الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد العراقي من الاشتراكية الى اقتصاد السوق

خضير حسين السعداوي

2009 / 11 / 28
الادارة و الاقتصاد


خلال الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية ظهر المد الاشتراكي كمنقذ لما تعانيه الدول التي وقعت تحت نير التسلط الاستعماري من فقر وعوز وبدا سحر الاشتراكية يسيطر وبشكل فاعل على مجمل التفكير الاقتصادي العالمي وبدأت القوى الرأسمالية تشعر بخطر حقيقي إزاء هذا الفكر الذي الهم الشعوب الفقيرة وصاحبة الثروات الطائله وتنبيهها إلى حالة النهب الاستعماري لهذه الخيرات في الوقت الذي تعيش فيه شعوبها حالة الكفاف والفقر المدقع فكانت سلسلة الثورات والانقلابات العسكرية الوطنية التي كان اغلب قادتها قد تأثر بهذا الفكر وطبعا عن طريق التنظيمات التي ظهرت في هذه البلدان وبشكل سري وهي تبشر بالفكر الاشتراكي والملكية العامة لوسائل الإنتاج صحيح أن الفكر الاشتراكي في البلاد العربية تعددت مصادره إلا انه في المجمل يؤكد حقيقة اقتصادية واحدة هو أن تكون كل وسائل الإنتاج بيد الدولة وهي تكون مسؤولة مباشرة عن الكيفية التي توزع فيها هذه الثروة ........
في العراق وبعد ظهور الدولة العام 1921كدولة فتية لا تمتلك من الموارد سوى الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وبما أن الأرض هي ملكيات إقطاعية فاضطرت الدولة أن تفرض رسوم وضرائب على الإنتاج الزراعي وأصبح مورد رئيسي للدخل القومي إضافة إلى الموارد الأخرى... هذا بصورة مبسطة واستمرت حتى ظهور النفط في العراق والذي تبدأ قصته مع بدء الاستعمار البريطاني للعراق ومنذ العام 1927 نجحت مساعي بريطانيا في استغلال نفط العراق عندما منح امتياز استثماره لثلاث شركات هي
1شركة نفط العراق تستثمر النفط في كركوك وبعض أراضي شرق دجلة
2شركة نفط الموصل في محافظة الموصل غرب دجلة
3 شركة نفط البصرة في محافظة البصرة
ومنذ ذلك التاريخ وحتى انتهاء الحرب الكونية الثانية العام 1945 لم يكن للنفط ذلك الدور المهم في الاقتصاد العراقي وحتى بداية الخمسينيات من القرن الماضي بدا دور واردات النفط يزداد حيث أخذت شركات النفط تعطي نسبه متفق عليها مع الحكومة من واردات المنتوج النفطي والذي استغل هذا الوارد لمجلس الأعمار الذي والحقيقة تقال له الدور الكبير في التخطيط وتنفيذ العديد من المشاريع التي جاءت حكومة الثورة بعد العام 1958 لتكمل ما بدا به هذا المجلس ......
أن التغيير الثوري الذي أعقب ثورة تموز 1958 وما جاءت به الثورة من قرارات ثورية متأثرة أساسا بالفكر الاشتراكي تعتبر نقلة نوعيه في حياة العراق من الجوانب السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية.... ولكن الذي يهمنا هو الجانب الاقتصادي حيث استدار 180 درجة ليتوجه من اقتصاد يعتمد بالدرجة الأساس على الناتج القومي الزراعي إلى اقتصاد يعتمد بالدرجة الأساس على واردات النفط إضافة إلى الواردات الأخرى وتعززت أهمية النفط في الاقتصاد العراقي بعد قرار رقم 80 والذي حدد امتياز الشركات في التنقيب عن النفط في الأراضي العراقية وظهور منظمة الأوبك 1960 وبدعم من العراق وكذلك ظهور شركة النفط الوطنية العام 1964 كل هذه العوامل الموضوعية وكذلك العوامل الذاتية توجهت بالاقتصاد العراقي أن يتجه نحو الطريق الاشتراكي فبدأت الدولة تستولي على كل شيء تحت مقولة الملكية العامة لوسائل الإنتاج فبدأت بالأرض حيث فككت الملكيات الكبيرة ووجد نظام التعاقد مع الدولة(( الأرض لمن يزرعها)) ثم النفط باجراأت التأميم ثم اتجهت إلى التعليم ليصبح أيضا تابعا وبشكل كبير يخضع لفلسفة الدولة وكذلك الصحة وظهر القطاع العام منافسا قويا للقطاع الخاص طبعا مدعوما من الدولة وانضمر القطاع الخاص شيأ فيشأ لتصبح الدولة هي المالك الحقيقي لكل شيء هي تخطط وهي تنفذ وطالما أن الدولة قوية كانت اغلب القرارات والمشاريع والبنى التحتية بخير وانتقل العراق نقلة نوعيه خلال عقد السبعينيات من القرن الماضي فظهرت المصانع والمعامل الإنتاجية وازداد الإنتاج الزراعي وظهرت التعاونيات الزراعية والجمعيات الفلاحية ولكنها مرتبطة بالدولة كل هذه الأمور أنا باعتقادي كانت الأرضية الصلبة لظهور الدكتاتوريات في اغلب البلدان التي سلكت هكذا طريق لأنها حولت الفرد إلى قن يشتغل في حقل الدولة سواء الزراعي أو الصناعي أو الخدمي وأصبح عصب الحياة بيد الدولة تحركه حيث ما يخدم مصالحها لذلك نلاحظ أن أي معارضة لهكذا نوع من الحكم يعتبر مجازفة كبيرة لأنها هي التي تمنح الحياة أو الموت فأي معارضة لها يعتبر خروجا على من هو صاحب النعمة وهذا كفر في عرفها مما شرعن لأغلب النظم الدكتاتورية قمعها لشعوبها تحت هذه الحجة ولهذا نلاحظ أن النظام الدكتاتوري في العراق كان يشعر بأنه ذا فضل كبير على العراقيين وكثيرا ما كان رأس النظام يردد ومعه اغلب المسؤولين في الحزب مقولة أن العراقيين كانوا حفاة عراة ومن نعم الثورة عليهم أن ألبستهم الملابس والأحذية هذا المنطق ينم أن ملكية الدولة لوسائل الإنتاج صحيح في أول الأمر قد يثمر وتكون مخرجاته جيدة وتعم قطاعات كبيرة من المجتمع ولكن لا تدم طويلا هذه الانجازات طالما القرار يخضع لإرادة شخص واحد وقد لاحظنا كم أنجزت النازية في ألمانيا وحققت الكثير للشعب الألماني ولكنها بقرار ارعن للحاكم خرب كل شيء وكذلك في العراق أتت الدكتاتورية على ما أنجزته خلال سني حكمها أتت عليه لتخربه في سنوات قليلة عبر الحروب والمغامرات الطائشة والتي كان نتيجتها أن دفع النظام الدكتاتوري ثمنها بانهياره وتخلص الشعب منه.....
....عندما تقييم التجربة الاقتصادية للعراق منذ ثورة تموز 1958 ولحد سقوط آخر نظام دكتاتوري العام 2003 وبمفهوم الربح والخسارة هل استطاع النظام الاشتراكي وسيطرة الدولة على وسائل الإنتاج أن يحقق الشعارات التي ترفع وأهمها تامين العيش الرغيد للشعب العراقي وتوزيع الثروة على أبناء الشعب بشكل عادل اعتقد أن أي متتبع للشأن العراقي من الناحية الاقتصادية يجد انه فشل في تحقيق ما رفع من شعار ولم يحقق حتى نسبة 10بالمائة لأنها تحمل نقيضها بداخلها إذن نحن أمام حالة جديدة ومعقده تحتاج إلى تفكير اقتصادي منطقي يضع الأمور في نصابها حيث تبرز أمامنا تساؤلات وهي هل أن الطريق الاشتراكي في الوقت الحاضر يصلح للعراق أم أن إطلاق الحرية الفردية للفعاليات الاقتصادية البرجوازية الوطنية في الاستثمار ومحاولة إبعاد ألدوله عن التدخل في الاستثمارات...إن حالة الاقتصاد العراقي بعد التغيير تشبه حالة بلدان المعسكر الاشتراكي ومن كانت تنهج نفس المنهج من سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج.... لذلك اعتقد أن رجوع الاقتصاد العراقي إلى الطريق الاشتراكي مستحيل في المرحلة الحالية وما حدث من نجاحات في هذا المجال خلال النصف الثاني من القرن العشرين لا اعتقد ينجح في هذه الحقبة خاصة وان نظام العولمة وظهور الشركات عابره للقارات كما أن انهيار المنظومة الاشتراكية فكرا وتطبيقا يزيد الأمر تعقيدا عليه على المخطط الاقتصادي العراقي إذا أريد أن يجتاز الاقتصاد مرحلة اللاهوية في الوقت الحاضر هو محاولة المزاوجة بين نظام اقتصاد السوق وتحكم الدولة في بعض الأمور الأساسية في موارد الإنتاج القومي العراقي كالنفط وتشجيع الاستثمارات الأجنبية ونظام الخصخصة لخلق أرضية اقتصادية ولو على مدى عشرين سنة قادمة.....











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاقتصاد وهيمنة الدولة
صباح مطر ( 2009 / 11 / 28 - 21:16 )
الاستاذ العزيز خضير المحترم
بما ان الاقتصاد هو عصب الحياة المدنية فيفترض تنشيطه وانهاء هيمنة الدولة على كل مفاصله بالتحول التدريجي الى الاقتصاد الحرلتبقى الدولة ضمن حدودها المعمول بها في العالم المتطور راعية ومنظمة لا مالكة ومسيطرة وبالتالي منتجة للدكتاتوريات والنظم المستبدة اضافة الى ان تجربة دول المعسكر الاشتراكي وانهيارها من الداخل وكذلك ما تعانيه معضم دول العالم الثالث وما عانيناه نحن في العراق وما زلنا نعانيه من سيطرة الدولة على كل شيءوالذي يحملها بالتالي مسؤولية كل شيءمما يجعلها غير قادرة على توفيركل مستلزمات العيش الرغيد لمواطنيها الذين ارتبطت كل تفاصيل حياتهم بها بالكامل


2 - جميل جدا
رحيم الغالبي ( 2009 / 11 / 29 - 03:50 )
عندما اجد عبارة ثورة 14 تموز اذهب بعيدا لانجازات كبيره اولا
وثانيا وعي الكاتب وصدقه
جميل جدا استاذنا خضير
تحياتي لك وللاخ صباح مطر


3 - لايوجد ربط بين النظام الاشتراكي العلمي
خليل نوري ( 2009 / 11 / 29 - 12:06 )
لايوجد ربط بين النظام الاشتراكي العلمي والانظمة التي تذكرها في مقالكم اما لعدم فهمكم ونقص دراستكم لنظام الاشتراكي العلمي او مجرد تلوث الاشتراكية بما تسميهم الانظمة الاشتراكية
وحتى الانظمة الما تسميها الاشتراكية المنهارة اهون من عولمة النظام العالمي الجديد والذي وضع عالم اليوم في ازمة حقيقية لايتمكنون حلها الا بالحروب سواء عسكرية او الحرب على الطبقة العاملة .
اليس قادة العولمة يتشبثون الان شيئا فشيئا وبخجل بالنظام الاشتراكي لحل مشكلتم العولمية اليس تدخول الدولة في شراء السندات والبنوك ونظام الصحي من خطواط الاشتراكية ارجو من السيد الكاتب فهم الاشتراكية العلمية الديمقراطية ومقارنتها بالانظمة ( دكتاتورية الدولة )المنهارة الذي تسميهم بالاشتراكية.


)

اخر الافلام

.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي


.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا




.. المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض: ما الإنجازات التي حققته


.. انخفاض طفيف في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الإثنين 06 مايو 202




.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب