الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعمق سياسي وفكري في حياة وتاريخ الأكراد، ورأية شاملة وكاملة الأبعاد في الحياة الكردية الجزء : (٣)

خالد عيسى طه

2009 / 12 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كركوك والفيتو التركي ... زئير الأسد


يطالب أكراد العراق بإلحاق مدينة كركوك ـ الغنية بالنفط ـ بإقليم كردستان، إلا أن التركمان والعرب في المدينة يعارضون هذه الخطوة، ويبلغ عدد سكان كركوك نحو مليون نسمة، وهم خليط من التركمان والأكراد والعرب مع أقلية كلدوأشورية، وتنص المادة 140 من الدستور العراقي ـ الذي وضعته أميركا بعد احتلالها العراق ـ على تطبيع الأوضاع في كركوك ثم إجراء استفتاء لتحديد مصيرها قبل نهاية العام الجاري 2007، وهو ما تعارضه تركيا بشدة لخشيتها من أن يؤدي إلحاق كركوك بالإقليم الكردي إلى تقوية النزعة الاستقلالية لدى الأكراد، بعد حصولهم على الموارد النفطية الكبيرة في كركوك.


وحثت تركيا مرارا حكومة بغداد وقوات الاحتلال الامريكى فى العراق على القيام بحملة صارمة ضد عدد يقدر بنحو 4000 مسلح ينتمون لحزب العمال الكردستانى يستخدمون شمال العراق نقطة انطلاق لشن هجمات على اهداف داخل تركيا. وقالت انقرة انها "تحتفظ وفقا للقانون الدولى بحق ارسال قوات الى شمال العراق للتعامل مع المتمردين".


شد وجذب


غضبت تركيا بوجه خاص فى الأيام الأخيرة بسبب تصريحات رئيس اقليم كردستان مسعود البارزانى التي هدد بارزاني تركيا بالتدخل في قضية ديار بكر (أكبر مدينة بالمنطقة تقطنها أغلبية كردية جنوب شرقي تركيا) وعدد من المدن التركية الأخرى في شئونها الداخلية، وذلك في حال تدخل أنقرة في قضية مدينة كركوك العراقية. ونقلت الصحف التركية عن برزاني قوله: "إذا تدخلت تركيا في كركوك لدعم بضعة آلاف من التركمان، فإننا سنتحرك لمساندة 30 مليون كردي في تركيا".


وجدد بارزاني ـ يوم الثلاثاء 10 ابريل الجاري ـ تهديده : " أقولها بكل صراحة، إنه لا يمكننا القبول لأية جهة بالتدخل فى مسألة كركوك، لأن أى تدخل فيها سيؤدى إلى تعقيد الأمور وليس حل المشكلة". أضاف "نحن سندافع عن قضيتنا العادلة ولن نركع". وانتقد بارزانى الموقف التركى فى الحديث عن مسألة كركوك قائلا إن "مسألة كركوك مسألة عراقية لا يحق لأى دولة أجنبية التدخل فيها" وإن "هذا الموضوع يجب معالجته وفق المادة 140 من "الدستور"ء الذى وضعه مجلس الحكم المنحل برئاسة بول بريمر أنذاك. وجدد بارزانى تمسكه بتصريحاته بالقول "نحن لا نقبل التهديدات من أحد، وكما لا نتدخل فى شئون الآخرين، فعلى الآخرين أيضا أن لا يتدخلوا فى شئوننا".


ولم تقف تركيا ساكنة أمام تصريحات بارزاني فقد وجه رئيس الوزراء أردوغان بدوره تحذيرا شديد اللهجة إلى برزاني وإلى أكراد العراق من الثمن الباهظ، الذي قد يدفعونه عقب هذه التصريحات . وقال أردوغان: «هناك شمال عراقي محاذ لتركيا يرتكب خطأ جسيما في طريقة تصرفه، وهذا قد يرتب عليهم ثمناً باهظاً، بارزاني تخطى الحدود، وأنصحهم بألا يتفوهوا بكلام لا يستطيعون تحمل عواقبه، وأن يدركوا حجمهم لأنهم قد يسحقون جراء هذا الكلام». أضاف " أردوغان": "لقد اجتاز برزاني بهذا الكلام كلّ حدوده مرة أخرى، وعليه ألا يثير غضب تركيا بتهديداته". وحذر كورشياد توزمن وزير الدولة لشئون التجارة الخارجية التركى الادارة الكردية بشمال العراق من مغبة اختبار قوة إرادة أنقرة، مؤكدا أن تركيا مدت يد العون لكثير من الدول التى كانت بحاجة لذلك، وخصوصا الأكراد فى شمال العراق. وقال " توزمن" : "قد تحول تركيا يد الصداقة التى تبسطها نحو الجميع إلى قوة ضاربة موجعة لمن يستحقونها".


محاولات للتهدئة


لإخماد الأزمة السياسية المشتعلة بين تركيا والعراق المحتل ولاحتواء التصعيد السياسي المتبادل، رفض الرئيس العراقي الموالي للاحتلال جلال طالباني تصريحات برزاني وأبدى طالباني ـ في اتصال هاتفي بأردوغان ـ "أسفه العميق إزاء هذه التصريحات مؤكدا أنها لن تؤثر على العلاقات التركية – العراقية، كما اقترح طالباني على رئيس الوزراء التركي إرسال لجنة تركية محايدة للتحقيق فيما إذا كان هناك زحف كردي نحو كركوك.


حقيقة كركوك


يشاهد زائر المناطق الشمالية في العراق عبارة بارزة، كتبت بعناية كبيرة على سفوح الجبال، تقول «كركوك قلب كردستان»، وتثير هذه العبارة أسئلة عديدة، لمن يشاهدها في تلك الأماكن، فيراجع الجانب الجغرافي، ليكتشف بسهولة إن مدينة كركوك لا تقع داخل الرقعة الجغرافية للمحافظات الشمالية الثلاث (السليمانية، اربيل ودهوك)، ومن يبحث في الجانب الديمجرافي، فإنه لا يصل إلى إجابة واضحة لذلك الشعار، ويدرك بعد قليل من العناء، أن ما هو موجود في هذا القلب لا يتعدى الميدان السياسي وتحديدا الشعارات، التي يتم استخدامها للحشد والتعبئة أكثر من الاستخدام الواقعي، الذي يمهد إلى رسم خارطة واقعية، تفضي الى نتائج ايجابية على صعيدي السلم المدني والتنمية البشرية، التي تنبع من التآخي والاتحاد، بعيدا عن الأطروحات السياسية الشعارية، التي تثير هذا الطرف أو ذاك.


من الناحية الجغرافية، تربط مدينة كركوك، بين نواحي وأقضية محافظتي ديالى وصلاح الدين، مع القرى والقصبات الشمالية، ومن الناحية السكانية، يسكن هذه المدينة التركمان والعرب والأكراد، وتمثل نموذجا للتمازج والاختلاط بين هذه القوميات، ودينيا يعيش فيها المسلمون والمسيحيون وسكنها اليهود منذ أن وصلوا إليها في زمن الآشوريين (خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد) حتى ستينات القرن الماضي، بعد أن حصلت موجات الهجرة لليهود العراقيين، التي بدأت منذ عام1947، واستمرت خلال الخمسينات والستينات من القرن العشرين. ومن آثار هذا الاختلاط السكاني هو معرفة غالبية السكان لغة الآخر، وتجد العربي والكردي والتركماني يتفاهمون بهذه اللغات الثلاث، ويتبادلون المفاهيم المعرفية والثقافية والحضارية، وبعيدا عن الأزمات، التي يصنعها السياسيون من جميع الأطراف، فإن حياة الجميع، تتسم بالمودة والتكامل والتفاعل الإيجابي على جميع الصعد.


النفط ... محل التنافس


ظهور عنصر رئيسي في هذه المدينة ساهم في خلق الأزمات، وأثار الحساسيات، وهذا العنصر هو وجود النفط بكميات كبيرة في حقول كركوك النفطية. وصراع السياسيين على هذه المدينة آخذ أشكالا متعددة، ويمكن تقسيمه إلى ثلاثة إشكال هي:


الأول: تخوف الحكومات المركزية بعد تأسيس الدولة العراقية وتحديدا عندما تم اكتشاف النفط وازدادت أهميته في السوق العالمية من خروج هذه الثروة من سيطرتها، وبذلك تفقد موردا مهما من مصادر تمويل الدولة العراقية، ولأن المناطق الشمالية في العراق، بقيت في حالة من القلق وعدم الاستقرار، فإن هذا التخوف رافق حكومات بغداد، خاصة بعد انتهاء الملكية عام1958، وصعود الزعيم عبد الكريم قاسم إلى السلطة، والحكومات التي جاءت من بعده الحكم العارفي1963 وحكم حزب البعث1968. وسيطر على هذه الحكومات هاجس ضرورة عدم التفريط في الثروة النفطية المتوفرة في مدينة كركوك.


الثاني: بقيت تركيا تلوح من بعيد، ولم تترك مناسبة إلا وأعلنت عن وجودها على نقطة التماس، تحت ذريعة الدفاع عن التركمان الموجودين في مدينة كركوك، وخشية تعرضهم لأي نوع من الاضطهاد من قبل القوى والأطراف الأخرى، ولم تتردد أنقرة عن التلويح بالسيطرة على ما تطلق عليه (ولاية الموصل) والتي تمتد ـ استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي تم فيها تقسيم المنطقة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ـ إلى مدينة كركوك. وتحاول تركيا استغلال مسألة الدفاع عن التركمان لتحقيق هدفين رئيسيين: الأول يتعلق باستمرار الضغط على أكراد العراق، لكي لا يكون هناك أي متنفس يستثمره أكراد تركيا، التي تطلق الحكومات التركية عليهم تسمية (أتراك الجبال) ولا تسمح لهم باستخدام اللغة الكردية. والثاني الضغط باتجاه استمرار ضخ نفط كركوك من خلال الأراضي التركية، وصولا إلى ميناء جيهان، والذي يحقق موارد مالية للخزينة التركية، ويبقى السيف التركي مسلطا على القرار الاقتصادي العراقي، وان أية ضغوطات وتحركات لا تتسق والرغبات التركية ستسارع أنقرة إلى استخدام ورقة تسويق النفط عبر اراضيها.


الثالث: القوى السياسية الكردية ـ التي تحرص على ضم كركوك الى المنطقة الكردية ـ صعدت من حملاتها ودعواتها لضم كركوك مع ازدياد أهمية الثروة النفطية، ومن يتابع الخطاب السياسي للزعماء الاكراد، خلال العقود الماضية، يجدها تزخر بالوعود للأكراد العراقيين من خلال رسم صورة الرفاهية والتنمية، وهذا لن يحصل من دون موارد اقتصادية، ولأن هذه المناطق لا تمتلك مصادر لمثل هذه الموارد، فإن نفط مدينة كركوك كفيل بتحقيق ذلك، ويتجسد هذا الطرح الكثيف والضخ الإعلامي والسياسي في إصرار القوى الكردية على تطبيق الفيدرالية، التي تحقق مطالبهم الأساسية الخاصة بالثروات، واستخدامها وفق ما جاء بالدستور الذي تم إعداده وصياغته في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، وجرى الاستفتاء عليه في الخامس عشر من اكتوبر2005.


ومن يدقق ويحلل خطاب القادة الأكراد سواء من الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني أو الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني، يجد أن مرتكزات هذا الخطاب، لا تفك من المطالبة بمدينة كركوك، التي تقول الشعارات المنقوشة على الجبال، إنها قلب كردستان رغم بعدها الجغرافي بعض الشيء، ولا يتحدث هذا الخطاب عن عناصر ثقافية وحضارية ومرتكزات من هذا القبيل، بل انه يميل إلى رسم الخارطة المستقبلية، استنادا إلى الثروة النفطية في مدينة كركوك، ما يؤكد البعض أن الفيدرالية المطروحة في العراق، هي فيدرالية نفطية ليس إلا.



أبو خلود








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي