الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديوان أشواك الوردة الزرقاء شعر الناقد الراحل عبد الجبار عباس

محمد كاظم جواد
شاعر

(M0hammad Kadom)

2009 / 12 / 1
الادب والفن




ماالذي يدفع الناقد للولوج الي كتابة النصوص الأبداعية الأخري؟. من المعروف ان الناقد يمتلك أسرار عملية الأنشاء الابداعي لكن ليس بالضرورة أن يقسر نفسه علي خوض غمار هذا الأبداع بالرغم من دقة التأشيرات التي يخرج بها أثناء تفحصه النص. ومن الأمور المسلم بها ان النقد هو الذي يقوم بملاحقة النص ومن هذا المنطلق تتبلور العملية الابداعية للنقد . وهذا لايعني قطعا حرمان الناقد من الزراعة في ارض الفنون الابداعية الأخري ،لكن الصفة التي يحملها المبدع والمقترنة بما ينتج أمر في غاية الأهمية.
هنالك الكثير من النقاد مارسوا كتابة الرواية والقصة والشعر ،البعض منهم ارتضي ان تكون نصوصه في حدود المحاولة والبعض الآخر قدم نصوصا فيها بصمات واضحة لأدباء تناولوهم في دراساتهم لكنها لاتخلو من جهد ابداعي أسهم بشكل متواضع في اضافة شيء الي حقل الأبداع الواسع.
وقد ولج بعض الأدباء مملكة النقد وأثار بعضهم ضجة في طروحاته النقدية والبعض منهم هجر حقل ابداعه ووجد في النقد ضالته المنشودة.
ان التعبير عن احساسات الروح لايتم الا عن طريق نص ينتج في حدود معالمه الابداعية المستقلة ،لذا فأن الناقد قد يلجأ في بعض الأحيان الي خلق هذا النص ليلبي حاجات ضرورية ملحة ،وقد يقع تحت تأثير سطوة النصوص التي يتعامل معها اثناء اشتغاله في عملية النقد.
وفقيدنا عبد الجبار عباس ناقد معروف أكد حضوره الابداعي المتميز والشامل في مجال النقد الأدبي واختط لنفسه نهجا انطباعيا وأصدر عدة كتب نقدية توزعت بين الرواية والقصة والشعر والمقالة الأدبية اضافة الي المقالات التي توزعت في الصحف والمجلات الأدبية؛ وكتبه المخطوطة التي تنتظر من يزيل عنها غبار النسيان.
لقد آثر الناقد عبد الجبار عباس ان يجد في الشعر متنفسا للتعبير عن همومه عبر ديوانه اليتيم(أشواك الوردة الزرقاء)الذي صدر عام197. وقد نشر بعد هذا الديوان العديد من القصائد تناثرت في بعض المجلات والصحف اليومية .
وقد احتوي الديوان علي اربع عشرة قصيدة . ففي قصيدة مفتتح وهي اولي قصائد الديوان يبشر بميلاد قرن جديد الا وهو القرن العشرون لكن ولادته جاءت في احضان القرن العاشر دلالة علي ولادة تنذر بالكوارث والنكبات
ها... ولد القرن العشرون
في أحضان القرن العاشر.. ولذا حين اهتزت اوتاد الارجوحة
فغرت أشداق البركان
لقد عاش الراحل عبد الجبار عباس ازمة قاسية انعكست بشكل واضح علي شعره واتسمت بعض قصائده بسوداوية دفعت به الي ان يتمني الموت تخلصا من وطأة العذاب الذي يغلف روحه الشفافة ومن الكآبة التي تسيطر علي قلبه الرقيق ،لقد دفع ثمن مواقفه الثابتة بفصله من مجلة (ألف باء) حيث كان المحرر الثقافي لتلك المجلة . وظل يعاني قسوة العيش رافضا كل العروض التي قدمت له لقاء تسخيره في كتابة ادب السلطة.
ضباب. ضباب
ويعصر قلبي اكتئاب
خطي في الطريق
ويرتج باب
مياه. مياه بصدري تجول
وفكرت ماذا لو اني
هنا الآن في لحظة مثل هذي اموت
غير ان هاجس الحياة يبقي معلقا في الروح رغم كل هذه الازمات والأنكسارات التي تمزقه . ان السنين بعذاباتها المثقلة بالذكريات المؤلمة تحدث في اعماقه شرخا كبيرا فيتمني ان يغتسل بالمطر لتصبح روحه نقية لا تشوبها شائبة هذه التركات الثقيلة
وفكرت ماذا لو ان نثيث المطر
يهف بوجهي وصدري ونفسي وعيني
وينفض عني غبار الخمول
لو ان السنين لو ان الذكر
تناءت فما في رقادي اثر
ان استخدام البناء القصصي في القصيدة يعطيها بعدا دراميا ضمن سياق تصاعد الحدث من خلال الألتقاطات الصورية المنتقاةمن احداث مملوءة بالترقب ففي قصيدة صور منسية ينحو هذا المنحي . ثلاث صور مختلفة يبدأها بأقصوصة التي يمتزج فيها الحس الطفولي بين صراع الخبر والشر .
وردة. ارخت في دعة جفنيها
مرت للاحلام الوسنانة كفيها
حاصرها الشوك بأظفاره
وفي حوار اعتمد في بنائها علي لغة الحوار البسيط عبر تلقائية بعيدة عن التكلف في الشكل والمضمون
-أنت عدوي
-عفوا، انا لست عدو احد
-أنت عدوي
-لالست فأنت حبيبي
في (حادث نادرا ما يقع) برع الشاعر في تجسيد لقطة بسيطة لحادث غرق ورصد هذا الحادث من عدة زوايا اننا نقف ازاء لقطات سيميائية بارعة واضحة الصورة يتصاعد فيها الحس الدرامي من خلال الترقب المتوقع لنهاية الغريق الذي ترصده عين في الضفة الأخري
عين في الضفة لاتطرف
رأس يطفو وفم مفتوح لايصرخ
وينهي قصيدته بلقطة سينمائية فيها دلالات موحية
عين في الضفة تبكي
ان الألتجاء الي فضاءات الحلم الواسعة هو الدليل الواضح علي رفضه لنمط الحياة التي كان يعيشها بأيامها المملة والتي كانت تثقله بمعانات كبيرة فالحلم يمثل حالة استرخاء للروح عبر تأملات بسيطة المنال.. لك في الحلم شراب وغلال.. ورفيق جاش في القفر تصباه الغناء
قلت نعم العرش ذاك
غير ان الحلم يبقي مجرد حلم . يتحطم في صمت المساء الثقيل فتبدأ معاناته ويتأسف لهذا الوهم الذي يسيطر علي روحه
عبثا كان ارتقابي وضلال
رغم ضياع الحلم تبقي روح الشاعر مشدودة الي ذلك المبشر الذي سيأتيه كملاك فيأتي لكن بعد فوات الأوان
جئت لكن
ونت الروح ونجم العمر مال
في (قطرات مختلفة فوق بحر) خمس قطرات تمثل كل واحدة منها قصيدة مستقلة ،في المقطع الاول يعبر عن غربته من مسرح الحياة فالمسرح خاو والكل قد رحلوا فيسخر من هذا الكون القميء
عنقي سكين وذراعي
طين والكون قميء
تمثل قصيدة (الظل) الرحلة اليومية له اذ يجد نفسه غريبا فيطلق ظله المتصعلك في صخب الحانات
هنديا أحمر ارقص في صخب الحانات
تتصاعد هذه الرحلة اليومية الموجعة التي تنتهي بالعودة الي البيت ،فتبرز معاناة الليل القاسي
وأجاهد ان انهي الليلة
لو كفنني ثلج سريري دون بكاء
وفي الصباح تبدأ الرحلة المتعبة والمتوجة بالكسل فتسوقه خطاه الي زحمة الناس وتختلط الصور فيراقبها بتثاقل ولأنه غريب عن هذا الحشد منفي داخل الوطن يرتضي لنفسه مقعدا صغيرا في زاوية المقهي وعبر النوافذ الزجاجية يراقب الناس ويمارس بعض الفعال بعبث جميل. عندما ينظر الأديب الي مرآة الواقع نظرة شمولية فانه سيحدد موقفا فكريا واضحا من خلال هذه الرؤيه والناقد عبد الجبار عباس شأنه شأن الكثير من الأدباء الذين تفاعلوا مع الحدث الحزيراني الذي اوجع الوطن العربي بنكسة مريرة وفي مدينة الحلة ومن مقهي (أبو سراج) يكتب عن وجه حزيران
وحين مدينتي تهرع
مع الأعصار للمقهي الكبير بجانب النهر
تلوك خواءها اليومي
سلم قلبها المثقوب للندم
لم يصدق عبد الجبار عباس هول النكسة لقد خدعه بصره من خلال الاحداث التي آلمته فأعطي لحزيران وجها آخر انها صورة احتجاج
أرفض ان يخدعني بصري
ولذا لن تتضخم في كلماتي الصورة
لن اجرؤ أن ارفع كفي
فأصابع كفي مبتورة
ورغم ضخامة الحدث الذي احرق قوافيه المهمومة الا انه آمن بقوة فعل كلمته
احرقت النابالم قوافي المهمومة
قلمي قنبلة في جيب
هذه قراءة بسيطة لديوان استاذي الراحل عبد الجبار عباس الذي رحل عنا مبكرا وترك في نفوسنا غصة لاتمحي رغم انه يداهمنا في جلساتنا بصوته المتهدج وحديثه المتألق الذي يجبرنا علي الاصغاء بكل ما نمتلك من حواس





مفتتح

ها.ولد القرن العشرون
في أحضان القرن العاشر
ولذا حين اهتزت أوتاد الارجوحه
فغر الأشداق البركان
مقتربا أو مبتعدا عن وجه الطفل
.....
ندّت صرخة
لكن لم يلتفت الأبوان

بيان صغير
الشعر خطى فوق الرمل
وصوى للجوعان الهائم
تجلوها الريح وتخفيها
فخطى الذاكرة المقرورة
تتسكع في الرأس الواجم

من دفتر قديم
ضباب ضباب
ويعصر قلبي اكتئاب
خطى في الطريق
ويرتج باب
مياه مياه
بصدري تجول
وفكرت:ماذا لو اني هنا الآن،
في لحظة مثل هذي أموت
اذن لاسترحت
اذن لأرحت
وفكرت:ماذا لو ان نثيث المطر
يهفّ بوجهي وصدري ونفسي وعيني
وينفض عني غبار الخمول
لو ان السنين لو ان الذكر
تناءت فما في رقادي منها أثر
وغمغم صوت
سنون تفوت
تجف بقلبي الحياه
بقلبي الحياه
حياه
مياه
وفي الصمت أسمع نافورة،فالمياه
تذرذر بردا
تشع ضياء
تنث رحيق
خطى في الطريق
مياه مياه
بصدري تجول
وكنت تقول
لو اني انزلقت بنوم طويل،
طويل فلا أستفيق
خطى في الطريق
مياه
وفكرت لو جسدي حملته المياه
يظل مسجى ويجهل ما منتهاه
مياه
ضباب
وينضب ينضب فيّ الشباب
وقرع الخطى وهي تنأى،
وتنأى بصمت الضباب
...................
..................
ويرتج باب





حكاية قديمة

المشهد

تدق طبول أورك والمشاعل تنفث اللهبا
تموّج ضوؤها فوق الوجوه وصوت كاهن أورك المجهد
يتمتم:هذه الليله
تضاء بأمر آلهة المدينة حجرة المعبد
ويفرش مخدع لأمير أورك فيه اشخارا
تضمخ صدرها بالطيب
ليسري في دماها الخصب منه فيلبس الشجر
رداء قد نضاه الجدب أعواما بها احتجبا
فرددّت الحناجر:بورك الربّ
تفطرّ قلب هذي الأرض يامطر
فقبّل ثغرها الظمآن ، فهي هناك خلف السور تنتظر

الكورس

تزهو أورك ذات الاسواق
بك يا جلجامش يا بطل
أنت عرفت دروب الليل
وخبرت كهوف الآفاق
حتى أتعبك الترحال
أنشدن بنات مدينتنا
جلجامش حالف أنكيدو
صرعا في الغابة خمبابا
هل تدري الأم المحزونه
انا نتغنى بابنيها
فتعيد غنانا الاجيال

عشتار

أنسام ليل الصيف تعبث بالستار
وهماسها: هيا الي
دعني أمص من الثمار
متعا حملت كنوزها في ساعديك
فأنا اليك
كنت ادخرت مفاتني منذ اكتويت
بدم تعطش منذ شبت ناره لدم الرجال
أعددت مركبة النضار
وستحمل الأثمار من قمم الجبال
لك ياحبيبي ياأمير
فتعال قد أعددت مخدعنا الوثير
هيا تعال
الكورس

هي أفعى فاحذر ملمسها
باب لايصمد للريح
نار لا تلبث أن تخمد
هي جزّت جنح الأطيار
قتلت تموز وتبكيه
والحارس مسخته ذئبا
وجهك تدمغه بالعار
وتلطخ ثوبك بالقار
فابعد عنها.. ابعد عنها

أنكيدو

لعنة كانت علينا
ميتة الوحش فقد حلت بزندي
رعدة تسري الى قلبي فتختض ضلوعي
ياصديقي
أمس في الحلم رأيت الأرض مست عريها كف الربيع
أورقت أغصانها الجرد وحلت في عروقي
من نفاح الكوخ نسمه
ثم فجأه..
خفقت أجنحة النسر على صدري سودا
أنشب الأظفار في عنقي ،عرّاني،واذ فتحت عيني
كانت الظلمة ثلجا أسودا يركض ظلي
فوقها دون أزار
ياصديقي ..
ليتني حطمت أبواب المدينه
ليتني أقدر أن أصرخ في صمت السكينه
أيها العاهر في ظل جدار
ليكن مأواك،لم فتحت عيني
فهجرت الجبل الأخضر والنبع الى السوق اللعينه
ليكن جسمك زادا للضواري

الكورس

كنا حذرناك،ولكن ..
ياكاشف أسرار الأبد
لم تلبس من جلد الأسد
ثوبا وتهيم على وجهك

جلجامش

وما زلنا نراه يجوب صمت مسالك الأرض
يسائل أيما شجر
يراه:أخلف ظلك خبيء العشب
وينبش بالاظافر ضفة النهر
ويصرخ: قد خبرت مسالك الدنيا
فأين تراك، فأين تراك، فأين تراك،تختبيء
وليس سوى الصدى في الأفق ينفجر
وتومض نجمة في الليل .. ثم تعود تنطفيء
. . . . . . .
ويخبو خلف أسوار المدينة في الدجى القمر

صور منسيه

أقصوصة

في حلك الليل المربد
ورده
أرخت في دعة جفنيها
مدّت للأحلام الوسنانة كفيها
حاصرها الشوك بأظفاره
. . . . .
خفقت أجنحة ورديه
مروحة في ضوء الفجر
دارت ،
سكنت ،
أين الوردة ؟
أين الوردة ؟
. . . . .
كانت قد فقأت عينيها
أدمت بيديها خديها
رحلت قبل طلوع الفجر
صارت شوكه

حوار

تهتز حبيبات العرق
في جبهته
- أنت عدوي
- عفوا ، أنا لست عدو أحد
- أنت عدوي
- لا لست ، فأنت حبيبي
- قلت عدوي
- حسنا ان كنت تصرّ
أطرق ثم أجاب
مختلجا: يا ، عفوا ، فعلا ،
لست عدوي
أنت . .
أنت حبيبي

حادث نادرا ما يقع

عين في الضفة لا تطرف
رأس يطفو
وفم مفتوح لا يصرخ
عشر أصابع تصرخ
من جرح ينبح في النفس
النجدة ياسامع صوتي
أنقذني من كف الموت
النجـ . . . )
رأس يغرق
رأس يطفو
عين في الضفة لا تطرف
الفم يطبق
الكف تموت
الرأس يغور
حلقات الماء تدور
الماء يدور
الماء يدو
الماء
يتلامع في ضوء الشمس
. . . . .
عين في الضفة تبكي

حوار آخر الليل

قال : لو شئت
فتمتمت : هواك
جمرة في اليد أو في الفم ماء
لم هنا كنت وما كنت هناك ؟
***
لم يكن في الكوخ
سلّمت ، ولكن
لا صدى عاد اذ انداح السؤال
ذنب من كان ؟
وكانت مقلتاك
تسرجان الحلم ، فالباب حنين ونداء :
لك في الحلم شراب وغلال
ورفيق جاش في القفر تصبّاه الغناء
خببا يعدو فيعدو قمر الغرة ترعاه الظلال
قلت : نعم العرش ذاك
وتزودنا وسرنا
غير أني كلما ظللني صمت المساء
نشج الطفل بصدري :
كان يسطيع فلم أخلف وعدي ؟
عبثا كان ارتقابي وضلال
***
ربّما لو نفد الدنّ سيأتي
فوق ماء النهر يسري كملاك
- جئت ،
لكن ونت الروح ونجم العمر مال
أيها الرافع في الليل جبينا كالهلال
أين قبل النوم كانت مقلتاك ؟

الوجه
رواق
تتلع في عتمته أعناق
وقفت عند بابه شبح
يحفه الضباب
يصك سمعي هول ما يهمسه التراب :
(البوم لو ينعق كالبلبل لو صدح
لا يملأ العينين غيري لحظة الاياب
لا تشك للذئب من الذئاب
في غابة الحراب
لا تأتمن ظلك ، كن لنفسك الدليل
قل كلمتين
اعدّ للرحيل
زادا ، فان الموعد الفراق
. . . . ن الموعد الفراق
. . . . . الموعد الفراق )
ركعت عفرت على التراب
غضون جبهتي وخدي الضارع البليل
هتفت اذ نوّر في دوامة الذهول باب :
رحماك يا مليكنا الجليل
دعنا نرى الفارغ من كؤوسنا دهاق
أو تطفيء الشوق الى نميرك الظليل
دعنا نرى الغارب من أعمارنا لفاق
أو تغمض العينين دون ساعة المثول
من روضك المعطار ان لم نجن غير صاب
فاجعله في أفواه جوعى سائغ المذاق
لو قبض الظل عن السفر جفاف دربنا البخيل
فاجمع على الحب قلوب قلوب السفر والوفاق
لو لم نذقها ، آه يا تفاحة العذاب
أكنت لي الحياة أم كنت الدماء للقتيل
يهتزّ كلما أضاءت وجهه اللياق
لولاك لم يجزع من ارتجافة القتيل
قلب خفوق بعد في نضارة الشباب
لو ظلت الأهداب
مسبلة ، فلم تر الأحداق
طريقها الطويل كاللؤم أو النفاق
طريقها القصير شبه لمحة البصر
لو انني رضيت بالقليل
بالصمت لي سيفا وبالرضى زرد
بالغلّ اذ يشد عنق العابر الكليل
ينجيه من ان ينفد الزاد ولم يبلغ بعد غاية السفر
لو انني . .
لو انني في ذلك السحر
رددت كفي ما طرقت باب
لو كنت مثل أي عابر غبر
وقلت كلمتين لم أزد
فما درى أحد
بلهفتي الحمقاء
لوردة صغيرة زرقاء
من نال منها لمحة ظل الى الأبد
أسيرها التائه في وعورة الشعاب
يخالها تلوح في ضفائر الشجر
أو رقصة الشعاع فوق صفحة النهر
حتى اذا ما مدّ للقطاف يد
عادت له بحفنة السراب
شاخت غصون غابة الحجر
وغاب جيل اثر جيل اثر جيل
ولم تزل تلوح في المنام أو في قدح الشراب
باسمة بخصرها النحيل
صبية ناهدة كأنها القدر
. . . . .
واذ أفقت كانت الظلال في الأصيل
تظلم ، والزقاق
أطفاله يرددون فوق أسطح البيوت :
ياأيها القمر
ياأيها المنوّر الجميل
متى متى تموت
يافارسا ملثما يخب في السحاب
اكشف لنا عن وجهك الخفيّ
ياسارق الألباب يامعذب البشر

الدور

أدّ دورك
في حدود الحلبه
واسحب الخطو عن الضوء بصمت
دفع المجهول غيرك
فاعطه الكرسيّ ، وارحل
ليس يجدي أن تثير الجلبه
***
قبل ان تلمسها الشمس الوضيئه
سقطت أوراقك الصفراء في زهو الربيع
فجأة نزّ النجيع
صابغا طوق الحمامة
صارت الشمس شظايا
وظلال الشجر الساكن ألغازا خبيئة
نبضات – كل ماظل - تدوّي في الجبين
عبرها صوّتت البوم وطارت
وتلوّى رحم الأرض المليئة :
كلّ من فارقني ظلّ ورائي
يتصباه الى صدري الحنين
ليس يا أبناء في غير انائي
تلتقي النار الصقيع
ليس في غير سراديبي الوطيئة
يمرح الذئب مع الحمل الوديع
في ينابيعي وأنهاري الصبايا
تسبح الأقمار والشمس عرايا
ذهب الجزة لايحرسه الغول اللعين
فاخلعوا الأسمال ، ناب الجوع لو عضّ علامه
واطرقوا الباب ، انتهى درب الندامة
***
هاهو الليا انتصف
أطفيء المصباح وارحم
جفنك المثقل والقلب الصديع
ولتقل : تلك المشيئة
أيّ شيء غير هذا نستطيع

قطرات مختلفة فوق بحر
(1)
أطفو فوق اليوم ، أروح ، أجيء
المسرح كاب خاو
تتخافت فيه الأضواء
أترى رحلوا ؟
أم عرض الليلة لما يبدأ بعد
عنقي سكين ، وذراعي
طين ، والكون قميء
(2)
لو كرة ذا الكون في
كفي ، اذن عصرت
كنت في اطلاله بكيت
(3)
بين كفي
وسقوط الثمره
يرحل الوجه ، وراءه
يرحل المهد ودود المقبره
(4)
لاأحد على يدي جريح
يبول ، فالصلاة
مطفأة ، وكل عابر
مزاره منفاه
(5)
لاينقذ الغريق
غرقى ، ولكن ربما أسعده
أن تلمس الخطى معا قرارة الماء
لكنني أقول :
لاتيأسوا ، فربما
من شقق خافتة الضوء
ومن عيادات الأطباء
سيقبل المخلص !




الظل

هنديا أحمر أرقص في صخب الحانات
أتسول أعقاب سجاير
في جيبي سروالي الأخرق
أرخي كفيّ وأصفر أو أشتم عابر
فأثير القهقة الصفراء أو اللعنات
أطرق ثم أفرّ كطفل بابا مغلق
أتسكع خلف زوايا الليل الشمطاء
ألقي موعظة بين سكارى الباصات
أتقافز كي ألمس وجه الغيم الأزرق
أخدع ظلّي أو أهجو قمر الطرقات
بحصى أرجم وجهي الساكن فوق الماء
أبحث تحت عمود ضياء
عن شحاذ نام الناس وظلّ مؤرق
كي أنشده في الفخر قصائد عصماء
وتسوق خطاي الى أن أبلغ بيتي في الدرب حصاة
وأجاهد أن أنهي الليلة
- لو كفنني ثلج سريري – دون بكاء
***
تنفض نومي الشمس الجهمه
مبتسما في تعب أستقبل اصباحي
أرسم فوق غضون الوجه ظلال البسمه
أسحب خطوي المثاقل عبر الاسواق
أتنفس فيها عرق الاجساد ، غبار الضوء ، صراخ الباعه
أقبع قرب زجاج المقهى
أصلب عينيّ على الاعجاز أو السيقان مدى ساعه
أنبش في وحدتي الكسلى
أعمدة الصحف اليوميه
علّ نكاتا في زاوية ما ، جنسية
تستلب التصفيق من الأيدي المخموره
فاذا ما نشّر معطفه الكابي الليل
تثقبه في الساحات عيون العربات
أعددت الأصباغ وريشاتي المطليه
كي أرقص بينا ارويها
فوق موائد حانات الليل المهجوره

يوم

انها الآن تمام السابعة
نشرة الأخـ . . .










هاهي الآن تمام العاشرة
سيداتي سا . .

وجه حزيران

وطار الوجه في الريح
تخاطف ظله ضوء المصابيح
يخب في المخادع ، يقذف الأجساد باللهب
وصوّت في المآذن :عفر اسم الله صوت البوم
تراكض في الشوارع ، فرّق العشاق ،
بعثر بين صبيان المحلة عدّة اللعب
أعاد الطفل للرحم
وألهب بالسياط الحمر صدري ،مقلتيّ ، فمي
وعصب بالشواظ جبيني المحموم
فعيناه النصال مدى النهار تجول في تعبي
وفي نومي
صدى ينداح في حلمي
بكاء صبيّة ونحيب قافلة من الغجر
وحين مدينتي تهرع
مع الاعصار للمقهى الكبير بجانب النهر
تلوك خواءها اليومي ، تسلم قلبها المثقوب للندم
يحط على الموائد والجرائد خنجرا مثلوم
وفي صخب المطاعم ، في دجى البارات ، من دار الى دار
يديف نجيعه بالماء ، يغمس بالوحول رغيفنا المسموم
فنستر بالمناديل المعطرة الوجوه ، نلوذ بالمذياع :
(طلعنا عليهم طلوع المنون فراحوا هباء . . )
ودمدم صوته المبحوح : نسل سدوم
تقيم بقية الأقصى الشريف ولائم النصر
وتمسح ما تقطر فوق فخذ بغيها بشعار ثوار
لقد صار الكتاب – وغص – ممسحة لخمار
وينشج : لاولدتم ، يومكم مشؤوم
فترتجف الضمائر ، تخرق الأكفان ، تعرى ،
تنزف الاحداق دون دم
الوجه الآخر

أرفض أن يخدعني بصري
ولذا لن تتضخم في كلماتي الصوره
لن أجرأ أن أرفع كفي
فأصابع كفي مبتوره
ماتت في أن أمدح أو أشتم بي الرغبه
ولذا لن أعتلي المنبر
أستبكي الأحداق الذاهلة المخموره
فعلى الأسلاك الملغومه
صلبت شمس الرمل الأحمر
أحرقت النابالم قوافيّ المهمومه
قلمي قنبلة في جيب
وكتابي عينا شبل عربي أسمر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لبلبة ربنا تاب عليها واتحجبت-??‍?? لما لبلبة مشيت في الشارع


.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف




.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين


.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص




.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة