الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قشرة البرتقال/17 توازنات ما بعد 7 دجنبر

حامد مرساوي

2009 / 12 / 7
سيرة ذاتية


هناك في السيرة الذاتية لأحمد توازنات ما بعد 7 دجنبر 1976، عندما أطلق سراحه ضمن مجموعة 105، من المحسوبين على ثلاث حركات ماركسية لينينية مغربية ساعتها: 23 مارس، لنخدم الشعب، إلى الأمام. وقد عمل النظام على اختيار التوقيتات التالية مواتية لمناسبات سابقة تحمل نفس التوجه. فقد تشكلت سنة 1955، أول حكومة بعد الاتفاق مع فرنسا على استقلال المغرب، في 7 دجنبر 1955. بعد عودة الملك محمد الخامس بأسبوعين (16 نونبر 1955).
مباشرة بعد إطلاق سراحه وزيارة مسقط رأسه حيث تعرف على سعاد، بنت الجيران، قرر أن يزورها في منزلهم بالمعاضيد، الزنقة 70، حي التقدم. خرجت إليه الحاجة لتعلن له أنها قد تزوجت. ساعتها وكالسكين البارد الذي عبر الضلوع، تماما كما كان المراهقون يرسمون القلب مخترقا بسكين مرفوقا بالعبارة الشهيرة= الحب في خطر، فقد طعن الحب بين أحمد وسعاد بالجواب المذكور.
مشيت على الأشواك
وجيت لأحبابك
لا عرفوا إيه وداك
ولا عرفوا إيه جابك
فقد اعتقدت سعاد وأهلها أن توقف أحمد عن زيارتها (1975و1976)، كان بسبب انشغاله بالطالبات في كلية الحقوق، عنها هي البنت الفقيرة في التعليم الأدنى! ولما أخبرتها الحاجة في اليوم الموالي بعودة أحمد للسؤال عنها، بكت ولامتها عن عدم ربط اتصاله بها مباشرة. وهي تعلم أن سعاد وضعت ابنها الأول ولم تعد مرتبطة بزوجها. مما كان مناسبة لإصلاح ذات البين. فسعاد لم تكن تعرف سبب الاعتقال ظرفا قاهرا حال دون الاستمرار في زيارته لها. ولم تتمكن من أن تلتقي به لما رجع للاستفسار عنها ليلتقي بها من جديد! لذلك، تكون كلمات "مشيت على الأشواك" لعبد الحليم متطابقة مع معطيات العطب الحاصل، والمتسبب في الغياب بينهما 34 سنة. مما أضفى على لقائهما في مطلع خريف 2009 (24 شتنبر2009) ملمح المعجزة.


33% للعقل،33% للعاطفة، 33% للجسد. كانت فرصة تقسيم العلاقات بين فردين من الجنسين لقاء العودة إلى سعاد. وكان الفاصل الزمني الضخم المكون من 34 سنة من الاختفاء المزدوج كل واحد عن الآخر، كافية لتضخم الذكرى الرومانسية في الذاكرة، مقابل رفع فرصة اللقاء العودة إلى درجة المعجزة الاستثنائية.
والآن وقد حصلت المعجزة، لابد وأن تختلط بكل مكونات المعيش. لابد أن تشبه طقس المنطقة المتوسطية التي تتميز بالفصول الأربعة في نفس اليوم أكثر من يوم في الأسبوع. سواء في الخريف أو في الربيع. ومن باب التشبيه والتفاؤل، لنقل إننا في الربيع الثاني من العمر، بعدما مر ربيع النصف الأول من القرن المحتمل لعمرنا.
إغراق معجزة اللقاء الرومانسي في فنجان المعيش اليومي، يعني أن حبيبك ذي المسحة الجميلة في مرآة عينيك، تتسخ بشرته بما يكون الطبق اليومي من روائح البصل وعرق زحام الزقاق وبقايا الأحذية والجوارب...هذه أمثلة لليومي المعيش. أما ما يغرق معجزتنا الرومانسية فما بين الغيرة والضغط العصبي. ما بين طرفي المعجزة. فالمعجزة بين يدي شخصين مهشمي الجهاز العصبي أصلا، لن يتملك أحدهما نفسه عند أبسط عثرة يومية تصيب خطوات الطرف الثاني. خصوصا والواحد منهما بالنسبة للثاني معدن ليس فقط نادرا، بل نسخة فريدة من مخطوط بماء الذهب. فكل عثرة بمثابة ثقب في المجهول ينفتح على عين الثاني الذي لم يعد يرى في الدنيا غير توأمه المعجزة. وكل اهتزاز أمام العين، عبر الوقائع، هو بمثابة زلزال عاطفي ينقل منطقة الوعي إلى ظل رمادي من اللاوعي المثقل بآلام أصابت العواطف والجسد والدماغ، طيلة 34 سنة.
فالعقل (33%) يُمس بما يقترب من لحظة الجنون، بمجرد ما تنطلق دينامية الغيرة أو الضغط العصبي، من جانب نحو الجانب الثاني، مع تشابك أصبح حتميا، تشابك عن بعد، يترجم من جانب بالكلمات كالطلقات النارية او بمنطق متسلسل رشاش، بملاحظات لا تنتهي. فتتكدر العواطف (33%). يصاب هاذان العنصران في فترات التباعد. عندما يجري التواصل عبر الأنترنت أو الهاتف. ولم يصرح أحدهما بانعكاس ذلك على علاقتهما الجسدية عندما يلتقيان. لكن الانسجام التام الجنسي الذي لوحظ بينهما منذ أول لقاء في نفس أول ليلة، ربما كان نتيجة الصفاء العاطفي الكثيف، لو تصح الكثافة مع الصفاء في الفيزياء والكيمياء، قد تراجع بكيفية عادية نحو النفـَس العادي الذي يتفرع عن العلاقات العادية في مثل سنهما.
فلنتخيل كل واحد منهما واقفا. ولنتخيل قامتهما الممتدة ما بين الرأس ومثلث فينوس، عبر القلب. صحيح أن الجانب الجسدي بينهما عرف تألقا، يدعي كل واحد منهما أنه لم يمارس بكيفية أفضل منها من قبل مع غير توأمه الروحي. لكن الزلازل العصبية في المعيش، تركت كل واحد منهما يعبر عن عوارض نفسية تمس المنطقة العاطفية في عصبها المحوري حيث الحب، بلحظة من التفكير المنزعج حول نسبة الحب المتبقية تجاه الطرف الثاني أو من الطرف الثاني. تنقل الخليل نحو مراتب العلاقات العادية المصابة بأنيميا ما، تتلخص في اهتزاز عنصر الثقة. وتتبلور في تساؤل حول المصير المقبل المشترك!
تردد هذا الاهتزاز، يعني تكرار هذه المشاعر المتشككة. مما يعني التأمل في المسافة النفسية داخل الذات الفردية لكل طرف. مفاد التأمل: ما هو الحد الأدنى الثابت؟ وما هو الحد الأقصى المتبقي؟
لحد الآن، وبإصرار من أحمد، لم يصل زمن الأزمات العاطفية حد الأربع والعشرين ساعة. إذ سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها. ثم، بدأت العادة تنكشف في محاولة السيطرة على الغضب. عبر لعبة التبريد من طرف والتجاوب مع التبريد من الطرف الثاني.
وإذا كان الانكسار العاطفي بادٍ لدى أحمد في تجربته الزوجية، فلسعاد انكسارين: الانكسار العاطفي والانكسار العقلاني. فظروف الزواج السابق لديها كانت مؤلمة، بحيث كان الزواج ملجأ كي لا تجد نفسها ضمن أقدم مهنة عرفتها البشرية.
وإذا كان التقاؤهما الثاني ببعضهما لجوءا نحو الطفولة السعيدة من أجواء الزواج العاصفة الباردة بل القارسة، فالانكسارات الجزئية بينهما، بل تكرارها، قد تودي بهما نحو اكتئاب أبدي يسرع بمصير عمر كل واحد منهما. فالواحد منهما كان الأمل العاطفي الأخير للثاني. وكل نزول للحد الأدنى من منحنى علاقاتهما عن درجة الحب سوف يكرس حالة يأس وبؤس لديهما. لذلك، نجدهما يلجآن من جديد إلى وضعية العاشقين لبعضهما بسرعة.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا