الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جيلٌ مهدرة احلامه [12]

عادل الحاج عبد العزيز

2009 / 12 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


جيلٌ مهدرة احلامه [12]

((الرسام يرسم لوحاته على القماش، لكن الموسيقيّ يرسم لوحاته على الصمت. نحن نقدّم لكم الموسيقى، وأنتم تقدّمون لنا الصمت)).

(ليوبولد ستوكوفسكي: مخاطباً الجمهور)[1]

إنداحت الدوائر
خلال المدة التي خلت، والتي ربَّما خفُت فيها صوتنا قليلاً، فقد قررننا ربّما هنا تجربة فضيلة الصَّمت – واختبار مكرمته وإيثاره – لا مندوحة من ان لعبة الصمت التي اخترناها بكامل عقلنا وإرادتنا والى امد بعيد اثبتت جدواها؛ مع بعضهم ولكن .. ما استغرقني التفكير والتأمل فيه اكثر هو كيف تثنى لعقلنا في هذا الزمان ان يلوم بعضه الآخر! كأن تلام مثلاً لصمتك؛ فقد كان في زمان غير زماننا هذا .. كان لك بكل يسر ان يفسر صمتك على انه من مؤشرات القبول والرضا، وإن لم يصل حد الخمول والإذعان.
لعبة الصمت هذه اخذتني وأنا اتأمل مشهدنا السودانويّ في مثل ساعته هذه المائجة (الصاخبة).
فالمشهد جله يعج بكل ما تتخيل و ما لم يتح لك تخيله ابداً من قبل. فعقل آبائنا السياسيين ومنهم من هو شرعن تلكم السُّنة التي لا طاقة بنا لمعرفة طيبها من خبثها، إلاَّ ان ما يرشح به تراثنا المعروف لدينا جميعاً ما يلي: فدائماً ما تجد الزعيم السياسي الذي يوصف بأنه قليل الكلام؛ والمحجم عن الإدلاء برأيّ.
دائماً ما يقال لأجيلنا اللاحقة هذه ان حكمته قد انتصرت على الآخرين، وخاصة كثيري الكلام، من اصحاب المبادرات الكلامية، فهل يا ترى في ذلك الصمت علامة من علامات النصر كما يدعون؟
فلا فض فوه فرح ولد تكتوك حينما قال[2]:
وين دشين قاضي العدالة؟
الما بيميل بالضلالة

اذاً لا بورك في صمتنا ابداً، فهذا الكبت الذي قد نمارسه على شخوصنا ومحمولاتنا لا يمكن له ان يصمد ابداً في وجه رغبة اخرى تناكف اعماقنا عميقاً؛ مذكرة اياها بأنه لا مفر غير البوح فإنه إن لم يُنجك صدق بوحك، فإن كبته محالة ان ينجيك!

من يشعل من .. ومن يغيير؟
حادثني صديقي الذي ابوحه شجني واسره ضجري من حالنا وما آلت إليه مصائرنا البائسة؛ بأنه قد سئِمت ارواحنا وضمائرنا هذه اللَّعبة الزائفة.
وكل منا يخبئ خلف ظهره اقنعته المصنوعة وإن لم تكن المعدة سلفاً " لحماية ما تبقى له في هذه الحياة من مؤونة وزاد، ليعلن كل منهم انه اسمى وأعرق بل أقدس من الآخر"
انها محايثة لا تنتج سوى ما نحن عليه من هباء، واخص هنا ضحاياهما وكلّ من ورث كل هذا الإرث من البغضاء والضغينة.
من منهم يا .. صديقي؟ :- كان كلّ ما يعنيه ذواتنا وكبواتنا؛ وعلاج ما انتجته لأجيالهم من كره وحروب.
وثمة اصرار غريب على انه لا بد لك ان تمايز بين الأبيض منهم والأسود؛ لا أحد منهم يريد منا ان نحتمي بذلك اللّون البين بين.
سؤالٌ صنعناه سوياً انا وصديقي ذاك وصديقتي التي لا تود الإشتعال إلاّ كما تريد!
هل كانوا هم انفسهم بتمام وضوحنا ذاك ونحن نجهر بالتساؤل و الإندهاش؟!.
حتى يطلب من أجيالنا هذه ألاَّ تكون أجيالاً بين بين.
من منهم اطفأ عود ثقابه في وجه الآخر حتى تعلمونا ان نطفئ اسئلتنا إليكم؟.
لننطفئ ونصمت الى الأبد أو ربَّما يحدث التغيير عندما تكتمل ساعته.
عادل الحاج عبد العزيز

هامش:ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المعجم الموسيقي، ترجمة امين صالح، 1994
Dictionary of Musical Quotations
[2] كتاب الطبقات" في خصوص الأولياء والصالحين والعلماء والشعراء في السودان"، محمد ضيف الله بن محمد الجعلي الفضلي، 1139 -1224 []










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله