الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجانين

جلال نعيم

2004 / 6 / 17
الادب والفن


( 1 )
أضحكني " جون ستيوارت " مُضيّف ال " الديلي شو " كثيراً في لقاءه مع " ريتشارد كلارك " ، الذي فتح النار على بوش وإدارته منذ زمن في كتابه ( Against All Enemies ) الذي – بطريقة ما – يمكن ترجمته الى ( عليّ وعلى أعدائي !! ) ، حيث ركّز على السخريّة من البيت الأبيض الذي إحتفظ بمسودة الكتاب لأكثر من ثلاثة أشهر لإجازته (من الناحية ألأمنية) ، والتي أُعيدت إليه وقد إمتلأت " بالدواويح " الحمر ، وقد ألقم كلارك في النار التي مازالت مشتعلة ،في إعلانه عن إلتفات بوش وإدارته للتهيئة لمحاربة العراق بعد أيّام قليلة من إشعال الحرب مع أفغانستان وأسامة بن لادن ، عندها شمّر "جون ستيوارت " عن بوزه قائلاً : - وما الذي أراده منك البيت ألأبيض .. تغيير اسم بن لادن الى صدام حسين مثلاً ..!



( 2 )

ثمّة مقولة أصبحت مثلاً ، أصبحت مثلاً لكثرة تردادها في الإعلانات عن " لاس فيغاس " ، " ما يحدث في فيغاس يبقى في فيغاس " .. وإذا ما إستطردنا قليلاً ، وإنطلقنا إلى ما هو أشمل ، فباستطاعتنا ألقول بان " ما يحدث في اميركا .. يبقى في أميركا .. وما يخرج منها أوعنها ما هو إلا غيض من فيض .. ولا يمثّل إلا جزءا بسيطاً ومربكاً .. "


( 3 )
فقد جمعتني صدفة عابرة بمواطنة ايرلنديّة ، ألإسبوع الفائت ، كان ذلك إسبوعها ألأوّل هنا ، سألتها مثل ايّ مُضيّف يحاول ان يكون كريماً : " كيف وجدتِ لوس انجلس ؟ " قالت بأنّها فوجئت كثيراً .. فحاولت تلمّس ما تقصد " الناس هنا لُطفاء جدّاً لا يشبهون الذين نراهم في " جيري سبرنغر شو " – وجيري سبرنغر شو – كما يعرف الكثيرون ، هو أقذر برنامج عرفته الدنيا ، يجسّد وقائع مدفوعة الثمن على شاكلة ألأب الذي ينام مع ابنته ، وألأم / الزوجة المغدورة التي لا تكتشف ذلك إلا على مسرح " جيري سبرنغر " حيث تندلق الدموع ويهيج الصراخ المجاني و.. إلخ !! فقلت لها بنفس الروح المخلصة التي أجبتُ بها والدي عندما سألني – من بغداد – عن أميركا وما يرونه ويسمعونه عنها ، قلت له/ لها وربما قلتُ لنفسي مُستغرباً " لا تقلق .. لحدّ ألآن لم أرَ أحداً يشبه رامبو او أرنولد شفارزنجر الذي أُعيدت له شيئاً من آدميته أو واقعيته عندما أصبح حاكماً وليس " فانياً " فقط كما كان .. إنهم حتّى لا يشبهون بوش أو رامسفيلد ..! "
ضحكت موافقة وتركتني وحيدا أسأل " إذا كانت هذه وجهة نظركِ .. أنتِ القادمة من قلب أوروبا فما الذي أقوله لمن يحيا في الطرف ألآخر من الدنيا ..؟!! "



( 4 )

.. وخطوط البيت الأبيض الحمر ، على كتاب " كلارك " ، ذكّرتني بخطوط أكثر حمرةً خطّتها الرقابة العراقيّة على مخطوطة الشاعر " فرج الحطّاب " .. وخاصّة على نصّه العملاق " مجانين " ألذي تتمثّل فيه القيامة العراقيّة عام 1991
حيث يبدأه مُراوحا ما بين ألرؤية والرؤيا :
" في ليلة سابقةٍ لحلمي ألأوّل
رأيت خيولاً تتسوّل
رأيتُ جنوداً يبيعون
بساطيلهم
وخوذٌ تبحث عن رؤوس "
مشهدٌ يصلح للتبشير بنهاية العالم ، وهو ما كان ..
" رأيت شعراء لا يبكون
وحمّالين لا يُساومون "
و ..........
" رأيت مومساً تفتحُ فخذيها
للريح
وحين إنحنيتُ
شاهدت أطفالاً يلعبون
وصوراً ممزّقة "
وإذا ما كانت المومس إمراةٌ أو مدينة أو دنيا بأكملها ، فقد إستباحتها " الريح " ، " الريح " التي لم يهجسها الشاعر فقط ، وإنّما ألتي شهد عصفها ، ووقف " هنا " ليسجّل شهادته .....
" رأيتُ مجانين يطلقون
ألقذائف
وأناساً يتفرّجون "
ولا شكّ بأنّ مَن حضر قراءة الشاعر لهذا النصّ في قاعة " حوار " ببغداد عام 1996 يتذكّر إلتفافة صوته ، وإنحناءة عينيه وهو يقرأ قائلاً :
" رأيت أللا معنى
يصطاد المعنى ويأسره "
لقد كان في ذلك إختزال لنا .. نحن الحاضرين ..
" رأيت المناديل تُلوّحُ
بلا أيدٍ
رأيت البنادق تُطلقُ
رصاصاً
وخبزاً
و زهوراً "
كما إنّه ، مثل الحرب ، يجرّدنا تماما ، ويتركنا حيث :
" رأيت السعادات تسرقُ
أحلامنا
وتختفي في الزحام "
ثمّ يُتوّج الشاعر رؤياه بما لا يمكن الفكاك منه لإكمال المشهد / الكارثة :
" رأيتُ الحمار حائراً
يفكّرُ
بمصائرنا . "
أحاط " الرقيب " المقطع الأخير بدائرة حمراء أشبه بحبل مشنقة وكأنه يتساءل : تقصد حمارنا الذي يعرفه الجميع ؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين