الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحفيد : قصة قصيرة

صبيحة شبر

2009 / 12 / 11
الادب والفن



لم أفعل له شيئا ، أثار حيرتي بغضبه المفاجئ ، وثورته الناقمة ، ورد فعله العنيف على كلمة جاءت عفوا ، تضخمت مخاوفي ، وأنا أراه يرعد ويزبد ، ويعلو صوته ، مهددا إياي بالويل والثبور وعظائم الأمور ، خشيت على نفسي ، ماذا يمكنني أن افعل ان تسببت ثورته المتضخمة، في تفجر شريانه، كما كان ينذرني باستمرار؟ ، أو أدى عنفه الكبير إلى توقف قلب، ظل طوال العمر ينبض بعيدا عني ، تساءلت ماذا يمكن أن افعل ، وأين أذهب به في هذه الليلة الليلاء ، وقد بعد الناس عنا ، وهجرنا المعارف ، ونأى عن صحبتنا الأصدقاء ، و حذر مجلسنا المجربون ، كان ميالا إلى الصراخ ، ما إن يحتدم النقاش حول مسألة يثيرها ، ويجد بعض الاختلاف، في وجهات نظر من يبادله أطراف الحديث ، حتى يسارع إلى رفع الصوت، واتهام محدثه بالجهل، وعدم الاطلاع على خفايا الأمور ، فكان إن أصاب الجليد منزلنا، وشعرت ببرد عضال لم تستطع المدافيء الحديثة ان تستل أوجاعه من عظامي..وان تنتشل نفسي الظمأى ، المتطلعة إلى بعض القطرات من ينبوع غاب بعيدا منذ زمن...
وحين يجدني ارتعد خشية على نفسي، ورغبة في الوصول الى ما يبعث بعض الهدوء إلى ليلتنا الغاضبة ، يضج بالصراخ والعويل نادبا حظه ، ولاعنا تلك الساعة الآثمة ، يشتد خوفي ولا أجد جوابا شافيا، ينقذني من شعور ممض بالفقدان شديد الوطأة عسيرا ، لست ادري ما الذي جعلني أطيل النظر إليه ، تذكرت تلك اللحظة، نظرية داروين التي طالما أنكرتها ، رغم محاولات عديدة لجعلي اقتنع بأصل البشرية الذي بقي مغلقا أمام العقول متصفا بكثير من الغموض ، وبعيدا عن الانجلاء...
يبدأ بالصراخ من جديد يلمح هدوئي ، يبدو عليه التساؤل: كيف استطعت أن أنقذ نفسي، بن براثن شعور لم يكن موجودا ، ولماذا تضخم الخوف عليه بدلا من الرأفة بقلبي الملحاح، والذي لا يكف عن السؤال ، وهل خلقت إحساسا وأوهمت نفسي بوجوده... وهل نحن من الضعف لنخلق كذبة ، ونكون أسرع الناس في تصديقها، هل نجد راحتنا في إيهام أنفسنا بأمر، يتعذر علينا الوصول إليه ، وهل الحقيقة لا يحبها الكثيرون ، رغم ادعائهم بالنقيض ، يسارع إلى الإمساك بكأسه، الذي خلا لتوه، من شراب ابيض اللون حليبي ، يفكر أن يعصر الكأس ضاغطا عليه بين كفيه ، أضبط أعصابي المحروقة ، وينبعث السؤال من جديد داخل عقلي المشغول:
- ماذا يمكنني أن أفعل ؟ وقد هجر مجلسنا الجميع
وأنا غارقة في بحر مخاوفي المتعاظمة، أراه يقذف بالكأس الفارغ ، بقوة ويرميه إلى بالجدار المقابل ، ينظر إلي بتشف ، وأجهل حتى الآن ، كيف استطعت أن أخنق صرخة، كادت تفلت رغما عني ، يعود إلى صراخه العالي لحظة،
يترك الصراخ:
- هل أنت صماء ؟
- لا ...........، لماذا تصرخ ؟
تتبدد مخاوفي ، وانهي رغبة كبيرة، تتقد داخل نفسه أن يجعلني دائمة الخشية ، مرعوبة ، أتلظى بما يشعله في طريقي من حرائق ، وبما يجد لذة فائقة في تكبيلي، ووضع الأشواك الجارحة لتدميني، تتراءى لي حياتي معه ، زاخرة بالمتاعب ، خالية من اللذات ، لماذا كنت اشتعل لإرضاء شخص ،لا يمكن لشيء أن يجعله يرضى ، حتى لو أشعلت أصابعي قناديل تنير دربه ، وتبدد وحشة طريق شائك ، ولكن لمَ نظن الناس مثلنا ؟ وان ما يبهج نفوسنا يسعدهم ، أليس من الممكن جدا، أن البعض منهم يحزنون، لكل ما نتوق للوصول إليه ، ونزرع الأرض خضرة وعسلا، وهم يودون غرسها حصرما، يدمي القلب ويتعب الشفاه ، ألا يوجد بشر يفسرون الرحمة ضعفا والمحبة تزلفا ؟ ولماذا أظل محتفظة بعشرة، لا وجود لأساسياتها، هل اصنع عالما متوازنا بما تحمله نفسي من جراح ، أم أنسى آمالي الخائبة ، لأبدأ في الحلم من جديد ، أغطس في بحر متلاطم، أفيق منه، على صوت ارتطام باب المنزل بقوة


صبيحة شبر
22 تشرين الثاني 2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - بورك قلمك
قاسم محمد مجيد الساعدي ( 2009 / 12 / 13 - 19:08 )
لامس الالم كل شي فينا فاصبحنا من مدمنينه حتى كتاباتتنا تبحث في مجرى الالم الممتد طويلا في اعماق نفوسنا البائسه بورك قلمك الرشيق

اخر الافلام

.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو