الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النانو تكنولوجي nano technologe ثورة القرن الحالي

رفعت نافع الكناني

2009 / 12 / 8
العولمة وتطورات العالم المعاصر


يعُرف هذا العلم بأنة يبحث في التقنية المتناهية الصغر او التكنولوجيا المجهرية الدقيقة، ويوظفة العلماء للبحث في السلوكيات والخواص الجديدة لمادة ما ، والتعامل بتلك المواد بطرق مفيدة من خلال التحكم في الجزئيات الداخلة في عملية التفاعل ، هذة التقنية تقوم على اساس استمرار التصغير، انها ثورة علمية كبيرة غير مسبوقة .تستخدم هذة التقنية الجديدة الخصائص الفيزياوية المعروفة للذرات والجزئيات لصناعة معدات وتجهيزات
ذات طابع جديد يتصف بسمات غير عادية. فهذة التكنولوجيا توصف بأنها العلم الذي يبحث في تقنية الاشياء الدقيقة ، ويمكن بواسطتها تحويل بعض المواد غير المهمة في الطبيعة الى مواد مهمة ومفيدة، مثال على ذلك ، ذرات الفحم يمكن ان تصَنع منها حبات من الالماز الثمين !! حيث تقوم الفكرة على أساس ان الكون كلة مكُون من ذرات وجزيئات وأنة لا بد من نشوء تكنولوجيا للسيطرة على هذة المكونات الأساس ، واذا عرفنا تركيب المواد تلك، يمكن اذن صناعة اية مادة من خلال وصف مكوناتها الذرية ورصًها الواحدة الى جنب الاخرى. من هنا اصبح العالم يحتاج الى اجهزة صغيرة الحجم وقليلة الكلفة ، لتؤدي نفس اعمال الاجهزة الكبيرة بل وأحسن منها أداءا (*) . ولو تبسطنا في معرفة مفهوم هذا العلم نستطيع القول بأن النانو هو في الحقيقة ( ادق وحدة قياس مترية معروفة لحد الآن ) لجزء من الف مليون جزء من المتر ، حيث ان وحدة قياس نانو واحدة اصغر من حوالي ( 80 ) الف مرة من قطر شعرة واحدة
اول نبوءة كانت للعالم الامريكي " ريتشارد فينمان " الذي حصل على جائزة نوبل عام 1959 والذي بشَر العالم بأمكانية خلق وابتكار تقنيات صغيرة الحجم وعالية الدقة في اغراضها العلمية المختلفة . واول من استعمل هذا المصطلح هو عالم الفيزياء الياباني " نوبوهيكو تانيغوتشي " في عام 1974 اي بعد ( 15 ) عام من نبوءة العالم الامريكي " ريتشارد فينمان ". اما المؤسس الفعلي لهذا العلم فهو العالم الامريكي الفيزياوي : اريك دريكسلر " مؤسس معهد استشراف النانو تكنولوجي في كاليفورنيا حيث نشر عام 1986 كتابة ( محركات التكوين او الخلق ) الذي يعتبر واضع حجر الأساس لأفكارة ورؤيتة للمستقبل. من هذا المنطلق اصبح هذا العلم مفتاح التطور الأساس لعبور بوابة القرن ( 21 ) والعامل المساعد في التقدم بخطوات واسعة في شتى المجالات العلمية ، لغرض تطبيق نتائجة في تشجيع النمو الاقتصادي والاجتماعي والذي يؤدي بدورة الى تحسين احوال المعيشة لكثير من البشر وخاصة في بلدان العالم النامي. ان هذة التقنية الجديدة لا يمكننا التنبؤ الكامل بنتائجها وتأثيراتها السلبية على البيئة والانسان على حد السواء. ولكن هناك دراسات موازية تقوم بها هيئات بحثية لتقييم السلبيات والمخاطر الناجمة من استعمال المواد النانوية والحد من تأتيراتها السلبية لمواجهة اخطار المستقبل . .
هناك أسس وأطر لتطبيقات علم النانوتكنولوجي لخصًها عدد من الباحثين في مركز جونيت gonet لأخلاقيات الابحاث في تورينتو بكندا، حيث قام هذا المركز بتحديد اهم ( 10 ) تطبيقات للنانو تحتاجها البشرية :-
1- تخزين الطاقة وأنتاجها وتحويلها 2- تحسين الانتاج الزراعي 3 - معالجة مياة الشرب
4- تشخيص الامراض ومتابعتها 5- تسليم الادوية 6- معالجة الطعام وتخزينة
7- معالجة تلوث الهواء 8- البناء 9- مراقبة الصحة
10- مقاومة الآفات الزراعية
ان احكام قبضة العلماء على اهم جوانب هذا العلم واكتشاف خفاياة وأسرارة، سيصبح في حكم المؤكد تحقيق الكثير من الانجازات التي سوف تفوق ما حققتة البشرية خلال مسيرتها الطويلة ، حيث توعدنا هذة التقنية وما سوف تحققة للعالم من ثورة علمية هائلة تغير ملامح الحياة في مجالات كثيرة منها الصحة والصناعة والتعليم والزراعة والاتصالات ومجالات الطاقة البديلة المختلفة وتكنولوجيا تحَلية المياة وتنقيتها. او ادخال اجهزة متناهية الصغرتزرع في جسم الانسان لغرض التشخيص والمعالجة ، مثال ذلك العمل على تشخيص ومحاربة انواع الخلايا السرطانية واستأصالها وملاحقة الفايروسات وتدميرها ، وحل الكثير من مشاكل الطب والجراحة وزيادة كفاءة انواع الطاقة باستعمال تقنية خيوط متناهية الصغر لتقليل تكاليف نقل طاقة الرياح او الشمس ،والتوسع في صناعة انابيب نانو الكربون التي وزنها اخف من وزن الفولاذ ب ( 6 ) مرات واقوى واصلب منة ( 100 ) مرة ، وزيادة نمو الثروة الحيوانية وحل مشاكل البيئة في التقليل من آثار الثلوث وغيرها من الوعود الكثيرة والكبيرة ، وفي المقابل هناك مخاوف وشكوك كبيرة من سوء استخدام مخرجات هذا العلم في صناعة اسلحة فتاكة تستخدم لأبادة الجنس البشري ، وتم فعلا استخدام هذة التقنية الفتاكة في المجال العسكري ، اضافة لصناعة ملابس للجنود تحتوي على مزايا كثيرة لتلائم اختلاف وتقلب الطقس ومضادة للرصاص والشظايا ، واستخدم في صناعة مواد لطلاء الطائرات لغش شبكات الرادار ، وطُبق في مجال التجسس والاستطلاع والتصوير والكشف الدقيق لكثير من الاهداف ، وهناك استعمالات واستخدامات كثيرة لا يمكن التطرق لها في هذة الأطلالة الموجزة .
هذا التقدم العلمي الكبير جاء نتيجة الجهد والعمل المتواصل في مجالات البحث العلمي، الذي يؤسس على فرضية استنباط المعرفة وتطوير مؤسسات البحث وتطوير المنتج منها من خلال انفاق الاموال الطائلة في مجالات الابحاث العلمية لمختلف العلوم، فالتقدم يعتمد على كم تنفق ، ولوحظ ان الولايات المتحدة الامريكية انفقت بلايين الدولارات في مجال تلك الابحاث، ويعتبر البلد الرائد في امتلاك تلك التقنية والاستفادة من نتائجها، حيث ان هناك اكثر من ( 400 ) شركة امريكية من اصل (1700 ) شركة في العالم منخرطة في هذا المجال، تليها اليابان ثم كندا وبعدها المانيا، وتأتي الهند والصين في مقدمة الدول الاسيوية المهتمة بتقنية النانو. اما اسرائيل فهي رائدة في هذا المجال بسبب دعمها وتشجيعها لمراكز البحوث العلمية العديدة ، حيث انفقت ما مقدارة مئات الملايين من الدولارات لدعم مراكز البحوث وبدعم كبير ومساعدة من الولايات المتحدة ، وتم حشد اكثر من (200 ) عالم وباحث من مختلف الاختصاصات للبحث في أسرار هذة التقنية ، علما بأنها تمتلك وتدير اكثر من ( 80 ) شركة متخصصة في هذا الميدان، حيث تم في عام 2006 بيع منتجات مصنعة بهذة التكنولوجيا ما مقدارة ( 15 ) مليار دولار، ويتوقع ان يصل مجموع ما تحصل علية من صناعة النانو ترليون دولار بحلول العام 2015.
اما مساهمة الدول العربية فبسيطة وخجولة وتكاد لا تذكر، ما عدا العربية السعودية التي لها مساهمات أولية في تقديم الدعم المالي والمعنوي ، وتعتبر جامعة الملك عبد اللة للعلوم والتكنولوجيا السباقة في هذا المجال العلمي، مثال على ذلك تم التعاقد مع باحث صيني الجنسية ويعمل في احدى الجامعات الامريكية ، للعمل في مجال تخزين الطاقة الكهرو- كيمياوية ومدة العقد تستغرق خمسة سنوات بمنحة قدرها ( 10 ) مليون دولار امريكي، وتعتبر هذة الابحاث مقدمة لبحث طويل يمكن التوصل الى وسيلة ناجعة لابتكار بطاريات طويلة العمر ووسائل آخرى لتخزين الكهرباء . اضافة للدعم المادي من قبل الملك عبد اللة بن عبد العزيز والمتمثل بمبلغ ( 36 ) مليون ريال سعودي لعدد من الجامعات السعودية لتطوير تقنيات النانو تكنولوجي وتطبيقاتة . وهناك محاولات واعدة من علماء مصريين من خلال تأسيس اول مركز لبحوث النانو تكنولوجي ، ومن قبل المدرسة العربية للعلوم والتكنولوجيا في دمشق للدخول في هذا الميدان وذلك بعقد ندوات عن تقنيات الميكرو والنانو. وفي الاردن ولبنان وبعض الدول العربية هناك محاولات عقدت فيها حلقات دراسية كانت تقنيات النانو احد محاورها .
اما في العراق فأن هذة التقنية لها اصداء واسعة في الجامعات والكليات العلمية من خلال اقامة ندوات وحلقات دراسية بحثية للتعريف بهذا العلم ،وهذة المؤسسات تمتلك الكثير من الأساتذة المختصين والباحثين، ولكن ينقصها الدعم المالي والعلمي وأنعدام المختبرات المتخصصة ومراكز البحوث الداعمة، وتدني مستوى البحوث لعدم توفر المصادر المكتبية الجديدة ، صحيح هناك بحوث تخص النانو ولكنها تبقى مشاريع على الورق لعدم وجود ارتباط بين الجامعة ومواقع العمل الفعلية التي تترجم هذة البحوث الى واقع عمل في انتاج وخدمات كما هو حاصل في الدول المتقدمة من حيث الدعم والاسناد ، اضافة للجهود الشخصية لعدد لا بأس بة من العلماء العراقيين الذين يعملون في الدول المتقدمة مثل كندا والولايات المتحدة الامريكية واوربا ، ونخص بالذكر عدد كبيرمن العلماء العراقيين الذين اوشكوا من الانتهاء بأخذ التخصصات النادرة بعلوم النانو تكنولوجي من أرقى الجامعات في عدد من الدول المتقدمة في هذا المجال .
في ختام هذا العرض الموجز لموضوعة النانو تكنولوجي، نؤكد على العمل الجاد لردم الهوة والفجوة الواسعة بين الدول العربية والعالم المتقدم علميا ، وذلك برفع نسب الانفاق على البحوث العلمية والتطوير من خلال التوسع في انشاء المعاهد ومراكز البحوث والدراسات المتخصصة في الجامعات، وادخال تقنية النانو كمنهج دراسي في الكليات العلمية والهندسية لزيادة اطلاع الطلبة والمختصين على مراحل تطورة وتطبيقاتة. وانشاء صناديق مالية لدعم البحوث العلمية ، وتقوية العلاقات والصًلات مع مراكز الابحاث والجامعات في الدول المتقدمة من خلال تقوية عوامل الأرتباط فيما بينها ومواصلة التعاون مع العلماء العرب المغتربين لتطوير مستوى البحوث الوطنية وتقديم الاغراءات لجلبهم لاوطانهم، والعمل الجاد على الدخول في عالم صناعة تقنية المعلومات وتوفير الحرية الاكاديمية والشخصية للباحثين العلميين ، والتخلص من البيروقراطية الادارية والفساد المالي وآفة ظاهرة تصًدر عناصر غير كفوءة في قيادة اغلب المؤسسات والمراكز العلمية والجامعات، وعلى العرب وخاصة الدول النفطية والتي لها موارد وعوائد مالية جيدة ، ان تخصص ميزانيات مستقلة لدعم وتمويل البحوث العلمية وتطوير بحوث النانو تكنولوجي على ان توجهة نتائج هذة البحوث في دعم وتطوير قطاع الانتاج الصناعي النفطي وما يتصل بة من قطاعات الطاقة والبتروكيمياويات والقطاعات المتشابكة والمتصلة بة .



(*) في عام 1940 صنع اول حاسب الكتروني بلغ وزنة ( 27 ) طن وفي جوفة الالاف الصمامات وعدة كيلومترات من الاسلاك بأنواعها وبلغت تكاليفة بضعة ملايين من الدولارات، ثم توالت الاختراعات من خلال البحوث العلمية ليتم التوصل لصناعة الترانسسترات التي احدثت ثورة جديدة في عالم الالكترونات .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف