الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإعلام المصرى والموقف من السودان

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 12 / 18
الصحافة والاعلام


لقد لعب الإعلام المصرى دورا بارزا فى رفع سقف الأمل فى أفئدة المواطنين من خلال الإيحاء بأن بلوغ المونديال بات فى متناول أيدينا. وكان التأثير السلبى لذلك واضحا حين فاز الفريق الجزائرى مما أصاب الجميع بالدوار وخيبة الأمل. وهذا الموقف فتح المجال لكل لسان بأن يدلى بدلوه فى الأحداث التى واكبت أجواء المباراة الحاسمة حيث تسابق المتحدثون للبحث عن شماعات يعلقون عليها عدم التوفيق الذى لحق بالمنتخب القومى. الغريب أن الانفلات الإعلامى ذهب أبعد مما كنا نتوقع حين انطلقت السهام التى كادت أن تصيب العلاقات المصرية السودانية فى مقتل لولا تدخل الرئيس مبارك.

فى الوقت الذى أبرزت فيه الصحف الجزائرية مشاعر الامتنان التى يكنها الرئيس الجزائرى بوتفليقة للرئيس السودانى عمر البشير فإن الإعلام المصرى ظل يكيل الاتهامات للجانب السودانى. لقد أشارت جريدة "الخبر الجزائرية" الصادرة فى الجمعة 20 نوفمبر 2009 إلى خطاب الشكر الذى أرسله الرئيس بوتفليقة إلى الرئيس البشير وشعب السودان لحسن استقبال الجماهير الجزائرية. وفى المقابل فإن الإعلام المصرى ظل يتهكم من السودان ويشير إلى أن السودان لم يكن لديه القدرة على تنظيم المباراة التى أقيمت فى الأربعاء 18 نوفمبر. لقد طالعتنا جريدة الجمهورية الصادرة فى 19 نوفمبر بتصريحات منسوبة لأحد المسئولين مفادها أن السلطات السودانية "قد رفضت دخول المصريين إلى المطار بحجة عدم وجود طائرات لإعادتهم لمصر" وأن "رجال الأمن في المطار (قد اعتدوا) على عدد من المصريين الذين حاولوا دخول المطار فأصبحوا بذلك بين فكي الرحى، أمن المطار والجماهير الجزائرية". وكذلك فعلت صحيفة "اليوم السابع" التى أبرزت تصريحا منسوبا لسفير مصر في الخرطوم مفاده أن مصر بصدد "إرسال قوات خاصة إلى السودان لتأمين خروج الجماهير المصرية من العاصمة السودانية بعدما تعرضوا لاعتداءات من قبل الجماهير الجزائرية عقب انتهاء المباراة". أما صحيفة "صوت الأمة" الصادرة فى 21 نوفمبر فقد بلغت بها الجرأة لتوجه اتهاما غريبا للبشير بالتواطؤ "مع بوتفليقة ضد مصر". وبالإضافة إلى ذلك فإن القنوات الفضائيات قد انضمت للهجوم على السودان حيث تساءل عمرو أديب فى برنامجه "القاهرة اليوم" لماذا تم اختيار السودان؟ وكذلك تعرض السودان للتطاول فى برنامج "دائرة الضوء" الذى يقدمه إبراهيم حجازى فى قناة النيل وكذلك فى برنامج "كورة" الذى يقدمه محمد شبانة فى قناة مودرن.
لقد استطاع الإعلام المصرى أن يثير حفيظة الصحفيين السودانيين ومنهم محمد عبد السيد وضياء الدين بلال فى جريدة الرأى العام الذين هبوا للدفاع عن بلدهم ورفضوا المساس بكرامة السودان لأنها ليست طرفا فى المعادلة وأن هذا الأمر فرض على السودان خلال أيام معدودة حيث استقبلت مطاراتها حوالى 40 ألف مواطن مصرى وجزائرى وحسب ما جاء فى مقالة نشأت الامام "كدة غلط.. يا أولاد النيل" فى جريدة الرأى العام الصادرة فى 20 نوفمبر 2009م فإن بعض الفنانين المصريين الذين عادوا من السودان "تحدثوا عن السودان بالكثير من التحامل، فتارة ينعتونه بالتخلف، وأخرى بأنه أقل من أن يُحظى بشرف إقامة المباراة بأرضه". وفى رأى الكاتب فإن البرنامج الوحيد الذى أنصف السودان هو "صدى الملاعب" الذى يقدمه مصطفى الآغا الذى أشار إلى أن السودان نجح فى الخروج بالمباراة إلى بر الأمان.
.
من المؤكد أن الجنود السودانيين بذلوا ما فى وسعهم فى سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه حسب القدرات التى يتملكونها. لقد فتح السودانيون بيوتهم لحماية الرجال المصريين والنساء المصريات ولولا شهامة السودانيين لانتهك الجزائريون أعراض النساء والرجال. من المعروف أن السودان لم يسع لتحمل أعباء هذه المباراة بل إن مصر هى التى اختارت السودان على اعتبار أن السودان به جالية مصرية كبيرة حوالى 300 ألف. ورغم ذلك فإن عدد الجزائريين فاق عدد المصريين فى داخل إستاد أم درمان وخارجه. لقد بلغ عدد الجزائريين أكثر من 9000 آلاف مواطن حضروا من كل حدب وصوب بينما لم يتجاوز عدد المصريين الذين توجهوا لإستاد المريخ حوالى 4 آلاف. لقد كان التفوق العددى واضحا خلال سير المباراة حيث كنا نسمع صفير الجزائريين كلما كانت الكرة فى حوزة أفراد الفريق المصرى.

لقد تسبب هذا الإعلام المنفلت فى أن يتخذ السودان إجراءا يتمثل فى استدعاء السفير المصرى فى الخرطوم للتعبير عن رفض واستياء السودانيين من الاتهامات التى وجهتها بعض وسائل الإعلام بالتقصير فى حماية الجماهير المصرية. وكالعادة فقد تدخل الرئيس مبارك فى الوقت المناسب لتصحيح الخطأ الإعلامى حيث نقل وزير الخارجية أبو الغيط للسفير السودانى تقدير الرئيس للدور الذى قام به السودان لتأمين الجماهير المصرية.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في