الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول الملف النووي الإيراني- السوري : تصريح البرادعي – الشجرة التي تخفي الغابة

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


صدر عن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ السيد محمد البرادعي تصريح جديد؛ بخصوص الملفين النوويين الإيراني و السوري؛ و يتناقض هذا التصريح بالتمام مع جميع التصريحات التي أدلى بها لوقت قريب. و التصريح في جوهره يعلن عن مقاربة جديدة/قديمة للملفين معا؛ فبعد اللهجة المتفائلة و المشجعة؛ التي عبر عنها السيد البرادعي سابقا؛ و التي أدت إلى تلطيف الأجواء؛ في منطقة الشرق الأوسط ؛ التي كان يسيطر عليها هدير الطائرات الحربية نتيجة للتهديد الأمريكي/الإسرائيلي/الأوربي لإيران –بشكل خاص- بضربة عسكرية؛ إذا لم تستجب للمطالب الدولية بوقف تخصيب اليورانيوم . بعد هذه اللهجة؛ يفاجأ جميع المتتبعين للملف بتصريح جديد للسيد البرادعي؛ يؤكد فيه أن إيران لم تستجب للمطالب الدولية بخصوص وقف التخصيب؛ و يؤكد بالحرف –حسب وكالات الأنباء الدولية- أن إيران لم تتفاوض بشكل جيد . و بالإضافة إلى إيران يوجه البرادعي نفس التحذير لسوريا؛ متهما إياها بعدم الالتزام بالتعاون اللازم؛ و بعدم تقديم معلومات حول المبنى المهدم .
إن التصريح بوجهيه –على ما يبدو- يفتح لصفحة جديدة /قديمة؛ في التعامل مع الحليفين الاستراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط؛ و الذين يشكلان معا ما يسمى بمحور الممانعة؛ الذي يؤسس سياسته الخارجية على رفض الخضوع للقوى المهيمنة في العالم؛ و التي تستغل القانون الدولي و المؤسسات الدولية لحرمان الشعوب؛ من ممارسة حقها في التنمية و التقدم و الكرامة .
فهل يمكن اعتبار هذا التصريح المتشدد؛ بداية جديدة/قديمة ستحمل الكثير من التصعيد؛ بخصوص التعامل مع محور الممانعة ؟
لقد بدا بشكل واضح خلال الأشهر الأخيرة؛ أن السياسة الخارجية الإيرانية-السورية حققت الكثير من المكتسبات السياسية في علاقتها بالغرب(حليف إسرائيل)؛ فإيران استطاعت بحنكتها السياسية تأجيل البث في ملفها النووي؛ مع ما يوازي ذلك من ربح لوقت ثمين؛ قد تستغله في استمرارية التخصيب؛ مع اقترابها من امتلاك السلاح النووي؛ و في نفس الآن استطاعت تكريس حقها الطبيعي في امتلاك التقنية النووية لأغراض مدنية .
أما بخصوص سوريا فإن أكبر إنجاز يحسب لسياستها الخارجية هو فك العزلة الإقليمية و الدولية عنها؛ فعلى المستوى الإقليمي يبدو أن سوريا مستمرة في نسج علاقات استراتيجية متينة؛ سواء مع إيران أو مع تركيا؛ مع تحقيق انفتاح غير مسبوق على السعودية. أما على المستوى الدولي فقد نجحت سوريا في الخروج من التوتر؛ الذي طبع علاقاتها مع المجتمع الدولي؛ و خصوصا مع أوربا و أمريكا. و تعد الزيارة الناجحة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأسد إلى فرنسا؛ و ما طرح خلالها من ملفات تخص منطقة الشرق الأوسط ؛ تعد خير دليل على هذا النجاح .
إنها نجاحات لا يمكن إلا أن ننوه بها؛ باعتبارها نموذجا دوليا جديدا لقدرة الشعوب على التحدي و المواجهة؛ دفاعا عن حقوقها المشروعة؛ في مواجهة أعتى القوى الدولية؛ لكن الأكيد هو أن هذه النجاحات لن تستمر؛ من دون الاستمرارية في الدفاع عنها و عن استحقاقها .
في هذا الإطار يبدو أن تصريح السيد البرادعي الأخير؛ لا يخرج عن السياق الدولي العام الذي يسعى إلى تقزيم هذه النجاحات؛ التي أثمرتها سياسة الجزرة –في اعتبار القوى الكبرى- لذلك فاللازم هو العودة من جديد إلى سياسة العصا؛ عبر التهديد بشن الحروب الاستباقية الرادعة؛ و التهديد بالعقوبات الدولية الزاجرة؛ التي تستهدف-أساسا- القدرات التنموية للشعوب (و ليس الأنظمة طبعا) .
نحن نعلم جميعا أن السيد محمد البرادعي لا يمثل نفسه سوا كعربي/مسلم أو كعالم و خبير نووي؛ و لكنه على الأرجح يمثل السياسة الدولية المنتهجة في هذا المجال؛ لذلك يجب أن نقرأ تصريحاته على ضوء هذه السياسة؛ حتى نستوعب المنطق المتحكم فيها .
و في نفس السياق نعلم كذلك أن السياسة الدولية المنتهجة حاليا؛ تسلط الضوء بقوة على ما يسمى في أدبياتها السياسية بقوى الممانعة؛ في منطقة الشرق الأوسط؛ باعتبارها القوى التي تتحكم في صناعة الرأي العام؛ و تقود المقاومة في المنطقة ؛ لذلك يجب الاستمرار في كبح جماحها بين الحين و الآخر؛ حتى لا تستأسد و تنتشي بانتصاراتها؛ بما يشكله كل ذلك من تراجع للحضور الإسرائيلي/الأمريكي/الأوربي في المنطقة؛ و بما يشكله كذلك من تهديد مباشر لمصالح هذا الحضور؛ و هي مصالح استراتيجية؛ من باب الاستحالة التفريط في ذرة منها؛ سواء ارتبط الأمر بأمن إسرائيل أو بإمدادات الطاقة .
إن تصريح رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية السيد محمد البرادعي الأخير في الحقيقة يخفي أكثر مما يعلن؛ و من الواجب التعامل معه على ضوء المعطيات السياسية الدولية؛ لأنه بالتأكيد ليس خطابة؛ و لكنه يدشن لمرحلة جديدة/قديمة في التعامل مع قوى الممانعة في منطقة الشرق الأوسط .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قطاع طرق
سوري ( 2009 / 12 / 1 - 05:51 )
هؤلاء من تدعوهم حضرتك قوى ممانعة هم ليسوا إلا قطاع طرق سرقوا السلطة بقوة السلاح ويتعاملون مع شعوبهم كرهائ يبازرون الغرب عليهم

وممانعتهم هي ضد شعوبهم حصراً أما مع الغرب الذين يدعون ممانعته، فهن أكثر من راغبات، خاصة نظام الوريث الجملوكي بدمشق
ليس المهم ما يقوله العربان من شعارات، الأهم أن نرى ماذا طبق على أرض الواقع

إنظر إلى ما فعله النظام السوري بشعبه من اعتقالات وقتل وسحل ونهب لثروته الوطنية وتحويل كل الإقتصاد لأيدي التسلط الأسري الحاكم، ثم حدثنا عن الممانعة!!!!أهذه هي الممانعة ومقارعة الإستعمار والصهيونية

ولعلمك فإن هذا النظام الممانع استلم سوريا عام 63 وكان الجولان من ضمن ما استلمه والاسكندرون مغتصب لكننا لم نكن لنقبل لأحد أن يتنازل عنه

واليوم، وبعد استباحة الوطن بيد هذه العصابات، تنازلوا رسمياً عن الاسكندرون
وخسروا الجولان بظروف مشبوهة
والأسوأ أنهم دمروا الوطن والمواطن
ويأتي أمثالكم ليحدثونا عن الممانعة
إقرؤوا التاريخ الحقيقي، لا الشعاراتي قبل أن تتنطحوا لقضايا الأمة

اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه