الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وثيقة القارة العجوز .. ملهاة جديدة

محمد أبوشريفة

2009 / 12 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كثفت إسرائيل جهودها لإحباط مشروع قرار الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي القاضي بذكر القدس الشرقية «عاصمة فلسطينية مستقلة» وخاصة أن المبادرة السويدية حظيت بدعم قوى أوروبية عظمى مثل بريطانيا وفرنسا ما من شأنه أن ينسحب على قوى أخرى كاسبانيا وألمانيا وإيطاليا، مما يربك إسرائيل ويضعها أمام إشكالية التعامل مع موقف أوروبي جديد يختلف عن السابق في رؤيته لقضايا الصراع في المنطقة.
وترى تل أبيب في حال إقناع دولتين من بين هذه الدول الخمس بعدم تأييد المبادرة فإنها ستتمكن من إحباطها والإجهاز عليها، ومن الأرجح أن هذا ما ينطبق على الموقف الفرنسي الذي وصف المبادرة بـ«الغير متوازنة»، حيث أشارت التقديرات بأن التعديل الوحيد على مسودة القرار تناول القدس. من خلال تبني الموقف الفرنسي الذي يتحدث عن مدينة القدس المحتلة بوصفها عاصمة لإسرائيل ولفلسطين. ومن دون تحديد القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والأمر الذي رأت فيه إسرائيل تعديلا مهما لكنه غير كاف.
وثائق سرية
وبينت وسائل الإعلام العبرية أن الوثيقة تتضمن لأول مرة اعترافا أوروبيا بالقدس المحتلة منذ العام 1967 عاصمة للدولة الفلسطينية. وهذا يعني أو أوروبا لن تعترف بضم القدس المحتلة إلى السيادة الإسرائيلية، ولا إلى تحويل القدس
عاصمة لإسرائيل. مما أثار الشك والريبة لدى الإسرائيليين بأن القارة العجوز ستتخذ إجراءات أحادية التفافية حول مسائل الحل الدائم بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والمتعلقة بالقدس واللاجئون والمستوطنات ورسم الحدود لكن الاتحاد الأوروبي أكد على أن أوروبا هي التي ترفض بقرارها هذا الخروقات والإجراءات الأحادية التي اتخذتها إسرائيل في القدس وفي الضفة الفلسطينية حيث أعلنت عن ضم القدس وعن بناء المستوطنات في الأراضي المحتلة وبناء علية أخذت أوروبا تبلور رؤيتها حول القدس عبر وثائق سرية أعدها سفراء وقناصل الاتحاد الأوروبي في تل أبيب و القدس ورام الله منذ العام الماضي، وتسربت إلى الإعلام أول مرة في آذار (مارس) ،من العام الحالي والمرة الثانية كشفت عنه وسائل الإعلام في (23/11)، وتضمنت هذه الوثائق رصدا كاملا لتجاوزات إسرائيلية خطيرة بحق المقدسيين، وشملت على انتقادات لاذاعة لإسرائيل وسياساتها في هدم المنازل ومصادرة الأراضي وتهويد المدينة المقدسة، وعزلها بالكامل عن محيطها الفلسطيني، مطالبة الوثائق الأوروبية بجعل القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، واعتبار جميع الإجراءات الإسرائيلية في القدس الشرقية باطلة، ولا تستند على الشرعية الدولية، كما أن الرؤية الأوروبية اتهمت إسرائيل بالعمل على زيادة التواجد اليهودي في منطقة القدس الكبرى، حيث أشارت أرقام الوثائق إلى أن أكثر من 160000 مستوطن يعيشون في القدس الشرقية، يضاف إليهم 100000 مستوطن آخر يعيشون في مستوطنات محيطة بالقدس مثل «معاليه أدوميم» في الشرق، و «عتصيون» في الجنوب، و«جبهات زئيف» في الشمال.
فإذا ما أصرت دول الاتحاد الأوروبي على إقرار المشروع السويدي فسيشكل ذلك خطوة متطورة وهامة تجاه التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط، كما أن هكذا مشروع سيعيد تسليط الأضواء إلى قرارات مجلس الأمن وخاصة القرارات 252 لعام 1968 و 476 و 478 لعام 1980.
التي تنص على أن جميع الأعمال التي تقوم بها دولة إسرائيل في القدس الشرقية لتغيير وضعها القانوني والسياسي هي أعمال منافية لقرارات الشرعية الدولة وتعتبر لاغية.
ومشروع القرار السويدي لم يقف عند المطالبة بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطينية مستقلة وحسب، بل طالب بإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في شرق القدس، وحذر من إجراء أي تغيير إسرائيلي في مسألة الحدود ، وذلك على خطوط العام 1967، إلا إذا وافق الفلسطينيون على ذلك، كما طالب بالعمل جديا على استئناف المفاوضات بالرغم من أن الاتحاد الأوروبي لم يقتنع بقرار إسرائيل تجميد البناء في المستوطنات.
خطابات خادعة وعلاقات ثابتة
ومن الأهمية بمكان، وكما يرى البعض بأن لا جديد في موقف غالبية الدول الأوروبية حيث أعلنت سابقا أن «القدس الشرقية أرضا محتلة وهي جزء من الدولة الفلسطينية المنشودة ولا يوجد قدس موحدة عاصمة لإسرائيل»، ما يرجح تبني القارة العجوز لفرضية «الخديعة» في خطاباتها السياسية فمن الواضح.
أنها لا تستطيع الخروج عن الإطار النظري في طرحها لمشاريع قرارات تخص قضايا المنطقة. حيث يبقى دورها محدود وغير فاعل على أرض الواقع، ولا يمكن التعويل عليه في مساندة قضايانا الرئيسية.
لأنه طالما كانت المواقف الأوروبية داعمة للمواقف الإسرائيلية ومنحازة لصالح إسرائيل في هيئات ومؤسسات المجتمع الدولي. وتجلى ذلك الموقف في إعلان وزير الخارجية السويدي كارل بيليت بأن هذا المشروع السويدي ليس مساندا للمطلب الفلسطيني بالإعلان في الأمم المتحدة عن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية في حدود العام 1967، وقال إن «هذا المطلب يشير إلى يأس الفلسطينيين من التقدم نحو التسوية»، كما أن تطور العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل خير دليل على عمق الروابط الإستراتيجية بينهما في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
فقد أعلن المجلس العام للاتحاد في لوكسبورغ في حزيران (يونيو) من العام الماضي بحضور وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، عن توقيع اتفاق يقوم على تقرير العلاقات بين الطرفين ويشمل تقرير التعاون والتنسيق السياسي في قضايا متعلقة بعملية السلام والعلاقات الثنائية، وكذلك انضمام إسرائيل إلى الوكالات والبرامج الأوروبية، والعمل على ضم إسرائيل إلى السوق الأوروبية المشتركة، وظهرت ثمرة العلاقات بإقرار تعزيز العلاقات الأمنية بين إسرائيل وحلف الناتو، ويمكن القول بأن العلاقات الاقتصادية الإسرائيلية الأوروبية الأهم بالنسبة لإسرائيل حيث شكل حجم الصادرات للاتحاد الأوروبي 33% من حجم الصادرات الإسرائيلية في العام الماضي، وهي تأتي في المرتبة الأولى في مجمل حجم الصادرات الإسرائيلية إلى العالم، وسجل العام 2008 ارتفاعا بنسبة 10% في حجم التداول التجاري بين إسرائيل وأوربا مقارنة مع ارتفاع 7% مع الولايات المتحدة الأميركية.
ومن الملاحظ أن الفترة الماضية شهدت انحيازا أوروبيا واضحا للمواقف الإسرائيلية، فقد اعتبر الاتحاد الأوروبي الحرب العدوانية الإسرائيلية على غزة حربا دفاعية، فلم يدنها أو يستنكرها، كما أنه عارض إدانة إسرائيل في مجلس حقوق الإنسان بسبب هذه الحرب العدوانية. وعمل الاتحاد الأوروبي على رأسه بريطانيا وفرنسا على تعطيل التصويت لصالح تقرير «غولد ستون» بشأن التحقيق في الحرب والجرائم التي ارتكبتها في قطاع غزة، كما أن القارة العجوز طالبت السويد بالتنصل من تقرير الصحفي السويدي «بوستروم» الذي نشر في (27/8/2009)، وجاء فيه أن إسرائيل تقوم بسرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين والمتاجرة بها، وقال الاتحاد الأوروبي إن هذا التقرير يحرض على معاداة السامية ويشجع ما يسمى الإرهاب ضد إسرائيل، وبالرغم من عدم التقدم خطوة واحدة في العملية التفاوضية بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية، فإن الاتحاد الأوروبي لم يؤيد مطلب السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى مجلس الأمن الدولي، من أجل الحصول على قرار دولي يعترف بالدولة الفلسطينية في الرابع من حزيران (يونيو) 1967.
ولكن المشهد الشعبي الأوروبي يختلف عن الموقف الرسمي وهو ما تسعى إسرائيل لاحتوائه من أجل تحسين صورتها أمام المجتمع الأوروبي، فقد شهدت أغلب العواصم الأوروبية مظاهرات شعبية غاضبة تعبر عن استيائها من الممارسات الإسرائيلية بحق المدنيين العزل، وقد تطورت الاعتراضات الشعبية إلى أن وصلت إلى مقاطعة الجامعات الإسرائيلية والأكاديميين الإسرائيليين. وطالبت الإدانات الشعبية الأوروبية بالتمسك بفكرة حل الدولة الواحدة في فلسطين التي تضم اليهود والعرب على حد سواء، بحيث يتمتع الجميع بحقوق المواطنة في ظل دولة عثمانية للجميع.
إذا علينا أن نحذر من الموقف الرسمي الأوروبي وأن لا ننبهر في قرارات مشاريعه السرية، فهناك العديد من الاعتبارات التي جعلت الاتحاد الأوروبي يلجأ إلى التفكير في هكذا مشروع قرار، في المقدمة منها حماية مصالحهم في المنطقة، وتقوية المؤسسات الدولية بإعادة اعتبار الشرعية القانونية لها، ودعم السلطة الفلسطينية التي يمولها الاتحاد الأوروبي بشكل رئيسي منذ اتفاق أوسلو، وكذلك عدم حدوث أي تطور عملي في المحادثات التي قادها المبعوث الأميركي للجنة الرباعية جورج ميتشل، وعدم قدرته على إلزام إسرائيل، بما نصت عليه خطة إدارة الرئيس الأميركي من وقف تام للأنشطة الاستيطانية في القدس والضفة الفلسطينية، مقابل التطبيع مع الدول العربية، كما ان أوروبا تسعى لاحتواء الأزمات في المنطقة خوفا من تفجرها.
ومن الأرجح أن مشروع قرار الاتحاد الأوروبي جاء نتيجة لهذه الاعتبارات وبالتالي فإن المشروع بنظرهم سيشكل ضغط على إسرائيل من أجل التفاوض في مسائل تخص مكانة القدس، وإمكانية الاعتراف الأوروبي بدولة فلسطينية مستقلة في حال أعلنت عنها السلطة الفلسطينية بشكل أحادي الجانب. والتأكد من موقف قرار الحكومة الإسرائيلية المضفرة للشؤون الأمنية في شأن تعليق البناء في مستوطنات الضفة الفلسطينية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة- | #مراسلو_سكاي


.. استشهاد الصحفي بهاء عكاشة بقصف إسرائيلي استهدف منزله بمخيم ج




.. شهداء ومصابون جراء غارات إسرائيلية استهدفت مربعا سكنيا بمخيم


.. نشطاء يرفعون علم عملاق لفلسطين على أحد بنايات مدينة ليون الف




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تحقق مطالبها في أكثر من جامع