الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبدأ بوش - حوار بين نعوم تشومسكي وجيريمي باكسمان

خالد الفيشاوى

2004 / 6 / 14
مقابلات و حوارات


مبدأ بوش
حوار الـ BBC، بين نعوم تشومسكي وجيريمي باكسمان
ترجمة : خالد الفيشاوى

لو حوكم جورج بوش بمعايير محاكمات نورمبرمج، لصدر عليه الحكم بالإعدام شنقا. وبالمثل أيضا، سوف يكون الحكم على الرؤساء الأمريكان فردا فردا، الذين حكموا منذ الحرب العالمية الثانية، بمن فيهم جيمي كارتر.
جاء هذا الافتراض من اللغوي الأمريكي نعوم تشومسكي. هجومه الأخير على الطريقة التي تتصرف بها بلاده في العالم يسميه الهيمنة أو البقاء، بحث أمريكا عن السيطرة الكوكبية.
قابله جيريمي باكسام في المتحف البريطاني، حيث تبادلا الحديث في ردهات الجناح الآشوري. سأله إن كان لا يرى فيما يسمى مبدأ بوش شيئا جديدا.
تشومسكي: حسنا، انه يختلف. يفهمه الناس على انه مبدأ ثوري. هنري كيسينجر، مثلا، يصفه بالمبدأ الثوري الجديد الذي مزق نظام وستفاليا، نظام القرن السابع عشر الدولي، شر ممزق وميثاق الأمم المتحدة طبعا. ولكن برغم ذلك، هو مبدأ منتقد داخل نخبة السياسة الخارجية بشكل واسع. ولكن في حدود ضيقة المبدأ ليس حقا بجديد، انه بالغ الغرابة.

باكسمان: ما الذي كان من المفترض أن تفعله الولايات المتحدة بعد 9/11؟ لقد كانت الضحية لهجوم غريب على مستوى دولي، ما الذي كان من المفترض أن تفعله سوى أن تحاول...؟

تشومسكي: لماذا تنتقي 9/11؟ لما لا تنتقي 1993؟ فعليا، حقيقة أن الفعل الإرهابي قد نجح في الحادي عشر من سبتمبر لا يغير من تحليل المخاطرة. في 1993، جماعات مماثلة، مدربة جهاديا على الطريقة الأمريكية، كانت قريبة جدا من نسف مركز التجارة العالمي، مع تخطيط أفضل، كانوا سيقتلون عشرات الآلاف من الناس. ومنذ ذلك الحين أصبح معروفا أن وقوع مثل هذا الأمر بات مرجحا جدا. في الواقع خلال التسعينات كان هناك أدبيات تقنية تتنبأ بذلك؛ وأصبحنا عارفين لما نفعله. ما تفعله أنت هو عمل شرطي. العمل الشرطي هو الطريقة التي توقف بها الأعمال الإرهابية ولقد نجح ذلك سابقا.

باكسمان: ولكنك تطرح أن الولايات المتحدة بهذا المعنى هي خالقة آلهة الانتقام الخاصة بها.

تشومسكي: حسنا، أول كل شيئ هذا ليس رأيي. انه الرأي الذي يخرج تقريبا من كل متخصص في الإرهاب. الق بنظرة، قل مثلا، على كتاب جيسون بيرك الأخير عن القاعدة الذي هو بالضبط أفضلها في الموضوع. انه يقودنا خلال السجلات لنعرف كيف أن كل حدث من أحداث العنف قد زاد من تجنيد الأفراد والتمويل والتعبئة، هو يقول، أنا انقل عنه، إن كل عمل من أعمال العنف هو نصر صغير لابن لادن.

باكسمان: ولكن لماذا تتصور أن جورج بوش يتصرف على هذا المنوال؟

تشومسكي: لأنني اعتقد انهم لا يبالون إلى هذا القدر بالإرهاب، في الواقع نحن نعرف ذلك. خذ مثلا غزو العراق، كان كل متخصص في وكالات الاستخبارات متوقعا لأن غزو العراق سوف يزيد التهديدات الإرهابية من الطراز الذي تصنعه القاعدة وهو بالضبط ما حدث. النقطة هي أن...

باكسمان: إذا، ما السبب الذي يدعوه لفعل هذا؟

تشومسكي: لان غزو العراق له قيمة في حد ذاته، اعني تأسيس....

باكسمان: قيمة، أي قيمة؟

تشومسكي: تأسيس أول قاعدة عسكرية آمنة في دولة تابعة غير مستقلة في قلب منطقة إنتاج الطاقة في العالم.

باكسمان: ألا تعتقد حتى أن من الأفضل أن شعب العراق قد تخلص من طاغية؟

تشومسكي: لقد تخلص من نظامين وحشيين، الأول من المفترض أننا نتحدث عنه، الآخر لم نطرح الحديث عنه. النظامان المتوحشان هما نظام صدام حسين ونظام العقوبات الأمريكي البريطاني، الذي دمر البلد، وقتل مئات الآلاف من الشعب، واجبر العراقيين على الاتكال على صدام حسين. الآن تستطيع أن تحول العقوبات بوضوح إلى أسلحة أجدى لتدمير المجتمع دون غزو. إذا كان هذا الذي حدث، لم يكن مستحيلا على الإطلاق أن يرسل شعب العراق صدام حسين بنفس الوسيلة إلى نفس مصير الوحوش الأخرى التي دعمتها أمريكا وبريطانيا. شاوسيسكو، سوهارتو، دوفالييه، ماركوس، قائمة طويلة منهم. في الواقع أهل الغرب الذين يعرفون العراق بشكل أفضل كانوا يتنبأون بذلك على طول الخط.

باكسمان: يبدو انك تطرح أو تفرض، ربما أكون متحاملا عليك، ولكن تبدو أنت فارضا أن رؤوس الدول المنتخبة بالطريقة الديموقراطية أمثال جورج بوش ورئيس الوزراء توني بلير تعادل لنحو ما الأنظمة في أماكن مثل العراق.

تشومسكي: مصطلح التعادل الأخلاقي مصطلح مثير للاهتمام، لقد اخترعه على ما اعتقد جين كيركباتريك كوسيلة يحاول بها منع انتقاد السياسة الخارجية وقرارات الدولة. إنها فكرة لا معنى لها، لا يوجد تعادل أخلاقي مهما كان.

باكسمان: لو كان من الأفضل للفرد أن يحيا في ديموقراطية ليبرالية، هل هناك فائدة نجنيها بواسطة نشر قيم تلك الديموقراطية كيفما تستطيع ذلك؟

تشومسكي: ذلك يذكرني بالسؤال الذي طرح على غاندي ذات مرة عن الحضارة الغربية، كيف يراها. قال "ياه"، قد تكون فكرة طيبة. في الواقع قد يكون فكرة طيبة ان تنشر قيم الديموقراطية الليبرالية. ولكن ليس هذا ما تحاول الولايات المتحدة بريطانيا فعله. وليس هذا ما فعلاه في الماضي. الق بنظرة على المناطق الخاضعة لسيطرتهما. إنهما لا ينشرا الديموقراطية الليبرالية. ما ينشرانه هو الخضوع والتبعية. أكثر من ذلك، من المعروف جيدا أن هذا هو الجزء الأكبر من السبب للمعارضة الكبرى ضد سياسة الولايات المتحدة داخل الشرق الأوسط. في الواقع، كان هذا معروفا في الخمسينات.

باكسمان: ولكن هناك الان توا تشكيلة كاملة من البلاد في شرق اوروبا التي قد تقول اننا الان نحيا افضل عما كنا نعيش تحت ظل الامبراطورية السوفيتية. انها نتائج تالية لتصرفاتنا في الغرب.

تشومسكي: وهناك جمع من البلاد في مجال النفوذ الأمريكي، مثل بلاد أمريكا الوسطى، والكاريبي، من الذين يرغبون لو انهم يستطيعون التحرر من السيطرة الأمريكية. إننا لا ننتبه كثيرا لما يجري هناك ولكنهم ينتبهون. في الثمانينات كان القابضون على الوضع في مرحلتهم الريجانية. ذبح مئات الآلاف من الناس في أمريكا الوسطى. نفذت الولايات المتحدة هجوما إرهابيا كاسحا ضد نيكاراجوا، أساسا كحرب ضد الكنيسة. اغتالوا رئيس أساقفة وقتلوا ستة من المثقفين الجزويت الرواد. هذا في السلفادور. كانت فترة متوحشة. ما الذي فرضوه؟ أكان هذا ديموقراطية ليبرالية؟ لا.

باكسمان: ذكرت في مناسبتين أو ثلاث هذه العلاقة بين الولايات المتحدة وبريطانيا. هل تفهم لماذا يتصرف توني بلير مثل هذه التصرفات في العراق وأفغانستان؟

تشومسكي: حسنا، لو نظرت في تاريخ بريطانيا الدبلوماسي، راجعا إلى الأربعينات، كان على بريطانيا أن تتخذ قرارا. كانت بريطانيا القوة الكبرى في العالم، الولايات المتحدة رغم إنها البلد الأغنى في العالم بدرجة بعيدة لم تكن اللاعب الأساسي في المشهد الكوكبي، اللهم إلا إقليميا. بقرب الحرب العالمية الثانية، بات واضحا أن الولايات المتحدة سوف تصبح القوة السائدة، كل الناس أصبحوا يعرفون تلك الحقيقة. كان على بريطانيا أن تحدد خيارا. هل ستصير إلى أن تكون جزءا مما قد يكون نهائيا أوروبا واحدة التي ربما تتوجه نحو الاستقلال، أو هل ستتحول إلى أن تكون ما يسميه مكتب الخارجية الشريك الأصغر للولايات المتحدة.

وهكذا، أثناء أزمة الصواريخ الكوبية على سبيل المثال، عندما تطالع السجلات التي انتهى حظر نشرها، عاملوا بريطانيا بازدراء شامل. لم يكن يتم ابلاغ هارولد مكميلان حتى بما كان يجري حين كان وجود بريطانيا نفسه على شفا الهاوية. كان الوضع خطيرا. مسئول عالي، قد يكون دين اتشيرز حيث لم يعلن عن اسمه، وصف بريطانيا بكلماته "قائم مقامنا الخاص، المرادف الأنيق لكلمة شريك". حسنا البريطانيون قد يحبون سماع الكلمة الأنيقة، ولكن السادة يستعملون الكلمة الفعلية. هذان كانا الاختيارين الذي كان محتما على بريطانيا أن تختار بينهما. اعني لماذا كان هذا قرار بلير، لا أستطيع القول.

باكسمان: نعوم تشومسكي، شكرا لك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد توغل بري إسرائيلي وقصف مكثف.. نزوح عائلات من حي الزيتون


.. هل بدأت التحولات بالمواقف الأمريكية من حرب إسرائيل على غزة؟




.. هل سيؤدي تعليق شحنة الأسلحة الأمريكية لإسرائيل للضغط على نتن


.. الشرطة الهولندية تفض اعتصام طلاب مؤيدين لغزة بجامعة أمستردام




.. هل بدأت معركة الولايات المتأرجحة بين بايدن وترامب؟ | #أميركا