الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صديقي العزيز راسم فلاح بامتياز

محمود المصلح

2009 / 12 / 3
الحركة العمالية والنقابية


رائحة المطر وهي تعانق الارض المتعطشة للحظة اللقاء تأسره ، وتأخذه من نفسه بعيدا حيث الخصب والنماء ، بعيدا في اعماق الارض ، هنك عند الجذور المنغرسة الضاربة في البعد ، يلتقيان راسم والمطر .. راسم والأرض ، يرقب الغيمة بوله شديد ، ولوعة الانتظار ، وكانه عاشق على ناصية الطريق بقي ينظر معشوقته سنين .. راسم لا يمل من الانتظار .. مجبول مع تراب الارض ، معجون من طينها ، قوي كصخرتها العصية على التحطم او العزل ، مرهف.. لين .. كما لو ان عشبة طرية لينة تخترق الصخر .. مدفوعة بارادة الحياة .. مدفوعة بقوة النمو .. ورغبة الاخضرار .. في قسوة التصحر والصخر ..
يعشق الارض والتراب والصخر .. تماما كما يعشق النبتة والعشبة ، وكما يعشق الخصب والعطاء ، مدفوعا بوجع قديم يحز في جرح ما برح يدميه ..ينبت على ضفتيه حلم قديم عتيق قادم من الاعماق البعيدة من وجع بردلا والساخنة وبيسان وطوباس .. يرسو به على شاطىء الحرمان والبعد ، على ناصية اللجوء في الزاوية الغربية من المخيم قرب ..ارض احبها ..وعشقها .. تعلق بها ..ولعلها تعلقت به .. وارتبطت ..
يدرك لغة المحراث .. يفهم لغة الانجراف .. ويتقن لغة الحصاد لأنه نذر ما فيه لها .. وبقي صادقا لنفسه
مولعا بها ..يربت عليها كما يربت على باسم ... كما يدلل بناته .. يدللها .. يحنو عليها .. يدرك في لحظة ما تريد ومتى تريد وكم تريد وكيف تريد ان يتم كل ذلك .. هي مدللة تدرك .. كأنها تدرك انها تتدلل عليه وهو يعرف انها تعرف مقدار عشقه وغرامه وتعلقه ... فيبذل من وقته وجهده وماله ..
ينتظر على الشرفة بوجع الانتظار كله تلبد الغيم وتراكمه .. يحسب حساب الاشهر القمرية والميلادية ،يتنظر مواسم الخير والهطول ..وما ان تتراكم الغيمة فوق ارضه التي احب حتى يقف كناسك في معبد ..
صامتا يرقب الافق الاسود القادم ..يتلهف لصوت الرعد .. يبتهج للمعان البرق .. يصغي لصوت المطر .. يترقب وصوله كضيف عزيز .. يتششمم رائحة التراب وهو يعانق حبات المطر .. يرهف السمع .. يستمع لسمفونية عزفتها قدرة الخالق ..يرشف من كاس الشاي الساخن وهو يرقب بشوق وحب تكون السيل .. يتحسس بقلبه تشعب وتشرب الماء في الارض .. يدخل في مسامات الارض يتبع الماء وكانه يوزعه بمعرفته على حبات الرمل ..
وما ان يطمئن الى ذلك يخلد الى مقعده هانئا مطمئنا .. يرقب الغيمة القادمة .. وينثر الاماني العظام على مائدة الاطفال ..قرب موقد يترقرق بنار هادئة تبث الدفء والامان .. ينثر الاماني ..لموسم حصاد قادم ..
يبتسم الصغار يبتسم باسم وام باسم .. يشعرابو باسم ( راسم ) انه على ابواب الجنة .. ويبذر في مخيلته البذار ويرقبه ينمو يرعاه ويحميه .. يحصد الحصيد .. وتنشأ في قلبه اناشيد وقصيد .. ويغني باغنيته الكبيرة الاثيرة .. الموسم عال العال .
هذا هو صديق راسم يدرك كل ذلك كما يحب الاطفال وعمله كمدرس للغة الانجليزية لطلاب الصف الخامس والسادس .اراه يغني معهم .. ويلعب مثلما يلعبون .. ينسى للحظات انه على عبر دهليز الاربعين ليوغل في درب مشرعة على الخمسين .. يدرك بمصاقية وحب ، وعفوية غير مقصودة ان دروب الحصاد لم ولن تكون درب واحدة .. فكما يحصد القمح والحب والخضار .. يحصد النجاح والامل المزروع في قلوب وعقول اطفال مدرستنا .. ذلك حصاد وهذا حصاد ولكنه حصاد الفكر والعقل والنجاح ،نراه ابتسامات ورضا في عيون الاباء والامهات .
راسم ...
اراك غابة زيتون وباقة ورد ، ونبع ماء ..
اراك موسم حصاد ، ومنجل فلاح
كتاب مفتوح على السماء
وجوقة فرح تغني ،
وعشرات النجوم ترقص ،
وكرم عنب يورق من الارض الى السماء.
سميتك عاشق الارض ، فتاهت بي الاسماء
ورقصت على الضفاف شجرة دفلى
وفر طائر
وزغردت لصوت البارود حسناء
فأشرقت شمس وتلاشت افياء
موسمك مطر وحفنة قمح،
وبيدرك حب
وعرسك حفلة حناء
محمود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -موت القيم الأوروبية-.. موظفو مؤسسات الاتحاد الأوروبي يتظاهر


.. مغنٍ سويدي من أصل فلسطيني يخترق قوانين يوروفيجن احتجاجا على




.. ??طلاب كامبريدج يواصلون اعتصامهم للمطالبة بسحب الاستثمارات ف


.. طلاب متضامنون مع غزة يعتصمون في مبنى بجامعة بروكسل




.. استمرار اعتصام طلبة جامعة غنت البلجيكية تضامنا مع غزة