الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
إنا لله وإنا لهذا العراق
محمد سعيد الصگار
2009 / 12 / 5الادب والفن
كلما شرعت بكتابة مادتي الأسبوعية للمدى، تعوّذت بالله من شر الهذر والإطالة التي تأخذ من القاريء وقتاً هو أحوج إليه، وقد لا تمنحه بديلاً لذلك، وهو عناء أظل أتقلب على فراشه، فأختار في نومي مثلما في صحوتي ما يمكن أن يقال بلا لغو فائض عن اللزوم، وقلة في الجدوى، وحذر من مزالق الكلام.
وأنا أغبط زملائي من كتاب الأبواب والأعمدة اليومية الثابتة على كفاءتهم في ملء أكثر من فراغ، وأحياناً في أكثر من جريدة أو وسيلة إعلامية. فالمسألة، بالنسبة لهم ليست مسألة احتراف وحشو للقول، بقدر ما هي نوع من الإيمان بجدوى الكلام، وقدرة على القبول بما يفرضه الواجب، وتمنحه الموهبة. وقد رأيت ما لا قدرة لي عليه من بعض زملائي الذين تجمعني بهم أماسِ جميلة تأخذ من أحاديثنا قسطاً يبعث على الإنتشاء، رأيتهم ينسلون من صخب أحاديثنا وضحكاتنا، ويروحون يكتبون في دفاترهم ما سيظهر غداً في أبوابهم وأعمدتهم الصحفية، ويعودون إلينا بعد وقت قصير ليواصلوا سهرتهم معنا.
مواهب وتجارب يسند بعضها بعضاً، تأتي إلى القاريء ساخنة كرغيف خبز.
ولكن حين تزدحم الأحداث وتتوالى مصادر الكتابة أمام الكاتب، يجد نفسه وقد حوصر بالموضوعات ذات الأهمية التي لا ينبغي عليه أن يتجاهلها أو يفلت منها، فحار إلى أيها ينجذب، وأيها يفضّل، وأيها يقدم وأيها يؤجل.
حيرة لا تخطر ببال القاريء، ولكنها حيرة تحيّر الكاتب.
هنا يخرج الموضوع عن شروط العمل التي قبلنا بها دون عقد، وارتضيناها على الثقة والمسؤولية، مجاناً لرضى الله وقبول القاريء، وهي التي تنظم علاقاتنا على أحسن ما يرام.
وهنا أيضاً يخرج الموضوع من شروط الإلتزام الأدبي مع الجريدة واحترام مواعيدها، إلى الإلتزام بحق القاريء وما ينتظره منّا.
فهل من المعقول أن أواصل كتابتي عن (مزالق الشيخوخة) في هذا الجو المحتقن المتوتر والمشبّع بالإنتظار المرير لما ستؤول إليه المناقشات التي أكلت قلوبنا بشأن قانون الإنتخابات؟
كيف لمزاجي أن ينفتح على غير هذه الهموم في هذا الوقت الذي يسحق الأعصاب سحقاً، ويضبّب آمالنا بغدٍ يحترم كرامة الموقف، ويحمينا من الإنسياق إلى مجانية القول والمراهنة على (علم الكلام الحديث) الذي لا علم فيه غير الوقوف في دائرة الضوء واقتناص المكاسب، وتدبيج المآثر الكلامية لمجرد الزعم بأنهم قالوا وشغلوا الناس بأقوالهم التي لم تعد ذات قيمة، والتي باتت مصدراً للسخرية والملل.
أتكون كل هذه الوجوه الكريمة التي انتخبها الشعب لهذه المجالس الموقّرة، واطمأن إلى سلامة مواقفها، وحسن رأيها، وحرصها على إعلاء كرامة الوطن وإنقاذ أهله مما يُحيق بهم من مآسٍ، تقبل أن يستحيل العراق إلى كرة تتقاذفها الخطب العنترية والمواقف الإستعراضية؟
ألم يبقَ للحكمة وسموّ الموقف مجال يكبح اللعب بمقدرات هذا الوطن؟
أريد أن أطمئن إلى أن في هذه المجالس من يدرأ سقوط الوطن.
أريد أن أسمع من يقول: كفى ! فقد وصلت النفس إلى الحلقوم.
أريد أن أرى فجر العراق بنبثق بعنفوان وصدق من هذه المجالس.
وأريد أن أرى كريماً يتراجع عن الخطأ ويقول: إنا لله وإنا لهذا العراق.
وأريد الإعتذار ممن كان ينتطر من قرائي أن يقرأ غير هذه اللوعة وهذا العجب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - حلاوة نهر خوز
اكاديمي مخضرم
(
2009 / 12 / 5 - 22:30
)
fبورك فيك استاذنا وفناننا العزيز
ولكننا - رغم كل المنغصات -اليه - الى العراق راجعون
وشكرا لك استاذ محمد وانت تحلي حلوقنا المملوءة مرارة بمثل هذه النصوص
الحلوه
2 - أيها الصكار
فرج بيرقدار
(
2009 / 12 / 5 - 23:40
)
أيها الصكار.. كنت وتظل جميلاً
فرج
3 - هل شعبنا شعبٌ ثائرٌ أم خائر ؟
الحكيم البابلي
(
2009 / 12 / 6 - 01:05
)
لنقرأ هذا المقطع المُحزن مرة أخرى ( أتكون كل هذه الوجوه الكريمة التي انتخبها الشعب لهذه المجالس الموقرة ، وإطمأن الى سلامة مواقفها وحسن رأيها وحرصها على إعلاء كرامة الوطن وإنقاذ أهله مما يحيق بهم من مآسٍ ، تقبل أن يستحيل العراق إلى كرة تتقاذفها الخطب العنترية والمواقف الإستعراضية ؟ ) . إنتهى
======
شكراً على مقالك وفكرك وغيرتك التي أصبحت نوعيتها مفقودة مجتمع النواطير الذين تحولوا الى خراعات خضرة وراحوا يعينون الحرامي ضد صاحب المزرعة لقاء عنقود حصرم ، فيا لصغر نفوسهم . ولا أعتقد بأن الوجوه التي تكلمت عنها كريمة بشيئ ولا هي موقرةٌ تلك المجالس ، إنما هي لغتك المُهذبة وخلقك الكريم سيدي الصكار . وأعتقد بأن الناخب العراقي اليوم لا يملك الكثير من الخيارات ، وكل القوائم ستجرجره بعد حين الى المزبلة ليفتش عن طعام لعائلته
وأعتقد كذلك بأنه يعرف النتيجة ، ولهذا فهو يذهب للأنتخاب من خلال حكمة : من قلة الخيل .... ش ... الخ
تحياتي
.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم
.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24
.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً
.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع
.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو