الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طهران – أنقرة والجوار العربي

محمد سيد رصاص

2009 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تفصل عشرة أعوام بين تأسيس الملك قورش للدولة المركزية في بلاد فارس وبين سقوط مدينة بابل في عام539قبل الميلاد بيد الفرس،ثم بلاد الشام بالعام التالي،وبعدهما مصر عام525،فيماهناك سبعة عقود من الزمن بين بدايات الدولة الحثية في آسية الصغرى وبين (معاهدة عام1280 ق م)التي تقاسم فيها الحثيون والمصريون سورية الطبيعية،كماأن سقوط آسية الصغرى بيد الإسكندر المقدوني (331 ق م)قد أدى ليس فقط إلى انهاء السيطرة الفارسية على الشام ومصر والعراق وإنما أيضاً إلى اجتياحه لبلاد فارس وصولاً لنهر السند،وهو مالم يستطعه الرومان الذين كان اسقاطهم (بعد السيطرة على اليونان وآسية الصغرى)عام 64ق م لسورية،ثم مصر (31 ق م)،ليس مؤدياً لتكرار مافعله الإسكندر،وإنما إلى وقوفهم عند نهر الفرات.
أدى هذا المسار التاريخي إلى علاقة (هي شبيهة بعلاقة الأواني المستطرقة)بين الهلال الخصيب وجواريه الشمالي والشرقي:لم يكن العصر الاسلامي استثناءاً حيث قادت معركتي اليرموك(636 م)والقادسية بالعام التالي إلى سقوط بلاد فارس بيد المسلمين إثر معركة نهاوند(641 م)وإلى حصار القسطنطينية( 673- 678 )،كماأن نهاية الدولة الأموية عام750ميلادية قد أتت عبر حركة كانت قوة دفعها نابعة من الشرق الفارسي،فيماكان سقوط القسطنطينية بيد الصليبيين عام1097مؤدياً لشيء مماثل في بلاد الشام بالعامين التاليين،وكان اجتياح التتار لبغداد عام1258مسبوقاً بسقوط بلاد فارس ومتبوعاً ببلاد الشام قبل أن يوقفهم المماليك،الحاكمون بمصر، في معركة عين جالوت بعد عامين من سقوط بغداد.
هنا،إذا كان الصليبيون والتتار قد استغلوا حالة ضعف موجودة في منطقتي آسية الصغرى وفارس ،سمحت لهما بأن يستخدموهما ممرين،فإن حالة الربع الأول من القرن السادس عشرقد أظهرت نشوء وضع جديد ،متمثلاً في دولتين قويتين في تلك المنطقتين،هما العثمانية والصفوية،بالترافق مع حالة ضعف وتفكك القوة في المنطقة الممتدة بين بغداد والقاهرة:كانت معركة جالديران عام1514،وانتصار السلطان سليم الأول فيها على اسماعيل الصفوي،مؤدياً ليس فقط إلى سقوط مدينة تبريز بالعام التالي بيديه وإنما أيضاً بلاد الشام(1516)ومصر(1517)وبعدهما العراق عام1534أثناء عهد ابنه سليمان القانوني.
قادت نتائج معركة جالديران إلى تشكيل مشهد كامل المنطقة لمئات السنين اللاحقة حتى بدأ الفصل الغربي وغزوه للمنطقة بين عامي1798و1918وماقاد إليه من نجاح لندن وباريس في إعادة صياغة مشهد منطقة الشرق الأوسط،بمافيه فارس وآسية الصغرى،بحيث أصبحت أنقرة وريثاً صغيراً لاستانبول تيمم وجهها نحو الغرب بدلاً من الجنوب،فيمابلاد فارس في حالة اضطراب وضعف حتى قررت واشنطن(التي حلَت محل بريطانية هناك منذ الإنقلاب على محمد مصدق بآبأوغسطس1953)اعطاء شاه ايران دور"شرطي المنطقة"منذ أوائل عقد السبعينيات لملء حالة فراغ القوة الناتج عن الإنسحاب البريطاني من منطقة شرق السويس. أيضاً،إن حالة فراغ القوة بعموم المنطقة،الناتج عن الضعف الحاصل في قوتي لندن وباريس منذ عام1945،والحيز الذي وفرَه للقوى المحلية صراع القطبين الجديدين للعالم على المنطقة،قد أتاحا المجال لبروز قوة حركة القومية العربية،بفرعيها الناصري والبعثي،في المنطقة الممتدة بين القاهرة وبغداد مروراً بدمشق.
لم تنجح الحركة القومية العربية في ادخال العرب في(نادي الأمم القوية)ولم تفلح في موضوعي(فلسطين)و(الوحدة العربية).هذا أنشأ فراغاً في القوة حاولت الحركة الاسلامية ملئه في الشارع العربي.أيضاً،إن هذا الفراغ قد امتد ليشمل الفضاء الاقليمي العربي،هربت القاهرة من استحقاقاته بإتجاه(كامب دافيد)،فيماحافظت دمشق على قوتها من خلال انشاء توازن بين موسكو وواشنطن منذ عام1976وبعد سقوط السوفيات عبر أدوار اقليمية تكيَفت فيها مع عالم (القطب الواحد للعالم)الذي تصادمت معه في مرحلة مابعد احتلاله للعراق عبر محاولته تحجيم دورها الاقليمي منذ القرار1559(2أيلولسبتمبر2004)حتى أجبرته بدءاً من نهاية2006على الإعتراف مجدداَ بدورها الاقليمي المتعدد الأبعاد،بينما استمر صدام حسين فوق الماء لأنه لعب دوراً صادَاً للقوة الإيرانية الصاعدة القوة بعد استلام الخميني للسلطة في طهران1979والذي أراد ملء فراغ القوة الحاصل عند العرب لصالح ايران،وهو ماتلاقى فيه الغرب(ولحد"ما"السوفيات)مع بغداد،قبل أن تتصادم واشنطن وطهران،بعد تحالفها الوقتي أثناء غزو واحتلال العراق عام2003،بحكم محاولة العاصمة الأميركية "إعادة صياغة الشرق الأوسط"،ومقاومة طهران،التي كانت الرابح الأكبر من سقوط بغداد،لهذه المحاولة الأميركية بعد أن أصبحت ايران ليس فقط الأقوى بين العديد من القوى الخارجية الفاعلة في الذاخل العراقي وإنما أيضاً قوة اقليمية ،وبحكم ماجرى في"البوابة الشرقية للعرب"منذ يوم9نيسانابريل2003، هي الأكبر مامكَنها من أن تكون لاعباً مؤثراً جداَ في بيروت وغزة وصعدة.
الآن،ومع تعثر المشروع الأميركي ،الذي يدنو من حافة الفشل،يقترب مشهد منطقة الشرق الأوسط من أن يكون قريباً من مشهد عام 1514لماكانت استانبول وأصفهان هما الأقوى بالمنطقة ، إثر لجوء واشنطن إلى تعويم الدور التركي بدءاً من عام2007ودخول أنقرة بقوة وعبر رضا أميركي في كل ملفات المنطقة الكبرى،من دون أن يحجب هذا واقع أن الصراع الأميركي- الايراني هو المحرِك الرئيس للتطورات الاقليمية :كيف سيتصرف العرب حيال هذا المشهد،ونتائجه المحتملة؟........











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر