الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأبين ( قصة قصيرة )

طارق الطوزي

2009 / 12 / 9
الادب والفن


قالت بتأثر: لقد مات زوجي
المسألة الآن تنحصر في صياغة كلمة تأبين تليق بمقامه القديم، يجب أن ألحظ فتنة في مدى حضوره يكون ثقلا جذابا لخطابي التوديعي: أي شيء يحمل معنا صاخبا مميزا. لا يهم، حتى إن كانت حياته تفاهة عادية فما عليّ سوى التحذلق بألفاظ عقيمة فضفاضة لأرسم ملامحه بإيهام ساذج. في النهاية، ما معنى الكيان في الحياة سوى الإيغال في ترف التفاهة، كلّ شيء هنا يخضع لمنطق منافق، الأشياء تبدو على علوها المربك لتنتهي إلى قاع سقوط عظيم. نعم، هي الحياة؛ المارد الأليف المجنون يمزقك بعشوائية المزاج ليعلنك مصيرا فاجرا آخر، لا يهم...
- حدثيني عنه
راحت في ثرثرة هاذية تتحدث عن شعاب معتادة، مستسلم حزين إلى مخاتلات اليومي، هادئ لا يعاند أرق التواجد، يتلفظ كلماته القليلة بروح الخجل و الفرار، أخلاقي بامتياز. أب و ابن و زوج صامت، أحبّ فأنكر ترف الاتساع، و اهتدى إلى مجرد صمت الخنوع، تجرد من فسحة التجوال في المكان و قنع بالمراوحة بين أركان قديمة، إلى أن استيقظ على موت...
- كم ستدفعين ؟
خمنت أن الكتابة ستشغلني بقلق إنشائها، الكلمات ستبرحني صعبة؛ فما يشغلني هو كيفية التعبير عن حياة عادية؛ المساحة هنا بسيطة لا يملؤها شرر الفضول. ربما الخلاص سيكون في تأمل التفاصيل المتاخمة لرحلته، نعم، قد تمنحني القدرة على الرؤيا الكاشفة عن جاذبية هذا العيش. سيحتاج الأمر بعض الخيال، أو ربما بعض النسيان لخصوماتي النزقة مع تراكيب الحياة المملة...
الساحة هنا مبدؤها التكرار، معاودة الفعل نفسه بلا حاجة إلى اتساع، مجرد حضور كفيف في مشهد منظم بصرامة.
فكّر مليّا، ما الحاجة إلى تواتر ممل؟ قد يمثل لي مثلا حصرا للحياة حتّى أشبع رغبتي في سبر العمق، ربما، إلّا أنّ فقيدنا هذا كان يتخذه قناعا لاحتماء بضيق آمن؛ مجرد حضور في عتمة تحافظ على سريّة المرور؛ تكون مادة بلا أثر أو علامة، عابر مخفي من أساطير عجيبة.
إنها رسم معهود لميثاق ترداد أليم.
" تستيقظ مربكا قلقا لسبب مجهول. تحاول أن تكون عابسا بتصنع؛ حتى تفهم صداعك الصباحي/ صراخ عشوائي يحيط هالتك الموقرة؛ طلبات تبعثر اتزانا تحاول جاهدا إثباته. حركة عنيفة تشرد بك إلي ضيق عنيد. تغضب في حدود مدركة/ تنشق من جدارية إلى طريق بعين شاخصة لاتجاه واحد، تتحرك في خفّة واثقة. تبرح قفص انتظار إلى عربة تملؤها العيون المتوجسة، تمسك بقضيب حديدي بارد. تعبرك العيون بلامبالاة، قد تتوقف بلا تركيز تطالع نزقها الكئيب/ تسقط إلى طريق آخر و اتجاه واحد، تلج جدارية بأبواب محروسة، يبدأ سعيك إلى الاكتمال، تردد ما لقنته عن آيات القدرة، تتحزب في صراع صاخب، تتوعد انتظام الأشياء السقيمة، تغضب هادئا/ تغادر إلى طريق آخر و اتجاه واحد، تتبضع قوتا، تتحرك في دوران وسط هذا الامتداد القاسي، تقرأ علامات عديدة سافلة، تفكر أنك تُسرق، تغضب صامتا/ تعاود جداريتك، تتحدث بعناء، تأكل في شرود، تشاهد عبثا ماجنا على التلفاز، تلقن طفلا بعضا من كتاب ساذج، تردد صوتا قديما، تزمجر بويلات اللافهم، تغضب بحرص/ تنام. "
قناعة الحركة المستأمنة.
العيش في سكينة الاعتياد العظيم.
- سيد جمال، متى تكون الورقة جاهزة ؟
سأرسم ملامح شخصيته بما أرتضي وقعها في ساحتي: سأحملها هياج الفضول إلى ما خلف الأطياف القديمة/ سأرجم بعثرتها الصامتة في حدائق مترفة لآلهة القسوة/ سأسكنها قلق النسيان و الخلق/ سأردّد بصوتها المبحوح كلمات الرؤيا لحلقات أهملها سجن الكتم/ سأتهجى بشفاهها ألفاظ اللعنة طقسا لهزيمة السقوط/ سأدهش رآها ببهجة اللقاء/ سأطلق غضبتها في جنون الامتداد/ سأعابث نميمتها الساذجة كي تتلفظ وحيا/ سأتلو بهذيها نشيد المتعبدين على اتساع بلا انتماء/ سأخدش وقار هيبتها القديم بلعنات البوح الفاجر/ سأعلن قيامتها كأسئلة بلا كفاف...
..... ( * )
- سيد جمال، لا تنسى ميعادك اليوم مع الطبيب النفسي.
- آآآآآه، اللعنة، يبدو أني أهذي بفعل العقار الجديد.

( * ) لن يكتمل النص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??