الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القصيدة مقفاة ولابد لقصيدة الشعر الحر من اسم آخر

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 12 / 9
الادب والفن


الشعر عند العرب مرسل كالكلام ليس فيه اصطناع او عسر في الولادة ، ولدى المعاصرين صناعة فيها اصولها وخططها وعوائقها وسقطاتها لخروجها عن السليقةالمفقودة بفعل الانقطاع والهوة بين عصر مضى وعصر راهن . فكل ما وصلنا من شعر جاهلي خاصة يمثل ارقى ما قيل شعرا وليس كل ما قيل شعرا . ولو قدر لمؤرخ تدوين كل ما قيل وقتذاك لوجد فنونا واساليب لانعرف اليوم عنها شيئا ..وقبل ولادة الشعر الحر من القافية كان تعريف القصيدة الشعرية ممكنالأن القافية أول ما يرد في تعريفه .ولما اصبح الشعر الحر واقعا طاش تعريف القصيدة واتجه المعرّفون الى تعاريف تبحث عن المشترك بين القريض والحر فمنهم من عرفه تعريفا دلاليا ومنهم من عرفهم بالصورةالفنية ، ومنهم من عرفه تعريفا يضع الدليل دالا والدال دليلا .. تعريفات ليس فيها ما يجعل القصيدة ذات تعريف قابل لتصنيف هذا الجنس الادبي . فما هي القصيدة ؟ وما هو الشعر ؟ ولماذا امتازت القصيدة العربية بالوزن والقافية ولمْ تمتاز القصائد الاجنبية بهاتين الخاصتين المميزتين ؟ هل الامر متعلق بطبيعة اللغة وصفاتها اللغوية والصوتية والمعنوية ؟ ام ان الامر معلق كله على الذائقة البشرية لهذه الامة دون الامم الاخرى وللناطقين بهذه اللغة دون الناطقين باللغات الاخرى ؟ ولماذا لم يعتبر العرب قبل الاسلام قصيدة الشعر الحر قصيدة ؟ ولماذا لم يعتبروا قصيدة النثر ، ولم يعدوها قصيدة وفقا لمعاييرهم وتقاليدهم الشعرية ؟ خاصة وان العرب تفننوا بكل الاجناس الادبية وحققوا فيها مراتب عليا بسبب غنى اللسان العربي وغنى القاموس اللغوي والدلالي العربيين. ان الاحتفاظ بتعريف القصيدة الشعرية المقفاة افضل خيار للبحث عن تعريف للقصيدة ، وافضل اجابة للاسئلة المتقدمة .. اما ما يسمى بالشعر الحر ، وقصيدة النثر فهما جنسان ادبيان يجب ان يصنفا خارج الشعر ، تصنيفا مستحدثا لايزاحم التصنيفات الادبية الاخرى السابقة على إبداعها اواكتشافها .. فلاوجود لقصيدة نثر ولا وجود للقصيدة الحرة ، اذا ما أخذنا القافية والوزن معيارا في آن واحد . اذن على رواد ومتذوقي القصائد الحرة وقصيدة النثر ان ينحتوا مصطلحا يحدد ويعنوّن قصيدة النثر والشعر الحر .. لاحظ ان تعبير( قصيدة حرة ) تعبير غير متداول انما المتداول هو( الشعر الحر) وكأن اللغة العربية تحمي ذاتها بعدم قبولها مصطلحات ليس لها رصيد صوتي يخبأ رصيدها المعنوي الحقيقي .وربما وجود الصلة بين لفظتي( شعر ) و(قصيدة ) مهد لاستسهال القول بالشعر الحر وقصيدة النثر.وهذا ليس بكاف لنحت واصطلاح الشعر الحر وقصيدة النثر ، رغم ان القصيدة كمفهوم هي الشعر كله . ومع ذلك فأن الشعر مفهوم والقصيدة مفهوم آخر ، ولايدخل هذا التمييز مدخل الترادف الذي يساوي بين مفهوم وآخر بدلالة مصداقها ، بل يدخل مدخل الترادف الذي يفرق بين المفهومين تفريقا واضحا ووقوعهما متجاورين على خط المعنى .
واخيرا لابد من اسم جديد لقصيدة النثر واسم جديد آخر للشعر الحر ، فكلاهما إبداع معاصر يضاف الى الاجناس الادبية ، ولايدخل في جنس من الاجناس الادبية التقليدية السابقة عليهما.. وبهذا يكون لعملية الاصطلاح مشروعية الابداع وان كانت متأخرة . فقصيدة النثر ليست قصيدة ،والشعر الحر ليس شعرا .. إنما هما جنسان ادبيان متمازيان من جهة ، ومتميزين عن القصيدة والنثر والمقالة والقول والقصةوالرواية .. والمعترضون على اقتراحنا يشهرون النتاج الشعري الاجنبي : الانجليزي والروسي والاسباني ...الخ أمام اقتراحنا ليكون حجة لهم في سلامة مصطلحي الشعر الحر وقصيدة النثر لكون القصيدة الاجنبية غير مقفاة ومع ذلك فهي شعر .. ونقول لهؤلاء ان القصيدة غير العربية والمتحررة عن القافية هي قصيدة بمعايير اللغة التي تكتب بها ، إلا ان معايير اللغة العربية رتبت القافية والوزن معا اساسان لايفترقان في بناء القصيدة العربية والشعر العربي . كما نعتقد ان اعتبار مفهوم الشعر يضم تحته كل انواع القصيد المقفى والحر والمنثور ، هوقول غير صحيح ،ولو كان صحيحا لأدخل العرب هذه الانواع تحت عنوان الشعر . وعلى نحومعاكس دعنا نسأل هنا : لماذا لم يكتشف العرب في العصر الجاهلي الشعر الحر وقصيدة النثر ،حيث الشعر ظاهرة عامة واشبه بالكلام المرسل عندهم ؟ هل السبب في عدم اطلاعهم على الشعر غير العربي ؟ ومهما كانت الاجابة من منطلقها التاريخي اومن منطلقها اللغوي فأن الواقع التاريخي للشعر العربي يسجل تطورا في اضافة ما تسمى بقصيدة الشعر الحر وما تسمى بقصيدة النثر . وهذا ما يرسخ قناعتنا بضرورة نحت اصطلاح لكل منهما .
وعودة الى سؤال سابق ، لماذا الشعر العربي مقفى بدأ ً ؟ هل السر يكمن في طاقة التأليف التي تمتلكها اللغة العربية ؟ أم تكمن في طاقة التعبير الوجداني لدى الشعراء العرب ؟ أم السبب كلا العاملين المذكورين معا؟
إننا نقف موقف العجب في كثير من الاحيان ازاء تراثنا اللغوي والادبي والشعري ، بحيث بتنا نعده مرجعا نهائيا غير قابل للاضافة ، وهذا الموقف يجعلنا غير متحررين من الخوف والهيبة من الاضافة الجريئة على اجناسنا الادبية ، فلما سن بدر شاكر السياب ونازك الملائكة ما يسمى بالشعر الحر ، تصاغرنا أمام تراثنا العظيم ونسبنا ابداع الشاعرين العراقيين المذكورين الى الشعر والقصيد دفعة واحدة ، في حين كان المطلوب ان نمنح اسما آخر لهذا الوليد الجديد ..بدلا من أن نمنح كل ابنائنا اسم واحد ثم نحتار عندما نريد ان ننادي على احدهم دون اخوانه واخواته الاخرين .نحترم تراثنا الادبي ولانعتدي عليه فالشعر قصيد مقفى ، ونعلن انتمائنا الحي والحيوي عبر اومن خلال القدرة في الاضافة الى اجناسه اضافات مبدعة لابد ان تكون مسمى لمسمى يليق بما هو جديد .
وتظل مشكلة التصنيف واحدة من مظاهر القصور في النظرية الادبية المعاصرة ، والمشكلة التي نعرضها هنا هي مشكلة صنافية في المقام الاول .. فيجب ان نحسم دالة الانتماء . فما الذي يتضمن الآخر : الشعر ام القصيدة ؟ أم انهما متساويان ؟ فأن لم يكن متساويين فهذا يحتم اعتبار الشعر يضم كل من : القصيدة المقفاة ، القصيدة الحرة ، قصيدة النثر . ولكن هل ان المفهومين ـ الشعر والقصيدة ـ متساويان ؟ لابد من الاجابة ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيا.. جدل حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البلا


.. جدل في موريتانيا حول أنماط جديدة من الغناء والموسيقى في البل




.. أون سيت - لقاء مع أبطال فيلم -عالماشي- في العرض الخاص بالفيل


.. الطفل آدم أبهرنا بصوته في الفرنساوي?? شاطر في التمثيل والدرا




.. سر تطور سلمى أبو ضيف في التمثيل?? #معكم_منى_الشاذلي