحت عنوان "سيمون العواصف": "عبارة كارل ماركس في بيان عام 1848 لا تخلو من السخرية الأنيقة: هنالك شبح يجول أوروبا-شبح الشيوعية. بعد 160 عاماً، برجوازيو هذه القارة، باستخدام مؤسساتهم، وسائل إعلامهم غير الأخلاقية، مراكز دراساتهم.. قد خلقوا شبحاً جديداً والآن جعلوه يجول في هذه القارة. ما عادوا يسمونه الشيوعية، ولا حتى الاشتراكية، لقد أسموه التشافيزية. و"جماعة كلاب الصيد المقدسة" قد اتحدت للقضاء على الخطر. التشافيزية أدانها القادة الكاثوليك وتستخدم كسلاح في الحملات الانتخابية، وتتهم بأنها السبب في تعطيل عمليات التكامل التجاري، كما أنها تستخدم لإخافة مجتمعات البرجوازيات الصغيرة ولابتزاز الحكومات. لكن خلف هذه العملية الهائلة توجد يد إمبراطورية اليانكي وجحفلها العظيم من الفئات البرجوازية."

كتب الرئيس تشافيز هذه السطور قبل وقت من انطلاق حملة عنوانها "لا مزيد من تشافيز" منظموها "أفراد" استخدموا مواقع الشبكة الالكترونية الاجتماعية للتنسيق بين عدد هائل من "الأفراد الآخرين" في عدد من مدن أمريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية وأوروبا لتنظيم مظاهرات حاشدة للتصدي للشبح الذي صمموه بأنفسهم بالذات. والحشد لم يكن-على الإطلاق-كما توقعوا وروّجوا ليبرروا لاحقاً بأن "النوعية هي الأهم"!

التحالف الجديد، لمواجهة النهوض الثوري في أمريكا اللاتينية ليس تحالفاً لمواجهة مشاعر تحررية تنتشر وبقوة وتطالب بالاستقلال والتوقف عن التبعية المطلقة، فالمسألة هي كل ذلك ولكن أساسها الذي لا يعتمد على المزاجات والتأجج العاطفي هو كما يصفه الرئيس تشافيز في مقال تحت عنوان "قوانين عنيدة.. قوانين ثورية!" بأن: "مسيرة النضال الطبقي لا يمكن إيقافها، ولو كان في فرنسا، عام 1789، وقت البرجوازية التجارية فإن الآن هو وقت شعب أمريكتنا الحافي ليضع بصمته." فقد ينجحوا في عرقلة عملية التحويل الثوري كما نجحوا في عقود سابقة في أمريكا اللاتينية، إلا أنها في كل مرة تعود، لأنها ضرورة تستمر مع استمرار التاريخ، وفي كل مرة تكون أقوى، بفضل الخبرات المتراكمة والتي وإن كانت لا تزال قليلة لحد لا تشكل معه وعياً كافياً للوصول لنقطة اللاعودة. نعلم أن الوعي تشكله الخبرة المستخلصة من التجربة والتجربة نخوضها بدافع لا واعي وهو "العنصر العفوي". يقول لينين "إن العنصر العفوي ليس في الجوهر غير الشكل الجنيني للوعي"، وهذا العنصر العفوي-الدافع العفوي-أساسه غالباً معيشي-اجتماعي والراجح أن تستغله طبقة غير الطبقة التي اندفعت عفوياً مستغلةً غياب الوعي لدى الأخيرة ناشرةً بعضاً "من الغطاء الفوقي" سواء كان دينياً أو وطنياً أو غير ذلك لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب غيرها. مما يعني أن عدم اكتمال الوعي يضيع الفرصة في كل مرة يعود التاريخ فيها ليطرح إمكانية بناء المجتمع الجديد.

وبما أن الانتظار لتمر تجارب وتجارب أخرى، مراراً وتكراراً، على أمل ازدياد رصيد التجربة لدعم الوعي، سيعني الانتظار طويلاً، بما أن عملية تراكم الوعي تقابلها عملية معاكسة وهي تخريبه وتدميره ومحاصرته باستخدام وسائل الإعلام لتثبيت أفكار ما أو تمييع أفكار أخرى كمثال يطرحه الرئيس تشافيز في مقال تحت عنوان "مثل سوكر في أياكوتشو": "بعد محاولات عديدة فاشلة في التاريخ الإنساني، يصرون على أن اللجوء للحلم الاشتراكي يعني المراهنة على الطوباوية." فكلما تقدمنا خطوة يعيدونا خطوة للوراء ولأن التاريخ لا يدور حول نفسه ولا يقف في مكانه فإن التراكم مستمر إلا أن نوعه وبالتالي فاعليته وأهميته عرضة للتلاعب مما يسهل وينجح بإبطاء وتأخير المسير نحو المجتمع الجديد، المجتمع الاشتراكي الذي يرى الرئيس تشافيز في هذا السياق بأنه يحتاج لإجابات عن خمس أسئلة رئيسية، أولها "مَن" أي من هو الشعب الذي يمتلك من العوامل ما يتمم العنصرين العفوي والواعي مهما اختلف مقدارهما لينطلق باتجاه عملية بناء المجتمع الاشتراكي؟ فيقول في ذات المقال: "إنه لمن المهم أولاً تحديد.. أولئك الذين سيجعلون الاشتراكية ممكنة..التركيب الثقافي والروحي للرجال والنساء الذين يتولون التحدي التاريخي بالمضي بتحقيق الممارسة المستقلة للسلطة الشعبية. إنه أمر حاسم للجنس البشري.." الأولوية التي منحها كارل ماركس لأوروبا الصناعية أو لأمريكا الشمالية لتشهد انطلاقة الثورة الاشتراكية كان أحد أساساتها هذا المنطلق، فتطور علاقات الإنتاج رافقه بشكل حتمي رفع للسوية الثقافية للبروليتاريا ومعها إدراك واستيعاب لما هو قائم ولما يجب القيام به. فسؤال "من"، من سيقوم بالثورة الاشتراكية جوابه كان لدى ماركس البروليتاريا في الدول الرأسمالية المتقدمة استناداً لعوامل عدة أهمها "لمستواها الثقافي" وإن لم يحدث ذلك، كما نبه ماركس بنفسه في رسالة لأنجلس في عام 1858: ".. إن الثورة قريبة في القارة.. ولكن ألن تسحق حتماً في هذه الزاوية الصغيرة مادام المجتمع البرجوازي يواصل حركته الصاعدة في رحاب أكبر بما لا قياس له؟" فالذين سيكونون معتمدين على "اكتمال" الوعي لن يقوموا بالثورة-حتى الآن على الأقل، وإن أخذنا باكتمال الوعي كعنصر لازم لانطلاق الثورة واستمرارها فإننا كمن يقول بأنه لن تقوم ثورة!
ويتابع الرئيس تشافيز "في هذا السياق، نعتمد على أفضلية عظيمة: إرث المحرر الذي يحتوي القوة والأخلاق كأسس لا لأن يكون فنزويلياً فحسب، بل أيضاً للروح التي تحوّل التاريخ." فتاريخ الشعب الفنزويلي الحديث مليء بنضالات على كافة المستويات التحررية بدءاً بتضحيات في سبيل الاستقلال ومن ثم الديمقراطية وصولاً للكركاسو وما شكلته تلك الأحداث من تعبير عن المطلب الاجتماعي الذي تبلور ليغدو اشتراكياً وليس بفضل الوعي فحسب، الذي تراكم لحد كبير لدى الفنزويليين خاصةً-لكنه ظل لا يكفي، بل بفضل التركيب الثقافي للشعب الفنزويلي الذي كان "محظوظاً" بطبيعة وشكل نضالاته المتنوعة التي قلما توجد في تاريخ شعوب أخرى، ليكونوا قادرين على "الاندفاع" بمطالبهم-بشكل عفوي في مراحل سابقة استناداً للنزعة الاستقلالية والديمقراطية والاجتماعية ليسيروا بطريق الاشتراكية "عفوياً" وليشكلوا رغم قصر مدة تلك المسيرة جداً المزيد من الوعي لكي لا تضيع هذه الفرصة التاريخية وحتى وإن ضاعت ليكونوا أفضل بما لا يقاس في المرحلة المقبلة بما يكفي للتصدي للتخريب الموجه للوعي المتراكم من نضالات وتضحيات هذا الشعب.

أما السؤال الثاني المتعلق بالاشتراكية، فهو "أين"، أين توجد الاشتراكية؟ ولا نعني هنا القطر أو المجتمع، فإجابة "من" تحدد تلك المسألة-فإن أي مجتمع وأي بلد يكون قد تحدد مسبقاً. لكن "أين" يقصد بها :أي الأماكن؟ ويجيب الرئيس تشافيز "ما من مكان يجب أن يكون غريباً بهذا المعنى. كل مكان يمكن أن يرتقي من ناحية المبادئ الاشتراكية يجب أن يؤهل ويجسد بالممارسة الاشتراكية الفعلية. يجب أن ننعش بروح الإنصاف والممارسة المعامل والحقول ومراكز الصيد والجامعات والمدارس والشارع والباريوس يجب ألا يكون هنالك مكان حيث لا تجدي المبادرة الاشتراكية نفعاً. كل إنسان ملتزم بشكل تام بتوريث ورثته وطن اشتراكي حق، عليه أن يغدو مقاتلاً لا يتعب في معركة الحياة هذه."
"كيف" أي ما هي الأدوات اللازمة لـ"..وضع القوة في يد الشعب. العدالة ستتحقق فقط بإعطاء السلطة للشعب." يقول الرئيس تشافيز في سطوره محدداً الأدوات "التي نطورها بتعزيز المجالس العمومية وبولادة الكومونات الاشتراكية، علينا أن نركز وبدقة على إستراتيجية هذه المنظمات حتى تبلغ مرحلة تتجاوز فيها التغييرات الثقافية نحو الأفق الاشتراكي." أدوات الدولة الرأسمالية بشكلها القديم لا يمكن أن تكون نافعة باتجاه التغيير الاشتراكي، فاستخدام أجهزة الدولة القديمة في عدد من المجالات هو شيء، والاعتماد عليها كليةً والادعاء بأنها باتت دولة اشتراكية مفيدة وتكفي للمضي في تحقيق المهام هو شيء آخر تماماً، لا يمكن أن يوصل إلا للعودة للرأسمالية عاجلاً أم آجلاً كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق.

"إنه لمن الضروري أن نعرف ما الذي يجب تحويله (نقله) في هذا التحول نحو الاشتراكية." ويؤكد الرئيس تشافيز بأنه "ما من شك بأن علينا أن نمضي نحو تفكيك واضح لكل أشكال الاضطهاد التي لا تزال موجودة في تقاليد النظام الرأسمالي الذي يحيط بنا." وبالتالي يجيب الرئيس تشافيز عن سؤال "ماذا"، ما الذي يجب أن يشهد عملية التحويل والانتقال الاشتراكي؟ "ملكية وسائل الإنتاج وفي الإدارة الإجرامية لعلاقات العمل (علاقات الإنتاج) في البنية الإنتاجية السائدة." فأي رفع للسوية الثقافية والتعليمية لن يكون ذي جدوى كما أنه لن يكون ممكن بشكل حقيقي وعملي وفعّال ما لم يكن هنالك أساس مادي يقوم عليه ويطلب وجوده كضرورة مادية تاريخية، وكما أشار الرئيس تشافيز ونبه كثيراً بأن تغيير ملكية وسائل الإنتاج لا يعني تغييراً اشتراكياً مالم يرافقه تغيير ثوري في علاقات الإنتاج والتخلص من الآثار الرأسمالية المزروعة في كل غرفة حكومية وتلطخ كل جدار، ولذا كان التركيز على شكل الملكية، بجعل ملكية وسائل الإنتاج اجتماعية للتخلص من أعباء الماضي وما يمكن أن ينتجه الحاضر من أعباء للمستقبل فـ"التقدم بالاشتراكية يعني رفع عبء الهيمنة من على كل المساحات الإنسانية. ليتمكن الحكم الذاتي والاستقلال الحقيقي أن يحكما."

وأخيراً، يتساءل الرئيس تشافيز "كم من الوقت سيتطلب خلق شروط العيش الاشتراكي، وأجيب دون أدنى شك: سنستغرق حياةً كاملةً لإتمام هذا العمل السامي." فلا امتناع عن الإجابة عن سؤال قد تبدو إجابته غايةً في الطوباوية، إلا أن "الحياة الكاملة" لا طوباوية فيها، فما دمنا لم نبلغ المجتمع الاشتراكي فهذا يعني أن النضال مستمر حتى إشعار آخر، ولكي لا نوهم أنفسنا فعلينا أن نكون على يقين بأن المسيرة طويلة وما نفعله هو تمهيد وتهيئة لما يمكن أن تستمر الأجيال القادمة في نضالها مستندة إليه. وحذر بذات الوقت من المماطلة والتأخير وبضرورة التمييز بين "الضروري والملح" ويطالب الرئيس تشافيز بأن "سوياً علينا أن ندفع بالتغييرات وعلينا أن نفهم أن مطالب شعبنا المقدسة لا تحتمل المزيد من التأخير."

فإذاً، عملية البناء الاشتراكي تتطلب الإجابة عن أسئلة خمس، كما ورد في مقال الرئيس تشافيز "مثل سوكر في أياكوتشو":
1- من: من هو الشعب الذي يمتلك من التركيب الثقافي بفعل تراكماته التاريخية ما يكفيه للاندفاع في ظل ظروف موضوعية أتاحت له التقدم رغم أن وعيه لم يكتمل بعد؟ وفي هذه المرحلة التاريخية الإنسانية تكون الإجابة هي الشعب الفنزويلي.

2- أين: أين يمكن أن تتواجد الاشتراكية وترتقي بأماكن تواجدها وترتقي هي الأخرى بها؟ والإجابة بحسب الرئيس تشافيز هي كل مكان بدءاً بالمنزل مروراً بالجامعات والمدارس وصولاً لأماكن العمل.

3- كيف: كيف سنسير بعملية التحول الاشتراكي، بأي أدوات؟ وهي المنظمات الشعبية والاجتماعية الناشئة والمتطورة والناشطة في كل مجتمع بحسب الظروف الخاصة به تحديداً فهذه المنظمات قادرة على فعل ما تعجز عنه أجهزة الدولة التقليدية.

4- ماذا: ماذا سننقل خلال عملية التحول الاشتراكي؟ وهنا أيضاً المسألة عامة لا تخص مجتمعاً بعينه، فلا تحول اشتراكي دون تغيير شكل ملكية وسائل الإنتاج نحو الاجتماعي وبالتالي تبديل علاقات الإنتاج السائدة.

5- متى: متى سنبلغ المجتمع الاشتراكي؟ والإجابة واضحة، من يناضل لبلوغ المجتمع الاشتراكي عليه أن يكون واعياً لأن الرحلة ستستغرق عمره كاملاً ليورث لأبنائه ما يستحق أن يعيشوا لأجله.

ويختم الرئيس تشافيز المقال كما يختم مقالاته عادةً "الوطن، الاشتراكية أو الموت!"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لنتعلم كعرب معنى الشيوعية
بحراني ( 2009 / 11 / 26 - 16:31 )
يقدم هذا المقال درس بليغ في الإنسانية الشيوعية .. إبتداء من اللاوعي حتى حتى مجتمع الإخاء الإنساني
تحيا الإشتراكية ، تحيا نضالات الطبقة العاملة حاملة لؤاء الأخوة الإنسانية
و نحو مجتمع الإخوة سنقدم حياتنا...

اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية