الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهم وقف الاستيطان المخرج الأمريكي- الإسرائيلي من المأزق

إدريس جنداري
كاتب و باحث أكاديمي

(Driss Jandari)

2009 / 12 / 5
القضية الفلسطينية


أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) مؤخرا عن خطة جديدة؛ سميت بالتجميد المؤقت للاستيطان في الأراضي المحتلة؛ باستثناء مدينة القدس. و القرار في الحقيقة؛ يكتنفه الكثير من الغموض؛ خصوصا إذا علمنا أن هناك ضغطا أمريكيا على إسرائيل؛ حيث تسعى الإدارة الأمريكية جاهدة؛ إلى الخروج من المأزق؛ الذي أسقطتها فيه الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل؛ و التي ما زالت إلى حدود الآن متعنتة و ترفض جميع الخطوات المقترحة من طرف المجتمع الدولي؛ سواء ارتبط الأمر بوقف الاستيطان أو بتدشين المفاوضات .
إن إعلان إسرائيل عن هذه الخطوة الطاكتيكية؛ يعتبر من جهة مخرجا للرئيس الأمريكي (باراك أوباما) من مأزق توقف مسار المفاوضات؛ بشكل غير مسبوق؛ في منطقة الشرق الأوسط؛ رغم الخطابات الرنانة و الرهانات الكبرى. و من جهة أخرى يمثل مخرجا آخر للحكومة اليمينية المتطرفة؛ التي بدأت تدخل في عزلة دولية غير مسبوقة؛ و رهان (نتنياهو) هو محاولة إخراج حكومته من هذه العزلة؛ و في نفس الآن إيهام المجتمع الدولي بحسن نية إسرائيل؛ بخصوص وقف الاستيطان و تدشين المفاوضات؛ في مقابل التعنت الفلسطيني ؛ برفض جميع هذه الخطوات .
و هذا هو الجواب الذي تواجه به الحكومة اليمينية المتطرفة المستوطنين؛ حين يحتجون على وقف الاستيطان؛ فالتجميد مؤقت لن يتجاوز العشرة أشهر؛ والهدف طاكتيكي؛ الغرض منه إحراج السلطة الفلسطينية؛ والرهان المطروح هو جلب الدعم الدولي للاستيطان خلال المرحلة القادمة .
يمكن أن نصنف ما يجري –إذن- بخصوص التجميد المؤقت للاستيطان في الأراضي المحتلة؛ بأنه مقايضة مفضوحة بين الإدارة الأمريكية و إسرائيل؛ الهدف منها خدمة الحكومتين معا؛ لكن كل ذلك على حساب حقوق الشعب الفلسطيني؛ لأن ما يبدو هو أن ما يسمى بتجميد الاستيطان؛ هو في الحقيقة تأجيل مؤقت باستثناء مدينة القدس؛ التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من أراضي الضفة الغربية؛ وما يؤكد هذا الطرح هو إقدام وزير الدفاع الإسرائيلي (إيهود باراك) مؤخرا على تدشين 28 مؤسسة تعليمية في الضفة الغربية؛ تطبيقا لما طرحه نتنياهو؛ الذي استثنى من التجميد ما يرتبط بمؤسسات الدولة العمومية .
لكل ذلك يجب أن نستقبل التصريح الأمريكي المحتفي بقرار تجميد الاستيطان؛ يجب أن نستقبله بحذر كبير؛ خصوصا وأن المبعوث الأمريكي إلى منطقة الشرق الأوسط (جورج ميتشل) رحب بشكل مبالغ فيه بهذا القرار الوهم؛ باعتباره قرارا تاريخيا؛ لم يسبق لأية حكومة إسرائيلية أن أقدمت عليه؛ و هذه الدعاية الرخيصة لقرار؛ يعرف المسؤول الأمريكي حقيقته قبل غيره؛ هذه الدعاية تسعى بشكل واضح إلى توفير الدعم الدولي للحكومة الصهيونية المتطرفة؛ التي بدأت ترفضها كل الدول الديمقراطية؛ التي تحترم نفسها؛ و يعامل وزير خارجيتها لأول مرة في تاريخ الاحتلال الصهيوني؛ باعتباره يمينيا متطرفا؛ و ليس باعتباره قائدا دبلوماسيا .
و في نفس الوقت فالحكومة الأمريكية –من خلال هذه الدعاية الرخيصة- تسعى إلى محاولة حفظ ماء الوجه –على الأقل- بخصوص قضية شائكة مثل القضية الفلسطينية؛ والتي أثار بخصوصها (باراك أوباما)آمالا عريضة؛ لم تتجاوز حدود البلاغة المصكوكة؛ التي مكنته من الحصول على جائزة عالمية كبرى مثل نوبل للسلام؛ والتي لا يستحقها على كل حال؛ لأنه لم يتقدم و لو خطوة واحدة في الملفات الشائكة في العالم؛ سواء في فلسطين أو في أفغانستان ...
كلها أجندة متعددة؛ لكن الخيط الرابط بينها؛ هو خدمة المصالح الأمريكية-الإسرائيلية المشتركة في المنطقة؛ وكل ذلك –طبعا- على حساب حقوق الشعب الفلسطيني؛ الذي يستمر نزيفه؛ و يفقد تباعا ما تبقى من حقوقه المشروعة؛ سواء عبر رفض حق عودة اللاجئين في الخارج؛ أو عبر حصار و طرد المقيمين في الداخل .
في ظل هذه الظروف الصعبة؛ التي يمر بها الشعب الفلسطيني؛ يبقى الرهان مطروحا على عاتق أصحاب القضية أنفسهم؛ و الذين يتجاوزون الحدود الفلسطينية؛ إلى المحيط العربي و الإسلامي؛ الذي يجب أن يتحرك في اتجاه مواجهة النزيف المستمر؛ و الذي يهدد بمستقبل غامض ليس للفلسطينيين فقط؛ و لكن لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها؛ و التي تحولت إلى حلقة ضعيفة في صراع دولي حول مصادر الطاقة؛ التي تعتبر المحرك الحقيقي لهذا الصراع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يترأس اجتماعا بمشاركة غالانت ومسؤولين آخرين


.. متحدث باسم حماس لـ-سكاي نيوز عربية-: إسرائيل ما زالت ترفض ال




.. بعد فشل الوساطات.. استمرار التصعيد بين حزب الله وإسرائيل| #غ


.. المراكب تصبح وسيلة تنقل السكان في مناطق واسعة بالهند جراء ال




.. الشرطة الهولندية تعتدي على نساء ورجال أثناء دعمهم غزة في لاه