الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقسيم العراق من يعمل له ومن يعمل ضده؟؟

خالد عيسى طه

2009 / 11 / 26
حقوق الانسان


هناك البعض ممن يجهل كيف تكونت الدولة العراقية وكيف كان يدار فيها الحكم ، ليس ابتداأ من انقلاب البكر – صدام عام 1968 إنما منذ أن صنع البريطانيون هذا الكيان وحشروا فيه أقوام وأجناس وأديان وطوائف ومذاهب لا عد لها ولا حصر، هذا البعض لا يكلف نفسه عناء قراءة تاريخ العراق وكيفية تكوينه فيفتعل الوطنية بإبداء الحرص على وحدة العراق المزعومة والبقاء على شكل الكيان السابق .


هذا البعض لا يدرك ماذا حل بالعراقيين في ظل دولتهم ( الموحدة ) ولا يعرف كيف أهدرت فيه الأرواح البشرية والموارد المالية.


الدولة (الموحدة ) هذه كانت تنظر إلى الشيعة وهم نصف شعب العراق، على أنهم غرباء وحرمت عليهم الدخول في مؤسسات الحكم وعرضتهم للتسفير والتهجير ومنعتهم ممارسة شعائرهم المذهبية وقتلت مراجعهم ثم استباحت دماء الشيعة في عصر صدام.


الدولة ( الموحدة ) يا سادة ، نظرت إلى الكرد ، وهم ربع سكان العراق ، نظرتها إلى الأعداء وحاربتهم بما تملك من وسائل وأرادت إبادتهم عن بكرة أبيهم وشرعت في الإبادة فألقت عليهم الغازات السامة ودفنت جموعهم في المقابر الجماعية في قلب الصحراء اللاهبة .


الدولة ( الموحدة ) لم تكن إذن دولة ثلاثة أرباع سكان العراق ، ولهذا أقامت هذه الدولة مأتما في كل بيت عراقي وجعل الطفل العراقي مديونا لحظة ولادته .


الدولة ( الموحدة ) كانت في حروب وصراعات وقتال ونزاعات منذ نشأتها وحتى سقوطها ، لم ينعم احد فيها بالأمان أو الرفاه .


كانت دولة السنة في بدايتها ثم أصبحت دولة حزب البعث ثم دولة عشيرة صدام ثم دولة صدام وولديه وحسب ، وعومل سكان العراق معاملة الأرقاء والعبيد ، سكان العراق كلهم من الشيعة والكرد والسنة .


سقط صدام وسقطت الدولة ( الموحدة ) وظهرت الحقيقة المرة، الحقيقة التي أفصحت عن صدق قول الملك فيصل الأول عندما قال، لا يوجد في العراق شعب، إنما مجموعات بشرية غير متجانسة تتناحر وتتصارع فيما بينها.


وبعد مرور ثمانون عاما أو أكثر اكتشفنا أن شعب العراق لم يتكون بعد ، لا زال هناك الشيعة الذين يتقدم ولاءهم المذهبي كل ولاأتهم الأخرى ، ولا زال هناك الكرد يعارضون أصلا إلحاق وطنهم بالعراق ولا يشعرون بالانتماء إلى الوطن الذي حشروا فيه عنوة ، ولا زال هناك السنة الذين يحسبون أن حكم العراق وقف عليهم وان الدولة العراقية قد صنعت لهم وليس للآخرين فيها من حقوق ، ربما لهم حق خدمة أسيادهم من نخبة السنة وبعكسه يكون الكردي متمردا والشيعي عميلا .


المجموعات الأخرى الدينية لم تكن يحسب لها الحساب كان عليها الطاعة ، مع أنه يجب أن نسجل لفترة صدام ميزة احترام العقائد الدينية أفضل من ( دولتنا الحالية ) بالنسبة إلى المسيحيين والازديين ، كان القمع يجري للمسيحي والازدي بسبب العرق القومي فقط ، أما الآن فالقمع ضدهم مزدوج حتى أن البعض يريد إخلاء العراق منهم.



دولتنا العراقية الحالية ، يا سادة يا كرام ، أجرت بعض الرتوش ووزعت مواقع السيادية ، رئيس جمهورية كردي ورئيس وزراء شيعي ، لكن الحالة بقت هي هي ، رئيس الجمهورية ينتمي ويقود حزب كردستاني قومي ، ولحزبه مثل الحزب الكردستاني الاخر اعتراضات على تكوين العراق وإلحاق كردستان به .



رئيس الوزراء ينتمي ويقود حزب شيعي خالص يشعر بالغبن في الماضي، وولائه مذهبي.



اكتشفنا أيضا ان الأحزاب هي صورة المجتمع العراقي المقسم ، أحزاب كردستانية لا تعمل حاليا على استقلال كردستان لكنها تتحين الفرصة المناسبة ، وإذا عرفت جماهير كردستان انها تفضل مصلحة العراق تنفض من حولها وقد تسقطها .


أحزاب شيعية رغم الاختلافات ، تلتقي تحت مظلة المراجع الدينية الشيعية ، هذه المراجع المذهبية التي تشعر ان الشيعة لحقهم الغدر من السنة وسلب الحكم منهم من أكثر من ألف عام ، أحزاب عندها الشيعي في جزر ( الواقواق ) يتقدم على كل باقي أهل العراق .



أحزاب سنية ، اغلبها من بقايا حزب البعث ، تلتقي جميعها في الإبقاء على ما كان والنواح على مميزات الدولة ( الموحدة ) التي كان فيها السني هو وحده السيد المطاع.



هذه الأحزاب ترى في محيطها العربي سندا لصراعها مع الكرد والشيعة وتدين بالولاء للدول السنية حتى وان أرسلت إليهم الانتحاريين ، أكثر من ولائها للعراق .



العراقيون جميعا يعرفون هذه الحقائق ويعرفون ان لا وجود لعراق موحد وليس هناك من يعمل لتحقيق هذا الهدف .


العراقيون يعرفون ان العراق مقسم واقعا وكان مقسما منذ ولادته ، لكن البعض يرفض التقسيم أو الاعتراف بالتقسيم .


هذا البعض يضع رأسه كالنعامة في الرمل حتى لا يرى الصياد خشية اكتشافها ! ، ومنهم بالطبع السيد رئيس الوزراء الذي قيل انه رفض قرار مجلس الشيوخ الأمريكي الذي اتخذه بثلثي الأعضاء في هذا الأسبوع والقاضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق فدرالية.


السيد رئيس الوزراء وهو في سدة الرئاسة نسي أهداف حزبه الدعوة الشيعي وسبب تأسيسه، وهو يحاط نفسه بمليشيات شيعية ولا يستطيع زيارة محلة سنية، والأصح لا يعترف بسلطاته مختار قرية سنية ولا مختار قرية كردية .


أصبح رئيسا للوزراء دون ان يصوت له كردي أو سني وأكاد اجزم انه لن يصوت في أية انتخابات قادمة ، كردي لقائمة عربية وبالعكس ، كما لن يصوت سني لقائمة شيعية أو بالعكس ، أمثل هذا ( الشعب ) يصنع وطنا موحدا ؟. ماذا يفيدنا الفرار من الواقع الذي لا يمكن تغييره ؟ .



قلنا العراقيون يعرفون الحقيقة لكن هناك من يرفض قرار مجلس الشيوخ الأمريكي ولا يريدون الاعتراف بالواقع وهم لا يخلصون للعراقيين ولا يودون ان تنتهي مأساتهم الكبرى ولا يفكرون إلا في مصالحهم الضيقة وكأن دماء العراقيين لا قيمة لها .



هؤلاء السادة لا يفكرون لماذا أصبح نصف سكان العراق مشردا والنصف الأخر مهدد بالتشرد ، لا ترعبهم المذابح والمجازر الرهيبة ، يفتعلون الوطنية الزائفة ويدعون إلى بقاء العراق موحدا ، وبمعنى بقاء هذه المجازر ، ومن الغرابة ان تكون هذه الجهات هي نفسها التي تصنع الدمار في العراق ومنها هيئة علماء المسلمين والتيار الصدري .



الذين يرفضون التقسيم هم اغلب الجماعات السنية التي تحلم بالماضي وتعمل على إعادته ، إعادة الحكم السني بدعم سني عربي ، هذه الجماعات هي في مقدمة الأطراف الخاسرة من رفض مشروع التقسيم لأنها وعندما يرحل الأمريكان ويستقر الحكم الشيعي بحكم أغلبيته والدعم الخارجي لن تجد من يمنحها حتى الإدارة الذاتية .



المجموعة الأخرى التي تخالف التقسيم هي التيار الصدري ومجموعات شيعية أخرى.
التيار الصدري لا يشبع غروره الفدرالية وحكم الشيعة وحسب انه يطمح ان يحل الشيعة في محل السنة لحكم العراق ككل وتعويض الشيعة عما لحق بهم من غدر بالانتقام من السنة ، وإلا هل يكون حريصا على وحدة العراق من يفجر فيه مساجد أهل السنة ويستبيح دمهم أو يحول المساجد إلى حسينيات بحراب( جيش) فاقد لكل النظم والتقاليد انشأ لغرض مذهبي محض .



إن حرص هذا التيار يوازي في الحقيقة حرص آل سعود على وحدة العراق وربيبتها منظمة علماء المسلمين التي تتكفل بتوريد الإرهاب وتفجر المراقد المقدسة للشيعة بأمل إشعال حرب أهلية.


هؤلاء هم الساعون لوحدة العراق ! يعاضدهم مهرجون في منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة عمرو موسى ، يا لسخرية القدر .


تأملوا رجاأ حالة العراق الموحد عندما يتولى ( أية الله العظمى ) مقتدى الصدر أو
( الشيخ العالم ) حارث الضاري موقع صدام حسين وتكون له سلطاته وتحت إمرته أموال نفط العراق .


فئة أخرى وطنية تخالف تقسيم العراق نظرا لسذاجتها السياسية وتوقعها تكوين دولة يتمتع فيها الجميع بحقوق متساوية. هذه الفئة وبجهالتها السياسية تسبب أيضا في إدامة ومضاعفة آلام العراقيين.


إن تقسيم العراق قادم لا محالة عنه ومهما تأخر الإقرار به تأخر تنعم أهالي العراق بالأمن والسلام والرفاه .


إن العاقل من سكان العراق هو من يدعو إلى تقسيم منظم وبرعاية دولة كبرى ، تقسيم يحقق العدالة في توزيع السلطات والثروة ، تقسيم منظم يسبق تفكيك عشوائي مصاحب للمجازر البشرية ويؤدي إلى إحراق ما تبقى من العراق و قيام دزينة من الدويلات والكيانات قد تفوق عددها عدد المحافظات العراقية .



أيها( الوطنيون ) امنحوا سكان العراق الوطن ، وتمتعوا أنتم بالوطنية، تجربتكم في إقامة وطن وعلى مدار ما يقارب مئة عام قد فشلت ، امنحوا سكان العراق بقعة آمنة ورغيف خبز بدل أن تمنحوه ( وطناً ) مضرجا بالدم.




أبو خلود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا لخيبتنا جميعا
علي السعيد ( 2009 / 11 / 26 - 17:57 )
عجيبة هي الرؤيا التي تملكها ..استاذ خالد
خللينا نائمين ’أفضل أن نبقى لانعرف شيء عن الوطن غير الطائفية والشوفينية .ونعمل ,بدوافع عديدة,نعمل لتمزيق هذا الوطن الساقط في اوحال الهزائم قد تكون الاوحال تمنحنا الصحة والعافية . ...!


2 - مقال رائع
المحاصر اسلامويا ( 2009 / 11 / 26 - 21:37 )
شكرا جزيلا استاذ خالد لهذا المقال الرائع بكل معنى الكلمة لما يقدمه من ثقافة متميزة يفتقدها شرقنا البائس، ثقافة الحق والعدل والمنطق والصراحة والمباشرة والرغبة الحقيقية الصادقة في ايجاد حلول للمشاكل العويصة بعيدا عن الغوغاء والدجل والنفاق وتنفيذ الاجندات الخارجية.
هذا مقطع من نبا نشر اليوم في كردستان العراق:
-واوضح مدير مركز هولير لجراحة القلب بان الفريق الطبي الهولندي اجرى خلال الاسبوعين الماضيين اربعاً وعشرين عملية جراحية في المركز، مؤكدا ان نسبة النجاح في جميع العمليات كانت مئة في المئة.
ومن جهته كشف الدكتور فاروق بةرواري الخبير في جراحة القلب بان الهدف من زيارة الفريق الطبي الهولندي هي تدريب عدد من المختصين بجراحة القلب في اقليم كردستان على اجراء العمليات الجراحية المعقدة في القلب، فيما اوضح البروفيسور الهولندي ئيَبلس اسلوب والية عمل الفريق الطبي الهولندي مثمناً تعاون السلطات الطبية والجراحين المتخصصين في الاقليم مع الفريق. -

التعليق:
هذا ماقدمه ويقدمه -الكفار المسيحيون- الى الاكراد فماذا قدم العرب والمسلمون لللاكراد المساكين سوى الدموع والالام والقهر والاستعباد ، وماذا قدمو لهم سوى القتل والتقتيل والدمار والخراب والذبح والتقطيع، وسوى الكيميائي والنابالم وغيرها،


3 - الحقيقة مرة
داوود ( 2009 / 11 / 26 - 21:49 )

الحقيقة التي تناولها الاستاذ خالد بجرأة مرة،مرارة العلقم. ربما لا أؤيده في تقسيم العراق، ولكن الواقع أقوى من أمنيتي. عاش السومريون في الالف الثاني قبل الميلاد على شكل دويلات المدن، فلماذا لا نعود إلى جذورنا الأولى؟


4 - الحقيقة مرة
بهجت ( 2009 / 11 / 26 - 22:34 )
ان المقالة جريئة ومتشائمة في نفس الوقت كان من الممكن ان يرى الاستاذ ابو خلود بعض مظاهر التقدم في
الوعي مثلا بسيطا المظاهرات التي ملات العراق احتجاجا على سلوكية مجلس النواب وسنهم قوانين لمصلحة الحيتان والكتل الكبيرة, ان مثل هذه الاعمال لها صدى كبيرا وسوف تلعب دورا في اعطاء الزخم الوطني قوة فوق قوة ,الا اننا يجب ان ننظر الى الحقيقة ونشخصها ولا نضع راسنا في التراب ونعمل ونتحرك ضدها ضد قتل الناس بكاتم الصوت والاغتيلات نحتج على القوانين الجائرة سوا اكانت ما تنهبه قوات الاحتلال من ثرواتنا او عملية الانسحاب ومحاولة التلكؤ فيها تقبل تحياتالود والاحترام

اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق