الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين المحتلة: مسؤولية بالتقصير تقع على الشعب والمعارضة

عماد صلاح الدين

2009 / 12 / 2
القضية الفلسطينية



يتحمل الشعب الفلسطيني وقوى المعارضة المسؤولية الأكبر في مواجهة حالة الارتداد غير الطبيعي التي نحياها منذ فترة طويلة ، تحديدا منذ فترة السلام المشئوم في تسعينيات القرن المنصرم ، وحتى أيامنا هذه ، في الوقت الذي يستخف فيه رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليس برئاسة السلطة وحكومتها اللتين لا يهمانهما سوى الأمن والمال المقتسم على عناصر بعينها ، من دول عرب الاعتدال والأوروبيين المانحين ، بل ينصرف الاستخفاف في الأساس إلى الشعب الفلسطيني الذي لا صوت له في معارضة حقيقية لما يجري له من تراجعات واحباطات على غير مجال إلا في قطاع غزة ، وربما في بعض حركات نشاط هنا وهناك في شتاته القريب والبعيد .

نحن للأسف ، نصنع ممن ارتكب الخطايا السياسية والأخلاقية بل الطبيعية بمسنود الأساسيات والثوابت من حقوق الشعب الفلسطيني ، بطلا خارقا للعادة وللمألوف ، ليس بسياقات التاريخ المادي السياسي ، بل ربما يفوق مفارقات لأوضاع توقيفية وتوفيقية لمسارات دينية منذ فجر الإنسانية .

كثير جدا منا من ينافق ، ويكذب ، بان الراحل ياسر عرفات ، صنع المعجزات ، ولولا الخون من حوله ، وما اصطلح الراحل نفسه على تسميتهم بالجزم ، لكان الراحل هو المنقذ ، ولما كان هناك تفريط ، ولما كان هناك انقسام وما إلى غير ذلك من لولاوات الكذب لتحقق ما امتنع تحقيقيه بسبب غياب هذا العبقري أو ذاك الأسطورة صاحب الشخصية الفذة والكاريزما غير المتكررة في تاريخ الشعب الفلسطيني بكليته .

والأمور في عرف الفلسفة والمنطق والتاريخ بدراية العقل السليم ، تقول أن المقدمات والمقومات تقود إلى تدرجية تحقق النهايات ، فيا ترى من جلب لنا هؤلاء القوم " الجزم " بالأخلاقيات والمواصفات التي اعرفها وتعرفونها جيدا ، ومن صنع من ؟ ومن قبل بمن ؟ ومن قاد المشروع الوطني بدون هدى أو بصيرة ودون التحقق من مرجعية أو التعرف على العدو بما فيه من حقيقة وطبيعة ، من يا ترى ؟.

رئيس السلطة الفلسطينية المقيم حاليا في مقاطعة رام الله ، الم يخرج كثير من الناس في رام الله وغير رام الله ، قبل رحيل ياسر عرفات بفترة وجيزة ، ليتهموه بالعمالة لإسرائيل وأمريكا وما إلى غير ذلك ، في معرض الخلاف بينه وبين الرئيس ياسر عرفات على حدود الصلاحيات بين منصبي الرئاسة ورئاسة الوزراء المستحدث في حينه .
رأيت هؤلاء الناس وعقب رحيل ياسر عرفات بأشهر قليلة جدا ، قد انقلبوا وأصبحوا ينظرون إلى الرئيس الجديد على انه بطل أسطوري لا تضاهيه الإبطال ، وعرفات الأمس الذي تحدثت المعلومات والتقارير عن اغتياله المؤكد ، عاد كما لم يكن ، وصار الماجد عندنا حيا في الحياة فقط ، والميت مآله للدود في تراب فقط ، هذا كله على عكس ماهية فلسفة التاريخ ومساره الذي يقول بتأثير الأموات فينا إيجابا بدينامكية التحريك والتنشيط المبني على السمعة والأثر، أكثر من تأثير الأحياء فينا ولو قادة وهم على قيد الحياة.

لدينا قيادات باسم الوطنية والمشاريع الوهمية ، وتحقيق الدولة المستقلة التي تكاد تنعدم عناصرها المطلوبة ، يخربون في كل اتجاه وفي وضح النهار ، والأعذار فيما يقومون ويفعلون غائبة ، المبررات بات سخيفة ولا يقبلها عقل السفيه أو المعتوه ، ونحن الشعب الفلسطيني نكيل لهذه القيادات المديح ثم المديح خوفا وتزلفا وكذبا ، وحتى قوى المعارضة إسلامية ووطنية وقومية ، مرة تقول بان قيادات بتصرفاتها في غير مجال وطني تحقق شروط الجاسوسية والخيانة ، ومرة أخرى يدعون أنفسهم وغيرهم إلى مصالحة مع هؤلاء .

الشعب الفلسطيني تُرتكب بحقه فظاعات وجرائم لحقوقه الطبيعية والسياسية والأخلاقية والقانونية ، ولا نرى تظاهرات حقيقية أو حتى شكلية تخرج في شوارع الأراضي المحتلة عام 1967 ، في الضفة الغربية الآن تحدث عديد انتهاكات ومنذ فترة تجاوزت الثلاث سنوات ، هناك اعتقالات سياسية ، وتنسيق امني مع إسرائيل، وإغلاق مؤسسات وجمعيات ، هذا عدا عن الحديث الأساس لما يتعرض له قطاع غزة من جريمة العصر الفريدة. على أعلى الحراك السياسي في السلطة الفلسطينية الرسمية المفاوضة وصلت خط المفاوضات ليس إلى طريق مسدود ، وإنما إلى نهاية محتومة بالفشل المؤكد ، ولازالت القيادة المفاوضة تدعو إلى مزيد التأميل والتعويل على تحقق حل الدولتين الذي لم تتبق من عناصره المطلوبة مكونات يمكن أن تؤدي إلى الدولة الفلسطينية المستقلة العتيدة .
قلت ذات مرة لأكاديمي سياسي معارض وبارز من الضفة الغربية المحتلة ، لماذا لا يخرج الناس في مظاهرات ، لماذا لا تخرج القيادات المعارضة إلى الشوارع ، كاحتجاج مدني وفي قالب من العصيان السلمي ، على منهج السلطة الفلسطينية وسلوكياتها في التعاطي مع القضية الفلسطينية ، فقال لي ومن أسف ، من غير المناسب الخروج في مظاهرات ، فالمطلوب الآن هو حماية الناس ، وعدم التعرض للأخطار ، اليوم وصل هذا السياسي إلى قناعة ضرورة التضحية من اجل التغيير في معرض مقال كتبه مؤخرا للجزيرة بشأن الخلفيات الحقيقية لنزاع كرة القدم بين فريقي الجزائر ومصر في القاهرة وأم درمان.
التغيير بحاجة إلى تضحية ، والتضحية ليس من تقسيماتها فقط التضحية في مواجهة العدو في إطار كفاحي مسلح ، بل إنني ازعم أن الكفاح السلمي المدني في مواجهة أية سلطة مستبدة وشخصانية ، هو من أعظم الكفاح ، قال الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم( أعظم الجهاد في سبيل الله كلمة حق عند سلطان جائر).

تتحمل القيادات والأطر المعارضة والشعب الفلسطيني بأسره في كل أماكن تواجده ، المسؤولية في اتخاذ الموقف الحاسم ، ولو بالتدريج المفضي إلى النتيجة المطلوبة ، وهو إيقاف كل هؤلاء الذين ينقلوننا من تراجع إلى تراجع ومن إحباط إلى آخر عند حدهم ، فالتراجعات شملت كل شيء في قضيتنا الوطنية ، حتى الإعلام الذي يناصرنا ويفضح جرائم الاحتلال وانتهاكاته بحقنا ، باتت بعض قياداتنا تلاحقه ، وتكيل له التهم دون وجه حق أو دليل ، ولعل الإعلانات واللافتات المنصوبة اليوم في رام الله بقصد تشويه صورة وسمعة قناة الجزيرة في قطر ، هي دليل إضافي وكافي للتدليل على المنهج المسخ الذي من خلاله تتم الإساءة إلى الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

حان الوقت لقول لا ، حان الوقت للمساءلة ، لم يعد هناك إمكانية للتبريرات وللأعذار ، قفوهم إنهم مسؤولون !!.

لقد أصاب المعارض الإسلامي الأردني ليث شبيلات حين تساءل ذات مرة من على مرناة قناة الحوار في لندن عن أين هي المعارضة في المنطقة العربية الإسلامية! فالمعارضة يلزمها التضحية ، والتضحية هنا غائبة ، وعمليا فالمعارضة أيضا غائبة.
محام وكاتب فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ