الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة ديوان - أشعار منفية - للشاعر العراقي فوزي إبراهيم

خالد يونس خالد

2004 / 6 / 13
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


صدر في الشهر الماضي ديوان الشاعر العراقي فوزي إبراهيم من مؤسسة دراسات كردستانية ، أوبسالا - السويد في حلة جميلة . يقع الديوان في 41 صفحة من الحجم الكبير.
الرقم الدولي : ISBN 91-972498-9-0
الديوان مهداة إلى الشعب العراقي الطيب الذي يريد أن يحيا بسلام وحرية .

يضم الديوان مقدمة مؤثرة يتحدث فيها الشاعر فوزي إبراهيم ، وهو مدير تحرير موقع " أوراق عراقية " ، عن معاناته في المنفى منذ أن غادر العراق عام 1979 مكرها مقهورا ، فاقدا للوطن والشعب اللصيقين بمهجته بفعل إرهاب وقمع دكتاتورية البعث والحكم الفردي إلى عام 2004. وقد عاش الشاعر 24 عاما في المنفى ولا يزال ، وهو يقدم أجمل قصائده وأكثرها تناسقا في الموسيقى الداخلية والخارجية والإتزان في جميع مجالات طلاسم القصيدة العمومية الإنسيابيـة .
يضم الديوان مجموعة من القصائد المؤثرة التي تذرف الدموع على شعب الرافدين . فأشعاره مضفية بالمحبة اللامتناهية لكل المناضلين العراقيين الذين قاوموا الحكم البائد في سبيل الحياة الكريمة والحرة والآمنة للشعب العراقي الأبي . إنه شاعر مفعم بالحب الكبير لوطنه العراق ، وهو يعترف بكل جوارحه بأنه لولا ذلك الحب العظيم للوطن ولولا إلهاماته وآثاره الطيبة في فؤاده لما كان لهذا الديوان أن يخرج إلى النور .

قراءة متمعنة لأشعار الشاعر تقودنا بسفينة المحبة والإيمان بالحرية إلى أرض الرافدين ، حيث مقارعته للظلم والإضطهاد . إنه شاعر يعرف كيف ينظم ، ويفهم بأن الشعر وجدان وصدق . فالشاعر في منفاه لايعرف الكذب ، ولا يكتب للسلطان ، ولا يخضع للسلطة . هاجر وهو يحمل معه إرادته الحرة في أن يكتب من أجل حرية الشعب ومستقبلـه .
يضم الديوان عشرين قصيدة باللغة العربية وقصيدتين باللغة الإنكليزية . يتصدر الديوان قصيدته الأولى بعنوان "بغداد " التي كتبها في منفاه عام 2002 وجاء فيها :
بغـدادُ قـلبُكِ للعـنـف صار يُبكي القلوبَ والبُـكا هـباءُ
بغـدادُ زاحمتِ أرضك بالقبور أفقاً ، فيأبى عـليكِ الرضاءُ
بغدادُ السلامِ والسلامُ مُرتجى وسـلمُ العـراقِ بـكِ رجاءُ
الـثأرُ والجـورُ والدمُ أتركي هـذي الدّروب مآلهـا فناءُ
بغـدادُ ما أمرُ قـلبكِ مكـبّلٌ يُبدي الجفاءُ والرّوحُ غيداءُ؟

وفي قصيدته " نحن العراقيون " يصف مأساة شعب بأكمله ، وهو يقاسم آلام أبناء شعبه من المنفى ، وفي قلبه تتفجر آلاف القنابل . إنه يحمل الهموم من البعد البعيد ، والوطن يعيش في قلبه . فيقول :
إن سألتَ ماقومُ أنتمُ؟
أقولُ: نحن قوم في منفى
منفى مهجر ... ومنفى وطن
للأول يخفقُ قلبي وللثاني يعصفا
قاسى قومي الكثير من العسفا
ولاقىالكثير من الحتفا
حلبجة.. بصرة .. ونجفا
نبضت قلوبها من المرات
.... مئة بل وألفا
أحرقوا أناسها بلا عطف ولا رأفا
ما لم تره حتى حيفا
.......

ويستمر الشاعر في معاناته بمشاركته آلام وأشجان إمرأة عراقية أحرقوها بالتيزاب ، وهو يحاورها ، ويصف كيف إكتوى قلبها بالنار من حرقة الحزن . ويقول:
عـرّي التخـلّفَ ولا تشـتمْ قـلبي من الشـتائمِ ضوى
حرقوني بالـتيزاب، ملحدون ملتحون ، إنَّ لحمي شـوى
يدَّعون الإيمان ، واللّــه محبة ٌوهم على كفر وغوى
حَّدِثهـم عن آفاتِ مجتـمع وعِلَلــه وجذور الجـوى
ويستمر الشاعر يصف لنا أشجانه في الغربة ، ومآسيه في المنفى الذي فُرضت عليـه الظروف التي حكمت بلده الجريح . كما يصف كيف أن الأرض خلعت ثيابها الخضراء ، وألوانها الوردية الساحرة ، وهي تقف عارية تبكي في الطيبيعة التي سلبت منها حريتها ورونقها ، ودماء الأبرياء تصرخ من الجروح التي أصابت الأنسـان والنبات والحيوان . فيقول في قصيدته المنظمة في تشرين الأول/أكتوبر عام 1998 :
سرتُ من عمّانَ إلى بغدادَ
على طريقٍ من دمـوع
أخبرَني الناسُ المذعورينَ
والحديث على شـموع
كـلُّ شــئ مـمنوعٌ
نطالب بدعم مضمون
وميثاق مكفول لغدٍ مأمون
فالأرض صارت بلا جذوع
سرتُ من بغداد إلى إجتماع القادة الميمون
بعيدا عن وطني وعن فتك القائد الخنوع
رسمتُ حاجة الناس
للصمون ... للهواء
من دمائهم ومن ريشة من زيتون
عدْ إليهم من درب الفروعِ
قالوا: إننا نرى النزيف المكفون
واخبرهم منذ سنون
ونرقب شمولَ يدِ المنون

ويرجع الشاعر بالزمن إلى الوراء قليلا ، وقد آثر أن يضع قصيدته المعنونة "للوجدان وقفة " في المرتبة 15 في الديوان رغم أنها نظمت عام 1978 أي قبل رحيله عن وطنه إلى المنفى بعام واحد . ويبدو أنـه يريد أن يأخذ القارئ ، وربما أفكاره أيضا إلى الأجواء الإجتماعية التي عايشها قبل الرحيل . فقد وصف معاناته في الغربة التي سبق أن وصف لنا في القصائد الأولى من الديوان ، وهو يشارك الشعب آلامه . ثم رجع إلى الذكريات التي هي أطول عمرا من الأحلام في حديقة بغداد التي هاجرتها البلابل في زمن طغيان الصداميين . وقد إختار عنوانا متميزا لقصيدته " للوجدان وقفة " ليقول لنا بأن الضمير الحي في داخله قاده إلى الهجرة بسبب وحشية الضمائر الميتة التي حكمت بلده الذي أحبه أكثر من أي مخلوق آخر . بل بسبب وحشيـة الأحياء الأموات ، والوجدان في صراع ضد الوحوش والغربان . إنني أعتبر هذه القصيدة من أجمل قصائد الديوان بعد قصيدته " بغداد " التي وضعها في الصفحة الأولى من ديوانه . يقول الشاعر فوزي إبراهيم :
في ساحات الحياة
يعيش النبضُ
شريفا .. حرا .. مُرهفا .. سريعاً
ويموت النبضُ
عند الأمواتِ في الشعور
بل ... بل وتنبتُ الجذوع والزهور
في شواطئ النهر... في شواطئ النهر
ومع نسيم الهواء
وصرخة الأمواج
وصمت الليالي
تقف الدماء وتنتصب الشرايين
متَجهِمةً مُنْبَهِرة
إلى وحشية الضمائر الميتة
إلى وحشيـة الأحياء الأموات
وتصرخ وتصرخ
صراعَ الحياة أو الموت
صراعَ الحياة أو الموت
صراع الوجدان ضد الوحوش والغربان
فياأيتها السماءُ بحق السماء
أمطري خيراً!
أمطري زهرا!
أمطري عمرا!
للبشر للإنسان
ولتنتصب أقدام الضمير والوجدان
ولتضرب أقدام الأحياء الأموات
عرض الجدران








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ