الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النار هذه المرة

نزار حمود
أستاذ جامعي وكاتب

(Nezar Hammoud)

2009 / 12 / 13
مواضيع وابحاث سياسية



"النار هذه المرة" عنوان ُ كتاب ٍ ظهر مباشرة بعد حرب الخليج الأولـــى. مؤلفه هو المحامي ووزير العدل الأمريكي السابق رمزي كلارك المعروف بحماسـه ودفاعـه عن حقوق الإنسان بدء ً من حرب فييتنام وصولا ً إلى حرب الخليج الأولى والثانية. في كتابه "النار هذه المرة" قام رمزي كلارك بتقديم دراســة مبنية على مشاهداته الشخصية في عراق العام 1991 يثبت بها أن الولايات المتحدة، وعلى العكس مما صرحت وتصرح به، قامت عامدة ً متعمدة بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسانية كاستعمال الأسلحة المحرمة دوليا ً وقصف منشآت البنية التحتية بهدف منع المدنيين من الوصول للماء والدواء والعلاج. إنه شخصية مهمة وجدلية في الوقت نفسه. لقد شارك هذا المحامي بالدفاع عن سلوبودان ميلوسوفيتش بعد حرب الناتو في البلقان وعن صدام حسين بعد انهيار نظام هذا الأخير إثر حرب الخليج الثانية. مازال رمزي كلارك في مركز الاهتمام والجدل الإعلامي كونه طـَلبَ، مؤخرا ً في الـعام 2007،المشاركــة بالمحاكمات العسكرية للأخوان المسلمين في مصر رافضا ً أن يخضع المدنيين للمحاكمات العسكرية وبالتالي لقانون الطوارئ المستشري كـداء الجرب في العديد من أشباه الدول العربية. طبعا ً لم يكن من المدهش أبدا ً أن تم رفض طلب رمزي كلارك المشاركة في هذه المحاكمات العسكرية القاراقوشية المصرية.
وبعد... لم يكن الحديث عن رمزي كلارك إلا مقدمــة ً لموضوع هذا المقال فقد أثارني عنوان الكتاب: "النار هذه المرة" وجعلني أتذكر كل النيران التي اجتاحت منطقة الشرق الأدنى ومازالت منذ الانتفاضات الفلسطينية قبل النكبة وحتى النار المحدودة جغرافيا ً التي تستعر حاليا ً في اليمن وتشارك بها المملكة المسلحة (!) السعودية. إلا أن الأمر الأهم الذي جعلني أتذكر كتاب رمزي كلارك هو النار القادمــة والتي ستكون بلا شك مختلفة كل الاختلاف عماسبق واشتعل. إنها نار حرب الخليج الثالثة! الحرب على إيران. إذ يشير العديد من التقارير التي تظهر وتختفي هنا وهناك في وسائل الإعلام الغربية والإسرائيلية إلى أن هذه الحرب باتت قاب قوسين أو أدنى. لابل هناك من يتوقع لها أن تتم مع بدايـــة العام 2010.
يبدو أن الدولــة الإسرائيلية عارفة ٌ تماما ً بأن وجودها مصطنع ٌ وقائم على القوة العسكرية البحتة. وأنها كي تستمر لابد لها من أن تحافظ على البــَون الشاسع الذي يفصل بينها وبين الدول المجاورة - المعادية. فالدولة العبرية ترفض رفضا ً قاطعا ً أن تمتلك الجمهورية الإيرانية مفاتيح الطاقة وربما السلاح النووية، مدركة ً تماما ً بما سيلي ذلك من إملاءات وارتكاسات. وهي، أي إسرائيل، تريد من السلام القدر الكافي الذي يجعلها تتنفس على حساب هواء وماء الآخرين. وتريد من الحرب القدر الكافي الذي يجعلها تثبت دوما ً أنها الأولى والأقدر والأقوى. فلا هي تريد السلام حقا ً ولاهي تريد الحرب الدائمة. إنها تريد مزيجا ً دمويا ً من هذا وذاك قائم ٌ على وهم التفوق والديمومة ومعاندة التاريخ والجغرافيا والديموغرافيا. وهنا يأتي سعي إيران الحثيث لامتلاك الطاقة النووية، وبالتالي احتمالية امتلاك مفاتيح السلاح النووي، ليخلط الأوراق كلها بالنسبة لقادة الدولة العبرية بامتياز. هذا السعي يضع النقطة على الحرف ويؤكد عدم مقدرة إسرائيل على العيش بوجود دولة مجاورة قوية وممتلكة لمفاتيح استقلالية القرار. سيناريوهات الحرب متعددة ولكنها كلها تشير، باعتراف الجميع، أنها لن تكون كأخواتها السابقات. وأن ضحاياها لن يكونوا فقط من الجانب الإيراني.
في مقالته المسماة السيناريو الكامل للهجوم الإسرائيلي على إيران يقول الكاتب سمير قديح إن المخطط الأكثر احتمالا ً هو أن يجتاز سلاح الجو الإسرائيلي، بكامله تقريبا ً أي نحو تسعين طائرة حربية مع كل طائرات التزود الجوي بالوقود وطائرات التشويش المتطورة، أراضي جنوب تركيا على الحدود السورية لتصل إلى المواقع النووية الثلاث الأهم الإيرانية. ويضيف أن نتائج مثل هذا الهجوم الجوي ليست مضمونة النتائج أبدا ً لا بل وأن فرص نجاحها ربما تكون أقل من فرص فشلها. إن هذا الهجوم في حال نجاحه، سيكون له نتائج بيئية كارثية تتمثل بالتلوث الإشعاعي الذي سيمتد إلى البحرين والإمارات العربية وقطر. أما في حال فشله في القضاء المبرم والسريع على المواقع الإيرانية فسيكون له آثار ٌ أعقد بكثير. وستمتد النار هذه المرة إلى العراق بأكمله وستنقلب الطاولة بما فيها ومن عليها على حكومة المالكي المهزلة. وسيشتعل جنوب لبنان وقطاع غزة وربما سوريا أيضا ً. أما الأهـــم من كل ذلك، فهو أن النار ستطال إسرائيل وفي العمق. وستحمل الأخبار لنا صورا ً عن قصف صاروخي مركز من إيران ولبنان وغـزة وربما سوريا على تل أبيب مباشرة. إن النموذج المصغر الذي قدمته حرب الـ 2006 سيتعمم وستحاول إسرائيل القضاء المبرم على قوة حزب الله على الأرض من خلال معركة أرضية سريعة تحيد من خلالها قوته الصاروخية المتنامية. إنها حرب على عدة جبهات وكلها جبهات جدية وخطيرة. لقد استطاعت إسرائيل حتى الآن تجنب مثل هذه الحرب ونجحت في ذلك. إلا أن الزمن وقوانين الفيزياء لاترحم أحدا ً حتى ولو كانت إسرائيل. المنطقة كلها ستشتعل وستطال النار هذه الدولة في الصميم. فهل حكام إسرائيل على هذا القدر من الغباء للقيام بمثل هذه المغامرة غير مضمونة النتائج؟ أنا أعتقد أن الجواب، وللأسف، هو نعم. وأنها ستقوم بذلك بدافع من إدراكها التام لحتمية وجوب القيام بهذه المعركة الكارثية. فهي إذا امتنعت فقدت ثقلها الحربي ومحور وجودها وإن أقبلت غامرت بكل شيء. الغباء صفة بشرية للغاية. وقادة إسرائيل ليسوا استثناء ً. لكن النار ستكون مختلفة هذه المرة. وربما شهدنا معا ً نهاية الصراع العربي الإسرائيلي قريبا ً جدا ً... من يدري؟











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اقتلعها من جذورها.. لحظة تساقط شجرة تلو الأخرى بفناء منزل في


.. مشاهد للتجنيد القسري في أوكرانيا تثير الجدل | #منصات




.. نتنياهو: الإسرائيليون سيقاتلون لوحدهم وبأظافرهم إذا اضطروا ل


.. موسكو تلوّح مجددا بالسلاح النووي وتحذر الغرب من -صراع عالمي-




.. تهديدات إسرائيلية وتحذيرات أميركية.. إلى أين تتجه الأمور في