الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتكف غرابين البعث عن النعيق .... 5

حميد غني جعفر

2009 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كان الشواف – قائد الحركة – قد أوعز للبعثيين والقوميين – كما أسلفنا – بالنزول إلى الشوارع بهدف اختلاق الفوضى والبلبلة وزعزعة الأمن .. وقامت هذه المجموعات المسلحة بإحراق المكتبات اليسارية ، وقامت تلك المجموعات التخريبية بقيادة البعثي – فاضل الشكرة – بأحراق المحلات التي يشغلها الديمقراطيون والشيوعيون ، وكرد فعل طبيعي على هذا الاستهتار والتخريب ، قامت الجماهير بأحراق مكتبة فاضل الشكرة فاشتدت واحتدمت المواجهات بين الجماهير العزل وبين القتلة المدججون بالسلاح وبذلك نجحت خطة المتآمرين المرسومة في زعزعت الأمن بإيجاد المبرر لإنزال الجيش إلى الشوارع بذريعة المحافظة على الأمن .. وبدأ بحملة اعتقالات واسعة شملت إعداد من كوادر وأعضاء الحزب الشيوعي والديمقراطيين وأنصار الزعيم قاسم ولغرض التمويه اعتقل بعض القوميين والبعثيين ، لكن هؤلاء قد أطلق سراحهم في مساء نفس اليوم 7 / آذار أما الشيوعيين والديمقراطيين وأنصار الزعيم قاسم فقد سيقوا إلى الثكنة العسكرية واحتجازهم هناك .
وفي خضم هذه الفوضى وفقدان الأمن وأجواء العنف والرعب أعلن المتآمرون البيان الأول للمؤامرة في / آذار / 1959 ... في وقت انتهاء مهرجان السلام لأعماله – بعد اتخاذه جملة قرارات وتوصيات لصالح حركة التحرر الوطني العربية .. وقد أذيع البيان من إذاعة زودهم بها عبد الناصر ونصبها للمتآمرين مهندس سوري وأخر بريطاني .. وبإذاعة البيان الأول للحركة احتل البعثيون والقوميون والإقطاعيون وبعض العشائر الشوارع وهم مدججون بالسلاح تأييدا للمؤامرة ، أما الجماهير العزل من السلاح إلا من العصي ، فهي تهتف بسقوط المؤامرة وبحياة الثورة وقائدها ، حتى قام سلاح الجو العراقي بقصف مواقع المتأمرين وقصف الإذاعة وتوقف البث ، وأخذت دورها إذاعة صوت العرب من القاهرة وإذاعة سورية أخرى بإذاعة البيانات باسم ثورة الموصل وتدعو فيها الجماهير الموصلية لتأييد الثورة وتؤلب الجماهير الموصلية ضد الزعيم قاسم وضد الشيوعية .. وكان الشواف قد أصيب بطلق ناري في كتفه وعند ذهابه إلى المستشفى العسكري للمعالجة قتله الجنود هناك ، وفشلت المؤامرة ، لكن المتأمرين تمادوا في استهتارهم حتى بعد فشل المؤامرة وبإعمالهم الإجرامية في اختطاف العشرات من الشيوعيين والديمقراطيين وأنصار الزعيم قاسم في 9 آذار حتى 15 منه وارتكبوا أعمال شنيعة لا إنسانية وقتلوا أطفال ونساء وشيوخ واستخدموا مآذن الجوامع في نصب الرشاشات الثقيلة عليها ... وحلت في المدينة المذابح والمجازر وسحلت جثة الشواف في الشوارع بالحبال . هكذا وبهذه الصورة جرت أحداث الموصل المروعة عام 1959 . فهل يمكن تحديد الجهة التي قامت بسحل الشواف وارتكاب تلك المجازر الدموية .. في مثل هذه الفوضى العارمة وفقدان الأمن وغياب المسؤولية ؟ ونتساءل ألا يمكن القول بان عملية السحل بالحبال .. هي من قبل الجنود الذين قتلوه أنفسهم ؟ أو من قبل الجماهير التي وقفت بوجه المؤامرة وهي في مشارب وأطياف متنوعة ؟ على هذه التساؤلات المنطقية تجيب عدة مصادر موثوقة ومحايدة منها / تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري الجزء الثاني ص 87 حيث الكاتب .. انه بفعل الفوضى والعنف والخوف المتقابل- سادت روح الانتقام والغضب .. وظهرت على السطح دوافع عميقة ومتأصلة في الزمن .. بين العشائر وبعض العوائل الموصلية .. وهناك عناصر سيئة النية وليس لها اتجاه سياسي استغلت هذه الفوضى بمختلف الدوافع ، كراهية شخصية ، أو رغبة في الثأر ، و نزاعات عائلية ، باسم الدفاع عن الجمهورية ، وهذا ما يؤكده أيضا حنا بطاطو في كتابه الثالث ، وكذلك عبد اللطيف البغدادي في مذكراته وهو نائب الرئيس المصري عبد الناصر .. فهو يعترف بدور عبد الناصر وتأليبه جماهير الموصل واستعدائها ببيانات كاذبة ، فهل يمكن بعد كل هذا الوضوح في الصورة اتهام الشيوعيين بالقتل والسحل ، والشيوعيون قد اعتقلوا من كوادر وأعضاء الحزب في الثكنة العسكرية ، في حين أطلق سراح البعثيين والقوميين في نفس اليوم 7 آذار ، فلماذا لا يتهم هؤلاء بهذه الأعمال الوحشية وهم المتآمرون وليس غيرهم
لكن الإعلام العربي الرجعي وخصوصا الجمهورية العربية المتحدة – عبد الناصر – ومن وراءه الأمريكان هم صناع الأكاذيب والافتراءات بقصد التشويه والإساءة للحزب الشيوعي العراقي الذي بعث الرعب في نفوسهم وتحالفوا ضده وضد القوى الديمقراطية .
ومن هنا فان تحديد مسؤولية تلك المذابح والمجازر الدموية المروعة – بمنطق العقل – تقع أساسا وبالدرجة الأولى على عاتق البعثيين والقوميين والإقطاعيين المتآمرين ومن وراءهم عبد الناصر والأمريكان الذين وفروا للمتآمرين كل أسباب العون المادي والعسكري .
وفي الدرجة الثانية تقع المسؤولية على عاتق الزعيم الوطني – عبد الكريم قاسم – فهو رأس السلطة وصاحب القرار باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ، وكان المفترض به وهو على علم مسبق بتحركات المتآمرين واتصالاتهم وعلاقاتهم بالمخابرات المصرية السورية ولقاءات المتآمرين معهم داخل الأراضي العراقية في مدينة الموصل ذاتها ، وكذلك الأسلحة المتدفقة إلى المتآمرين عبر الأراضي السورية .. كان عليه أن يسارع لاتخاذ إجراء حازم لإجهاض التأمر من خلال إحالة الضباط المتآمرين على التقاعد وفي المقدمة قائد الحركة عبد الوهاب الشواف وبالتالي اعتقالهم .. ولو كان الزعيم قاسم قد اتخذ هذا الإجراء قبل تنفيذ المؤامرة لما حصل الذي حصل ، إن تباطيء الزعيم قاسم في مثل هذا الإجراء .. هو الذي شجع المتآمرين على التمادي في نشاطاتهم الخيانية التآمرية .. والأنكى من ذلك إن المؤامرة وتداعياتها والإعلام الرجعي العربي قد اثر بشكل سلبي على الزعيم قاسم فهو بدلا من تعزيز نهجه التقدمي والاستناد إلى القوى الوطنية التقدمية المخلصة للثورة والحريصة على انجازاتها الكبرى وعلى الاستقلال الوطني .. راح قاسم يتراجع عن نهجه بتصفية الحريات الديمقراطية التي منحتها الثورة في الستة أشهر الأولى من عمرها وبالتالي ضرب وقمع القوى التقدمية الديمقراطية ومهاجمة الشيوعيين والتضييق على الحزب الشيوعي الأكثر حرصا وإخلاصا للثورة والمتفاني في الدفاع عنها .. وتلك هي طبيعة كل البرجوازيات الوطنية ذات الطبيعة الازدواجية والمتذبذبة والتي جلبت الكوارث والمآسي لشعوبها .
وعلى أية حال فان ارتداد قاسم هذا كان الحافز المشجع للقوى الرجعية وبالذات البعثيين والقوميين في التمادي بنشاطاتهم التآمرية وأعمالهم التخريبية ومن الاغتيال السياسي ، وقاموا بتشكيل لجان خاصة تتولى تشخيص من يراد اغتياله .. وجمعوا الأموال الطائلة لهذا الغرض ..
وبدأ التنفيذ فور جمع الأموال ، حتى بلغ عدد الضحايا بحسب التقديرات ما بين 300 – 600 من الشيوعيين والتقدميين الديمقراطيين في الموصل لوحدها . ثم امتدت إلى مدن العراق الأخرى وقد بلغ عدد العوائل التي هجرت مدينة الموصل ما بين خمسة الآف إلى عشرة الآف جراء الرعب والخوف . حتى كانت الحلقة الثانية من مسلسل التأمر الاستعماري وهي محاولة الاغتيال الفاشلة للزعيم قاسم بالذات في شارع الرشيد – رأس القرية – في التاسع من تشرين أول عام 1959 ونقل قاسم إلى المستشفى لإصابته بطلق ناري ، وهناك في المستشفى عقد مؤتمر صحفيا مطولا هاجم به الجناة ، وكشف قاسم عن دور بعض رجال الدين في تنفيذ المحاولة الفاشلة والزعيم قاسم رغم صدق وطنيته وحبه لشعبه وتفانيه في خدمة الكادحين والفقراء .. إلا انه وللأسف لم يأبه بما يجري حوله وبالمخاطر المحدقة بالثورة ، وترك الحبل على الغارب للمتآمرين في وقت شدد فيه الخناق على الشيوعيين والديمقراطيين .. وأصبح الشيوعيين بين نارين – نار ديكتاتورية قاسم – ونار القوى الرجعية التي مارست أبشع أساليب التخريب والاغتيال الذي شمل كل المدن العراقية ، ففي الكاظمية لوحدها اغتيل عدد من المناضلين الشرفاء .. على أيدي عصابات البعث والقوميين وبعض رجال الدين ومنهم المناضلون والشيوعيون عباس الانباري – وحميد البدراوي – وممدوح الالوسي ومحمد علي سبع – ورجل الدين القارئ الحسيني المعروف – سيد لطيف الوردي – لكونه ذهب على رأس وفد من شخصيات الكاظمية لزيارة الزعيم قاسم .. وشكا له ما يجري في الكاظمية من اعتداء وقتل على أيدي عصابات البعثيين والقوميين ، وقد اغتيل في ليلة العاشر من محرم الحرام ، وعن عمر يناهز الثمانين عاما حينذاك .
إن حزب البعث اتخذ نهج العصابات الإرهابية - على غرار عصابات المافيا – وبذلك فانه فقد هويته كحزب سياسي منذ ذلك التاريخ .
وما ذكرنا في الحلقات الأربعة السابقة .. وما سيأتي ذكره في حلقات قادمة – يؤكد هذه الحقيقة ، كون حزب البعث عصابة إرهابية ليس إلا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة