الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحافلة والذئاب الجزء الثالث

صبري هاشم

2009 / 12 / 1
الادب والفن


33 ـ بعثرة ملهوف
***
لم تأتِ بالبشارةِ سماءُ
ولا ريح حملتْ لهفةَ المُفارق
فجاءت
عاتيةً رغباتُ المُسافر
كآثامِ السفرِ
وأنفاسِ المسافةِ
وأنتِ
مِن خبائكِ المُعلّقةِ في الهواء
تبعثين أنينَ الرّوحِ
مثلَ حرابٍ ماضية نحو القلبِ
تقولين : ادفعْ ثمنَ الغيابِ
وأنا أُساومُ منطقَ المحنةِ
أقولُ لا
سأكفُّ عن دفعِ الأثمانِ
هي الحياةُ لم تُبقِ لي
غيرَ أسمالٍ بلا ألوان
وجلدٍ يُحيطُ بالحطامِ
لو هبّتْ عليهِ الرّيحُ كنستْ ثلثيه
وتركتْ ثلثاً لوقودِ الزمان
وأقولُ :
حين توقّفَ العائدُ مِن الغيابِ
على مشارفِ المدينةِ
يُحاكي طللاً
لم يُبقِ لهُ الدَّهرُ رسماً
للمُناجاةِ
ولا حجراً خارجاً مِن بئرِ النِّسيان

8 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
34 ـ 35 ـ 36 ـ
***
37 ـ جريمة الله
***
أنقذوني مِن ظلمِ الله
هذا المجنونُ يُلاحقني أينما أعطيتُ وجهي
كأنني الوحيدُ على هذه الأرضِ
أيّها الأصدقاء
أيُّها الأعداء
أيّها الناسُ
ربُّكم بالمرضِ يستقبلُني وبمثلِهِ يستدبرُني
إنّهُ يسلبُ مني صحتي وهدوئي
وبي يرمي في كلِّ حين بالمصحّاتِ
أيّها المُقرّبون
أيّها المُبعدون
أيّها المُبحرون
المُسافرون
الرّاحلون
الطائرون
المُقيمون
العاصفون
القائمون
القاعدون
أنقذوني مِن ربِّكم القاتلِ هذا
سلوا عَبْرَ وسائطِكم ماذا مني يُريد
أيّها الناسُ
اُنظروا في بطونِ التاريخِ
ستجدون كلَّ الحروبِ التي شُنّت
وما رافقها مِن موتٍ وإبادةٍ كانت بسببِ الله
وبسببِ ما صنع مِن الأديانِ
إنّه القاتلُ الأولُ والأخيرُ على سطحِ الكوكب
حين أنزلَ الكتبَ وأرسلَ الرّسلَ
وخلقَ الأنبياءَ الكذّابين ، الفاجرين ،
الأفاقين والقتلةَ همسَ في آذانِهم :
اقتلوا بلا رحمةٍ
فانتشرَ الموتُ في كلِّ الأرجاء
أيّها الناس
إنكم تعبدون ربّاً قاتلاً
كلّموه أنْ يتركَني وحالَ سبيلي
وآمنوا به كما تشاؤون
فأنا لستُ واحداً منكم
أيُّها الله
أيُّها القاتلُ ، المُهيمنُ على كلِّ شيءٍ
يا صاحبَ الأسماء جميعها
أُتركْني وشأني
فما أنا إلاّ مخلوقٌ ضعيف

12 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
38 ـ شبقيات
***
هي تسكرُ مِن خموري
ومعها تسكرُ الجاراتُ
اللاتي يتربصْنَ بقيلولتي
تحت شجرةِ التوتِ
كلّما شهقت فوق رؤوسِنا
شمسٌ صيفية

13 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
39 ـ سيدة المرايا
***
سيدةُ المرايا أنتِ
أولُ المرايا
وآخرُ المرايا
فحافظي على بهاءِ وجهكِ
وتسيّدي السطوحَ

13 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
40 ـ ضيوف الحافلة والذّئاب
***
ونحن على مشارفِ سكسونيا السُّفلى
نتفقدُ ميادينَ الحروبِ
التي نشبتْ بين الأوروبيين
باسمِ الدين
في ما سُمّيَ بحربِ الثلاثين عاماً
أو الحربِ الزلتسية
والتي ستقعُ في الزمنِ القادمِ
أُخبرْنا عن قدومِ السّادةِ العرب
على ظهرِ حافلةٍ قادمةٍ مِن عاد
فانتظرْنا على الطريقِ الحافلةَ
وكان بيننا وبين البريّةِ التي تسكنُها الذّئاب
مسافةُ فرسخين برّيين
لم يكن معنا طعامٌ يكفينا ويكفي الضيوفَ
ولا أرديةٌ نتقي بها شرَّ الزمهرير
ولا أسلحةٌ نردُّ بها عنّا هجماتِ الذّئاب ووحوشِ الغاب
ومِن النبيذِ كان معنا الكثيرُ الكثير
لكنّ السّادةَ العرب غير نقيعِ التّمرِ لا يشربون
وهم مِن عاد قادمون
وبعيونِهم الشرهةِ يحتسون أجسادَ النّساء
انتظرْنا طويلاً ولم يأتِ الضيوفُ
قيلَ لنا انحرفتْ بهم الحافلةُ
نحو بلادِ أخرى
وهناك حلّوا على أهلِ تلك البلادِ ضيوفاً
عندئذٍ وقعت حروبٌ أخرى
إنما في أماكنَ بعيدةٍ
عندئذٍ هاجمتْنا مِن عمقِ البريّةِ ذئابُ

15 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
41 ـ الحافلة والدم
***
في موقفِ الحافلةِ ،
التي أتتْ على جسدِ الحمامةِ ومزقتْهُ أشلاءً
التقيتُها،
كانت شاحبةَ الوجهِ
منهوكةَ القوى
كانت مهمومةً حين قالت إنّها شهِدتْ
دومةَ الجندل
معركةَ النهروان
ووقفتْ على الفتنةِ الكبرى
وأضافتْ :
ما رأيتُ غزارةً للدمِ مثلما رأيتُ يومَ الجملِ
في موقفِ الحافلةِ
اصطفَّ الألمانُ والأغرابُ
طابوراً لصعودِ الحافلةِ التي
أتتْ على جسدِ حمامةٍ كانت قد أمتعتني بجميل هديلِها أياماً
وأنا مازلتُ مُصغياً
لشخيرِ الدمِ العربيّ
الذي يتدفقُ مِن فيها
مثل نافورةٍ
كانت مُتعبةً حين التقيتُها
وآسفةً
في موقف الحافلةِ التي
أتتْ على جسدِ الحمامةِ ومزّقتْهُ أشلاءً

15 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
42 ـ أرجوكم
***
أوقفوا
بكاءَ
روحي

16 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
43 ـ حافلة الأتراك
***
تأتي محمّلةً بالمُنَقَبين والمُنَقَباتِ
وتذهبُ كذلك
لا يطلعُ فيها غيرُ مَن تستّرَت
وراء حجابٍ
ومَنْ تستّرَ وراء لحيةٍ ومسبحةٍ وبسملةٍ ودين
وأحياناً يصعدُ إليها مَنْ كان مثلي زنديقاً
أو فاسقاً
حافلةُ الأتراكِ قافلةٌ تمرُّ في كلِّ حينٍ على تخومِ برلين
تبحثُ عن صحراءَ وحجرٍ تتعشّقُهُ للطوافِ
تحملُ رقماً خرافياً
وتهدرُ بكلِّ اللغاتِ
وببعضِ آياتٍ بيناتٍ
مِن الذِّكرِ الحكيمِ
16 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
44 ـ يوم استثنائي
***
اليومَ في برلين حدثَ شيءٌ غيرُ مألوفٍ
مِن أَوْجارِها خرجتْ ذئابُ
وتحت الثلجِ المُتساقطِ بغزارةٍ
راحت ترقصُ رقصاتٍ فاجرةً
لم تطلبْ دفْئاً أو طعاماً
ولم تتحرّشْ بكائنٍ ما
كانت ترومُ نزهةً في يومٍ استثنائيٍّ
تتراشقُ بكراتِ الثّلجِ مثلاً
تتزحلقُ مِن على مرتفعٍ ما
لكنها أُخبرتْ عن قدومِ العاصفة
ظلّت تنتظرُ ، في شوارعِ برلين منذ الصباحِ ،
الحافلاتِ التي أُعِدّت للنزهةِ
فيما السّوادُ الأعظمُ
اصطفَّ على الأرصفة
بانتظارِ العاصفة
هل تأتي العاصفةُ
حين تمرُّ الذّئابُ بعد مجيءِ الحافلاتِ ؟
نحن بانتظارِ العاصفة

16 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
45 ـ مُسافرة بلا سفر
***
امرأةٌ
وراءها تجرُّ حقيبةً وكلباً
ومعطفاً أُرجوانياً طويلاً
الكلبُ يلهثُ في أثرِ الحقيبةِ التي
لم تسافرْ يوماً
فيما المعطفُ يجرُّ نفسَهُ متثاقلاً
**
امرأةٌ
خرجتْ مِن وراءِ الزّجاجِ
كأنها مسافرةٌ مع آخرِ الطائراتِ
**
امرأةٌ لم تسافرْ مرّةً
دخلتْ عنفوانَ المطارِ
تسألُ عن جسدِ السّفرِ
تجرُّ وراءَها كلباً
ومعطفاً أُرجوانياً
وحقيبةَ المسافر
16 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
46 ـ المصطبة الشهوانية
***
على المصطبةِ
في الطابقِ العلويِّ
هنا في أسواقِ " غزوند برونن "
تجلسُ الذّئابُ بأبهةِ الحكّامِ
وأنا أبحثُ عن مصطبةٍ أخرى
أريحُ فوقها ظلالي
بعد ساعةٍ مِنِ الدّوارِ والخوارِ
جلستُ كما تجلسُ هناك الذّئابُ
مُتربصاً بالمارّةِ
راشقاً مؤخراتِ الإناثِ ـ بنظراتٍ ظلتْ شهوانيةً حتى مع تقدُّمِ العمر ـ اللاتي تركْنَ الرجرجةَ للعيونِ النّهمةِ

16 ـ 11 2009 برلين

***
47 ـ مصطبة الذئب
***
أمام المصطبةِ ـ التي جثمتْ
تحت ثقلِ شيخين
في العقدِ السابعِ مِن العمرِ ـ
ربضَ ذئبٌ
يتشممُ أحذيةَ المارّةِ
ويلتهمُ بنظرهِ أفخاذَ النساء
أمام المصطبةِ التي
تنفستِ الصّعداء مِن ثقلِ الشيخين
انحنت أُنثى
تُصلحُ سيرَ حذائها
وتركت أمرَ النهدين
لدهشةِ العيون

16 ـ 11 2009 برلين

***
48 ـ حكمة العابر
***
أيّها الرجالُ الكرماءُ
يا أصدقائي الأفذاذ
لا تحنوا قاماتِكم للريحِ
فكلُّ ريحٍ عابرة
**
يا أصدقائي النبلاء
لا تكتبوا بلغةِ أمةٍ ـ غير أمتِكم ـ
ثم عليها نار الكراهيةِ تفتحون
أصدقائي تجنّبوا ضآلةَ النّفوسِ
وكونوا كباراً
**
مَن كتبَ بلغةِ أمةٍ أخرى
وبلغَ مبلغَ الشهرةِ
عليه أنْ يكرمَ ذكرَ تلك الأمة
**
الأممُ لا تموتُ ببيانٍ أدبيٍّ
أو سياسيٍّ
الأممُ لا تموتُ برغبةِ حاقدٍ
**
كن نبيلاً
فحين تشتهر على حسابِ أمةٍ ما
لا تضعْ في خاصرتِها
خنجراً مسموماً

16 ـ 11 ـ 2009 برلين


***
49 ـ أحزان الجوري
***
حدّثيني
عن أحزانِ الوردةِ
عن جنونِها
وعن عاداتِها في غيابي
هل استقبلتْ في الليلِ ندىً ؟
هل عاشرتْ ماء الصّباحِ ؟
وخرجتْ ترشقُ وجهَ الشّمسِ بالضحكاتِ
حدثيني
في أيِّ الطُّرقاتِ كانت تلقي الوسادةَ وتنام ؟
في أيِّ الحدائقِ ؟
في أيِّ المشاتل ؟
على هامشِ الأرصفةِ الغادرةِ مثلاً ؟
حدّثيني
لقد طال بي زمنُ الفراقِ
عن زهوِها حين كانت في أعلى زهوٍ حدّثيني
عن ذبولِها وهل بها مرَّ ذبولٌ ؟
هل صفعتْها أكفُّ جدبٍ ؟
هل أتت عليها يدٌ غريبة ؟
هل غادرها طلٌّ ؟
حدّثيني
عن زمنِ العنفوانِ
وعن زمنِ الاشتياقِ
عن زمنِ اللذةِ
وعن الليلِ وأحاديثِه
عن التجوالِ في أروقةِ المدينة
عن الماءِ ورغبةِ الشطآن
عن المويجاتِ
اللاتي كنّا بهنَّ نتغزّلُ وهنَّ يتغنجْنَ في مسيرِهنَّ الوئيدِ
عن الصيفِ وسهرِ النجومِ في أعماقِ محيطاتٍ سماويةٍ
حدّثيني
عن الزوارقِ التي كانت
تحملُ الهمسَ الذي نحو الشواطيءِ نُرسلُه
عن تلك الأشجارِ
وقد أخفتْ ظلالَنا
أو التي سترتْ أجسادَنا
عن عيونِ الرقيبِ
في زمنِ القبلاتِ
حدّثيني
عن جولاتٍ كنّا نقضيها في الخفاءِ
عن عودةٍ
لذاك الفارسِ الذي انتظرتِ طلّتَهُ دهراً
وعن تلك الحوريةِ التي كنتُ انتظرتُها دهراً مماثلاً
حدّثيني
ففي هذه المنافي سيطولُ بي المقام
لن نلتقيَ ربما
لن نلتقيَ بعد الآن
لكنني سأفتحُ لكِ وجهَ النّهار
وأفتحُ لك أبوابَ النهار
وأبوابَ المساء
وأقولُ لك اُدخلي مِن هذه البابِ
أو مِن تلك الفُرْجةِ
أو مِن وجهِ السّماء
وحدّثيني
فالسنواتُ التي هدّمتني كانت عجافاً
السنواتُ العجافُ كانت زمناً أقبلَ وأدبرَ
وسيقبلُ زمنٌ مثله
حدّثيني
عن ماضٍ كبرت فيه الجفوةُ
وطالت فيه الغفوةُ
وتسيدّ الظلامُ
أنا سأفتحُ لك صناديقي
سأنثرُها بين يديك
سأنثرُ أحزاني
وأنثرُ آلامي
وحسرتي وهيامي وكلَّ أشواقي
حدّثيني
فأنا مازلتُ في أعتى رغبةٍ فيك
وبين يديكِ سأنثرُ لؤلؤَ البدايةِ
وأعزفُ على قيثارتي لحنَ النّهايةِ
وبين يديكِ أضعُ الفيروزَ
والياقوتَ
والحجرَ الأكرم
وبين يديكِ
أذرفُ دمعةَ الغريبِ
وأسكبُ لوعةَ المُفارق
وأدعوكِ إلى مائدةِ المساء
أدعوكِ إلى جولةٍ غريبة
إلى جولةٍ في عمقِ السماء

17 ـ 11 ـ 2009 برلين


***
50 ـ الغادرون
***
قبل مجيءِ الغزاةِ
كان المنافقون للديكتاتور يهتفون
للديكتاتور يصفقون
ويطلقون أصواتَ الولاء
حين وقفَ الغزاةُ على مشارفِ العراق
مِن جهةِ الصحراء
صمتَ المنافقون وانتظروا
وصارت رؤوسُهم تدور
تارةً صوب الحدودِ
وتارةً نحو الديكتاتور
حتى إذا ما دخلَ الغزاةُ أرضَ العراق
أولوا ظهورَهم للحاكمِ
وأعطوا وجوهَهم للأمريكان الغزاة
حين دخلَ الغزاةُ بغداد
كان المنافقون
في حلٍّ مِن الدّفاعِ عنها
في حلٍّ مِن القتالِ
وكانوا في حلِّ مِن دعمِ الديكتاتور
كان المنافقون قرودَ الزّمانِ
لا يؤتمنون
كان المنافقون
و كان الانتهازيون

17 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
51 ـ أحاديث الروح
***
1 ـ رواية

سأروي لكم عن سرِّ دهشتي
وربما عن أسرارِ الصمتِ القادم
لكنني سأكتفي هذه المرّةَ
بسرِّ الدّهشةِ حيث
إلى صالةِ الرّقصِ دخلَ البحرُ
تحملُهُ فاتنةٌ قيل فيما بعد إنّها مِن ركّابِ باخرةٍ غرقتْ مقابلَ سواحلِ اليونان في نهاياتِ القرنِ العشرين وقيل إنّها مِن أرضِ السّوادِ ، جاءتْ تشاركُ في مسابقةٍ لملكاتِ الجمالِ فغرقتْ مع مَنْ غرقوا لكنها عاشرتْ الأعماقَ .
البحرُ ملأ الصالةَ
والصالةُ بالبحرِ احتفت
رقصتْ معه رقصةً همجيةً
فيما الفاتنةُ تلوّحُ لأولِ السّفنِ العابرة
**
2 ـ عجائب

نقفُ أمامَ الأهراماتِ
لا كما نقفُ أمامَ دارِ الأوبرا في برلين
فالأمرُ مُختلفٌ هنا
يسلبُ ألبابَنا عملٌ خارقٌ للعبيد
نسمعُ صياحَهم
وأصواتَ السّياطِ التي تلهبُ ظهورَهم
نرى أسرى الحروبِ يُساقون للحَفْرِ والبناء
ويتساقطون مِن شدّةِ الوهنِ
وفي هاجرةِ النّهارِ
يؤسسون مجدَ فرعون
هكذا هي دائماً عجائبُ الدُّنيا
لا تقومُ إلاّ على أجسادِ الضحايا
هكذا نحن دائماً نشمُّ رائحةَ العرقِ
ونسمعُ صراخَ العبيد
*
في دارِ الأوبرا
تأتي النساءُ
يُكملْنَ مشهدَ ما بعد الخاتمة
في المشهدِ
لا يظهرُ مِن الأهراماتِ شيءٌ
سوى العتلاتِ
وبعض العبيدِ
وثياب الضحايا مِن أسرى الحروبِ

18 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
52 ـ غجر و مطر
***
في المساءِ تجرأَ علينا المطر
وكان العراءُ بنا يحتمي
في المساءِ غسلَ أجسادَنا المطرُ
وغسلْنا جسدَ العراءِ
في المساءِ لم أكن وحيداً
يحطبُ صدرَ المدى
فبضعُ عاهراتٍ في الجوارِ ضللْنَ الطريقَ وجماعةٌ مِن غجر
ننتظرُ حافلةً تأتي مِن بعيد
ونناجي ليلاً انطفأتْ نجومُهُ
واعتزلَ قمرُهُ أُبّهةَ السماء
في المساء
يختلُّ ميزانُ الأشياء
18 ـ 11 ـ 2009 برلين
***
53 ـ لن تأتي العاصفة
***
في الليلِ
إلى الشارعِ خرجتُ
برلين تغطُّ في سباتٍ عميقٍ
والرّيحُ تقتلعُ المدينةَ
لا هدفَ لي في هذي المتاهةِ
ربّما كنتُ في انتظارِ العاصفة
التي ستأتي بالذئابِ
وقد لا تأتي
فإنْ لم تأتِ
جاءت الحافلة
وستقلّني عن الذئابِ بعيداً

18 ـ 11 ـ 2009 برلين

***
54 ـ ليلٌ أيوبيٌّ
***
مُفْزِعٌ هذا الليل
وجسدي مُثخنٌ بالطعناتِ
أيْ أيوبُ
أُصبتَ بجُرحٍ راحَ في الكتبِ المُقَدّسة مثلاً
فماذا لو حلَّ بك ما حلّ بي
هل تدخل كتابَ غنس ؟
أيْ أيوبُ صنعتْك النصوصُ
التي صنعْتُها
ولشرِّ ما اشتهرتَ به تركتُ نفسي
أيْ أيوبُ
لو كنتَ مثلي لتركتَ دودَ الأرضِ يلتهمُ الجسدَ
وتنتهي الحكاية
مُفْزِعٌ هذا الليل
وأنتَ تُصارعُ نوماً لا يأتي
كيف يأتي
مِن أيِّ الأبوابِ ؟
والغيمةُ لا ترى فارساً يُطاردُها
إنها تهمي مِن ضجرٍ
فترمي أثقالاً بعد طولِ عناء
وتُصيبُ رؤوساً في العراء
أيْ أيوبُ
مُفْزِعٌ ليلي
هذا الليل
22 ـ 11 ـ 2009 برلين

***

55 ـ مرآةٌ لأرضِ السّوادِ
***
ماذا لو صَنَعْنا
بحجمِ العراقِ مرآةً
وأرسلناها عَبْرَ البحرِ
هديةً للعراقيين
وقلنا لهم تمرأوا فيها
ومِن خلالِها
واجهوا أنفسَكم ؟
ماذا لو نصبْنا لهم المرآةَ ؟

22 ـ 09 ـ 2009 برلين
***
56 ـ مصادفات
***
فاتنةٌ مع كلبِها
اعترضتْ طريقي
سألتني قطعةَ نقودٍ
هي لا تدري أنّ محفظتي فارغةٌ
وإنّ كلبَها أوفر حظّاً مني
فاتنةٌ تتشهّى ما هو عليَّ محرّمٌ
زجاجةِ بيرة
شريحة خنزير
مُكعّب شوكولاته
بضع كراتٍ مِن المُرطبات
وساعة وصالٍ طويلة طويلة
فاتنةٌ وكلبها
على المارّةِ تقطعُ السبيلَ
وتسألُ مَنْ تشاء
وحين لا تُجاب
تزعلُ ما تشاء
فاتنةٌ خُلقت مثلي للعذاب

***
الرسائلُ في العادة
التي تأتي في البريدِ الالكتروني
تصلُ حاقدة
الرسائلُ التي تأتي مِن أبناء العراق
تأتي غارقةً في النفاق

***
امرأة مِن البعيد لاحت
عبرتْ جسراً
مثلَ بجعةٍ يُدللها الموجُ عبرتْ
امرأةٌ اختطفتْ في هذا النهار
شمسَ تموز

***
فاتنةٌ مثلَ رايةٍ
اقتحمت الميدانَ
فاتنةٌ مطليةٌ بالنور
خفقت في الميدان

12 ـ 07 ـ 2009 برلين

**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا