الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فوائد سقوط النظام
محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث
2009 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية
يعتقد الكثيرون أن إسقاط النظام ألصدامي لم يأت بفائدة للعراق والعراقيين ولم يكن غير تبديل وجوه وإقصاء دكتاتورية بغيضة وإعادة تشكيل دكتاتوريات متعددة تستند لتوجهات مذهبية وقومية تشكلت منها لحد الآن ثلاثة دكتاتوريات تقاسمت جهات العراق الأربع دون أن تترك مجالا لقوى أخرى لها وجودها في العراق ،واعني به التيار الديمقراطي الذي تشظى واقعيا ولم يعد يشكل أي معلم في التوجهات العراقية رغم أن الشعب العراقي بطبيعته علمانيا لا مكان فيه للتعصب الديني وكان في مقدمة الدول المتحضرة التي لم يكن للدين تأثيرا سياسيا فيها إلا في أخريات النظام البائد عندما هيأ الأجواء لنشوء قوى دينية وخلق نوعا من التعصب الطائفي بسبب ممارساته الخاطئة في منع الممارسات الدينية التي كانت لها توجهاتها الوطنية وسخرت لأهداف طائفية تنزع لتطبيق الشريعة الإسلامية بكل تفصيلاتها والتي لم تكن مطبقة في العراق حتى في العهود القريبة من الرسالة لطبيعة الشعب المنفتحة المتعطشة لكل ملذات الحياة،ولكن التعسف ألصدامي خلق بعض البؤر الدينية التي تنامت لتجرف الجميع لمساراتها رغم عدم وجود المبدئية الدينية الحقة لدى الكثير ممن تصدوا للدين زعماء وقادة وموجهين فهم في طبيعتهم بعيدين عن مبدئية الدين الحقيقي وساعين لما يساعدهم على تحقيق مآربهم الخاصة فوجدوا في التوجه الديني طريقا للجاه والمكانة الاجتماعية والربح المادي الذي حاكى الأساطير.
وبعد سقوط النظام شرع من هب ودب ليجد له مكانا في الفوضى الخلاقة التي غذاها الاحتلال الأمريكي فاتخذوا من الدين طريقا للتكسب والربح والهيمنة والارتقاء للسلطة وخصوصا أن الأحزاب الدينية الوافدة من الخارج لم يكن لها القاعدة التي تذكر في العراق فاستغلت الاندفاع ألمصلحي لهؤلاء في بناء قاعدتها الحزبية واتخذت من الشعائر الدينية طريقا لكسب الأكثرية الجاهلة التي تعتبر الشعائر لباب الدين وجوهره،أومن خلال دعمها بالمال ،ووجد هؤلاء في حاجة الأحزاب مفرا من البطالة فدخلوا في غمارها وعملوا فيها لأغراض مادية بحتة تسندهم سلطة هؤلاء وقدرتهم المالية وجماعاتهم المسلحة،أو هروبا من ماضيهم الموالي للنظام السابق لتوفير الخلاص لهم من الحساب بارتداء لبوس الحكم الجديد ليظهروا أنهم أكثر ملوكية من الملك.
أن الدخول الأمريكي أزاح الكثير من البراقع عن وجوه تسترت بالنضال والوطنية وبنت لها أمجاد نضالية مزعومة ظهر زيفها وبطلانها بعد السقوط وبانت على حقيقتها شوهاء عارية لا تمتلك أدنى معايير القبول،وظهر أن الكثير من الرموز الدينية والسياسية ما هي إلا بالونات فارغة مليئة بكل ما يناقض المبادئ الوطنية والحصانة المبدئية فكان انغمارهم المفضوح في عمليات السرقة والنهب ومحاولاتهم تركيز مواقعهم دافعا للانغمار أكثر في وهدت الفساد السياسي والأخلاقي،وارتباطاتهم المشبوهة بهذه الدولة أو تلك كعملاء مأجورين يجاهرون بعمالتهم من خلال سياستهم السائرة بطرق بعيدة عن الوطنية وشرف المبادئ ،وأزيحت الكثير من البراقع التي تخفي وجوههم الحقيقية التي لا تمتلك أي شيء من جماليات الحياة،وبالتالي فقد سقط هؤلاء اجتماعيا وسياسيا وعقائديا رغم أنهم تمكنوا من أثبات وجودهم الاجتماعي وتأثيرهم السياسي بطرق بعيدة عن الإقناع والإيمان وتستند على القوة وفرض الأمر الواقع وبذلك حقق الاحتلال الأمريكي هدفه الكبير في إسقاط الهالة الكبرى للدينين بإظهارهم على حقيقتهم الفجة وتهالكهم المريب على السرقة والقتل وانغمارهم في الفساد ،وهذا هو السقوط المدوي الذي تسعى إليه الدول الاستعمارية في تضييع الهوية الوطنية وإسقاط المؤثرات الدينية وتشويه الصور الحقيقية لمنطلقات الشعوب في نضالها الوطني بعد إظهار قياداتها بهذه الصورة المخجلة من الضياع والتشتت الخلقي والسياسي،مما يدفع الأكثرية لنفض أيديها من الثوابت الوطنية والدينية التي بان زيفها بسبب القادة إلا مبدئيين وأن رجل السياسة وزعيم الدين هم سواسية في الميكافيلية وان الجميع يفتقرون لأي مؤهل وطني أو دافع مبدئي ولا يختلفون عن غيرهم بنوازعهم الشخصية واندفاعهم لمنافعهم الشخصية ،وبذلك يمسخ الدين ومبادئه والوطن ومعالمه وتضييع المقاييس بين هذا الركام الهائل من الفاسدين،وهذا هو سر الاحتلال في ألإجهاز على الروح الوطنية،وتنمية الانعزالية واللامبالاة عن أي توجه له تأثيره المستقبلي على مصالح المستعمرين.
أن نهاية الإسلام السياسي لا تختلف عن النهايات الأخرى للحركات الوطنية والقومية التي كان لها تأثيرها على العمل السياسي عبر العقود الماضية وأن انهيار تلك المؤثرات سيمهد لظهور مؤثرات جديدة هادفة لتغيرات أخرى لا تخرج عن الأهداف الاستعمارية التي وجدت من أجلها تلك المؤثرات وبالتالي فأن أي بارقة جديدة لابد أن ينظر لها بالريبة والشك لأنها لا تخرج عن طبيعة من سبقها وهذه الغاية الكبرى لمن يهمهم بالدرجة الأساس إسباغ هيمنتهم وتحقيق طموحاتهم بالسيطرة والتحكم،والهيمنة على مقدرات الشعوب.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - موضوع رائع ومصحح
عبد النبي
(
2009 / 12 / 8 - 22:56
)
أخي الكاتب موضوعك أكثر من رائع وأيضاً من ناحية أخرى يعتبر الأول الذي تكتبه بدون أخطاء إملائية أو طباعية مما يجعل المتعة في قراءة محتواه ممتعة جداً شكراً لك وتسلم .
2 - الحمد لله
محمد علي محيي الدين
(
2009 / 12 / 9 - 02:33
)
الاخ عبد النبي
اولا الف شكر لك على هذا وانها لشهادة اعتز بها ان لا اخطيء في الاملاء او الطباعة رغم اني اؤكد لك اني احاول تجنب الاخطاء في كل ما اكتب ولكن قد تعشي العين عن رؤيا الكثير من الاخطاء والحمد لله انها املائية وغير مبدئية اكرر تحياتي ودم بخير
3 - كبد الحقيقه
د جعفر الجباوي
(
2009 / 12 / 9 - 10:18
)
غالباّ مايصيب الكتاب العلمانيون الوطنيون كبد الحقيقه وخاصة عند تحليلهم لاهداف الدول الرأسمالية والحركات والأحزاب الدينيه ودورهم في رسم وتأطير سياسة العراق وخاصة مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام وهنا كان تحليل الاخ ابو زاهد واقعيا واصاب الهدف من عدة جهات في مبارات نقدنا وتحليلنا لهذا الواقع. وبأعتقادي هذه اول خطوه للتغيير. ولكن يجب أن نبدأ بالخطوه الثانية . ألا وهي الخطوات العملية للتغيير . فهل تبقى القوى الوطنية العلمانية أسيره لاطروحاتها بالنقد فقط . فتغيير الواقع الفاسد يبدأ بالنقد لكنه يقترن بالعمل على تغيير هذا الواقع وان كان العمل على تغيير هذا الواقع مقتصر على النخبه الحاكمة فيجب على النخب العلمانية الوطنية ان تطرح برنامجها العملي للتخلص من الامراض والمشاكل التي يعاني منها المجتمع كالفساد الاداري والبطالة والارهاب وغيرها من المشاكل بما يعطي حلول عمليه تستفاد منها الدولة ومؤسساتها في عملية التغيير وعندها نكون قد أنذرنا ونقدنا وقدّمنا الحلول وعندها نقول (خلصنا ذمتنا امام رب العالمين والشعب) لانبكي على الاطلال ولكن لنتسلق الجبال معا لنصل الى القمة
4 - رد
محمد علي محيي الدين
(
2009 / 12 / 9 - 15:12
)
الأخ جعفر الجباوي
ما تطرقت اليه يصب في قلب الهدف وعلى القوى الوطنية العلمانية واليسارية منها التحرك ضمن منطلقاتها الوطنية لطرح برامجها الهادفة لتغيير الواقع كما يقول آية عصره ماركس ليس المهم تفسير الواقع المهم تغييره وأن وحدة التيار الوطني كفيلة بأخراج العراق من هذا المأزق الذي قادتنا اليه القوى الدينية بتحالفاتها الهجينة مع أعداء العراق من االأحتلاليين وأذنابهم ممن تمترسوا بأردية الدين التي لا تخفي سوأتهم أو ماضيهم المشين
5 - تسلم يدك
ابو مودة
(
2009 / 12 / 9 - 16:04
)
قيادات (تالي وكت ) تتحمل ما حدث ويحدث من قتل ودمار وخراب بهم بسبب . وهؤلاء(بالحقيقة لبسوا بقادة) طالما يضعون أهدافهم الذاتية قبل أهداف العراق وهم سبب دمار العقلية الجماعية للجماهيروحتى الكوادر المثقفة التي ارتبطت بهم بسبب لقمة العيش ...وهم سبب الخراب الحضاري والعمراني والصناعي والزراعي...بل يمكن تمثيلهم بفيروسات تأكل بوادر التطور.
ولا يمكن الخلاص من الفيروس ولا دواء مثلما للجراثيم وللأوبئة والأمراض من مضادات حيوية. الحل بيد الشعب حين يتعرف على قيادات أو ينتج قيادات جديدة تعني بالعلم والمعرفة ولا تحتمي بمثقفين سهل شرائهم. يوظفون كل طاقاتهم من أجل التوصل لانجازات تخدم المواطن أنياً
نتمنى من كتابنا اليساريين اي الوطنيين ان يكونوا بهذه الجرأة الي كتب بها الاستاذ محمد ليكونوا عند حسن الظن اولا ولتوضيح الحقائق كما هي ثانيا ولك يا استاذ جزيل الشكر والاحترام
6 - متفائلون
عبد الكريم البدري
(
2009 / 12 / 9 - 19:06
)
ألأستاذ العزيز محمد علي
من يقبل الواقع الرديء الذي يعيشه ....فهو ليس واقعيا.....وهو انهزامي.... ان كثيرمن المفكرين التقدميين لازالوا غيرفاقدين لطريقهم التي اعترته هذه الفوضى الفكرية التي تسيطرالآن على حياتنا اليومية, اما الذين مابرحوا يفتشون عن آفاق أخرى...فهؤلاء قليلوا الأيمان بالتأكيد والذين لم يمتلكوا الصبرالذي يتحلى به المناضلون ...فلقد تعجّلوا الوصول الى الهدف... وقد لاح الطريق أمامهم وعرا وشاقا وبالتالي طويلا, فآثروا التوقف أو الأنسحاب. ان هذا اللغو اللفظي والنظري لم يؤثرفي اغماد اقلامهم او يضيعوا في متاهاته. صحيح اننا مررنا بأجواء لم نرى سوى الخنادق والمتاريس والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة وايام الأسبوع الدامية والمؤامرات المحبوكة والطعنات في الظهر وكذلك هؤلاء الذين سرقوا دورالأبطال على خشبة المسرح بكل ثقة سيرفضهم الواقع الذي تحدثت عنه...لكننا لم ننئيس من قدرات شعبنا بعد ابدا. تحية لقلمك ولك.
7 - البلاغه بالأختصار
منذر
(
2009 / 12 / 9 - 19:46
)
تحيه طيبه,الذى لايعرف العراق بعد 2003 ماعليه سوى قراءه هذا المقال ,انه اختصار مفيد جدا لوضع البلاد والعباد فى هذه الحقبه العصيبه.تحيه اخى العزيز
8 - ردود
محمد علي محيي الدين
(
2009 / 12 / 10 - 09:00
)
العزيز أبو مودة
تحياتي لك ولأمالنا المكرودة في أعادة بناء العراق الجديد بعيدا عن برامج الاحتلال وأحزابه الطائفية الوافدة من وراء الحدود التي جلبت الدمار لبلدنا العزيز ببرامجها الهادفة لإنهاء كل ما هو الجميل ولابد للشعب أن يعي حقيقة المؤامرة التي تغذيها القوى العالمية في أعادة أنتاج الدكتاتورية الجديدة.
شكرا لزميلي الرائع عبد الكريم البدري وعلينا أدراك حجم المهم الملقاة على عاتق كل وطني شريف في السعي لتغيير الواقع من خلال تقديم البرنامج القاضي بإيجاد البديل وان يكون للأقلام الحرة مكانتها في التغيير قبل أن تصل البلاد الى طريق مسدود
أخي الكريم منذر
اكرر تحيتي وتمنياتي لبلدنا الجريح بعبور هذا النفق المظلم للوصول الى ششاطيء الأمان
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر