الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وَدَاعٌ

علم الدين بدرية

2009 / 12 / 1
الادب والفن


وَدَاعٌ
علم الدين بدرية
تَنْأَىَ بِنَا الْوُعُودُ عَلَىَ صَفَحَاتِ مَوْجٍ مُسَافِرَةٍ عَبْرَ مَسَاحَاتٍ شَاسِعَةٍ فَوْقَ مِيَاهِ الْمُحِيْطِ ، وَتُبَاعِدُ بَيْنَنَا مَسَافَاتٌ تُضَلِّلُنَا عَبْرَ جَلِيْدِ الطُّرقَاتِ الْمَحْفُوُرَةِ عَلَىَ أَخَادِيْدِ الْقَمَرِ الآفِلِ فِي مُهْجَةِ الْقَدَرْ ، يَسْتَعْمِرُنَا زَمَنٌ آخَرُ لا يُحَدِّثُنَا عَنْ مَوْعِدٍ قَادِمٍ لا تُشْرِقُ فِيْهِ شَمْسٌ مِنْ جَدِيْد ...
يَا امْرَأَةً تَصْنَعُ بِي الشَّوْقَ لِرَائِحَةِ عِطْرِهَا وَحَرْفِهَا وَجُمُوحِ عِشْقِهَا فَكُلُّ شَيءٍ يَعْبَقُ بِهَا .. كَلِمَاتِي شُعُوُرِي وَأَحْلامِي ...
هَلْ يُصْبِحُ الْذِي عِشْنَاهُ فِي الأَمْسِ ذَاكِرَةً بَعِيْدَةً ، أَمْ تَغْدُوُ الذَّاكِرَةُ أَوْهَامَ لُغَةٍ لِغَدٍ جَدِيْدٍ .. كِيْفَ يَخُوُنُنَي زَمَنِي التَّرَاجُعِيِّ فِي لَحَظَةِ الْمَغِيْبِ وَيُمْسِي الشُّعُورُ الثَّاكِلُ فِي الأَعْمَاقِ رُوحًا تَتَشَظَّى ، تَسْتَرْجِعُ زَمَنًا غَيْر آتٍ تَنْصَهِرُ بِهِ يَنَابِيْعُ الْمِلحِ فِي صَحْرَاءَ الْوَاحَاتِ الْجَنُوْبِيَّةِ ؟!!.. أَمُوْتُ عَطَشًا وَشَوْقًا وَيَبْقَى السَّرَابُ فِي حُضُوْرِ الرِّمَالِ الْمُلْتَهِبَةِ أَضْغَاثًا وَاجْتِرَارًا لِشَوْقٍ مَاتَ لِيُوْلَدَ مِنْ جَدِيدْ .. تَتَخَثَّرُ أَحْلامِي حِيْنَ تُعَانِقُ أَشْجَارُ الْلَّوْزِ الْبَيْضَاءُ خَرِيْفَ التُّعَسَاءِ ، فَكَيْفَ حَاكَتْ ثَوْبَهَا الزَّهْرِيّ عَلَىَ مَشَانِقَ الشَّقَاءِ وَسَقَطَت آخِرُ وُرُودِ الْخَمِيْلَةِ تُعْلِنُ رَحِيْلَ الْعَصَافِيْر الْمُغَرِّدَةِ قَبْلَ قُدُومِ الشِّتَاءْ ..!!
كَيْفَ.. يُسَافِرُ يَا صَغِيْرَتِي فِي مَوْسِمِ الْهِجْرَةِ كُلُّ الأَحِبَاءْ ؟!
آهٍ.. مَا أَصْعَبَ الْفُرَاق وأَبْعَدَ مَسَافَات الْلِّقَاءْ ..!!
كَيْفَ سَتَرْسُمَنِي لَوْحَةُ اللَّيْلِ الْقَادِمِ ، حِيْنَمَا تُطْفَئُ شَمْعَتِي الأَخِيْرَة فِي مِعْرَاجِ الْبَقَاءِ وَتَبْقَى الْمِشْكَاةُ يَتِيْمَةً تَشْكُوُ الْبَرْدَ الْقَارِسَ وَظُلْمَةَ الْمَسَاءِ ...!! كَانَ إشْرَاقُكِ فِي نَهَارٍ خَرِيْفِيٍّ مُتَكَدِّرٍ بِالْغُيُومِ وَرَحَلتِ فِي مَسَاءِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْمُتَجَهِّمِ بِصَقِيْعِ الشَّمَالِ وَالرِّيَاحِ الشَّرْقِيَّةِ ..!!
اِحْتَجَبَ قَمَرِي مُنْذُ أَنْ غَابَتْ شَمْسُكِ وَسَقَطَ فِي أُفُولٍ أَبَديٍّ أَوْ اِبْتَلَعَتْهُ نُقْطَةٌ سَوْدَاءُ عَظِيْمَةٌ .. لَقَدْ خُسِفَ قَمَرُكِ اللاَّزَوْرَد وَابْتَلعَهُ حُوتُ الْغُرْبَةِ الْمُدَثَّرِ بِبَقَايَا الأَوْهَامِ وَالسَّرَابِ الْمُخَادِعِ .. فَسَرْمَدِيَّةُ حُبُّنَا.. لَمْ تَكُنْ إلاَّ تَعْتَعَاتِ وِلادَةٍ حَزِيْنَةٍ فِي أُفُقِ الظُّهُورِ الأَوْلِ الْذِي يَكْتَنِفَهُ ضَبَابٌ مُنْذَ فَجْرِ الْخَلِيْقَةِ ..!!
مَاذَا عَسَايَ أَنْ أَكْتُبَ لَكِ .. تَأْكُلُنِي الْغُرْبَةُ عَنْ عَالَمِ الذَّاتِ وَتَعْصِفُ بِي رِيَاحُ الْفُرَاقِ ، أُحَاوِلُ لَمْلَمَة شَتَاتِي لأَصْنَعَ عَالمِي الْجَدِيْد .. لَكِنَّنِي عَبَثًا أُحَاوِلُ وَعَبَثًا تُبْحِرُ الْمَرَاكِبُ .. فَشَوَاطِئِي لَمْ تَعُدْ مَرَافِئَ أَحْلامٍ .. وَلا مَلاذَ وُعُوْدٍ لِطِيُورِ النَّوْرَسِ الْقَادِمَةِ مِنْ مَنَافِي الْعَدَمِ الْمُتَأَلِّقِ فِي مَحَاجِر الْعُيُونِ ..
تَجْتَاحَنِي هُمُومٌ لا تَعْرِفُ الرَّحِيْل.. فَكَيْفَ يَذْوي الْوَرْدُ فِي حَدَائِقِي .. وَكَيْفَ تَتَعَرَّى شَجَرَةُ اللَّوْزِ مِنْ ثَوْبِ زَفَافِهَا الأَبْيَضْ .. وَكَيْفَ يَمُوتُ أَمَلٌ أَشْرَقَ فِي الْقُلُوبِ ..؟!
لَمْ يَعُدْ لَيْلِي إلاّ مِشْوَار عَذَابٍ أُحَاورُ فِيْهِ الْمَدَى،وَتُعَاوِدُنِي ذِكْرَيَاتُ حُبٍّ يَمُوتُ عَلَىَ أَوْرَاقِ صُفْصَافٍ حَزِيْن ..
مَاذَا أَكْتُبُ لَكِ .. ؟! عَنْ بِحَارِ الشَّوْقِ .. عَنْ عُمْرٍ بِلا رَبِيْع ، عَنْ أُفُولٍ فِي مَرَايَا الذَّاتْ .. عَنْ حَيَاةٍ لا تَكْتَمِلُ تَدُورُ خَلْفَ دَائِرَةِ الزَّمَانِ والْمَكَانْ ..!!
آهٍ شَمْسِي الْخَرِيْفِيَّة .. كَمْ أَوَدُّ الرَّحِيْلَ ..!! ذَاقَتْ بِي الدُّنْيَا وَاعْتَصَرَتْنِي رَيَاحُهَا الصَّفْرَاءُ ..تَصَدَّعَ وَجْهُ السَّمَاءْ !! وَلَمْ أَعُدْ سُوُى خُرْقَةً بَاليَّةً تَدَحْرَجَتْ عَلَى مُفْتَرَقِ طَريْقِ الأَنْبِيَاءْ..











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال