الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الحرية الكوني

زيد ميشو

2009 / 12 / 14
حقوق الانسان


نعيش هذه الأيام أجمل الأوقات ، تشبه ما قبلها والتي ستأتي بعدها ، إذ تمر علينا مناسبة من أقدس المناسبات وأهمها وأروعها ، وهي ذكرى يوم الحرية الكوني ، والذي يصادف في الأول من كانون الثاني ولغاية الواحد والثلاثون من كانون الأول من كل سنة ، وذلك منذ بداية أول نفس عاقلة وجدت في الكون ، وإلى آخر روح تزهق ظلماً وبهتاناً .
وبما إننا مقبلين على عام جديد ، مطلعها يوم جديد وساعة ودقيقة وثانية وأصغر وحدة زمنية جديدة ، علينا أن نجدد عهدنا مع ذواتنا ، وبحضور المبادىء وشهادة الضمير ، ذلك العهد المقدس الذي يربطنا بكل أخت وأخ في عالمنا وكل شيء فيه روح ، ومع الأم الأرض بثلث نسبتها اليابس والثلثين المغطى بالمياه . أن نقسم على الولاء المطلق لسمو الأميرة حرية ، ونحافظ على عذريتها من كل شهواني سال لعابه لجمالها ، ومن كل مغتصب وجائر يريد أن يبرهن على فحوليته معها ، ومن كل مستغل لطيبتها ، ومشوه لجمالها الذي لايفوقه حسن و جمال ، ونحارب من يظن بأنها ملكه لوحده وثبّت ملكيته بحُجّةً مزورة لطخت ببصمات شهوداّ من أوغاد إنتهازيين وصوليين وملونين بألوان قبيحة غير متناسقة ، ونكشف ونعرّي من إنتحل شخصيتها ليمتهن الأحتيال ويجني ماهو ليس من حقه وبإسمها الطاهر .
لنقسم على أن نحافظ على سموها ورقيّها ، ونذلل العراقيل من واضعيها في طريق الوافدين لإمارتها ، للسجود والصلاة لأجلها ، والدعاء لها بالبقاء الأبدي . ونقاوم من يغير دلائل الوصول إلى هيكلها المقدس ، ويظلل سبيل حُجّاجها ، كي لايتباركوا منها ويغرفوا من نِعمها الغزيرة التي تكفي إلى عدد من البشر لايمكن حصرهم برقم .
هذا البشر الثلاثي التركيب " جسد ، وروح ، وحرية "، الذي يختلف عن ثلاثي الحيوان " جسد ، وروح ، وغريزة " .
أما الحيوان فلا يدرك أي معنى للحرية ، ولا يعلم إن للحرية عنوانين لاغير ، الأول " أن أتصرف بحريتي الكاملة دون خوف ودون قيود " والثاني والمهم " أن لاأحرم غيري حريته أو أضايقها " ، بالرغم من إن الحيوان يصول ويجول في البراري والغابات ، وفي الفضاء وداخل المياه ، إلا إنه ليس حراً ، فالشرسة منها تخافها الوديعة ، فلا تقترب من محيط تواجدها وكأن الأرض للشرسة التي تُحرِم الوديعة حريتهم وتقلقها ، والوديعة أيضاً تتبجح على من هم أضعف منها ، لذا يطلق الإنسان العاقل على طريقة حياتهم " قانون الغاب " . والأليفة تتملق كي تعيش غير مكترثة بكرامتها ، تلبي الأوامر وتنفذها صاغرة ، ويتعامل سيدها معها بحسب مزاجه ، مرة تهان وأخرى تغنّج وهو نفسه سيدها المبجل ، يسارع لتنظيف مخلفاتها ، وهذه هي المفارقة .
بينما الإنسان ولد حراً ، ويفهم جيداً ماتعني كلمة حرية ، إلا إن منهم من يتناسى إنسانيته ويتصرف كحيوان شرس ، وآخرين يتمثلون بالودعاء منهم ، يستنعج أمام القوي أو يهرب منه ، ويستأسد متى ماكان الذي امامه أضعف ، وهناك الأليف لمن بيده زمام الأمور ، ينفذ مايقوله له ويتحاباه . والنوع الآخر من يتشبه بالدواب ، يخضع للتعسف ويحمل الأحمال الثقيلة ولايحرك ساكناً .
وأخطر نوع من البشر ، الصامت وهو طليق اللسان ، الجامد برغم سرعة حركته ، هذا النوع الذي يبصر ولايرى ، يسمع ويتغابى ، يلمس ويفتح راحيته ويعرضهما للهواء كي يسقط ما مسكه خوفاً من حريته إذ قد يكون لها ثمن يؤلمه ، مفضلاً أسر لسانه على أن تخرج منه كلمات حقٍ وإن أحيط بالباطل من كل صوب وأتجاه .
فهي الحرية المغلوب على أمرها ، وهبت كيانها للإنسان والأخير غدر بها وبنفسه أولاً ومع ذلك يدعي بأنه أهلاً لها .
فما فائدة عبق الورود لمن تنعشه الروائح النتنة ، وما الجدوى من موسيقى موزارد في صالة تضج بألأغاني الصاخبة ، ومن يتمتع بنور الشمع الهادىء إن أغمض عينيه .
هي الحرية ، معهم وأضاعوها ، مساكين ... لم يتمتعوا بطعمها يوماً .
بينما من إختبرها ، وتأمل في جمالها ، لايقبل أن تسلب منها ، فهي سيدته وهو خادمها الأمين ، وهي كرامته وعزته وشرفه ، وهي كلمة له يعمل بها ومن خلالها .
والفرق بين الإنسان وغيره من الخلائق كبير جداً ، وإن قيل بأن الإنسان حيوان عاقل فلا سبب لذلك سوى إنه الوحيد الذي يعرف بعقله كيف يكون حراً .
ومن لايدرك قيمة حريته ولم يتذوق طعمها ، لايدرك بأنه إنسان .
وكل سنة وسيدتنا الحرية بخير .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال جميل
صلاح يوسف ( 2009 / 12 / 14 - 08:57 )
جميل بالفعل أن هناك ما زال من يذكر الحرية الإنسانية المقدسة المكبلة بشراهة السلطة والتنعمين في أموالها باسم المقدس وتركيع الناس باسم الإله.
شكراً لمساهتمك الرائعة


2 - هي مقدسة فعلاً
زيد ميشو ( 2009 / 12 / 15 - 03:24 )
السيد صلاح يوسف
صفة القداسة للحرية الإنسانية حقيقة وليس تجميل ، وهي واحدة من المقدسات المجردة
التي يمتلكها الإنسان والإنسان لايعي
بشرنا اليوم يدافع عن الوهم ويحتقر الحقائق ويدّعي إمتلاكها وهو لايملكها ، بل وأكثر من ذلك ، فهو يسلبها من غيره ويرميها في أقرب قمامة ويمنحهم الوهم


3 - رائع يا زيد
شامل عبد العزيز ( 2009 / 12 / 15 - 19:20 )
خير الكلام ما قل ودل / أجمل كلمة هي الحرية / كل عام والجميع بخير
تحياتي لك وللسيد صلاح

اخر الافلام

.. -اقطعوا العلاقات مع إسرائيل-.. طلاب يتظاهرون بجامعة غرناطة د


.. اليوم الجمعة.. دعم منتظر من الأمم المتحدة لمساعي فلسطين إلى




.. مشاهد لآلاف النازحين الغزّيين يتكدسون في دير البلح


.. طوابير ممتدة من النازحين في خان يونس




.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط معاناة إنسانية كبيرة