الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبيت اللعن

عبد الإله السباهي

2009 / 12 / 12
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


" أبيت اللعن "
هناك انتخابات على الأبواب، والعمل جاري على قدم وساق لضمان نزاهتها! لقد رأينا الانتخابات السابقة والتي جرت( بنزاهة) وماذا أفرزت.
سادتي أنا أضمن أن العملية الانتخابية في جميع المحافظات ستجري بسلاسة ودون حوادث تذكر. فالتزوير يجري قبل بدءها وبعدها
، أما عملية الإقتراع فهي فمضمونة وظمان نزاهتها هو االحبر الأزرق!
لو جمعنا كل الأقفال التي في العراق وأنشأنا مصنعا لصهرها وصنعنا منها جرارات " عنترة " لكان العراق اليوم واحة خضراء وجنة من النخيل والتين والزيتون .
ولكن مع كل تلك الأقفال وكل " الصناديد " الذين يحرسونها فإن بيت المال في العراق فارغ ، تسرق الأموال منه قبل أن تدخل فيه. ولم نجني من تلك الأقفال غير ثقافة السطو والغزو والسرقة .
فلا أمان ولا أمانة اليوم في وطني. وتلك أسطوانة مشروخة ملها الناس. ولكن الشيء بالشيء يذكر.
كلما أتصفح مواقع العراقيين على الانترنيت اليوم، ومنذ تلك التجربة الفريدة، تظهر أمامي صورة إصبع غمس بحبر بنفسجي يتباهى به العراقي مزهوا بنصره في تحقيق النزاهة والديمقراطية . ابتداء من رئيس الدولة وأنت نازل، وكأنه حنة عرس.
أصدقكم القول إنني كلما أرى صورة " قاصة حديدية " أو قفل كبير أو ذلك الأصبع الملطخ بطعن العراقيين بنزاهتهم وأمانتهم تنتابني نوبة من الغضب على ما أبتلى به شعبنا من ظلم واستخفاف بالعقول.
وكذلك على سذاجة أهلنا في تصديق كل ما يقال لهم على الرغم من نباهتهم وكثرة التجارب المريرة التي مرت بهم، وخاصة إذا خرج هذا القول من فم عسكري يلبسّ الزيتوني أو عمامة تدحرجت صدفة فاستقرت على رأس أحدهم .
وغضبي يصل ذروته عندما أشاهد خبث الأمريكان ودناءتهم، وخسة عملائهم دعاة الديمقراطية الزائفة. وخاصة بعد الممارسات " المسؤولة" التي يقوم فيها " بكل حرص " مجلسنا النيابي على مصالح الشعب . هذا المجلس الذي كله " شفافية ونزاهة". ودليل نزاهته " الأوحد الدامغ هو ذلك الحبر البنفسجي " .
لا أعرف لماذا لا يطبق هذا " الابتكار العلمي الجديد الرائع " على الناخبين في الهند أو في الدول العربية الشقيقة أو الغير شقيقة و في جمهوريات الموز مثلا . و لماذا لا تطبقه أوربا ولا حتى في أمريكا ذاتها وهي التي اخترعته لترتاح من جدل المحاكم على عدالة الانتخابات في كل مرة .؟
ربما كرم من أمريكا أن نظل وحدنا و أفغانستان معنا نحمل شهادة النزاهة والديمقراطية
الجديدة .!
ليس مع الآخرين مثل تلك الشهادة ولا في العالم كله. وربما هذا هو مصدر زهونا واعتزازنا بتجربتنا الديمقراطية النزيهة الجديدة.
وهو زهو( الخارج من مستشفى المجانين يحمل وحده شهادة تثبت أنه عاقل. أما عامة الناس فلا يملكون شهادة مثلها تثبت أنهم كاملي العقل. وأتحدى أي واحد منكم يملك مثل تلك الشهادة ليثبت أنه عاقل ! ).
أرجوكم أن تزيلوا صورة ذلك الأصبع من صفحاتكم فهي دليل إدانة مسبقة للعراقي بالتزوير. وهي لا تقل قبحا ووقاحة من علامة النقصان التي وشم بها حكم صدام المقبور جبين العراقيين. وأن لا تكونوا بسطاء من ( أهل الله ) إلا هذا الحد ، تصدقون كل ما يقال لكم أو يكتب وخاصة من الذين يسوسون البلاد اليوم . كلهم ولا أستثني منهم أحد.
وإذا أصر المزهوون على بقاء ذلك الإصبع رمزا للنزاهة يرفعونه فرحين على طريقة ( لبيد بن ربيعه). سأروي لهم قصة الشاعر لبيد مع الملك النعمان لعلكم تقتنعون :

ولبيد لمن لا يعرفه، شاعر جاهلي مخضرم أي أدرك الإسلام وأسلم، وهو بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب ........بن مضر. يعد من أشراف الشعراء الفرسان المجيدين ويقال أنه عمر مائة وخمسا وأربعين سنة.
كان أحد أخوال لبيد وهو الربيع بن زياد العبسي نديما وصديقا للملك النعمان . وكان هذا الرجل يكره قوم لبيد.
جاء وفد منهم ذات يوم إلى الملك بحاجتهم . فأ لب الربيع الملك ضدهم وهكذا طردهم الملك ولم يقضي حاجتهم.
كان وفدهم قد دخل على النعمان ولبيد متخلف في رحالهم يحفظ متاعهم . و لبيد صغير السن في ذلك الوقت يرعى إبلهم كل صباح .
عاد يوما ووجدهم يتذاكرون بأمر الربيع وتحريضه للملك ضدهم وكيف يعودون إلى القبيلة وأيديهم خالية .
فسألهم عن عن خبر الربيع فكتموه فأقسم أن لا يحفظ إبلهم ويرعاها إن لم يقصوا عليه خبره.
كانت أم لبيد يتيمة في حجر الربيع .
فقالوا له خالك قد غلبنا على الملك وصد عنا وجهه. فقال لهم هل تجمعوا بيني وبينه فأزجره عنكم بقول ممضّ لا يلتفت إليه النعمان بعده أبدا؟
حلقوا رأس الغلام( لبيد) وألبسوه جيدا وأدخلوه على النعمان، فوجدوه يتغدّى ومعه الربيع بن زياد غريمهم . فأنشد لبيد مرتجلا :
واليكم مقتطفات من القصيدة التي أنشدها لبيد علها تضع حدا لزهوكم الساذج .:

مهلا أبيت اللعن لا تأكل معه
أن أسته من برص ملمعّه
وأنه يدخل فيها إصبعه
حتى يواري أشجعه
كأنه يطلب شيئا ضيعه.

رفع النعمان يده من الطعام وقال خبثت والله علي طعامي يا غلام . وحرم على الربيع حضور مائدته بعد ذلك اليوم.
عجز الربيع من أن يبعد الشبهة عنه رغم براءته من تهمة البرص والجرب وغيرها حتى أنه رفع ثيابه وكشف مؤخرته لمجلس الملك. ولكنه لم يفلح في كسب ود الملك مرة أخرى . فأعاده الملك إلى أهله في الشام وقضى حاجة قوم لبيد .
أرجو أن تتذكروا إصبع لبيد في القادم من الأيام ، عندما تجبرون على إدخاله حتى أشجعه في تلك المحبرة المقيتة تبحثون عن شيئا أضاعه قادتكم .
وهل نبحث عن النزاهة والديمقراطية بإصبع صبغ بصبغة ( النيله)؟.
وهل سنظل ( منيليل بألف نيله ؟ ) .

الدنمارك / عبدالإله السباهي
ِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح