الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلق الذي يحيط بنا

ثائر دوري

2004 / 6 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


القلق هو الخوف من المجهول .........
عندما يكون الإنسان في رتم الحياة اليومية فهو أبعد ما يكون عن القلق لأن كل شيء واضح و ما سيحدث غداً هو تكرار للبارحة وإلى ما سينتهي إليه اليوم . كل الأفعال التي سنقوم بها و ردود الأفعال عليها محسوبة و القوانين التي تسير الكون محسوبة و نحن نمتلك أدوات تحليل الأحداث و الظواهر التي تجري أو التي ستحدث حولنا . بعد كل هذا من أين سيتسرب القلق إلى ذاتنا الفردية أو الجمعية .
لكن في عصرنا الراهن حيث ينهار البناء القائم أمام عيوننا و كل يوم يحمل مفاجاة جديدة غير مسبوقة . و لا يوجد ماض مشابه للحاضر يمكن القياس عليه . و حيث كل العقائد تتهاوى وينهمك البشر في كل أنحاء المعمورة بصراعات تبدو أحياناً و كأنها خارجة من أزمنة مضت ( ما عدا الصراع في فلسطين و العراق فهو واضح الأهداف و الغايات ) صراعات تبدو في كثير من الأحيان غير قابلة للفهم . هل من المعقول أن تنخرط هذه القوى الهائلة بهذا الصراع الهائل و تتكبد تلك الخسائر الهائلة من أجل هذا السبب التافه ؟‍
في عالمنا المعاصر حيث تنام على وضع لتستفيق و تجد نفسك على وضع آخر لم تتخيله أبداً و حيث يولد شيء جديد لا تستطيع أن تدرك ملامحه فتحاول الاستعانة بأدواتك القديمة ، التي باتت غير مقنعة إلا للغارقين في الماضي ، و تحاول أن تحلل ما يجري و ما سيجري فتشعر بعجز هذه الأدوات لأنها تنتمي إلى سياق آخر لا علاقة له بما يجري . سياق تهدم و انتهى و عليه يجب أن أدواته قد أحيلت إلى التقاعد . لكنها مستمرة لأنها الوحيدة التي تحميك من أن تكون بالفراغ المطلق ، حيث القلق و الرعب يصل إلى حد لا تحتمله الجملة العصبية للبشر . و حيث أن الجديد الذي يولد لم يفرز أدواته بعد .........
في عالمنا المعاصر حيث يختلط الخير بالشر كاختلاط الأبيض بالأسود لحظة الشروق أو لحظة الغياب ، و حيث تصبح كل الألوان رمادية ، و الجلاد ضحية و الضحية جلاد في نفس الوقت . وحيث تتحول المآسي الإنسانية الكبرى إلى قضايا سياسية فاشلة ، و القضايا السياسية الفاشلة تؤدي دوراً نبيلاً في الحياة . في هذا الوقت حيث يختلط كل شيء بكل شيء الأبيض بالأسود ، السالب بالموجب ، الجيد بالسيء ..........
في هذا العالم المعاصر حيث مات القديم لكن الجديد لم يولد بعد . في عالمنا المعاصر حيث لا نملك سوى أدوات الماضي لتحليل أحداث الحاضر و استشراف المستقبل . في عالمنا المعاصر حيث ينهمك البشر بصراعات ترفع شعارات الماضي بينما هم يبنون صروح المستقبل ....
في هذا العالم حيث نعيش ، حيث لا أحد يمتلك حقيقة يقينية أكيدة . لكن بالمقابل يمتلك الجميع لحظة حرية نادرة ، إلا من تخلى عنها بمحض إرادته . يمتلكون أن يقلّبوا الأمور على كافة أوجهها دون أن تكون خياراتهم محددة مسبقاً منذ ما قبل ولادتهم كما هو الحال في عصور الاستقرار .
في هذا العصر ،الذي نعيش به ، حيث يحدث انتقال تاريخي كبير يصير القلق سمة أساسية للأفراد و الدول و الحكومات و الشعوب و الأديان . لكنه قلق الحرية .
و السؤال الذي يجب أن نسأله ليس إخماد هذا القلق بل تحويله إلى شحنة إيجابية تدفع للعمل و الكتابة و التدقيق و التمحيص . علينا عبر هذا القلق أن نمنع الركون للسائد و أن نحرك كل البحيرات الراكدة فالعالم القديم قد تهدم و من لم يشاهد ذلك حتى اليوم فلن يبصر أبداً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف سيؤثر تقدم اليمين الشعبوي في الانتخابات الأوروبية على مس


.. يوسف زيدان يتحدى علماء الأزهر ويرفض تجديد الخطاب الديني | #ا




.. جهود أميركية مستمرة لإبرام هدنة في غزة على وقع عمليات إسرائي


.. اندلاع حريق شمال هضبة الجولان إثر عبور طائرتين مسيرتين من جه




.. نتنياهو أسير اليمين…وأميركا تحضّر للسيناريو الأسوء! | #التاس