الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف يدعم المصريون البرادعي

هويدا طه

2009 / 12 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


كتابع يشير إليه سيده فينفذ ثم بإشارة أخرى يقبع عند قدميه.. هكذا كانت الحملة التي شنها (كـُـتاب النظام الحاكم) ضد الدكتور محمد البرادعي! حملة بدأت بإشارة من سيد النظام وتوقفت بإشارة ثانية! وكان المدهش فعلا أن هؤلاء الكتاب لم يكونوا بالمهارة الكافية عند الإشارة الأولى.. فأوقفتهم إشارة ثانية من العائلة.. ليس اعترافا بالخطأ بل فقط إلى حين تدبر وسيلة أخرى أقل انفضاحا.. للنيل من البرادعي!
عدم مهارة هؤلاء الكتاب التي فضحت في كتاباتهم لم أجد تعبيرا أكثر دقة لوصفها من المثل الشعبي المصري "تتكلم معاه يتهيك واللي فيه يجيبه فيك"! قد يراه البعض مثلا شعبويا!.. لكنه شديد التعبير عن حملتهم ضد البرادعي! فكل ما ينطبق على جمال مبارك وعائلته من مآخذ يرصدها المعارضون لمخطط توريث الحكم في مصر.. ألصقها هؤلاء الكـُتاب بالبرادعي! ولم ينتبهوا لأبجديات التخاصم.. والتي تعبر عنها حكمة (إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف الحجر على بيوت الآخرين)!
فمطلب البرادعي تعديل الدستور.. أدانه هؤلاء الكـُتاب بالقول إنه (يطلب تفصيل دستور على مقاسه)!.. هذا والله ما عناه المثل الشعبي الحكيم! إذ أن تلك تهمة ثابتة بالفعل على من سبق وفصل الدستور بحيث لا يسمح أبدا بوجود حاكم لمصر إلا من أبناء وأحفاد مبارك! وليس على البرادعي الذي صرح بمطلب مشروع لعموم المصريين! أما تهمة ازدواج الجنسية.. فأصل وفصل الفتى معروف لعموم المصريين! تناسى هؤلاء الكـًتاب أن جدته بريطانية! لذلك حذف من الدستور الذي فصل له تفصيلا شرط أن يكون المرشح من (جدين) مصريين! بينما البرادعي قال إنه لم بحمل طوال حياته سوى الجنسية المصرية! فإذا اتهمه هؤلاء البؤساء بغير ذلك فالبينة على من ادعى! بينما كانت تهمة مساعدة أمريكا في غزو العراق.. أم الفضائح! فدور مبارك في غزو العراق لم يكن خفيا كي بعلم به النبهاء فقط بل كان علنيا ورسميا وموثقا! هذا الدور قام به النظام المصري وأمثاله من حكام العرب! أما الحجر الأكبر فقد قذفه د. فتحي سرور أحد أركان نظام مبارك حين قال إن حياة البرادعي المرفهة عائق عن حكم مصر! وإن البرادعي لم يذق طعم (المرمطة).. وكأن جمال مبارك ذاق مثلا طعم مرارة التعاطي مع المواصلات العامة أو جوع المواطن المصري أو امتهانه في الطرقات وأقسام شرطة نظام أبيه!
تلك بعض أمثلة فقط لمسوغات تاه في شرحها كـُتاب النظام ليتوهوا الناس!.. أي أنهم ومن حيث أرادوا الدفاع عن اغتصاب عائلة مبارك وحاشيتها للسلطة والثروة فضحوا أسيادهم على طريقة.. تكلمه يتهيك واللي فيه يجيبه فيك!
الصورة الآن
لكن.. الأهم من التوقف أمام هؤلاء الحاملين للواء (اللي فيه يجيبه فيك) هو حقا كيف نستغل نحن المصريين تلك اللحظة لإنقاذ بلدنا – ليس من الانهيار فهو بلد منهار فعلا- إنما إنقاذه من مواصلة الانهيار.. ويبدو أن لدينا هنا الصورة التالية..
* خنقت العائلة مصر طوال ثلاث عقود.. حتى استطاعوا بالفعل إقناع البسطاء أن ما من بديل لمبارك من بين الثمانين مليون مصري! حتى عندما تطلع الناس يأسا إلى عمرو موسى نسوا مع يأسهم أن عمرو موسى هو جزء من هذا النظام الذي قزم مصر.. وأضاع قيمتها ودمر فيها عمدا فرصة عدة أجيال.. ومع ذلك خنقت العائلة هذا الأمل.. وصارت مصر المختطفة رهينة في يد عائلة احتكرت بلا أي شرعية السلطة والثروة لعدة عقود..
* جشع العائلة ورغبتها المحمومة في استمرار مشروع احتكارها للسلطة والثروة جعلها تقرض فرضا هذا الفتى على الناس.. نفسيا وإعلاميا وسياسيا ومن أي مدخل ممكن كي تجبر المصريين على بلعه.. وبدا أن لديهم معضلة حقيقية في إجبار المصريين على تقبل هذا الفتى ثقيل الدم! فتم تفصيل الدستور بحيث لا يكون ممكنا لأي مصري سوى جمال مبارك الفوز بمنصب الرئاسة!
* المعارضة ضعيفة بشقيها.. الشق الرسمي أي الأحزاب والتي أكرهها ويكرهها كل مصري على ما أظن! فرؤساء تلك الأحزاب هم كلهم من عينة وعمر رئيس الدولة! وهم أيضا خنقوا أحزابهم كما خنق الرئيس مصر كلها ولم يسمحوا لصف ثان بالظهور في الأحزاب تماما كما فعل الرئيس مع الدولة! وزادوا بأن شاركوا الرئيس وعائلته في الحقد على أي محاولة وطنية شابة لإصلاح هذا البلد! أما الشق الثاني من المعارضة فهو حركات الاحتجاج المتعددة والتي تقصفت كلها في منتصف الطريق ولم تستطع مواصلة المعارضة بفعالية.. إما بسبب انقسامات تافهة أو بسبب غياب مشروع واضح للمطالب أو بسبب الضربات الأمنية لدولة يعرف القاصي والداني أنها دولة بوليسية أو بسبب غياب شخصية كاريزمية تقود! وهناك صنف آخر من المعارضة هو (الإخوان المسلمون)! وهؤلاء لهم موقف مائع من التوريث ولا يهمهم سوى جماعتهم.. وتاريخهم يتسم بصفقات يعقدونها مع النظام حتى لو كانت ضد المطالب الوطنية للشعب المصري!
* لم تظهر في مصر طوال تلك العقود شخصية كاريزمية تعبر بصدق عن مطالب المصريين وقوية بما يكفي لأن تصمد أمام العائلة ويتبعها المصريون.. وتنمو على يديها قوة شعبية ضاغطة.. يمكنها أن تسقط النظام سلميا أو تدفعه للرحيل عن هذا البلد
* دوليا لا يهم العالم مطالب المصريين داخليا ولا يهمه أن تكون مصر ديمقراطية أو حرة أو مستقلة.. بل ربما العكس.. لهذا استمر الغرب في دعم نظام مبارك طالما أمعن هذا النظام في الاستجابة لمطالب غربية هي في أغلبها إن لم تكن كلها ضد مصالح المصريين الوطنية والقومية.. استمر في دعمه رغم علمه ربما بأكثر منا كم هو نظام فاسد ومستبد! إذن فليس من المأمول أبدا أن يجد المصريون دعما دوليا لمطالبهم العادلة حول دولة ديمقراطية حقيقية وتنمية ونهضة وما إلى ذلك!
تلك هي الصورة إلى أن ظهر البرادعي!
فرصة للمصريين
حسب متابعني أول من أشار إلى البرادعي كان الدكتور حسن نافعة منذ عام تقريبا.. ثم استضافه برنامج العاشرة مساء وأعرب الرجل عن رغبته في (عمل شيء) لإصلاح هذا الوطن! وكتبت عنه مقالا وقتها- منذ عام تقريبا- بعنوان (هل يكون البرادعي الرئيس القادم لمصر؟) نشر في جريدة صوت الأمة المصرية.. ثم بدأ آخرون في التنبه لذلك.. ثم خفت الأمر قليلا إلى أن أعلن الرجل رغبته صراحة.. هنا تجدد الأمل.. والسؤالان الهامان هنا هما: (لماذا) يجب دعم البرادعي و(كيف) ندعم البرادعي.. أما لماذا فلأنه شخصية محترمة دوليا وصادقة في تعبيرها عن وطنيتها والأهم أن مطالبه تعبر عن مطالب المصريين وقامته أعلى من أن تسحقها العائلة كعادتها مع كل من يحاول التصدي لجشعها واستبدادها! والمصريون في حاجة إلى شخصية واضحة محددة تقودهم! فمصر لم تصل بعد إلى دولة مؤسسات راسخة والشعوب عموما تحب أن يكون لها قائد (يحمل عنها) عبء التقدم نحو الهدف.. حينها تكون الشعوب مستعدة للمضي (وراءه).. وأحد أهم أسباب فشل المعارضة الاحتجاجية في مصر أنها لم تنجح في خلق شخصية كاريزمية شجاعة ومخلصة وقادرة على القيادة.. لكن هناك دور هام للنخبة الواعية في مصر فعليها انتهاز تلك الفرصة للخروج بمصر من نفق العائلة المظلم.. فرصة البرادعي!
حملة جمع التوكيلات
أما كيف ندعم البرادعي فهناك إيحاء من تاريخ هذا الوطن يلح هنا.. فعندما أراد سعد زغلول التفاوض مع الإنجليز جمع توكيلات من المصريين ليتحدث باسمهم.. إذن دور النخبة الواعية في مصر أن تعلن (حملة جمع التوكيلات للبرادعي)! نجمع له ملايين التوكيلات ليتحرك باسمنا نحن المصريين:
* إما بالطريق القانوني والقضائي داخل مصر للدعوة إلى تغيير الدستور ليصبح دستورا عادلا يخدم مصالح كل المصريين.. أو حتى باللجوء إلى القضاء الدولي إذا عجزنا داخل مصر.. والبرادعي قامة عالية في القانون الدولي
* أو للتفاوض باسمنا مع تلك العائلة بأن نحقق لها ما أسمته هي على لسان أحد المقربين إليها (الخروج الآمن) من السلطة وحتى من البلاد! فمنذ وقت قريب كتب عماد الدين أديب المقرب من العائلة الحاكمة مقالا اقترح فيه (خروجا آمنا للعائلة) من السلطة مقابل توفير حماية قضائية للرئيس وعائلته مدى الحياة! (إلى هذا الحد تدرك العائلة أنها ارتكبت جرائم تساوم المصريين بشأنها.. أرحل عن رقابكم مقابل عدم فتح ملفات جرائمي.. هل تفهم شيئا غير ذلك من هذا الاقتراح؟!) ومع ذلك إذا كان هذا هو الحل الأخير فنحن المصريين نريد من يفاوض باسمنا..
* دور آخر للنخبة الواعية جاء وقته.. تنظيم مسيرات دعم البرادعي.. مسيرات منظمة ومستمرة بانتظام ربما تبدأ قليلة لكنها مع الوقت ستزداد حتى تصبح ضغطا شعبيا هائلا.. بقيادة البرادعي
* بدء حملة دعائية واسعة في الصحف والفضائيات التي تقبل ذلك.. المشكلة هي أن معظم الصحف والفضائيات مملوكة لخدام هذا النظام الفاسد.. والوقت أقصر من العمل على جمع أموال في اكتتاب شعبي لإطلاق فضائية شعبية لا يسيطر عليها النظام.. لكن يمكن التفكير في هذا الأمر والمتخصصون يمكنهم ابتكار وسائل دعائية تستطيع الوصول إلى كل بيت مصري.. لن تعجز عن الخلق إذا اتخذت قرارا وامتلكت الإرادة.. أليس كذلك؟! وهناك (لجنة شعبية لدعم البرادعي) نشأت في القاهرة يمكنها أن تنشط في هذا المجال وتفتح الباب لكل أنشطة الشباب المتحمس وتطرق كل الأبواب التي تفتح لنشر الدعوة..
إلى د. البرادعي
هناك مناشدتان.. الأولى للنخبة المصرية الواعية.. أن تنفض عنها ضعفها وخوفها.. واستسلامها المشين.. ولا تترك الرجل يناضل وحده.. لا يجوز وطنيا أن نتخلى عن البرادعي.. ونتركه وحيدا.
والمناشدة الثانية هي للدكتور البرادعي.. أن يصمد! سنجمع لك توكيلات المصريين وتقدم أنت الصفوف.. مهمتك صعبة لكنها ليست مستحيلة.. أنت تدرك مثلنا أن مصر نالت من تلك العائلة ما يزيد على الاحتمال من الآلام.. ابدأ المسيرة السلمية للتغيير ونحن معك... نحن المصريين!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أمل مصر الأخير
محمد زكريا توفيق ( 2009 / 12 / 12 - 09:36 )
شكرا أخت هويدا على مقالك النبيل الرائع, ودمتي متألقة.

الحكومات المستبدة، لا يمكن تغيرها بإدخال تحسينات على بنود الدستور أو بالطرق القانونية. الحكومة التي تحكم بالقوة الغاشمة، لا يمكن تغيرها إلا بالقوة الغاشمة. وهذا يعني التمرد والثورة.

بهذا المعنى كتب جون لوك: -من يحكم بدون حق، يضع نفسه في حالة حرب مع من تُستخدم القوة ضدهم. هنا تصبح كل القوانين عديمة الفائدة، ويصبح كل واحد مدافعا عن نفسه ومقاوما للعدوان-.

لذلك أقول إن الدكتور البرادعي هو أمل مصر الأخير في إنتقال السلطة السلمي وعودة الحق لأصحابه، قبل الطوفان القادم والثورة الوشيكة. وهي حقيقة لا يراها المخمورون بالسلطة والثروة في بلادنا. س


2 - الله ينور عليكي
manal ( 2009 / 12 / 12 - 10:41 )
الله ينور عليكي يا استاذه هويدا وربنا يخليكي ويخلي قلمك الشجاع لقد كتبتبي الكلام الصح الف شكر ليكي


3 - مصيبتنا واحدة في سورية ومصر
جريس الهامس المحامي ( 2009 / 12 / 12 - 19:10 )
هذين النظامين البوليسيين التوأمين ولدا معاً من المدجنة العسكرية التي اغتصبت السلطة من الشعب بالدبابة والمدفع وسياط القمع والإرهاب والفساد وأوصلت الشعبين إلى مادون خط الفقر ... وقد سبق النظام الأسدي النظام اللامباركي في قضية التوريث ويمازال نظام مبارك -سوسو يقتدي به لتحويل مصر العروبة والحضارة إلى جمهو ملكية اليوم تتحول غداً إلى ملكية لادستورية .. علما أن الملكيات الشكلية عندنا في هولندا وغيرها في أوربا يطالب الشعب بإلغائها رغم أنها لاتحكم ..ز المهم النضال الموحد ضد هذين النظامين القائمين على أشلاء شعبينا وأبسط حقوق الإنسان وإعادة السلطة للشعب ليختار الأجدر والأخلص وأرضنا خصبة بالقامات العالية كالسيد البرادعي وغيره وليست عقيمة ... نشد على أياديكم يابتات وشباب أرض الكنانة معكم لبلوغ الهدف والنصر على الطغاة مع كل الحب والتقدير ... وللسيد البرادعي أول توكيل من سورية الأسيرة .. تحياتنا -- لاهاي - هولندا


4 - الوفد والتاريخ والبرادعى
متفرج ( 2009 / 12 / 12 - 20:20 )
هل مقدر لمصر ان تكرر تاريخ الوفد عندما جمع المصريين التوكيلات لسعد ورفاقه...أضم صوتى للشجاعه هويدا ...وأقترح انشاء موقع واحد للتوكيلات على الانترنت وعده مواقع لنشر اخبار وتعليمات عن المظاهرات وعلى الجميع الان التوحد خلف هذا الهدف ....لنكون مره اخرى لمصر...وتكون لنا مصر


5 - رأي شخصي
منذر السوري ( 2009 / 12 / 13 - 01:26 )
مصريا سيكون البرادعي اقل سوءا بقليل من مبارك, اما عربيا فسيكون اكثر سوءا بقليل من مبارك,
مبارك سيئ جدا جدا فالبرادعي سيكون مصريا سيئ جدا و عربيا سيئ جدا جدا جدا


6 - أية الله البرادعى لايمكن أن يحكم مصر
هانىء شمسية ( 2009 / 12 / 13 - 05:33 )
أن أسف يابشمهندسة هويدا يظهر أنك نسيتى الدور بتاع أيه الله البرادعى فى دعم أيران العدو الحقيقى للمصريين !


7 - يقول الكواكبى
الكواكبى ( 2009 / 12 / 13 - 22:26 )
كتبت عدة تعليقات ب (المصرى اليوم) تحت موضوع (كفاية تهتف ل( البرادعى )فى مظاهرة احتفالية بعيد ميلادها الخامس .. بعنوان يقول الكواكبى ارجونشرها كمقالة اذا وافقت شروط النشر ..وذلك لان مضمونها يصب فى نفس المقلة اعلاها وشكرا

اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز