الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قانون العاملين الموحد في سورية يعصر الموظفين ليتركهم عظما بغير لحم

بهية مارديني

2004 / 6 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الاصلاحات المقترحة لم ترق الى مستوى
امال السوريين الذي يكتوون بنار الغلاء

بهية مارديني : لم يكن تاريخ 2/1/1985 يوما عاديا في حياة السوريين وبالأخص العاملين في الدولة منهم اذ نزل عليهم قانون العاملين الأساسي كالقضاء والقدر فقنن لقمة عيشهم بطريقة لن يتسنى لهم حتى مجرد مناقشتها حتى لحظة إعداد هذا التحقيق .
فالقانون جاء وهو بحاجة إلى قوانين لتفسره لدرجة أن الشكاوى المستمرة اضطرت الحكومة السورية الى اعداد ملحق لتفسيرات القانون وصلت اليوم الى اكثر من ألف وخمسمائة صفحة فمن سيقرأ ؟.
وقد نشرت قصة طريفة عن مسؤول سوري بارز شغل عدة حقائب وزارية حول طريقة صياغة القوانين في سورية وتقول:إن الحكومات المتعاقبة التي شارك فيها كانت تعمد إلى تشكيل لجنة فنية من المختصين لإعداد مشروع قانون أو مرسوم تشريعي0
وتقوم اللجنة الفنية بواجباتها على أكمل وجه، وتقدم المشروع بشكلٍ جيد يشبه الفتاة الباريسية الجميلة كلها فتنة وإغراء وُتعْجب كل من ينظر إليها0
ويصل مشروع القانون "الفتاة الباريسية" إلى الحكومة التي تحيله إلى وزارة المالية أو وزارة العدل أو تشكل له لجنة وزارية جديدة0
تبدأ وزارة المالية أو وزارة العدل أو اللجنة الوزارية بتوجيه الضربات إلى الفتاة الباريسية الجميلة "مشروع القانون" فتتمزق بعض ثيابها وتدمع عيناها، وتقدمها إلى اللجنة الاقتصادية أو لجنة الخدمات لدراسة مشروع القانون "الفتاة الباريسية بعد أن تمزقت بعض ثيابها"0
تتابع لجنة الخدمات أو اللجنة الاقتصادية توجيه الضربات إلى تلك الفتاة الباريسية "مشروع القانون" فتتهالك قليلاً ويظهر بعض السواد تحت عينيها وبعض الإزرقاق في أجزاءٍ من جسمها، ومن الطبيعي أن ترفع اللجنة مشروع القانون إلى مجلس الوزراء وفيه بعض الحسنات "لو بقي بعض الاغراء في منظر الفتاة الباريسية "0
يبدأ الوزراء بتوجيه اللكمات إلى كل أجزاء الإغراء في جسم الفتاة الباريسية "مشروع القانون" حتى تخرج تلك الفتاة من بين أيادي السادة الوزراء كالعجوز الشمطاء رجلها والقبر، أي أن القانون قد أصبح غير صالح ومعقد وهو بحاجة إلى تعديل قبل أن يرى النور0
هذه القصة المبكية المضحكة في آن هي تعبير اكثر من حقيقي عن الحال الذي اصبح بحاجة الى اعظم مشرع حتى يحل الإشكاليات العالقة بسبب قانون العاملين الذي يدور الحديث عن تعديله وهنا لب الموضوع .
فالقانون تقادم مع الزمن واصبح تعديله من أهم متطلبات انطلاقة العمل في سورية لانه بحد ذاته اصبح من عوامل الإعاقة لعملية الإصلاح التي تنادي بها الحكومة السورية منذ حوالي أربع سنوات .
فالقانون خلق معضلة حقيقية في مسألة الرواتب والأجور اذ انه وضع سقفا لما يمكن ان يصل اليه راتب الموظف وبالتالي هناك موظفون يعانون من ثبات رواتبهم لاكثر من عشر سنوات كونهم بلغوا السقف كما ان الأقل درجة وشهادة منهم اقتربوا بحكم السقف أيضا منهم واصبح شائعا ان ينال الأستاذ في الجامعة مايقارب المستخدم او الموظف الذي يحمل شهادة الدراسة الثانوية.
الموظفون استبشروا خيرا بعد طول انتظار لتعديل هذا القانون الذي يثقل كواهلهم ولكن هذا الأمر لم يدم طويلا اذ سرعان ما دبت الخيبة بعد تسرب التعديلات على قانون العاملين وبدا الأمر وكأنه تغيير في الشكل مع الحفاظ على المضمون .

فالقانون المعدل لم يلغ سقف الأجر وانما رفعه وبالتالي فان التضخم الطبيعي كفيل بأن ينهش الأخضر واليابس .
كما إن إجازة الأمومة فرّقت بين الطفل الأول والثاني والثالث بدون أي مبرر كما أن الام العاملة لن تستطيع اخذ أي إجازة امومة بعد الطفل الثالث .
كما تضمنت التعديلات الجديدة تعقيدات كثيرة لا تنصف الذين خدموا لسنوات طويلة ووصلوا الى سقوف الرواتب كما ان تعويضات الانتقال تحسنت صورة غير كافية ابدا ولا تناسب غلاء المعيشة في سورية
كما تضع التعديلات الجديدة تحديد نسبة الترفيع للعاملين بيد الوزير المختص مما يعني دخول الاعتبارات الشخصية وعامل القرابة واعتبارات قد لاتكون الكفاءة والنزاهة هي افضل مافيها .

لقد شعر المتابعون لهذه التعديلات والموظفون المنتظرون له بخيبة امل ،وحمّل كل من التقتهم ايلاف تعبيره عن الصدمة الكبيرة وقالوا انهم وضعوا كافة البيض في سلة مجلس الشعب السوري الذي سيناقش المشروع قريبا وهو الذي سيكون الفيصل في هذا الامر وبالتأكيد اذا لم ينصف العاملون فسيتحول الى مجرد مؤسسة بيروقراطية تمرر القوانين دون الاخذ بعين الاعتبار هموم الناس التي اوصلتهم الى قبة البرلمان .
وفي سياق ذي صلة قالت نشرة كلنا شركاء ان القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم في دمشق ابلغت النواب البعثيين في مجلس الشعب السوري بضرورة التصويت على مادة في قانون العاملين الاساسي الذي يجري تعديله في المجلس تعتبر خرقا للدستور .
والمادة موضوع الخلاف كانت تحمل في القانون السابق رقم 138 واصبحت في التعديل الجديد تحمل الرقم 137 وتنص حرفيا على مايلي :"يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء صرف العامل من الخدمة دون ذكر الأسباب التي دعت لهذا الصرف ,تصفى حقوق العامل المصروف من الخدمة وفقاً للقوانين النافذة .كما ان قرارات الصرف من الخدمة ,وفقاً لأحكام هذه المادة ,غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة أو الطعن أمام أية جهة أو مرجع وترد الدعاوى التي تقام ضد هذا النوع من القرارات أياً كان سببها ولا يسمح باستخدام العامل المصروف من الخدمة بموجب هذه المادة،وذلك مهما كانت صفة هذا الاستخدام ، إلا بقرار من رئيس مجلس الوزراء يجيز ذلك ".
واشارت النشرة الى ان رئيس اللجنة الدستورية والتشريعية في مجلس الشعب د.فيصل كلثوم أستاذ وهو بعثي تناقش مطولا مع اعضاء مجلس الشعب حول المادة وقد توصلوا الى نتيجة مفادها بأن المادة غير دستورية ولكن جاء قرار القيادة القطرية للنواب البعثيين بضرورة تمرير المادة وهذا ما اثار لغطا وتساؤلات كثيرة عن الهدف من ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تساهم ألمانيا في دعم اتفاقية أبراهام؟| الأخبار


.. مروان حامد يكشف لـCNN بالعربية سر نجاح شراكته مع كريم عبد ال




.. حكم غزة بعد نهاية الحرب.. خطة إسرائيلية لمشاركة دول عربية في


.. واشنطن تنقل طائرات ومُسيَّرات إلى قاعدة -العديد- في قطر، فما




.. شجار على الهواء.. والسبب قطع تركيا العلاقات التجارية مع إسرا