الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخاض الديمقراطي في العراق إلى أين؟

غازي الجبوري

2009 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


مفهوم الديمقراطية
يتفق جميع العارفين بمفهوم الديمقراطية أنها تعني حكم الشعب نفسه بنفسه وهذا لايعني حكم جميع أفراد الشعب وإنما أفراد الشعب البالغين ونادرا مايتفقون على رأي واحد لذا فقد اعتمد مبدأ الأخذ برأي الأغلبية المطلقة لعدد أبناء الشعب المخولين بالتصويت على أي قرار معروض للتصويت.

ولذلك يطلق البعض على أفضل أنواع الأنظمة الديمقراطية "دكتاتورية الأغلبية"وهذا لايعني رفض أو إهمال أو إقصاء رأي الأقلية بل انه أفضل آلية لاتخاذ القرارات توصل إليها الفكر السياسي لحد الآن ولذلك فقد يحدث أحيانا إجماع أبناء الشعب البالغين على قرار ما وقد يصبح جزءا كبيرا من الأغلبية عند التصويت على قرار ما أقلية عند التصويت على موضوع آخر مطروح للتصويت.

أنواع التطبيق الديمقراطي
لقد سعى المفكرون السياسيون الخيرون إلى تحقيق أقصى قدر ممكن من حكم الشعب فوجدوا أن الديمقراطية المباشرة أفضل أنواعها وهي التي يجتمع فيها كافة الأشخاص المسموح لهم بالتصويت في مكان واحد دوريا أو استثناء عند الضرورة لمناقشة شئونهم واتخاذ القرارات المناسبة حولها وتعيين الأشخاص القادرين على تنفيذها .

إلا أن صعوبة تحقيق هكذا اجتماعات لكثرة الناس وانشغالهم بأعمالهم اليومية دفع المفكرين السياسيين إلى ابتكار الديمقراطية غير المباشرة أو النيابية المعمول بها في معظم دول العالم اليوم ومنها العراق ، مما أدى إلى أضرار كبيرة بالشعوب وخلق دكتاتوريات برداء ديمقراطي أسوء واخطر من الدكتاتوريات العلنية وهي دكتاتوريات الأثرياء الأشرار والطامعين الذين تمكنوا من الاحتيال على الشعوب لسرقة إرادتهم من خلال كتابة الدساتير الملائمة لمصالحهم وتزوير موافقة الشعب عليها وعلى انتخابهم عن طريق توظيف قوة الأموال في شراء الذمم . وقد استقرت هذه الصيغة في جميع الدول التي أخذت به وأصبح تداول السلطة بين طبقة ثرية وأخرى تداولا سلميا دون أن يثير حفيظة هذه الشعوب إلا بشيء غير مؤثر.
أما في العراق حيث تجري عملية التحول من نظام الحكم الفردي إلى الحكم الجماعي طبقا لآلية الفوضى الخلاقة التي أعدتها الإدارة الأميركية التي أمسكت بالقرار السياسي عقب تغيير النظام. ولذلك رصدت معوقات كثيرة وكبيرة واجهت العملية السياسية في العراق خلال الفترة الماضية آدت إلى عجز القوى الحاكمة عن تنفيذ العديد من التزاماتها الدستورية والقانونية نتيجة الأخطاء الديمقراطية وآخرها قانون الانتخابات والأراضي المتنازع عليها بين الإقليمين الكردي والعربي سيما محافظة كركوك الحيوية بسبب البترول . وهذا يحدث نتيجة الصراع الكبير بين إرادة الناخب العراقي الذي عانى كثيرا عبر العقود الماضية ويطمح إلى التخفيف منها وصولا إلى حياة أفضل وبين إرادة السياسيين الذين تهمهم مصالحهم الشخصية والفئوية أكثر من المصلحة العامة مستغلين كل الوسائل المتاحة لتحقيق أهدافهم.

مؤشرات ايجابية

إن صعوبة المخاض الديمقراطي والثمن الباهض الذي دفعه الشعب العراقي لابد أن يتمخضان عن خطوات ايجابية باتجاه عراق أكثر ديمقراطية وهناك مؤشرات كبيرة تؤكد ذلك وتدل على قوة تأثير الناخب العراقي على تطور العملية السياسية وليس العكس كما يشيع المتشائمون . ومن هذه المؤشرات القوية تغير خيارات الناخب العراقي في انتخابات مجالس المحافظات وإجبار السياسيين على إصدار عدد من القوانين في صالحه وأخيرها وليس اخرها الدعوة التي وجهها عمار الحكيم إلى البعثيين للمشاركة في العملية السياسية والذي يعد العدو اللدود للبعث والبعثيين وقبله نوري المالكي رئيس الوزراء وهذا تغير هام وكبير بل واستراتيجي على الرغم من أن خصومهم ومنافسيهم يعدونه موقف تكتيكي للدعاية الانتخابية ونتوقع المزيد من التفاعلات الانتخابية للتأثير على قرار الناخب العراقي لكننا يجب أن نعد ذلك مكسبا للمواطنين أيضا فعندما يتقدم شخص أو كيان سياسي باتجاه إرضاء الناخب بأي إجراء أو موقف ايجابي فيجب أن نرحب به بصرف النظر عن دوافعه وأهدافه لان المهم أن يحدث تغير ايجابي لأنه يؤشر عمليا قوة تأثير الشارع الشعبي العراقي على العملية السياسية حيث اخذ السياسيون يحسبون لذلك حسابا جادا وهذا ما يجعلنا متفائلون بغد أفضل للديمقراطية في العراق إلا أن ما يحزننا ويؤلمنا أكثر من أي شيء آخر هو أنهم يضعون حياة المواطن حطبا لنار الصراع السياسي بين الكتل المتصارعة والمتنافسة على مقاعد مجلس النواب القادم وبالتالي الحكومة القادمة لتصفية حسابتهم السياسية والشخصية لأننا نخشى أن تشهد الفترة القادمة وخاصة الحملة الانتخابية وقوع المزيد من الضحايا ، نسال الله تعالى أن يحفظ كل العراقيين الأبرياء الخيرين ويهدي السياسيين إلى سواء السبيل .














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور أعين العناكب؟ | المستقبل الآن


.. تحدي الثقة بين محمود ماهر وجلال عمارة ?? | Trust Me




.. اليوم العالمي لحرية الصحافة: الصحافيون في غزة على خط النار


.. التقرير السنوي لحرية الصحافة: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريق




.. بانتظار رد حماس.. تصريحات إسرائيلية عن الهدنة في غزة