الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


داهمتني الأفكار وأخذتني بعيداً

قيس مجيد المولى

2009 / 12 / 10
الادب والفن




حين إنطلقت من المدينة وصعدت مقدمة الجسر لاحت أمامي رؤوس البنايات وأسلاك الرافعات المتينة وكلما أقترب أرى العمال وحركاتهم الدوؤبة وهم يمتحنون السواقي التي حفرتها تلك الآلات الضخمة وبالكاد أستطع من الإستدلال على وجوهم التي غطوها وغطى غطاءها التراب ،
كان كل شئ على إمتداد ذلك الطريق يبعث بالأمل فالهدوء يصل حد الوحشة ورؤيا رجل بوليس أمرا يكاد يكون بالنادر بل أحيانا في بعض المناطق بالمستحيل ، كنت أفكر كم سرعتي ستكون وضبطتها على معدلها الجنوني وكلما لاح لي (الرادار ) أتهيد قليلا وحين أتجاوزه أعود الى تلك السرعة التي أصبحت طبعا من طباعي ،
لمحت الوقت وفي نفس اللحظة لاحت لي مجمع الإشارات الذي يشير الى إتجاهي نحو طريق الشمال وداهمتني الأفكار وأخذتني بعيدا وأنا في أول الطريق ولم أتعد بعد العشرين كيلومترا ، وأتت لي ربة الشعر وأنا على مقودي فتهيدت وركنت جانبا وفي جهاز تسجيلي الذي معي كتبت أم سجلت فذلك سواء حين راح الهواء ينقل ماأقوله الى حيث أماكن لاأعلمها وحين أعدت الصوت في جهاز التسجيل كنت قد سجلت فيه :

نحاول ...
وسريعا مانقول
من المستغرب
أن تقع تلك التصورات في عقولنا
ومن المستغرب أن نجعلها قابلة للتحقيق
وهناك حظوظ صالحة
وأخرى غير صالحة
وهناك عتمة
رغم أنها تلد أخرى
لكنها تنقضي ،،

وحين سمعت بتنقضي ، هدأت فخففت من سرعتي ودخلت (الخيسة ) تزودت بالوقود وأخذت سندويجا وشاي حليب وأنا أهضم وأبتلع وأتمجع مررت بالمحال الأخرى أنظر لهذا المحل وأسجل والأخر وأسجل وحين أدرت الجهاز :
كان وهمي
بالغ الحيوية
لم أطعمه من جديد خيالي
وظللت أسأله
لماذا لاتحيد عني

على هذه اللحظة غردت لي الطيور في الأقفاص
والقطار على الورق والفحم الأسود في الأكياس
وقد إشترى المنتجعون مابقي من أضلع الأشجار
ومضت السيارات التي تزودت بالوقود من بعدي وهدأت المحطة وأضيئت في مكامني أشياء في الطول وأخرى في العرض وليس بالضرورة أن أعود لحفريات الذاكرة ما دامت أمامي ذاكرة جديدة تدعوني وتعطيني من صورها ماأريد وقبل أن أغلق الباب وأغادر ،أيضا في جهاز تسجيلي كتبت :

أصطحبُ معي
أي شيطان في الطريق
لديه مايروي لي
ومع كاسينا
سنتبادل خواطرنا
وهو الذي دائما يقول لي
كف عني
أعرفها مسبقا

لمحت الثمانين كيلومترا المتبقية وأستمعت الى ماكتبت من البداية وفي سري كان ينقص ماكتبت شئ من البُرك ومن المداخن ومن بيوت الدجاج وينقصه سشوار امرأة وبجامة نوم وقطعا لمن أقول لها لنذهب الى السرير ،
وكان علي أن أصّعد همتي مقابل مارأيت أما كيف سأكمل ماكتبت وأين سأقراءها القراءة الأولى وأضفت :
لاوجه لمناديلي
ولا نهر لزجاجتي الفارغة
وليت لي ذراعان
وأتعلم كيف أفتحهما
بحلم لايروى وغير مسموع

هذه الإنتقالة التي داهمتني أعادتني للدوران من جديد إذ لم أعد أستطع من قراءة أسماء المدن والكيلومترات على اللوح وقد غطى عيني ضباب سحر كلمات جديدة أتى من ذلك الأمل والهدوء الموحش
فيه من الإغراء ومن الحرية الروحية ما يدعوك لغلق بابك والتمعن في وجودك من جديد وعلى لحظة إنهار كل شئ عبر صوت المذياع الذي أعلن فاجعة الثلاثاء ،، وقتها قلت لاأضيف لاأضيف لما كتبت صخورا ورمادا
بل دعوت بالرحمة لهم والصبر والسلوان لذويهم في ذلك الهدوء الموحش الجميل،


[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس


.. ليلى عباس مخرجة الفيلم الفلسطيني في مهرجان الجونة: صورنا قبل




.. بـ«حلق» يرمز للمقاومة.. متضامنون مع القضية الفلسطينية في مهر