الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اذهب ايها المهجر انت وربك فقاتلا

حسين التميمي

2009 / 12 / 6
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


ليس من المعيب ان يتمسك الانسان بوطنيته وقوميته وطائفته لكن المعيب ان يتطرف هذا الانسان وذلك بتغليب قوميته على باقي القوميات او طائفته على باقي الطوائف مدعيا انه هو وما يمثله فقط على حق وان الآخر على خطأ ، فان هو فعل ذلك سيكون متطرفا عرقيا او طائفيا وباسم هذا التطرف ارتكبت الكثير من المجازر التي استنزفت من عمر تجربتنا الديمقراطية اكثر من ثلاثة اعوام دون وجه حق وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء ، لكن ان تمسك المرء بطائفته او عرقه بوصفهما الانتماء الثاني الذي يلي الانتماء الوطني فتلك هي دعامة الديمقراطية والتعددية المتحضرة وهي ايضا خلاصة الخيار الإنساني الاجتماعي المتحضر وهي الحرية في احدى اشكالها السامية..
وقد كان لاعمال العنف التي تعرض لها الشعب العراقي الاثر الكبير في تغيير الكثير من المفاهيم والتوجهات والمواقف ذلك ان الانسان العراقي يشكل شخصية متميزة ولها عمق تاريخي يمتد الى اكثر من ستة الاف سنة.. لذا كان على هذا الانسان ان يتوقف قليلا ويلتقط انفاسه من اجل اجراء حسابات سريعة تؤهله للتفكير في لامعقولية مايحدث وكيف السبيل للخروج منه باقل نسبة من الخسائر .. ولننظر مليا ان السطور القليلة الانفة الذكر قد نوهت الى فترة صعبة كلفت الانسان العراقي اكثر من عامين .. جرت خلالهما انتخابات مجالس المحافظات بداية هذا العام وستجري انتخابات مجلس النواب في الشهر الاول من العام المقبل .
وقد شعر هذا الانسان العراقي (الواعي) بأن قانون الانتخابات السابق وكل التوجهات العامة للساسة وللقوائم الكبيرة لاتلبي طموحاته في عراق جديد حر ومتعاف لذا هو اعلن عن رغبته باجراء تعديل على هذا القانون وكان ضمن مطالبه ان تكون القائمة المفتوحة هي المعمول بها في انتخابات البرلمان وأن يكون نظام الدائرة الواحدة هو النظام المتبع .
لكن المفارقة اننا ونحن نتابع عن كثب مجريات جلسة التصويت على قانون الانتخابات في مجلس النواب فوجئنا بأن هناك حيف وظلم كبير اصاب شريحة او عدد لايستهان به ممن اطلق عليهم صفة مهجرين (داخل وطنهم) فهؤلاء (وهم آلاف مؤلفة ) لم يشكلوا لدى العديد من اعضاء مجلس النواب سوى فقرة ضمن مادة من مواد قانون الانتخابات وتم الغائهم ومصادرة احلامهم وحقهم في ان يصوتوا لوطنهم الصغير (ديالى) حيث نصت الفقرة الخاصة بالمهجرين ان يصوت هؤلاء لحساب المحافظة التي نقلوا اليها البطاقة التموينية أي ان مواقفهم وارائهم تجاه مصيرهم ومصير ابنائهم قد صودرت بجرة قلم على الرغم من التضحيات والمآسي التي شهدوها وكان لاغلبهم ان خسر فرد او اكثر من عوائلهم خلال فترة تردي الوضع الامني وتسيد الارهاب ولم يكن لديهم من خيار من اجل مواصلة العيش ضمن حدود اقتصادية ومعيشية بالغة القسوة الا ان ينقلوا بطاقاتهم التموينية الى المحافظات التي هجروا اليها قسرا !!
ترى أي ذنب ارتكبه هؤلاء كي يعاقبوا بهذه الطريقة وهذا المستوى من التنكر لجراحاتهم واحزانهم التي لم تلتئم الى يومنا هذا ؟!
وهل حقا ان لهؤلاء من يمثلهم في البرلمان .. نحن لاننكر ان عددا من ممثلي ديالى في البرلمان قد اعترضوا على تمرير مثل هذه اللعبة البعيدة عن النزاهة والموضوعية ، لكن كان يجدر بالكثير من اعضاء البرلمان ممن يفترض بهم تمثيل الشعب بعيدا عن أي مصالح شخصية او حزبية .. ان يعترضوا على هذه المهزلة وأن لاينجروا الى الموافقة على ترضية هذه الجهة او تلك (ربما مقابل مكاسب تخصهم) او ربما تماشيا مع واقع فرض عليهم بعد ان دخلوا في دهاليز اللعبة السياسية واهملوا الكثير من المفاهيم الوطنية الحقة .
المفارقة ان مايقارب الخمسين الف مهجر (على حد ما اعلن عنه في وسائل الاعلام ) سيضطرون الى مواصلة التعايش (بمرارة) مع كونهم اناس تعرضوا للتهجير والالغاء ليس من قبل العناصر الارهابية فقط انما من قبل العشرات من اعضاء مجلس النواب وهؤلاء تربوا جريمتهم واعتداءاتهم على المهجرين على مايمكن ان يرفعها درجات امام كل الافعال الارهابية السالفة الذكر ذلك انها ارتكبت تحت قبة البرلمان من قبل اناس يفترض بهم ان يكونوا من الحاصلين على مستوى من الثقافة والمعرفة يفوق كثيرا ماحصل عليه كل من ساهم في التهجير الطائفي من الجهلاء .
ولنا ان نتسائل : ترى بمن سيعتصم المهجر بعد ان تخلى عنه من يفترض به ان يكون اقرب المقربين الى نبض المواطن ومشاعره واحاسيسه .. وهل يتوجب على هذا المهجر المسكين ان ينتظر اربع اخر من السنوات بحثا عمن ينصفه ؟!
ايضا هناك غبن آخر وقع على المهجرين في الخارج حيث لاتتناسب اعداد المقاعد التي ستمنح لممثليهم مع اعدادهم الحقيقية .. والطامة الاكبر ان مهزلة انتخابات مجالس المحافظات حول احتساب عدد الاصوات التي لم توفق في الوصول الى تسديد ثمن المقاعد التي ارادتها الى القوائم الكبيرة الفائزة .. أي ان المواطن الذي اراد للشخصية الوطنية الفلانية ان تفوز في الانتخابات كي تمثله سيتم السطو على صوته واصوات عشرات الالاف من الاصوات المتفرقة لحساب القوائم الكبيرة !!
وهذا وبشكل اكيد سيجعل الكثير من المواطنين - ممن لا يفضلون التصويت للقوائم الكبيرة المتنفذة - ان يمتنعوا عن التصويت . وهذا بحد ذاته خلل ديمقراطي كبير سنحصد نتائجه السلبية على مدى الاعوام القليلة القادمة ولن يكون لكل المستفيدين من هذا الخلل أي وجود آنذاك لأن المواطن العراقي الحقيقي لابد وان يكون في النهاية صاحب الكلمة الفصل في تقرير مصير الامة العراقية برمتها .ذلك ان وعي هذا المواطن يتنامى كل يوم وهو سشكل على المدى القريب قوة لايستهان بها وعلى جميع الساسة المعنيين بمقالنا هذا ان يعوا حقيقة هذا الامر وخطورته وان لايستمروا بالتعامل معه باستخفاف ذلك ان الرياح التي جرفت قوى الطغيان قادرة وبطريقة او باخر على جرف كل زبد وامعات ساسة الزمن الجديد ممن لايصغون بشكل جيد الى النبض الوطني الحقيقي .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه