الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النزاهة والفساد / الحلقة / 5

راضي الراضي

2009 / 12 / 16
حقوق الانسان



بعد ان تحدثنا في الحلقة الرابعة من النزاهة والفساد عن بعض الاسباب الاقتصادية التي ادت الى زيـادة الفسـاد واستفحـاله وكـان السبب الرئيسي هـو ضعف الاقتصاد العراقي كونه احادي المورد لاعتماده على موارد النفط التي هي الان في مد وجزر للاسباب الخارجية والداخلية التي ذكرنا امثلة عليها وكذلك عدم تطبيق مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب في ادارة المال العام ودور التوافقات السياسية التي لم تلتفـت الى الوضع الاقتصادي المتردي مما ادى الى عـدم ترشـيد الانفاق الحكومي وبالتالي بعثـرة المال العام اضافة الى هذا وذاك لم نجد على ارض الواقـع خططا تنموية لتنوع الموارد المالية فلا زال القطاع الصناعي دون اعمار ولا زال الواقع الزراعي متخلف بشكل لا يسد رمق حتى العاملين عليه اما قطاع الخدمات فيكاد ان يكون في مراحل متدنية والتجاري المعتمد على الاستيراد والاستهلاك فقط وخلصنا الى بعض مساوئ الادارة المالية وخاصة في عملية اعداد الميزانية وكذلك في عملية تنفـيذها من ثـم وصلنا الى مشاكل التوثيق والحفظ ودورالمراقبة والمحاسبة ومتابعة التقارير على الامور المالية , وذكرنا ان من يختص بالرقابة على حركة الاموال في العراق هو جهاز ديوان الرقابة المالية الذي يملك طاقة فنية كبيرة في عملية مراقبة الصرف الحكومي وتقييم الاداءاستنادا للقانون رقم 6 لسنة 1990 المعدل والقانون رقم 77 لسنة 2004 الصادر بعد التغيير الا ان ما يؤشر على الديوان اولا عدم الشفافية في عمله على الرغم من ان قانونه يحتم عليه ان يكون شفافا بعرض تقـرير سنـوي عن نشاطاته الرقابية والتدقيقية على الجمهور حتى من خلال وسائل الاعلام اما ثانيا فأن الديوان الضليع بمهمة كبيرة الا وهي تتبع مصير اموال الشعب العراقي
المستلمة من قبل جميع الوزارات حسب الميزانية السنوية والتي تعد بالمليارات لم يخضع للرقابة لحد الان خلافا لمبدأ شمولية كل دوائر الدولة بالتدقيق والمحاسبة ولا نعلم من اين جاءت الحصانة من الرقابة لهذا الجهاز , علما لو راجعنا كل الدساتير العراقية لوجدنا ان الرقابة موجودة ومتبادلة بين السلطات الثلاثة التشريعية والقضائية والتنفيذية وان هذه الرقابة المتبادلة منظمة وفق القانون لذا لا تخالف ولا تضاد مع مبدأ استقلالية هـذه السلطات وانما تعززها وفق حـق المواطن بالاطلاع والمعرفــة وهو شعار سياسي ترجمته اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة 13 /أ,ب منهــا الى نصوص قانونية (أ- تعزيز الشفافية في عمليات اتخاذ القرار وتشجيع اسهام الناس فيها . ب - ضمان تيسـير حصول الناس فعـليا على المعلومات.) وهـذه مـن الحقــوق المهمة حيث لايستطيع المواطن من اداء دوره كأنسان فاعل ومنتج من دون ان تتوفر له المعلومات كما وان حقوقه تظل عرضة للاستلاب مـن دون الشفافيـة (21) مع الاخذ بعين الاعتبار عملية التوازن بكل احتراس بين المصالح المتنافسة والمصلحة العامة وعن طريق الحكومة المنفتحة التي تتطلب الثقة بها ان تكون شفافة (22).
اما باقي الاجهزة الرقابية في العراق فتتمثل اضافة الى جهاز ديوان الرقابة المالية ,دائرة المفتش العام في كل وزارة والتي انشأت بعد التغيير بالامر (القانون) رقــم 57لسنة 2004 الصادر من الحكومة المدنية لسلطة الائتلاف , والمفتش العام كعمل ليس جديدا على القوانين والانظمة العراقية الا ان حداثـة التجـربة لـدى الكثيـر مـن المفتشين العامين في الوزارات وعـدم اعطائهم الفرصة الكافية لاثبات فوائـد هــذا الجهاز الحيوي وتدخـل الحكومـة وخاصة الوزراء في عمل المفتشين والتعيينات للبعض منهم على الاسس الطائفية والعرقية عـرقله مسيرة هذا الجهاز بل ادى الى تشويـه صورته امام المجتمع العراقي فكان سببا الى علو كثير من الاصوات التي لاتحب التغييروتخاف على مصالحها الشخصية والمهنية السطحية الى المطالبة بألغاء هذا الجهاز الذي ان تم تصحيح التعـامل معـه على اساس من الحياديـة والكفـاءة والتشجيع المادي والادبي والاختيار الصائب لكانت الوزارات العراقية الان افضل وانظف اداء واكثر نماء خدمة للمواطن والمجتمع العراقي ككل.
والجهاز الاكبر اهمية في الاجهزة الرقابية في العراق هو هيئة النزاهة العامة وهي جهاز رقابي مستقل أنشئ بالقانون رقم 55 لسنة 2004 ,جهاز استمد سلطته من الدستور في المادة / 102 ( تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات , وهيئة النزاهة هيئات مستقلة تخضع لرقابة مجلس النواب , وتنظم اعمالها بقانون ). وكذلك أستمدت قوتها الرقابية من عمـق التعاون الدولي لمكافحة الجريمة المنظمة واتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الصادرة بقـرار الجمعية العامة رقم 58/4 في31 /تشرين اول/اكتوبر/2003 . هناك من يقول ان لا داعي لوجود مثل هذه الهيئة في العراق خاصة وان القضاء العراقي قضاء عريق وان قانون العقوبات يتضمن معظم الجرائـم المحسوبـة على جرائم الفساد الا ان تلك النظرة نقابية ضيقة والرد عليها في السؤال التالي وهــو لماذا انتشر مبدأ تخصص المحاكم كوجود محاكم العمل الى جانب المحاكم المدنية والعمل هو باب من ابواب القانون المدني وهكذا المحاكم الجزائية كالمرور والتجــارة والصحة مـع وجود محاكم الجنح والجنايات, ثم ان الفساد اصبح في العراق ظاهرة من الظواهر المرعبة التي طالت كل الخدمات وانهكت الاقتصاد واعاقـت النمـو الاجتماعي فادى ذلك الى شعورالمجتمع العراقي بالاحباط وعدم الثقة بالسلطة مما حـدا بالمشرع أيجاد الحل المناسب للموضوع / كارثة الفساد الاداري والمالي والسياسي / ولا افضل من وجود هيئة رقابية متخصصة بمكافحة الفساد مستقلة استقلالا حقيقيا من كل الضغوط مع ايجاد كل الوسائل المساعدة لعملها وقبل ذلك تشريع قانون متين يسهل ذلك العمل وستكون حلقتنا القادمة حول معوقات عمل النزاهة كتجربة فتية وحديثة في العراق لا بل في الشرق الاوسط .
التــوثيــق وللحديث صلـــة
21 – الشفافية التنظيمية /د. نبيل الخناق / بغداد 2006 /ص29 .
22 – رودني اي سمولا/استاذ القانون/ كلية الحقوق جامعة ريتشموند/المصدرالسابق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كم بلغ عدد الموقوفين في شبكة الإتجار بالبشر وهل من امتداداتٍ


.. لحظة اعتقال طالبة رفعت علم فلسطين بيوم تخرجها في أمريكا




.. مجلس الشيوخ الأميركي يرفض مقترح بايدن باستقبال اللاجئين الفل


.. موريتانيا الأولى عربيا وإفريقيا في حرية الصحافة | الأخبار




.. الأمم المتحدة تحذر من وقوع -مذبحة- جراء أي توغل إسرائيلي برف