أخبار الشرق - 28 حزيران 2002

في البداية ولتسمح لي هيئة محكمة أمن الدولة الموقرة وبعد الحكم الذي أصدرته بحق واحد من الذين واكبوا تاريخ عمل هذه الهيئة معارضاً وأمضى اكثر من سبعة عشر عاما موقوفا قبلها من غير محاكمة، أي أن مجموع ما أمضاه رياض الترك ممنوعاً من حقوقه المدنية أصبح الآن اكثر من ثمانية عشر عاماً، وتعود المحكمة الموقرة لتزيل حكمها على الأستاذ الترك بحجره وتجريده مدنياً!

ولعل مئات الذين مروا على أيادي هذه المحكمة المحترمة وحُكموا بأحكام جائرة مرفقة بحرمانهم من حقوقهم المدنية عقاباً على تبنيهم لرأي مخالف لتوجه المحكمة الموقرة التي يترأسها عضو في قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي يدفعني لطرح السؤال التالي على رئيس المحكمة المحترم:

أي حقوق مدنية تتمتع بها أنت يا سيادة القاضي؟ واسمح لي أن أتحداك يا سيدي القاضي بأن تستطيع وأنت قيادي في حزب السلطة وأن تتجرأ وتقول إنك مواطن سوري حر له حقوقه المدنية من غير أن يسخر منك أبناؤك أولاً.

يا سيدي إن حقوقك المدنية ليست إلا مكرمة من مكرمات ربك الذي ميزك فيها على السبعة عشر مليوناً إلا قليلاً من البشر في سورية. فهل أردت أن تخدع نفسك وتخدع العالم حين اخترعت سلاح التجريد من الحقوق المدنية وكأنك أردت أن تقول إن من لم تحكم عليه بالتجريد من حقوقه المدنية يتمتع بحقوق مدنية فعلية كتلك التي يعرفا البشر والحيوان في بعض بقاع الأرض؟

نعم فقد يتأزم فرنسي إذا جُرد من حقوقه المدنية، أما في عرينك يا سيدي فأنت أدرى أنه لا حقوق مدنية ولا حقوق بدوية. ولعلّي، والذين جردتهم من حقوقهم المدنية، والـ 96.96 في المائة من رهائنكم في سورية الأبد يفتخرون بأنهم لا يملكون أي حقوق مدنية.

وإن من شملتهم المكرمة بحقوق حصرية سمحت لهم بإطالة اليد على مقدرات هؤلاء المحتسبين ثواباً عن الله وليس في محكمتكم المحترمة تصعب عليهم أن تُقطع أيدهم ويُجردوا من حقوقكم المدنية.

أما نحن صانعو النسبة الذهبية فيشرفنا حرماننا من حقوق اليد الطويلة، ولا يمكنني أن أصف من يدعي بتمتعه بحقوق مدنية في سورية إلا بأن أدعو الله أن يهديه ويغفر له ما تقدم من ذنب وهو أرحم الراحمين.

__________ 

* كاتب سوري وسجين سياسي سابق مجرد من حقوقه المدنية - دمشق