الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيام السينما الخليجية في فلسطين

حبيب هنا

2009 / 12 / 17
الادب والفن



في يوم اختتام فعاليات أيام السينما الخليجية في فلسطين ،عاد الحزن ليعتلي وجوه الحاضرين من أهل غزة ، وهم يودعون أياماً مضت عاشوا خلالها لحظات من السعادة والفرح التي نادراً ما يحصلون عليهما جراء الحصار الظالم الذي أوشك أن يقتلع البهجة من قلوبهم التي لا يسكنها سوى الأمل في غد أفضل . هذه هي غزة ،المسكونة بالرعب والخوف من المستقبل ، وجدت أخيرا من يدخل الفرح إلى قلوب أهلها ، فتمنت أن تحضنهم في عناق لا فكاك منه . ولأنها لم تستطع نقشت في ذاكرتها أسماء المخرجين الذين تفضلوا مشكورين بمحو بعض آثار الحصار والكآبة من نفوسهم على الرغم من انه مؤقت وسرعان ما يعاود الحصار بوقع أشد بعد رحيل الأفلام الخليجية .
وعلى مستوى آخر يسجلون للمخرجين فضلهم بالتعريف على السينما الخليجية ، كل من زاوية مختلفة ، الذوادي في حكاية بحرينية ، والكيومي في الواقعية أفضل ، واليعقوبي في شيخ الجبل ، والمعصب في مجرد إنسان ، وعبد الله في نصف قلب ، والزهير في عندما تكلم الشعب ، والعور في مطرقة ومسامير وإبراهيم في دعاء ، والمحمود في النوخذة ، والمحيسن في ظلال الصمت ، وأحمد في تنباك ، والقادري في وحيدة ، والحمود في ظل ، والجناحي في الدائرة ، والمريخة في خيوط تحت الرمال ، وعلي في سائق الأجرة ، والدباغ في ما وراء الرمال ، وعبد الله في غيمة أمل ، والرواس في بيلوه ، وحميد الدين في مجرد بداية ، وأبو علي في غياب ، والخاجة في عربانة ، وأبو شهري في فقدان أحمد ، والرفاعي في عشاء ، وبن عمرو في وجه عالق ، والمحمود في إرهاب – سياحة ، والمري في بنت مريم ، والعلي في مريمي ، والزدجالي في البوم، وعارف في عيون بلا روح ، وعباس في مطر ، والغانم في المريد . هؤلاء المخرجين جميعاً أعطوا أهل غزة رئة إضافية يتنفسون منها على مدار أسبوع كامل .
إننا على ثقة بان المخرجين لو كانوا حضروا مع أفلامهم وعاشوا في غزة في أجواء الحصار ، سيعرفون كم هي الفرحة التي أدخلوها في قلوب المواطنين ، لا بل سيعرفون كم يمتلك المواطنون من الجلد وقدرة التكيف مع الواقع الطارئ وينسجون منه الحكايات التي تصلح في كل الأحوال إلى جعلها قصة سينمائية لا تنضب على مدار أيام العمر ، لاسيما قدرتهم غير العادية على التقاط اللون الأبيض من داخل اللوحة السوداء لفنان سخر أدواته وموهبته لإخفائه .
بهذا المعني ، الدعوة لهم لزيارة غزة مفتوحة ما طاب لهم ذلك ، لا من أجل المساهمة في رفع الحصار وإدخال الفرحة إلى القلوب لأنهم فعلوا ذلك بأفلامهم ، بل من أجل معرفتهم عن كثب ، معرفة أهلنا في دول الخليج ، لأنهم عن حق كانوا سفراء بلادهم في أعمالهم الرائعة التي نتمنى من قلوبنا استمرار تدفقها ، لأنها تشكل الوجه المشرق والحضاري لامتنا التي دائماً كانت السباقة في مختلف الميادين .
لسنا هنا ، على أية حال ، من يحاول تجميل الصورة بغير واقعيتها ولكن غرضنا انتهاز فرصة ثمينة كهذه لرفع صوتنا عالياً عل المسؤولين في تلك الدول يعملون على دعم الثقافة بمفهومها العام حتى تتمكن من الصمود والوقوف على قدميها ، بل وتنافس الدول العريقة في كافة مناحي المشهد الثقافي ، لا أن تبقى هذه الأعمال فردية غير قادرة على بناء صرح شامخ يرتفع يوماً وراء يوم كي يرقى لمستوى التحديات ، فالعمل الفردي مهما كان عظيماً يبقى قاصراً أمام آلة الصناعة الضخمة للسينما العالمية ، وما لم تلق هذه الصناعة الدعم والرعاية من الدول يصعب البناء عليها وجعلها سلوكاً وفهماً وممارسة يومية وذائقة تستطيع التمييز بين الأعمال الأصيلة والرديئة .
وعليه ، ونحن على مشارف النهايات من عام 2009 واعتبار القدس عاصمة الثقافة العربية التي جاءت هذه الفعاليات في سياقها ، نأمل أن تستمر بعد انتقال الثقافة إلى عاصمة عربية أخرى ، بل وان يعتبروا القدس والضفة الغربية وغزة ، بل وفلسطين كلها عاصمة أبدية للثقافة العربية طالما بقى الاحتلال جاثماً على صدرها ، لأن معقل الثقافة يجب ان يكون محصناً وغير آيل للسقوط مهما تكالبت قوى البطش والعدوان ، على اعتبار أن الثقافة هي المعقل الوحيد المتبقي الذي ينبغي الدفاع عنه دون هوادة لأنها تشكل تاريخنا وتراثنا وإثبات لحقوقنا غير القابلة للتفريط .
من هنا ، يجب أن نشرع كل الأبواب لمزيد من تدفق الأعمال الثقافية إلى فلسطين .. ينبغي أن نوفر الدعم اللازم والضروري لاستمرار هذه الفعاليات على مدار الأعوام القادمة .. من الضروري أن ترصد الموازنات بل وان تشكل جامعة الدول العربية صندوقاً لهذا الغرض يضمن مواصلة إنعاش المشهد الثقافي في فلسطين ورفده بكل الاحتياجات باعتبارها الجذر الذي يغذي مختلف الفروع والحاضنة لكل إبداع عربي من مشرقه إلى مغربه ومن محيطه إلى خليجه .
ولا بد أخيراً أن نحفظ لهيئة الإشراف العامة والملتقى السينمائي الفلسطيني حقهم في تنظيم الفعالية وسهرهم المتواصل على إنجاحها بما يتلاءم مع اعتبار القدس عاصمة الثقافة العربية ، وهم على التوالي : مسعود أمر الله آل علي مدير مهرجان الخليج السينمائي ، ورجب أبو سرية رئيس الملتقى السينمائي الفلسطيني ، صلاح سرميني المنسق العام لأيام السينما الخليجية في فلسطين ، فايق جرادة المدير التنفيذي ، طارق عليان ، نظمي العريان ، محمود روقة ، نمر رباح ،ناصر عطالله ، وجميعهم شكلوا خلية عمل متجانسة ومستعدة لمواصلة الليل بالنهار في عمل دؤوب لا ينقطع بغية إنجاح الفعالية وإدخال الفرح إلى قلوب الغزيين .
ومن الجدير ذكره أن فرقة غربة الوطن للفنون الشعبية قدمت وصلة من التراث الفلكلوري الخليجي في اليوم الأخير من أيام السينما ما أضفى جواً خليجياً صرفاً على خشبة المسرح . على أنه لا بد من الإشارة إلى عرض 33 فيلم على مدار سبوع كامل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ذكرى وفاة الشاعر أمل دنقل.. محطات فى حياة -أمير شعراء الرفض-


.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي




.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني


.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم




.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع