الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستقبل العلاقات العراقية الدولية

عصام البغدادي

2004 / 6 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


خاطئون كل من يعتقدون أن الولايات المتحدة سوف تخرج من العراق راضية أو صاغرة ، وتمنح الدولة العراقية وشعبها السيادة الكاملة ، التى يقررون بموجبها أقامة علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة ، منذ الازل كانت المعادلة أن الحقوق لا تمنح إنما تؤخذ بالطرق الشرعية الملائمة مع زمانها ، أن العراق بحاجة الى علاقة طبيعية متوازنة في المصالح والطموحات مع الولايات المتحدة ، علاقة دبلوماسية وإقتصادية وتعاونية تتمناها دول عديدة ، فقبل 4 أعوام مضت وجه سؤال الى مسؤول عربي عن وجهة نظره بموضوع رغبة بلاده الانضمام الى منظمة التجارة الحرة ، فاجاب بعبارة شعبية معبرة " جاور المسعد تسعد ".

هذه الاجابة كانت تعبيراً عن رغبة بعض الدول الفقيرة مجرد ان تجد لها مقعد في هيئة اقتصادية عسى أن تكون تحت مظلته لكي تسعف حالها المتعب ، كما تسعى تركيا لكي تكون عضوا في الاتحاد الاوربي ، وفي هذا العصر الذى باتت الهيمنة فيه للولايات المتحدة على مساحة واسعة من اقتصاد العالم أو السياسات التى تقف وراء تسيير عجلة ذلك الاقتصاد ، فما الذى يمنع أن تكون العلاقات المستقبلية بين العراق والولايات المتحدة مزدهرة تساهم في تطوير العراق عندما تكون على مستوى لائق من التكافؤ وليس علاقة دولة سائدة بحكومة تابعة تنفذ ماتراه الولايات المتحدة مفيداً فقط لسياستها في المنطقة . العراقيون الذين زاروا اخر معرض إقتصادي امريكي أقيم على أرض بغداد في تشرين الاول من عام 1966 حيث علقت صورتا الرئيسين جونسون وعارف في مدخله ، لاشك انهم أعجبوا بتلك الامكانيات التقنية الهائلة في ثلاثة حقول اساسية هي الصناعة ، الزراعة ، الطب . وهذه الحقول هى التى يحتاجها العراق بقوة أكبر من حاجته الى الديمقراطية وشركات الامن الخاص وأنشاء الاجهزة الاستخبارية ، ففى عهد قاسم والاخوين عارف كان تخصيصات العراق لهذه الحقول أكبر كثيراً جداً مما يخصص للجيش والشرطة.

الحقيقة المرة التى يجب إسترجاعها بشجاعة أن العراق قد أخطأ في عهد عارف بقبول توصيات القمة العربية في الخرطوم التى قطع بموجبها علاقاته الشاملة مع الولايات المتحدة التى إتخذت موقفا غير مقبولا بنظر تلك القمة من حرب الخامس من حزيران 1967 ، كانت تلك القرارات سلبية على العراق الذى لم يشارك بتلك الحرب ولم يكن له فيها ناقة أو جمل . كان على العراق تقدير وضعه الاقتصادي ومصالحه الوطنية قبل الانسياق وراء قرارات عاطفية سرعان ما تراجعت عنها تلك الدول فيما بعد إثر مبادرة روجرز في عام 1971 تاركين العراق مجبراً على إعادة تلك العلاقات في عام 1984 في عهد رونالد ريغان بناءاً على توصيات طارق عزيز ورامسفيلد النجم اللامع في التعاون الاميركي مع نظام الرئيس السابق صدام حسين وبناءاً على طروحات دول مجاورة حينها لم يكن يعنيها سوى الاستمرار بلعبة إضعاف العراق وتحطيمه وهى ذات الدول التى دفعته لحرب خاسرة مع ايران كانت هي الفرصة الوحيدة لذلك الهدف لترك العراق يسير القهقرى في عجلة التخلف في حين ازدهرت اوضاعاها على حسابه وحساب مستقبل أجياله.

ليس ثمة خلل أن تستعيد العلاقات العراقية الاميركية وضعها الطبيعى المتكافىء بعد قيام حكومة منتخبة وفق أرادة الشعب العراقي الذى لايحتمل ان يرى أن هذه العلاقة سوف تبنى من خلال شخصيات عملت لصالح المؤسسات الاستخبارية الاميركية ، فالشخوص ذاهبة وليست مخلدة على خلاف الأاسس الموضوعية الواضحة التى تقوم عليها العلاقات الدولية الثنائية التى تترسخ مع الزمن على أساس من الاحترام المتبادل ، ومالذى يمنع أن تكون كذلك العلاقات العراقية البريطانية التى لها سجل تاريخي حافل من المتناقضات والمد والجزر، وكذلك العلاقات مع فرنسا والمانيا بعيداص عن ماضي العلاقة مع النظام السابق.

لقد وقعت الجزائر تحت هيمنة الاستعمار الفرنسى مائة وثلاثين عاماً ، وشاءت الاقدار أو المفارقات أن ينطلق ديغول من أراضى الجزائر المحتلة من قبل دولته لتحرير بلاده من الاحتلال الالماني لكن العلاقات الفرنسية الجزائرية هي أفضل من العلاقات العراقية البريطانية بكثير وذلك يعود الى صواب نظرتهما لبناء مستقبل علائقى جيد كما هو الحال في العلاقات الفرنسية الالمانية ذاتها التى استفادت من تجارب الماضى المتناحر عقب الحربين الاولى والثانية.

العراق بعد هذا السكون والتوقف الحضارى خلال الاربعة والعشرين سنة الماضية يحتاج الى علاقات متطورة مع دول كبرى وهي الدول الخمسة الاعضاء في مجلس الامن الدولي الذى شاء القدر له كذلك أن يصدر أكبر عدد من قرارته الدولية بحق القضية العراقية ، أضافة الى المانيا واليابان والهند واندونيسا وماليزيا والباكستان لتساهم في اعادة بناءه وتسريع عملية استعادة موقعه المتميز وهو هنا الافضل من كل الدول المجاورة له باستثاء تركيا رغم كل مشاكلها ، واذا كان العراق هو مفتاح هذه المنطقة فلابد للمفتاح ان يلعب دوره في فتح أبواب المستقبل الجيد ولا خير في مفتاح عاجز عن فتح بابه ولا ان يستخدم فقط كبقرة حلوب للمصالح الدولية ، أو يلجا الى الاتفاقيات الثائية مع دول هي بحاجة اليه كما حصل في تحالفات او اتفاقيات النظام السابق . اما عدم الانفتاح امام هذا التنوع من العلاقات والاكتفاء بالعلاقة الغامضة والسرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا على حساب مستقبل العراقيين فسوف يجر العراق الى هاوية الخضوع او العمالة وليس الى علاقة الحليف او الشريك او الصديق كما سعت كل من تركيا والباكستان لكى تكون عليه علاقتهما بالولايات المتحدة.

ان أحلام وأمنيات الرئيس الامريكي جورج بوش بجعل العراق منارة للمنطقة العربية تبدو مجرد أفكار طوبائية تجد صعوبة في التحقق وفق مخططات السياسة الاميركية ، سيما وهو يناقض تلك الاحلام بتصريحاته التى اطلقها من على سواحل النورماندي حول مفهومي الحرية والاحتلال التى تعيدنا الى معادلة الهرطقة الفلسفية " من أين كان البدء : من البيضة ام من الدجاجة؟" ، نأخذ بالاعتبار أن حضرة الرئيس الامريكي لا يفقه في السياسة الدولية ولا في التاريخ ويجد صعوبة في إستيعاب ذلك شان الصعوبة التى واجهها في الدخول والخروج من الجامعة وعدم معرفته اسم رئيس وزراء باكستان لسنتين مضت في عز المنافسة الانتخابية على مقعد الرئاسة قبل سنتيين مضت .

أن الذين يستطعيون جعل العراق منارة مضئية هم العراقيون انفسهم الذين ينبغى بهم إستغلال مواردهم لخير بلدهم وتطويره بطرق متعددة ومتنوعة كما فعل الشعب التايلندي الذى أستطاع ان يحقق نظام سياسى ديمقراطي يضم 39 حزبا وطنيا وصولا الى أدخال أجهزة التصويت الالي التى سوف تصنع في شركة محلية وطنية بكلفة مليار دولار لكي تستخدم في أنتخابات العام المقبل ، وان يطوروا الاقتصاد بالانفتاح على العديد من دول العالم وأن يحققوا الامن الغذائى للشعب ، كمرحلة أساسية للتوجه الى وضع الحلول المناسبة لمشاكل البطالة والفساد الاداري ، لقد شعر التايلندين بحاجاتهم الماسة الى مواكبة النموذجين الكورى الجنوبي والماليزي في شرق اسيا ، فالشعوب عادة هي التى تعيد بناء دولها ولا تنتظر من الغير المبادرة في ذلك فهى تبنى حسب حاجتها الفعلية وأولويات برامج نموها وليس حسب حاجات واولويات الاخرين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن


.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا




.. موريتانيا: 7 مرشحين يتنافسون في الرئاسيات والمجلس الدستوري ي


.. قلق أمريكي إيطالي من هبوط طائرات عسكرية روسية في جربة التونس




.. وفاة إبراهيم رئيسي تطلق العنان لنظريات المؤامرة • فرانس 24 /