الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرار عدم الممانعة انتهاك لحقوق المواطن في غزة

طلعت الصفدى

2009 / 12 / 5
حقوق الانسان


قرار عدم الممانعة انتهاك لحقوق المواطن في غزة
وامتهان لكرامته المهدورة

في العاشر من شهر ديسمبر من كل عام ، تحتفل البشرية بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة عام 1948 ، وفى أحد بنوده ، حق المواطن في التنقل والسفر والهجرة الدائمة أو المؤقتة ، والحق في حرمة حياته الخاصة . كما تعتبر اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948، أول اتفاقية ، تناولت في أحكامها حماية المدنيين تحت الاحتلال التي لم تلتزم إسرائيل بها ، منذ قيامها وحتى الآن ، لتضع نفسها على نقيض مع المجتمع الدولي ، وتصادر حقوق المواطنين الفلسطينيين في التنقل ، وحرية الحركة ، ومنع السكان من مغادرة الاراضى الفلسطينية ، وإحكام سيطرتها على نقاط العبور سواء خارج الاراضى الفلسطينية المحتلة أو داخل إسرائيل ، أو حتى بين الاراضى الفلسطينية ، ومنع المغادرة بشكل متواصل ، وهو ما يتناقض أيضا مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الرابعة.

يأتي قرار ، وزارة الداخلية والأمن الوطني المقالة فئ قطاع غزة ،الصادر قبل عيد الأضحى المبارك كهدية للمواطنين المضطرين للسفر ، لمتابعة قضاياهم وحياتهم البائسة ، متناقضا مع حقوق الإنسان الفلسطيني ، ومع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، ومنتهكا لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1948 ، حيث يطالب القرار المواطن في غزة ، ضرورة حصوله على تصريح عدم الممانعة ( ألأذن) منها قبل ثلاثة أيام من سفره .إن هذا القرار يعتبر مخالفة صريحة لقوانين حقوق الإنسان والدستور الفلسطيني يندرج في خانة الاستبداد السياسي الذي يعتبر جريمة إنسانية بحق المواطن الفلسطيني.

وما يثير الاستغراب والاستنكار لدى المواطنين أن مثل هذا القرار يذكرهم بالممارسات السابقة للاحتلال الإسرائيلي ، ومن نفس المكان مبنى أبو خضرة الحكومي ، بحظر سفر المواطنين إلا بعد موافقة الإدارة المدنية . إن قرار وزارة الداخلية بمطالبة المواطن الذي ينوى السفر بالحصول على عدم ممانعة قبل ثلاثة أيام من سفره ، والتوجه إلى مبنى أبو خضرة الحكومي الواقع في منتصف المدينة ليقدم طلبا بالحصول على إذن السفر ، مرفقا بالأوراق الثبوتية ، وصورتين شخصيتين وتحديد الغاية من السفر. لا قيمة لهذه الإجراءات لان المواطن أولا : لا يعرف متى يحصل على الموافقة الإسرائيلية بالدخول عبر أراضيها للضفة الغربية أو للعلاج في داخل إسرائيل أو المرور للسفر إلى الخارج عبر معبر بيت حانون ( ايرز )، أو متى يتم التنسيق له من الجانب المصري على معبر رفح الحدودي التي قد تتطلب اسابيعا وأعواما قد تحتاج الموافقة لواسطة ومحسوبية وربما رشوة . ثانيا: حجم الجهود المبذولة من دائرة الشؤون المدنية في السلطة الوطنية الفلسطينية لمتابعة التصاريح مع الجانب الاسرائيلى للحصول على الموافقة . والجدير بالذكر انه في حالة حصوله على الموافقة ربما يكون مدة التصريح قد انتهت ليعود مرة أخرى لتكرار نفس المهزلة ، أو ربما يكون قد فارق الحياة بغير رجعة لها.

على المستوى السياسي فان اتخاذ مثل هذه الإجراءات يتناقض مع كون الاراضى الفلسطينية لا زالت أراض محتلة ، وهى ليست دولة حقيقية صاحبة السيادة على الأرض والسكان والحدود والموارد ، وليس لها سلطة على المعابر الحدودية خصوصا معبري رفح وبيت حانون ، وفى نفس الوقت فإنها تعزز وجهة حركة حماس بأخذ المجتمع الفلسطيني في غزة رهينة ، كما تساهم في تكريس التجزئة والانقسام السياسي والجغرافي . أن هذا القرار وبهذه الإجراءات لا يمكن الحصول به على الشرعية من المواطن الفلسطيني أولا والعربي والدولي ثانيا ، ويوفر ذريعة لتنصل الحكومات الإسرائيلية من قرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات التي وقعتها مع منظمة التحرير الفلسطينية ، والادعاء بغياب شريك فلسطيني يمكن التفاوض معه ، أم أن هذه الخطوة تأتي كخطوة مناكفة وردات الفعل ، ولمنع التواصل مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، والسلطة الوطنية الفلسطينية ، وبالأهل في الضفة الغربية باعتبارهم قوى معادية لا بد من الحيطة والحذر منهما؟؟ وأن أي اتصال معهم حتى وان كان عبر الهاتف أو الجوال هو جريمة يعاقب عليها قانونهم. إن القانون الفلسطيني يعتبر مثل هذه المحاكمات غير شرعية لتهم غير شرعية .

وعلى المستوى النفسي ، فان مثل هذا الإجراء يعيد للذاكرة غير المنسية أساليب الاحتلال الاسرائيلى ضد المناضلين والمواطنين ، حيث كانت أجهزة المخابرات الإسرائيلية والدوائر التابعة لها كدائرة الشؤون العربية، أداة مخابراتية تساوم المواطن في حال رغبته السفر إلى الخارج ، وممارسة كافة الضغوط عليه وخصوصا إذا كان المواطن طالبا جامعيا أو تاجرا أو مريضا يحتاج لعملية جراحية مستعجلة ، ومحاولة ابتزازه وربما إسقاطه في براثنها ، والإيقاع به ، وتحويله لمتعاون معهم ضد شعبه وتقديم خدمات للاحتلال بدء من المعلومات العامة وانتهاء بملاحقة المناضلين وكشف تحركاتهم ، وحتى المشاركة في اغتيالهم.

وعلى المستوى الأخلاقي فهو امتهان لكرامة الإنسان الفلسطيني ولمناضليه الذين دفعوا ثمنا غاليا من حياتهم دفاعا عن الأرض والوطن والهوية قبل أن يلتحق الآخرون بالنضال ، مع العلم أن المواطن الفلسطيني في غزة ، كان يتوقع بعد ما تم الترويج لما يسمى بتحرير غزة ، أن تصان كرامته ، وينال حقوقه ويجرى التعامل معه كمواطن له كافة الحقوق وعليه كامل الواجبات تجاه شعبه ووطنه وأرضه وأهله لا أن يجرى التعدي على ابسط حقوقه الإنسانية التي كفلتها الأديان السماوية ،والمواثيق الدولية . إن المواطن الفلسطيني حريص على تطبيق القانون ، وضرورته لتنظيم الحياة السياسية والاجتماعية والديمقراطية في المجتمع الفلسطيني ، والقانون هو الذي حدد موجبات المنع من السفر كقرار صادر من المحكمة أو النائب العام ، كما أن الحكومة المقالة ليس لها سلطة إلا على من يعمل طرفها في ما يختص بهذه الجزئية ( السفر ) ويتقاضى راتبا منها ، وعليه أن يحصل على إذن إجازة للسفر من الجهة التي يعمل لديها ، وهى تدعى بان مثل هذه الإجراءات لتسهيل عملية السفر إلا أن الواقع يدحض هذه الادعاءات .

لقد طال قرار وزارة الداخلية ،التابعة للحكومة المقالة في غزة ، الضرر لكافة الشرائح الفلسطينية في القطاع ، ومس بشكل مباشر المرضى ، والطلاب والتجار ،والقوى السياسية ، وقادة الرأي وسيلحق ضررا فادحا بهم ، ويعمق مأساتهم ويزيدهم قلقا على مصيرهم وأبنائهم ، ولهذا فان من الضروري إلغاء هذا القرار فورا لعدم شرعيته ، ولانتهاكه لحقوق الإنسان الفلسطيني ، ويتطلب من جبهة اليسار والقوى التقدمية والديمقراطية ومكونات المجتمع وكافة منظمات حقوق الإنسان ، ولجنة الدفاع عن الحريات العامة، وأصحاب الضمائر الحية منهم بالتحرك السريع مع الجهات المعنية ،وخلق حالة رأى عام فلسطيني وعربي ودولي لمنع سريانه ، والشروع بحملة شعبية وجماهيرية ، وبحركة احتجاج سلمية واسعة ، وعمل ندوات ولقاءات بهدف فضح هذا القرار وتعرية أصحابه ، ولا تكفى هنا فقط إصدار بيانات الشجب والإدانة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات الأسرى الإسرائيليين: لا يمكن إعادة كل المختطفين بعملي


.. وزير خارجية إسرائيل: نرفض أي اتهام بارتكاب جرائم حرب خلال عم




.. مظاهرات إسرائيلية حاشدة تطالب بصفقة للإفراج عن الأسرى المحتج


.. إسرائيل زيف: ما يعيد الأسرى الإسرائيليين من غزة هو فقط صفقة




.. وسوم التطرف والعنصرية تجتاح -إكس-.. وصحيفة: ماسك يحاول الاست